دون عصبية وتهديد ووعيد.. طرق لتشجيع الطفل على المذاكرة بنفسه دون مجهود
6 د
عملية حث الطفل على المذاكرة والتعلم سواء خلال الدراسة أو في الإجازة من أكثر الأمور التي تعاني منها الأمهات، ويبدأ الصوت في الارتفاع وتُستخدم أساليب التهديد والوعيد المختلفة والتي للأسف تأتي بنتائج عكسية تمامًا، فكيف تجعلين طفلك يُقبل على التعلم والاستذكار دون عصبية وتهديد؟
قبل أن نبدأ عليك إدراك أنّ معظم الطلاب المتفوقين لم يولدوا بمهاراتٍ فطرية للتّعلم وليس من الضرورة أن يتمتعوا بمستوى ذكاءٍ مرتفع أو حتى أن يرثوا الكثير من المهارات عن أبويهم، فيمكن ببساطة تلقي مهارات التعلم الجيد من الصغر، وهو الأفضل، أو حتى بعد التقدم في المراحل الدراسية.
بالطبع تلعب الفروق الفردية دورًا كبيرًا في التعلم وطريقته ومن أكبر الأخطاء التي يمكن الوقوع فيها هو استخدام طريقة التلقين المباشر، خصوصًا في عصرٍ تعددت به طرق التدريس والتعليم، وسنتعرف فيما يلي على أفضل طرق تشجعين بها طفلك على الدراسة دون عصبيةٍ ووعيدٍ وتهديد.
أفضل طرق تشجيع الطفل على الدراسة
التشجيع على القراءة
أكاد أسمع أصوات التشكيك من موضعي هذا خصوصًا ممن لا يعترفون بأهمية القراءة في النجاح بالحياة ذاتها وليس بالتعلم فقط، وللأسف الكثير من الآباء يقصرون الاهتمام بالقراءة على الكتب الجادة أو العلمية ويمنعون الأبناء عن قراءة الروايات والقصص.
ولكن أي قراءة على الإطلاق تساعد على التعلم الصحيح، وجميع الأطفال الفاشلين دراسيًا يعانون من مشكلاتٍ في القراءة، وأتذكر هنا قصة لطبيب الأعصاب الأشهر في العالم بنيامين كارسون أنه كان حتى الصف الخامس الابتدائي يُلقَّب بالطالب الأكثر غباءً، فبعد وفاة والده واضطرار والدته للعمل بثلاث وظائف لرعايته مع أخويه لم يكن يحقق أي نجاح.
فما كان من والدته إلا أن شجّعته على قراءة كتابٍ واحد أسبوعيًا في أيّ مجال يحبّه وذلك من مكتبة المدينة ويقدّم لها ملخصًا عنه، وبالتدريج انبهر به المدرسون والطلبة بفضل القراءة، والقصة تتكرّر بحذافيرها مع مجموعةٍ كبيرة من المشاهير في مختلف المجالات.
فالقراءة تفتح الآفاق أيًا كان المجال، ومن يبدأ بالقصص الصغيرة سيتدرّج في المجالات الأكثر تعقيدًا بسهولة، لذا ابدأي مع طفلك بكتبٍ وبطاقاتٍ ورواياتٍ مناسبة لسنه واهتماماته واقضيا معًا من 15 حتى 60 دقيقة في القراءة المتنوعة يوميًا وستلاحظين فارقًا كبيرًا في إقباله على الاستذكار.
لا تقولي أبدًا ذاكر دروسك
نعم فالأمر المباشر يُفقد الطفل شغفه بالتعليم؛ فهو لا يختبر عادة إلا التحكم والسيطرة من عالم الكبار فيما يتعلق بالاستذكار، فبدلًا من الأمر المباشر حاولي أن يكون الأمر على شكل أسئلة واقتراحات، فمثلًا هل سنذاكر اليوم؟ أو ستبدأ بأي مادة اليوم؟ أو نرغب في المذاكرة اليوم فمتى الوقت المناسب لك؟
وغالبًا سيجيب بأنّه مرهق أو لا يرغب في الاستذكار، فردّي عليه بيمكننا المذاكرة لوقتٍ قليلٍ للغاية وليكن الوقت مناسبًا لعمره؛ فلا تزيدي عن نصف ساعة متواصلة للطفل حتى عمر التاسعة، وابدأي في الزيادة تدريجيًا وفقًا لعمره.
التشجيع بصفة مستمرة وعلى أي إنجاز
عادةً يتلقى الطفل العقاب عندما يُخطئ وتبدأ الأم في التذمر، ولكن عندما يكتب شيئًا صحيحًا لا يتلقّى تشجيعًا مكافئًا للعقاب، ولكن العكس هو الصحيح تمامًا، فإذا أخطأ الطفل وهو يذاكر معك فهو ليس في امتحانٍ ولا يجب إيقاع أي عقاب عليه على الإطلاق، بل على العكس عليك شرح الموضوع أكثر من مرة وتجربة طرق مختلفة.
ومن ناحيةٍ أخرى إذا أجاب بشكلٍ صحيح على شيءٍ ما ولو كان بسيطًا، عليك الثناء عليه بقوةٍ سواءً بالتصفيق أو الاحتضان أو حتى رسم نجمةٍ كبيرة أو غيرها من الطرق المتنوعة.
اللعب مع الطفل
لا تجعلي كل اتصالك معه هو الطعام والاستذكار، فلا بد من تمضية أي وقت للعب مع الطفل حتى سن الثانية عشر على الأقل، وبعد هذا السن يكون هناك وقتٌ للحوار المفتوح في أي موضوعات. فاللعب مع طفلك لمدة نصف ساعة يوميًا فقط سيوفر عليك الكثير جدًا من الجدال معه في وقت الاستذكار، يكفي أن تقولي له فقط لن ألعب معك وستجدينه يهرول إلى المذاكرة وهذا عن تجربة حقيقية للكثيرين.
