الكارير شيفت أو تغيير المسار الوظيفي: موضة أم مجرد وسيلة لجعل الحياة أفضل وزيادة الرضا الذاتي؟
5 د
للأسف نحن في مجتمعاتنا العربية نؤمن بأن عصفور في اليد أفضل من عشرة على الشجر حتى لو كان عصفورنا على وشك الموت، وأن وجود وظيفة حلم يتمناه آلاف من الشباب ممن هم في نفس حالتك أيًا كانت تلك الوظيفة حتى لو لم تكن تكفي احتياجاتك الأساسية، فنارها أفضل من دخول مسار جديد لا تعلم هل به جنة أم نار أشد مما أنت فيها.
اقرأ أيضًا: هل تريد السير في طريق الملايين: طرق مضمونة وفعالة لزيادة دخلك وتحقيق ذلك 🤑
قبل الكارير شيفت: لماذا نعمل أصلًا؟
الحصول على المال
“الفلوس مش كل حاجة” واحد من أبغض الأمثال الشعبية المصرية إلى قلبي، لأنه ببساطة مثل مبتور يقال دائمًا كنوع من حث الشخص على عدم وضع المال كواحد من أساس اختياراته لأي شيء، حتى لو كان هذا الشيء هو العمل.
بالطبع المال ليس كل شيء، ولكنه لا يوجد شيء واحد يمكن اعتباره كل شيء، فوظيفة براتب جيد تلقى فيها الإساءة ليست وظيفة جيدة، وعمل يلقي صاحبه لك بالفتات ويطرب آذانك بمجرد كلمات ليس عملًا جيدًا. واحد من أهم أسباب العمل هو الحصول على المال، وهنا أتذكر عندما سُئل الملياردير المصري نجيب ساويرس” ماذا يعني لك المال؟” فأجاب “الحرية”.
الفراغ قاتل
النصيحة الأولى التي يتلقاها معظم من يصابون بإحباطات نفسية أن يقوموا بشغل أوقاتهم، لا أن يتركوا مساحات كبيرة من الفراغ وفعل اللاشيء، لأنها ستصبح تربة خصبة لكل الاضطرابات النفسية والجسدية.
القيمة
يجب أن يعمل الإنسان ليجد لنفسه قيمة ومعنى، هذا ليس كلامًا بالتنمية البشرية لكنها حقيقة واقعة، يمكنك ملاحظة ذلك في دائرتك المقربة أن الشخص ذو القيمة الذي يهتم الناس بأرائه ويعتبرونه مرجعًا حتى في مشاكلهم الشخصية لا بد وأن يكون ناجحًاحقًّا بعمله. الناس لا يستطيعون الوثوق بشخصٍ فاشل متكاسل لا يعمل.
لماذا يلجأ البعض للكارير شيفت؟
الأسباب كثيرة تختلف من وقت لآخر ومن شخص لآخر من بينها:
- عدم التقدير المعنوي والمادي في الوظيفة الحالية.
- عدم الاستمتاع بالعمل وعدم وجود مؤشرات للترقية والانتقال لمكان أفضل خصوصًا للأشخاص الطموحين.
- اكتشاف وسيلة يمكنك من خلالها تطويع مهاراتك الفردية ومواهبك لتصبح عملًا يدر عليك دخلًا.
- تغير الظروف الاجتماعية والصحية التي تحتم عليك شكلًا معينًا من الأعمال وتنحية أشكال أخرى.
كيف نختار أعمالنا؟
للأسف الوضع التقليدي والسائد في مجتمعاتنا العربية هو أنه لا أحد يختار عمله فلا أحد يختار مجال دراسته، هنا حصولك على عدد معين من الدرجات ونسبتها المئوية هو الذي يحدد الكلية التي يمكنك دخولها، ليدخل الفرد جامعة لم تكن أولويته في يوم من الأيام، ويتخرج منها ليجد وظيفة مناسبة لتلك الشهادة ويقضي بافي حياته بالشكل المرسوم والمقبول اجتماعيًا في كل الأحوال والمنغص نفسيًا في أوقات ليست بالقليلة.
هل أصبح الكارير شيفت موضة؟
لا نستطيع أن ننعت الكارير شيفت بأنه موضة ولكن المؤكد أن تغيير مجال العمل في عصرنا هذا أسهل من جيل أبائنا مثلًا لأسباب كثير، لعل أبرزها هو مواقع التواصل الاجتماعي التي جعلت الحصول على أي معلومة سهلًا، من غرفة نومك يمكنك الحصول على كل المعلومات اللازمة عن المجال الذي تود دخوله، فهناك مئات من المواقع والمجموعات التي تتكلم عن أي شيء تريد أن تعرفه.
سبب آخر في رأيي جعل تغيير مجال العمل منتشرًا بيننا، وهو الشكل التقليدي النمطي الذي خلق جيلًا كاملًا متشابهًا في مجال الدراسة، مما أدى إلى ضياع هوية الفرد وجعله واحدًا من ضمن الملايين المتشابهة.
اقرأ أيضًا: في ظل هذه الجائحة، كيف تجد الوظيفة المناسبة؟
خطوات يجب اتباعها قبل الكارير شيفت
الكارير شيفت ليس بالخطوة الهينة خصوصًا إذا كان هناك من هم مسؤولون منك، لذا عليك باتباع الخطوات التالية لتقليل مساحة الخسارة إلى أقل مدى:
- لا تترك عملك الحالي قبل أن تحدد المجال الذي تود دخوله، فشعورك بالضيق من عملك الحالي سيزداد إذا تركته وأصبحت عاطلًا لا تعرف خطوتك القادمة.
- أمن جزءًا من المال يساعدك بالبداية في عملك الجديد.
- يمكنك استشارة أصحاب الخبرة في مجالك الجديد واجعل مشاعرك محايدة فلا تجعل رغبتك بترك عملك تطغى على قرارك.
- ادرس سوق العمل، هل هناك حاجة لما تود القيام به.
- اعرف مهاراتك وقدراتك جيدًا لتعرف كيف تستغلها.
- ادرس تأثير قرارك على وضعك الاجتماعي والصحي، فمن غير المعقول أن تختار عملًا لا تمتلك القدرة الصحية على إنجازه، أو عملًا يتطلب مجهودًا بدنيًّا جبارًا لمرأة حامل مثلًا.
- جهز نفسك نفسيًا للكثير من الانتقادات المتزايدة، فاختر لنفسك صحبة تشدد أزرك وابتعد عن المحبطين ومثبطي الهمم.
- لا تُسوّف، عندما تنتهي من دراسة كل شيء لا تتردد وابدأ فورًا في تنفيذ الخطوات على أرض الواقع.
بالنهاية أود أن أتكلم بنقطتين
- إلى الآباء والأمهات: علموا أولادكم الاختيار وادعموا اختياراتهم حتى لو لم تتوافق مع أهوائكم الشخصية، فلا تجبر ابنك على دراسة معينة بحجة إيجاد وظيفة، فأيًا ما كانت دراسة ابنك سيجد لنفسه وظيفة، فالشخص الهاوي ما يفعله سيخلق لنفسه وظيفة.
- إلى الشباب: لا تستسلم واخلق وظيفتك واستغل وسائل التواصل الاجتماعي لعل إحدى منافعها تكون بأن تساعدك على الحياة بأريحية.
اقرأ أيضًا: الوظيفة غير المأسوف عليها: متى تتيقن أنه حان وقت الاستقالة فعلًا؟
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.