كيف يؤثر اضطراب قلة الانتباه وفرط الحركة “ADHD” على الأداء الدراسي للأطفال؟
6 د
يعتبر موسم العودة للدراسة بالنسبة لفئة كبيرة من الأطفال جحيمًا حقيقيًا، ومعاناةً لا تنتهي، يستدعي فيه الكثير من الطلاب ذكرياتهم المؤلمة وتجابهم الصعبة في الأعوام الماضية، ويتذكرون كيف كانت تتمّ معاملتهم على أنهم طلاب فاشلون، وأنهم الفئة الأقل سعيًا لتحسين أنفسهم دراسيًا وسلوكيًا داخل الفصل، ويبدأون في التساؤل، كيف سيتحملون هذا الجلوس الطويل المملّ بين مقاعد المدرسة الحجرية مرة أخرى؟ كيف سينجزون كل تلك الواجبات المنزلية الكثيرة التي تبدو ككومة كبيرة من القشّ؟ كيف سيتحملون التململ وعدم القدرة على مواصلة أي شيءٍ حتى نهايته إلا بمساعدة الغير؟ إذا كنت تلاحظ على طفلك هذه الأعراض وتلك المعاناه فإليكَ هذه المقالة عن اضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه الشهير (ADHD) وكيف يؤثّر دراسيًا على الأطفال.
ما هو اضطراب الـ ADHD؟
هو اضطراب عقلي يتميّز بشكلٍ عام بعدم الانتباه وفرط النشاط/ أو بالاندفاع، ولكن من أجل الحصول على التشخيص الدقيق؛ ينبغي أن يخضع الأطفال لفحص طبي وأن يملأ المعلمون وأولياء الأمور بعض الاستمارات والقوائم ذات أسئلة معينة بالصفات المعتادة للطفل؛ لمساعدة الفحص الطبي في التشخيص لأنه غالبًا ما يتمّ الخلط بين سلوك الطفل الطبيعي والمعتاد بالرغبة الشديدة في الحركة وبقلة الانتباه وبين الإصابة بالـ ADHD. ويتم التشخيص بالمرض عادة إذا كانت الأعراض أكبر من قدرة الأطفال الآخرين في نفس العمر وعند استمرارها لأكثر من ستة أشهر.
أعراض وعلامات الـ ADHD
هناك نوعان من الأعراض التي يمكن أن تظهر على الطفل المصاب باضطراب فرط الحركة وقلة الانتباه، فقد يظهر على الأطفال أعراضً في مجموعة واحدة أكثر من الأخرى، أو قد تظهر عليهم الأعراض في كلتا المجموعتين، وقد يكون الجمع بين الاثنين هو ما يجعل من الصعب للغاية الانتباه في المدرسة.
المجموعة الأولى: أعراض قلة الانتباه
يجد صعوبة في تفاصيل العمل المدرسي
يجد الطالب المصاب بالاضطراب نفسه أمام تفاصيل كثيرة في كلّ مادة، من أنشطة وقتية بعد شرح المعلم ثم عملية المذاكرة ذاتها عملية التدرب على المذاكرة في البيت، توظيف ما تمت مذاكرته في الاختبارات الأسبوعية والشهرية ثم الحاجة إلى العودة لما اكتشف فيه فجوات بعد درجات الاختبارات ثم تسكين الفجوات مرة أخرى داخل الصورة الكلية للمادة الكبيرة.
كل هذا يمثل احتراقًا عقليًا لا يعرف الطفل له سببًا ولا أهله ولا معلميه بالرغم من مهارات الذكاء التي قد يعرف بها الطفل في مجالاتٍ أخرى غير المذاكرة ويتهم باللّوم والتقصير والإهمال.
يجد صعوبة في اتباع التعليمات الكثيرة
التعليمات الكثيرة غير مجدية مع هذا الطفل، لأنه سريع التشتت -على عكس أقرانه- وسيجد نفسه بحاجة إلى إعادة التعليمات أو صياغتها بشكلٍ مكثّف ومحدّد ودقيقٍ ومكرر، أو سيتخلى عقله عنها برمتها بحجّة أنه نسيها تمامًا.
مهارته التنظيمية ضعيفة جدًا فيكافح معها طويلًا
إن محاولة الطالب المصاب بالـ ADHD تنظيم المكان أو تنظيم المذاكرة أو تنطيم الوقت بدءًا من مكتبه الصغير وحقيبته المدرسية إلى ترتيب المعلومات في عقله أو حتى خطواته التي سيقوم بها في أي مهمة مطلوبة منه هي معاناة حقيقية، فهو أشبه بمن يحاول تسلق الجبال الشاهقة بغير عُدّةٍ تُعينه. في الوقت الذي يُتهم فيه بالتقصير واللامبالاة والكسل من كل من حوله.
لديه صعوبة في التركيز مع شخصٍ آخر عند التحدث إليه
دائمًا ما يهرب من وطأة الأحاديث الطويلة لا سيما المملة، ويحاول الانتقال من موضوع إلى آخر، حتى تنتهي الجلسة الواحدة معه ربما بالانخراط في عدة أحاديث مختلفة.
لا يكمل العمل المدرسي أو الأعمال المنزلية في الوقت المناسب
الوصول إلى تمام الأشياء في مواعيدها المحددة هو شيء يكاد يكون مستحيلًا، لأن العقل هنا يلعب دورًا كبيرًا في إدراك المصاب للوقت، فهو لا يدركه كالشخص الطبيعي ولكن دائمًا ما يحتاج عقله وقتًا أطول من المحدد، ويهيئ له كونه يستطيع إنجاز الأعمال في وقتٍ أقصر وكل هذا من أجل الهروب من استغراق وقتٍ طويلٍ في مهمّةٍ ما.
