الفشلُ ليس نهاية العالم… الرسوبُ في الجامعة كذلك…
عما قليل ستبدأ السنة الجامعية الجديدة، ويبدأ الطلبة دورتهم الطبيعية فيها، تعارف لطلاب السنة الأولى… محاضرات… واجبات أو حلقات بحث… مشاريع… امتحانات… نتائج… ثم العودة إلى نقطة البداية…
لكن يمكن أن نستثني من هذه الدائرة بعض الطلاب الذين رسبوا في العام الفائت، وليس عليهم حضور كلّ المحاضرات أو تقديم المشاريع والمشاركة في الأبحاث، فتكون هذه الفترة بالنسبة لهم حتى اقتراب موعد الامتحانات وقتًا ضائعًا من عمرهم الدراسي، لا هم تخرجوا ليتفرغوا للعمل والدخول في سوق العمل، ولا عليهم ما على الطلاب من التزامات، فيأخذها الغالبية فترة راحة طويلة ينسون فيها الدراسة والمذاكرة وجو الامتحانات وكلّ ما يتعلق به، ويصبح الرجوع وقت الامتحان وفي السنة التالية أمرًا صعبًا بعض الشيء.
لكن هذا الوقت هو فرصتك الكبيرة كي تدارك ما يمكن أن يكون تقصيرًا أمام زملائِك، وتستغل هذه الفرصة كي تتفوق عليهم ربما ليس بالمذاكرة أو المعدلات الجامعية، لكن في مسيرة الحياة التي تسيرونها معًا، والتي ينتظر كثيرون منكم التخرج من الجامعة والفكاك منها كي يبدأ مسيرته العملية والفكرية؛ لأسباب عدّة أهمها أنَّ الجامعة فعليًا تبتلع كلّ وقت الطالب دون أن تترك له مجالًا كي يلتفت لأمور الحياة الأُخرى.
لن أتحدث بمنطق النظر إلى النصف المليء من الكأس، الرسوب في الجامعة ليس أمرًا لطيفًا على الإطلاق، ورؤية زملائك يتقدمون عنك سنة أو أكثر في الجامعة لا يمنحك أيًا من الإيجابية التي قد تتخيلها، لكني سأتحدث معك من منطلق تجربة عملية عشتها أولًا، ومن خبرتي في عدم النجاح من المرة الأولى.
خلال هذه الفترة ستكون أمام خيارين اثنين:
أولًا: البقاء في المنزل وقضاء الوقت في وضع الجداول لتدارك ما عليك من مواد دراسية، وغالبًا يكون مصيرها سلة القمامة دون أن تنفذ منها أيّ شيء؛ لأنَّ الامتحان مازال مبكرًا ولديك الكثير من الوقت طبعًا.
ثانيًا: أن تنسى أمر الجامعة برمته وتخرج من سجنها الذي يكبلك طيلة فترة الدراسة فيها حتى التخرج، حين تكتشف أنَّ الحياةَ مختلفةٌ للغاية عن الجامعة، وأنَّ الحياةَ العملية ستحتاج أكثر بكثير من شهادة تخرجك، وأنَّ التعامل مع المدراء والزملاء في العمل لا يشبه بأيِّ حال من الأحوال التعامل مع أساتذتك وزملاء الدراسة.
الخيار الأول جيد للغاية لو تمّ تنفيذ جزء من تلك الجداول، يمكنك اعتبار هذه الفترة تتمة للعطلة الصيفية، واستغلال هذا الوقت في تعلّم لغة جديدة أو تمكين نفسك في المواد الجامعية من خلال الكورسات الخارجية أو الدروس الخاصة أو حتى التعلّم الذاتي…
اقضِ وقتك أمام شاشة هاتفك أو حاسبك، أبحر في عالم الشبكة الكبير وانهل من علمه الذي يضعه بين يديك بشكلٍ مجاني، ليس عليك سوى أن تتحرك من مكانك وتنسى أنَّك فشلت هذا العام في الجامعة، وتتوقف عن أن تندب حظك، وأنَّ الأساتذة يكرهونك ويقصدون جعلك ترسب طيلة الوقت.
ماذا لو لم يكن هناك فشل في هذا العالم؟ كيف كنت لتتصرف؟!… قد يبدو سؤالًا غريبًا، لكن كيف كنت ستعرف النجاح لولا هذه اللحظات من السقوط؟…
بالنسبة لي أميل إلى الخيار الثاني، وهو ما قمت به فعليًا، حتى أنَّي كدت أنسى في أيِّ كلية أدرس، وما هي موادي التي سأتقدم للامتحان بها في نهاية الفصل الدراسي، وعملت في المجال الذي أحب.
لو استطعت الالتحاق بشركة ما حسب مجال دراستك للتدرب فيها ولو مجانًا ستكون هذه أهم خطوة اتخذتها، وحين تعود للجامعة وحضور المحاضرات ستعرف كيف تقدمت على زملائِك ولم تتأخّر عنهم.
اللغة ثم اللغة ثم اللغة… وهواياتك
نحن في عصر تنتشر العلوم بكافة مصادرها على المواقع المختلفة وقنوات اليوتيوب والمنشورات والمجلات، فلو كانت لغتك قويةً فقد ملكت كلّ تلك المصادر بين يديك، والعلم هو القوة.
هواياتك ليست ترفًا في الحياة، فمن الممكن أن تجد أنَّها مصدرُ رزق لك في يوم من الأيام، وأن تكون ملجأك حين تضغطك الحياة وتضيق بك… اعتني بها ومارسها.
الفشلُ أمرٌ محتومٌ في الحياة، وهو ليس نهاية العالم، أعرف أنَّها أسطوانة مشروخة ومكررة حتى الملل… لكنّها الحقيقة، عليك أن تتعايش معها وتقبلها كما هي، ربما هي إحدى الحقائق القليلة في هذا العالم.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.