احلام اليقظة
تحدث احلام اليقظة عندما يبدأ الدماغ بالتساؤلات ومعه ينتقل حيز انتباهنا من المهمة التي نقوم بها بين أيدينا، سواءً أكانت فيزيائيةً أم ذهنيةً، إلى عالمٍ ومكانٍ خاص بنا بالكامل.
طبيعة احلام اليقظة
يتكون حلم اليقظة بشكلٍ أساسيٍّ من بعض اللقطات من ماضينا وأخرى من المستقبل بالإضافة لبعض الأحداث التي نعيشها في زماننا الحاضر، حيث تعالج لقطات الماضي أمالنا لما كان يجب أن يكون وكيف كنا نفضل أن تحدث الأمور مع تكرار بعض الأحداث بشكلٍ مستمرٍ، وفي كل مرةٍ ندخل في حلمٍ جديدٍ، أما ما يتعلق بالمستقبل فقد نرى كيف سنصبح بعد عشر سنوات من لحظة الحلم وربما قد نحلم بالليلة القادمة!
المثير في الأمر أن معظم البشر ـ إن لم نقل كلهم يمرون بتجارب احلام اليقظة يوميًّا ـ فقد أظهرت دراسةٌ إحصائيةٌ أن ما يصل إلى 96 في المائة من البالغين يمرون بنوبة أحلام يقظة واحدة على الأقل خلال اليوم!.
رغم أننا كبشرٍ يمكن أن نحلم بأي شيءٍ يخصنا، إلا أن أخصائيي علم النفس قسموا أحلام اليقظة إلى ثلاثة أقسامٍ رئيسيةٍ هي:
أنواع احلام اليقظة
- أحلام اليقظة التخطيطية.
- احلام اليقظة المستقبلية.
- ومضاتٌ من الماضي.
يقسم كل جزءٍ من الأجزاء السابقة لعدة مراحلَ، ولنفهم تلك المراحل بشكلٍ جيدٍ سنقوم بعرض مراحل أحلام اليقظة الخاصة بالأحلام التخطيطية فهي الأكثر تواترًا.
مراحل أحلام اليقظة التخطيطية
قد تكون أحلام اليقظة المتعلقة بالتخطيط من أشهر احلام اليقظة وأكثرها تكرارًا بين الناس، فهي تحدث تقريبًا بشكلٍ يوميٍّ، وفيها يتصور الإنسان الخطط التي يجب عليه القيام بها خلال يومه وعادةً تمر هذه الأحلام بالمراحل التالية:
- التصور (Visualization): وتحدث هذه المرحلة عادةً في أول النهار وقبل أن نخرج من المنزل متوجهين لأعمالنا وجامعاتنا حيث يبدأ الدماغ بوضع تصورٍ للمهام التي يجب القيام بها خلال اليوم.
- التخيل (Fantasizing): وتبدأ هذه المرحلة بعد الخروج من المنزل والتوجه للعمل حيث يمكننا أن نمشي في الطرق التي اعتدنا عليها دون أن نعطي أيّ اهتمامٍ لما يجري حولنا، بل يكون دماغنا منشغلًا بتخيل كيفية إنجازنا للمهام التي نخطط لها. (ويعتبر هذا النمط من احلام اليقظة سببًا في الكثير من الحوادث المرورية).
- الهروب من الواقع (Escapism): تحدث هذه المرحلة في نهاية يوم العمل أو الدراسة، وفيها يهرب الدماغ من واقع التعب والإعياء لنحلم بأننا قادرون على الاستمرار بالعمل والانجاز وأننا لا نزال بكامل طاقتنا!.
- الاجترار (Rumination): وفيها تتركز احلام اليقظة عن كل ما قمنا به خلال اليوم وهي تحدث في نهاية يوم العمل.
بعض الحقائق المثيرة عن أحلام اليقظة
- كلما ازددنا عمرًا كلما قلت أحلام اليقظة:
مع تقدم الإنسان في العمر تقل احلام اليقظة بشكلٍ واضحٍ لديه وذلك حسب دراسةٍ أجراها الطبيب النفسي بيتر ديلاني (Peter Delaney) من جامعة كارولينا الشمالية (North Carolina)، وعلل هذه النتيجة بأننا ومع تقدم أعمارنا تقل طموحاتنا وأهدافنا المستقبلية، وبالتالي يقل تفكرينا فيها وربما تختفي أحلام اليقظة المستقبلية بالكامل.
- تنسينا أحلام اليقظة المهمة التي نقوم بها:
في الغالب ينسى من يدخل في حلم اليقظة المهمة التي كانت بين يديه قبل أن يدخل دماغه في التخيلات والتصورات، وفي كثيرٍ من الأحيان وعند العودة للواقع قد يسأل "ماذا كنت أفعل قبل لحظاتٍ؟!!".
- تلغي احلام اليقظة عمل جزء من الدماغ:
طبعًا يحدث ذلك فقط خلال استغراقنا في الحلم، حيث يمكن أن نقسم الدماغ البشري لجزئين رئيسيين؛ جزءٌ تحليليٌّ يساعدنا على التفكير واتخاذ القرارات المنطقية، وجزءٌ عاطفيٌّ يساعدنا في التواصل مع الآخرين والتفاعل معهم.
وبالتالي عندما نكون في حالة التفكير في مشكلةٍ تحتاج حلًّا منطقيًّا فإننا في الغالب لن ندخل في أي نوبةٍ أو حالةٍ تخص أحلام اليقظة أبدًا، فهي تدار بشكلٍ كاملٍ من الجزء العاطفي للدماغ، والعكس صحيحٌ عندما نحلم سيتوقف عمل الجزء التحليلي تمامًا.
- تجعلنا احلام اليقظة أكثر إبداعًا:
يكاد يتفق كل الأخصائيين النفسيين أن أحلام اليقظة تساعدنا على الإبداع والابتكار، حيث يؤكدون أن الحوارات المتخيلة في احلام اليقظة تساعد في كثيرٍ من الحالات على ولادة أفكارٍ إبداعيةٍ وغير نمطيةٍ، حتى أن كثيرًا من المدراء التنفيذيين لبعض الشركات العملاقة يرون قصصًا عن مشاريعهم الكبيرة التي ولدت من لحظة شرودٍ أو ذهولٍ والتي هي في المحصلة حالاتٌ من أحلام اليقظة!.