نُدرك بالطبع أن التزاماتك اليومية من عملٍ في المنزل وخارجه ورعايةِ بقية الأسرة قد لا يترك لك وقتًا للتنفس فكيف بوقتٍ للعب، ولكن فعليًا الأمر سيوفر عليك الكثير من شد الأعصاب والتوتر الذي يزيد من المجهود النفسي والبدني عليك.
أكّدي لنفسك وله فكرة أن الاستذكار لمصلحته شخصيًا وليس للمحافظة على صورتك الاجتماعية
الكثير جدًا من الأمهات والآباء يرغبون بتشجيع الطفل على المذاكرة ليس سعيًا لمصلحته في المقام الأول ولكن حتى لا يُلقبوا هم بالفشل في التربية وهذا التصور يصل سريعًا للطفل، لذا ضعي في اعتبارك أن الطفل يذاكر من أجل نفسه ولنجاحه ومن هنا لن تعتبري الأمر شخصيًا وستكونين أكثر هدوءًا في التعامل معه.
إذا لم يرغب طفلك في الاستذكار كرري له بهدوء أنه من سيخسر الدرجات وأنه حرٌ تمامًا في اختياره ولكن عليه ألا يتذمر بعد ذلك لك من عدم إيجاد وظائف في المستقبل، وإذا قال لك مثلًا إنه يرغب في لعب الكرة أو التمثيل أو غيرها من وظائف لا تحتاج إلى مذاكرة من وجهة نظره أكدي له أن تلك الوظائف تحتاج إلى مهارات من نوع مختلف وأنه قد يملكها أو لا وأن الدراسة سترفع من قدرته على الإبداع.
اقرأ أيضاً: 10 عادات تربوية تجعل الأطفال ناجحين منذ الصغر
التركيز على ما تعلمه فعليًا وليس على أدائه وتجنب أي مقارنات
كل شخص يتمتع بقدراتٍ مختلفة في التعلّم وكلها قابلة للتطور مع الصبر والتدريب، المهم هو التطور وليس منافسة أقرانه أو حتى معرفة كل الإجابات بشكلٍ صحيح. فرحة الأبوين والقائمين على التعلم بأي تطور يُنجزه الطفل أو أي شيء يتعلمه تشجعه على المزيد من التعلم ليتلقى المزيد من الثناء، ولكن إذا ركزت على الإجابتين الخاطئتين من 10 إجابات التي أجابها وبدأت في لومه فإنه سيشعر بالانهزامية والإحباط وتتراجع رغبته في الاستذكار تدريجيًا.
التركيز على اهتمامات الطفل
نُدرك بالطبع أن على الجميع دراسة الكثير من التخصصات حتى إذا لم تكن مجال تفضيلهم، ولكن التركيز على ما يُثير إعجاب طفلك في البداية ويمثل شغفًا بالنسبة له سيساعدك في تشجيعه على مذاكرة كل المواد الدراسية حتى تلك غير المفضلة لديه منها.
إذا كان مثلًا يُحب الرياضيات ويرغب دائمًا في استذكارها ويرفض اللغة العربية أو الإنجليزية، فلا مانع من القول له أننا سنتذكر القليل جدًا من اللغة العربية ويمكنه بعد ذلك استذكار الرياضيات أو العكس، فيمكن البدء بالقليل من المادة المفضلة، المهم ألا ترفضي استذكاره للمادة التي يحبها بحجة أنّه جيدٌ بها أو يذاكرها كثيرًا.
استخدام طرق مختلفة للتعليم
التدريبات والكتب الملونة وطريقة الأسئلة الحوارية أثناء المذاكرة سواء بأن يسألك هو أو أن تطرحي أنت السؤال طرق مهمة للتعليم، فإذا نظرت في كتاب للتدريبات ستجدينه يطرح السؤال بأكثر من شكل قد تكون اختيارات أو إجابة صحيحة وخاطئة أو حتى بشكلٍ مباشر وغيرها من طرق مختلفة للأسئلة.
كذلك عند الاستذكار، فمرةً اتبعي طريقة الكتابة ومرةً القراءة فقط، ومرةً توجيه الأسئلة دون أي عقابٍ على الخطأ، ومرةً بالاستماع إلى فيديو دراسي ومرةً إلى قصةٍ أو فيديو عن الموضوع عمومًا وليس دراسيًا وغيرها من الطرق حتى يتم تثبيت المعلومات بالطريقة التي يفضلها الطفل.
الاهتمام بتعلم شيءٍ جديدٍ كل يوم
الاستمرار في التعلم أهم بكثير من حجم الإنجازات وسيصبح في النهاية شغوفًا بالتعليم أو على الأقل لا ينفر منه، إذا تعلم يوميًا شيئًا بسيطًا من كل مادة دراسية سيكون الأمر أكثر سهولةً عليك وعليه بغض النظر عن مستوى صعوبة المناهج الدراسيّة. اتبعي قدرات طفلك تدريجيًا ولا تهتمي بالنتيجة المباشرة السريعة، لكنّك ستحصدينها على المدى الطويل.
في الختام، أيًا كانت الأخطاء التي ارتكبتيها مع طفلك في التشجيع على الاستذكار فإن كل الأمور قابلة للحل بالتدريج والصبر. ابدأي بأسهل الخطوات لك ولطفلك مع تجنب المقارنة تمامًا وعدم الاستذكار وأنت متعبة بل انتظري حتى تكوني في أفضل حالاتك، فالمذاكرة معه وأنت متعبة ستزيد من كراهيته للأمر ومن معاناتك معه.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.