أجواء رمضانية وعادات طريفة بين الشعوب العربية والغربية
5 د
ما بين اختلاف الكيانات والثقافات العربية والغربية، واندثار الكثير من المورثات الشعبية، يبقى شهر رمضان هو الجامع لأعراف الشعوب الإسلامية على مستوى العالم، فهو الأشهر بتراثه العتيق وعواشره المباركة بين كافة الشهور القمرية على مر العصور والأزمان، كما قامت بعض البلدان العربية والأجنبية بإضافة نكهات مختلفة، ساهمت في خلق روح شهر مُزجت بالغرابة في بعض الأحيان والطرافة أحيانًا أخرى، ودون الإطالة عليكم، دعونا نتنقل بين سطور مقالتنا هذه لننثر لكم بعضًا من تلك العادات الرمضانية المثيرة للدهشة.
الشيشان وزيارة المقابر
بعد استطلاع هلال رمضان، والإفصاح بذلك لعامة الشعب، يقوم أهل الشيشان بزيارة قبور الأحبة والأقارب مع الصباح الأول لهذا الشهر المبارك، والحرص على حضور التجمعات الصوفية المقامة بليالي الجمعة. ولكن ضمن عاداتهم الغريبة أيضًا التي تمثل ارتباطهم الشديد بالتراث الرمضاني، هو نسب مسمى “رمضان” للذكور و”مرحة” للبنات المولودين خلال شهر رمضان.
اقرأ أيضًا: الأمراض المزمنة ورمضان ….كل ما عليك أن تعلمه وما يجب أن تف
أندونسيا وظاهرة البدوق
تبدأ أندونسيا احتفالات شهر رمضان بقرع الطبول، التي يُطلق عليها “البدوق”، وإقامة الفطار الجماعي بالأماكن العامة أول يوم رمضاني. كما تتبع المدارس والجامعات نهجها الخاص، بإعطاء طلابها إجازة مدتها أسبوع، تسهيلًا في الاعتياد على الصوم، وتحفيزهم للقيام بممارسة الأنشطة الدينية من تلقي المحاضرات الدينية وغير ذلك.
هذا ويتأهب مسلمي جزيرة جاوة بأندونسيا قبل رمضان مباشرة للقيام بطقس ديني يسمى “البادوسان”، حيث يقومون بقطع مسافات كبيرة، من أجل الوصول إلى ينابيع المياه الطبيعية والاستحمام فيها، معتقدين أن في ذلك تطهيرًا للنفس والجسد، رغبة في بدء حياة جديدة مع قدوم شهر رمضان.
باكستان وحروب البيض
تظل مدينة بيشاور الباكستانية على رأس قائمة أطرف العادات الرمضانية وأكثرها تمسكًا بالطراز القديم، حيث تشتهر بلعبة “حرب البيض المسلوق”، المتوارثة عبر الأجيال، والتي تبدأ عقب صلاة التراويح وتنتهي مع السحور، وتعتمد هذه على استخدام الشخص لبيضة مسلوقة مميزة اللون لكسر بيضة الخصم المقابل، فإذا استطاع ذلك كان هو الفائز بالقتال والمتأهل للجولة التالية.
يحرص الشعب الباكستاني أيضًا على تشجيع الصغار الصائمين لأول مرة وسط حفل كبير، وإعداد أغطية الرأس المطلية باللون الذهبي خصيصًا لهم، من أجل تمييزهم وبث حب الصوم في نفوسهم والالتزام به كل عام.
موريتانيا وحلاقة شعر الرأس
يختلف الحال قليلًا في موريتانيا عن باقي الدول، وربما يكون المكسب الأكبر لأصحاب محلات الحلاقة، حيث جرت العادة على قيام الذكور من المسلمين بحلق رؤوسهم قبل الدخول في شهر رمضان، متمنين إنبات شعر جديد، يطلقون عليه “شعر رمضان”، كما يعتكف البعض من الشعب الموريتاني في كل ليلة على تلاوة القرآن كاملًا طوال الشهر، وأظنه هو التقليد الأكثر تحديًا.
بنغلاديش ومعرض الكتاب
بالرغم من تعدد الشعوب والثقافات الكامنة بها، إلا أننا لا نستثني مسلمي البنغال من قاعدة المورثات الشعبية الرمضانية، والتي تعد الأقرب قلبًا للمثقفين ومحبي القراءة والاطلاع، حيث يتم إطلاق معرض الكتاب بدايةً مع دخول شهر رمضان وحتى نهايته، ويضم المكان العديد من الكتب الدينية وأسطوانات القرآن والأناشيد المسجلة بأصوات أشهر القراء والمنشدين حول العالم، بأفضل العروض والخصومات.
