من هو فهد العسكر - Fahad Al Askar

شاعرٌ كويتيٌ من شعراء التنوير والانفتاح في الكويت، اعتبر مدرسة أدبية وشعرية من خلال أشعاره التي تحكي قصة عزلته وحياته البائسة.

فهد العسكر شاعرٌ كويتيٌ أثار جدلًا كبيرًا في الكويت والخليج العربي منذ بداية كتابته للشعر. ويُعتبر واحدًا من كبار الشعراء الكويتيين الذين دعوا إلى التجديد والانفتاح على العالم الخارجي. نشأ في بيئةٍ محافظة تهتم بالأمور الدينية، مما ساهم في زيادة حبّه للغة العربية وشغفه بقراءة كتابات أهم الشعراء العرب على مر التاريخ.

تتلمذ على يدي الشاعر محمود شوقي قبل أن يشق طريقه بنفسه متبعًا أسلوبًا فريدًا خاصًا به، فكان مدرسةً أدبيةً وشعريةً، ولم يتبقى من أشعاره إلا ما جمعه أصدقائه المقربين التي تحكي قصة عزلته وحياته البائسة. حيث تُوفي وحيدًا منعزلًا عن الناس بعد أن اختار الابتعاد عن أهله.

ولاسم فهد معانٍ ودلالات عديدة، يمكن التعرف عليها من خلال: معنى اسم فهد.

وُلد الشاعر فهد بن صالح بن محمد بن عبدالله بن علي العسكر الظفري المشهور باسم فهد العسكر في عام 1917 في الكويت، كان والده إمام جامع ومدرسًا للقرآن الكريم، فنشأ فهد على تعاليم الدين وأحكامه.

في عام 1922 التحق بالمدرسة المباركية وهي أول مدرسة حكومية تُبنى في الكويت، ثمَّ التحق بالمدرسة الأحمدية.

كان فهد العسكر رافضًا للزواج بشكلٍ قطعي، وقد انفصل عن عائلته بعد وفاة والده وعاش حياته وحيدًا منعزلًا عن الناس.

بعد وفاته حرق أقاربه جميع مؤلفاته وأشعاره ولم يبقى منها إلا ما حفظه أصدقائه ومحبيه، حيث جمعها الشاعر عبدالله زكريا الأنصاري الذي نشر في عام 1956 كتابًا يتحدث عن السيرة الذاتية للشاعر فهد العسكر.

في عام 1979 عُرضت ثلاثية تلفزيونية عن حياة الشاعر بعنوان "فهد العسكر: الرحلة والرحيل". أدى شخصيته الفنان بدر المسباح في مرحلة الطفولة، وعلي البريكي في مرحلة الشباب، وعبد الرحمن الضويحي في مرحلة النضج.

كرمته مؤسسة عبد العزيز سعود البابطين في عام 2001 بإصدار جائزةٍ شعرية باسمه، كما صدر في عام 2009 طوابع بريدية باسمه تخليدًا لذكراه.

أُصيب فهد العسكر بمرض السل وعانى بأيامه الأخيرة من فقدان البصر حتى توفي في 15 - أغسطس - 1951 في مستشفى الأميري بمدينة الكويت، عن عمر ناهز 34 عامًا.

صلّى على جثمانه إمام جامع المديرس الشيخ عثمان عيسى العصفور بغياب كامل لعائلته حيث لم يحضر جنازته أكثر من خمسة أشخاص، ودُفن في المقبرة العامة.

بدأ شغف فهد العسكر بالشعر والأدب منذ تواجده في المدرسة المباركية، حيث قرأ شعر المتنبي وأبو تمام والفرزدق. في بداياته تعلّم على يدي الشاعر الكبير محمود شوقي، ثمَّ وضع نهجه الخاص في كتابة الشعر المعاصر ليكون من أوائل شعراء التنوير في الكويت.

في تلك الفترة كان يقرأ كل ما تقع عليه يده من كتبٍ فلسفيةٍ ودينيةٍ وسياسيةٍ واجتماعية، ما أكسبه مزيدًا من الثقافة والانفتاح الذي كان يزداد وضوحه بالتدريج في أشعاره. وبدأ يواجه نظرات المجتمع غير المتقبلة لآرائه وأفكاره، وبالرغم من ذلك لم يرضخ للعادات واستمرَّ بتمرده وكتابة القصائد الناقدة والجريئة.

ازدادت شهرت فهد العسكر ووصلت إلى المملكة العربية السعودية، عندما مدح الملك الراحل عبد العزيز آل سعود بإحدى قصائده، وقام بغنائها وتلحينها المطرب عبد اللطيف الكويتي، فسمع الملك بالقصيدة وطلب مقابلة فهد العسكر وعيّنه كاتبًا لدى الأمير محمد بن عبد العزيز آل سعود، إلّا أنَّ فهد لم يحتمل العيش خارج بلاده وطلب السماح له بالعودة إلى الكويت.

بالرغم من محبة والديه وتأمينهم له حياةً مريحةً في منزلهم، تعرّض فهد للكثير من المضايقات والإزعاجات من المتزمتين والمتشددين بالدين، وقد عبّر في إحدى قصائده عن حالة الإستياء والإنعزال التي وصل إليها قائلّا:

نصيبك يا نفسي شقاء وحرمان
وحظي من الأيام زور وبهتان

قرر فهد العسكر بعد وفاة والده أن يعيش وحيدًا ليتفرغ لكتابة الشعر، وهنا بدأت معاناته الجديدة مع والدته وشقيقه اللذين رفضا رغبته بحصوله على ميراثه من والده. وقد كتب قصيدة تعبيرًا عن حزنه من والدته، واشتكى فيها من الوحدة والألم يقول فيها:

كُفّي الملام وعلليني

الشك أودى باليقين

وتناهبت كبدي الشجون

فمن مجيري من شجوني؟

وأنا السجين بعقر داري

فاسمعي شكوى السجين

انفصل بعد ذلك عن والدته وشقيقه وانتقل للعيش بمفرده، حيث أمضى سنواته الأخيرة منعزلًا عن المجتمع وفقد بصره، ولم يكن يزوره إلا بعض الأصدقاء وفي بعض الأحيان والدته. لم يكتب في تلك الفترة سوى قصيدةً واحدةً مدح فيها الأمير الحادي عشر للكويت الشيخ عبدالله السالم الصباح وقال فيها:

جاء الربيع وأنت راقدْ
قم واشد يا رب القصائدْ

كانت تلك آخر ماكتبه وبعد وفاته أحرق أهله جميع قصائده، كما يُقال أنّه أحرق جزءًا منها في حياته.