يتجنّب المهام التي تتطلب تركيزًا كبيرًا مثل الواجب المنزلي
إن شكوى الأمهات المكرررة من كونها “تجرّ” طفلها إلى المذاكرة وعمل الواجب جرًا ليست إلا تعبيرًا عن هذه الأزمة (أزمة التركيز) وإكمالًا للنقطة السابقة، عند حدوث أي مهمة ذات طبيعة تركيزية طويلة، يتشتت العقل، وربما يستدعي أفكارًا لا علاقة لها بالمهمة الأصلية من قريب أو من بعيد.
أو يستدعي أفعالًا حركية حتى للتهوين عليه لبعض الوقت من طول التركيز لأنّه بطريقة بيولوجية محضة غير قادرٍ على التّركيز الطويل الطبيعي كأي إنسان.
فقدان الأشياء التي يمتلكها باستمرار مثل الأقلام والكراسات وأدوات الرسم
دائمًا ما يركض طالب الـ ADHD بحثًا عن أشيائه الضائعة؛ بسبب النسيان وعدم الانتباه للمكان التي وضعها فيه أول مرة، فتراه يفقد أشياءً كثيرةً جدًا، في وقت قصير جدًا ويلام على هذا الفقدان بغير معرفة للسبب الرئيسي وراء هذا السلوك المتكرر والذي قد يستمر معه كنمط حياةٍ دائم لو لم يعالج!
المجموعة الثانية: أعراض فرط الحركة
صعوبة البقاء في المقاعد
المقعد الصغير في المدرسة بالنسبة للطفل الصغير العادي عذابًا وبالنسبة للطفل المصاب بـ ADHD سجنًا لا يفكر إلا بالهروب منه! فهذا المقعد بحد ذاته مصدرٌ رئيسيٌ من مصادر التشتت إذ يفكر الطفل طوال الوقت كيف يتخلّص منه، فتراه يطلب الخروج الدائم من الفصل من معلمه بحجة أنه يريد الذهاب إلى الحمام أو يريد أن يجلب شيئًا من الخارج فتضيع عليه معلومات دراسية كثيرة.
كل هذا يتم وسط إلحاحٍ طويلٍ من المعلمين يمتدّ إلى أن يكون صراخًا بائسًا في الأطفال بالمكوث في أماكنهم بغير حركة.
التململ
التململ هو رد فعلٍ دفاعي بأن يفعل الطفل المصاب بالاضطراب حركاتٍ عشوائية عبثية لا معنى لها فقط حتى ينتهي من سجن التركيز الطويل والجلوس، فتجده يهتزّ بجسده اهتزازًا كاملًا، أو يحرّك ساقيه بشدة، أو يحفر بقلمه في المقعد الي يجلس عليه بغير جدوى وبغير هدف معين.
عدم القدرة على اللعب بهدوء
حينما تأتيه الفرصة للعب فإن هذا الطفل سيميل إلى فرط الحركة، والتنفيس الشديد عن كل ساعات الهدوء وقلة الحركة الإجبارية التي قضى فيها وقته، ولن يكون لعبه مصحوبًا بهدوء أبدًا، ولكنه سيختار الألعاب المصحوبة بنشاط بدني قويّ وغير هادئ وعنيف في بعض الأحيان.
صعوبة التحلي بالصبر وانتظار دوره
الانتظار هو أمرٌ مرفوض ومستثقل من العقل تمامًا مثل التركيز الطويل، فيختار دائمًا القفز على وقت الانتظار، واجتياز دور الآخرين لأنّه غير قادرٍ على تحمل مرور هذا الوقت رغمًا عنه، وليس الأمر متعلقًا بعدم احترام المعلّم أو بعدم احترام الآخرين ولكنّه متعلقٌ بعدم القدرة على ضبط النفس بالأساس.
الثرثرة المفرطة
تعد الثرثرة أيضًا هنا نوعًا من أنواع الهروب من التركيز الطويل مع ما يقوله الآخرون لا سيما المعلم، لأنه شكلٌ من أشكال الحركة وتوليد الأشياء الجديدة والمثيرة والمهمة بالطبع للأطفال في مثل هذا السن.
المقاطعات في المحادثات أو النشاط
من أبرز الصفات في الطفل المصاب هي المقاطعة في الحديث والسطو أحيانًا على أحاديث الآخرين كونه لا يتحمل الأحاديث الطويلة ولا يصبر على إتمامها فيختار أن يسطو عليها ليكملها بسهولة وتنتهي سريعًا.
وأخيرًا فإنّ اضطراب فرط الحركة وقلّة الانتباه ليس وصمةً تعيب صاحبها ولا تعيب الطفل، بل إنه من الممكن أن يكون صاحبه ذا قوة جبّارة ولكن فقط إذا تم تشخيص الطفل مبكرًا والتعامل معه بشكلٍ سليم وصحيح من الشخص المصاب والمحيطين به.
وهناك الكثير من المشاهير والناجحين المصابين بهذ الاضطراب أمثال بطل السباحة العالميّ مايكل فيليبس والممثل الشهير ويل سميث.
اقرأ أيضاً: 7 أمور تساعد طفلك على امتلاك عقلية منفتحة .. قم بها و ستحصد الثمار حين يكبر
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.