اقرأ أيضًا: نصائح للعاملين عن بعد في رمضان
روسيا والخيمات الرمضانية
على الرغم من كونها أكثر الشعوب الإسلامية صيامًا لساعات طويلة، والتي قد تصل إلى حوالي 22 ساعة في نهار رمضان، إلا أن كافة فئات الشعب الروسي من شباب ومسنين يحرصون على الصيام، والذهاب لصلاة التراويح جماعةً بالمساجد، وختم القرآن على مدار الشهر الكريم، وتبادل الهدايا، ولكن تبقى العادة الأشهر هي الخيمة الرمضانية، التي يتم تجهيزها لاستيعاب أكثر من 600 شخص، للمشاركة في موائد الإفطار الجماعي.
طاجكستان وجزر المالديف
مع قدوم الشهر الكريم، يبدأ أطفال طاجكستان في حمل الحقائب استعدادًا لجمع الهدايا في المقاطعات والأحياء ناشرين الأغاني معلنين الفرحة. بينما يحرص شعب المالديف على رؤية هلال رمضان من خلال زياراتهم الشاطئية في الليلة الأخيرة من شهر شعبان، وتضمين المأكولات البحرية كطبق رئيسي على مائدة الإفطار طوال هذا الشهر.
المغرب ونفار الأزقة
على نهج ظاهرة المسحراتي في مصر وتركيا، التي يعتمدون عليها في إيقاظ النائمين للسحور واستعدادًا لصوم يوم جديد، فإن أهل المغرب يعتزون أيضًا بنفار رمضان، الذي يقوم بالنفخ في مزماره وسط الأحياء والأزقة، منتعلًا حذاءه المزركش البسيط ومرتديًا الكندورة التقليدية -لباس تقليدي لأهل المغرب- والقبعة، كما يتم اختيار هذا الشخص وفقًا لما يتمتع به من الخصال الفاضلة كالصدق والتعاطف.
فضلًا عن هذا؛ نجد المغاربة يقبلون على ممارسة الشعائر الدينية وشراء الكتب ومطالعة الصحف بكثرة في شهر رمضان مقارنة بباقي شهور السنة، ومبادرة النساء في تحضير أطباق بعينها مثل “الحريرة” التي تشتهر بها مائدة الإفطار في المغرب.
الكويت وظاهرة قرقيعان
مع تعدد العادات الروحانية في كافة ضواحي الكويت، كزيارات ما بعد الإفطار إلى الأهل والأصحاب ووجود “أبو طبيلة” قديمًا والمتعارف عليه بالمسحراتي حديثًا، إلا أن أكثر العادات شعبية، والتي تبدأ مع منتصف أيام رمضان وتستمر لثلاث ليالي هي احتفالية “القرقيعان”.
وقد اختلف الجدل حول الأصل من مصدر هذه الكلمة، ولكن نظرًا لما يتم فيها، فيمكن القول بأنها كناية عن ظاهرة جمع الأطفال للحلوى والمكسرات بعد طرق أبواب الأهل والجيران، وسط ترديدهم الأغاني والأناشيد التقليدية الخاصة بهذه المناسبة، مع احتفاظ هؤلاء الأولاد والبنات على زيهم الشعبي بدولة الكويت.
تتشابه أيضًا بعض الدول العربية الأخرى مع الكويت في هذه الظاهرة، ولكن مع اختلاف المسميات، فمثلًا الاسم المتعارف عليه في الإمارات “حق الليلة”، بينما تأخذ مصطلح “الطَلْبة” في عمان، و”القرقاعون” في البحرين.
وصولًا لنهاية مقالتي عن أغرب العادات بشهر رمضان الكريم حول العالم، وكم كان هذا ممتعًا حين أيقنت بأن هذا الشهر ما زال يخلد أثره الطيب بين الأجداد والآباء والأطفال، في كل بيت وكل ضاحية ببلدان العالم أجمع، وكم من استعدادات شعبية رائعة يشهدها الجميع مع قدوم الصيام، وبالرغم من العصر التكنولوجي الحديث الذي بتنا نعاصره، إلا أن التراث حقًا لا يموت. والآن لتشاركنا أنت أيضًا عزيزي القارئ بعادة رمضانية تشتهر بها بلدك الحبيب!
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.