الاغذية المعدلة وراثيا – سلبياتها وإيجابياتها
تشمل الاغذية المعدلة وراثيا (Genetically Modified Food أو GMO) جميع المنتجات الغذائيّة التي خضعت لعملية تغييرٍ في الحمض النووي الريبوزي منقوص الأوكسجين DNA الخاص بها سواءً كانت من مصادرَ نباتيّة أو حيوانيّة، ويتم ذلك باستخدام تقنيات الهندسة الوراثيّة، عن طريق إدخال صفاتٍ جديدةٍ على الشيفرة الوراثيّة بهدف الحصول على أنواعٍ أفضل من الكائنات الحيّة.
تعريف الهندسة الوراثيّة
الهندسة الوراثيّة هي عمليّة تعديل ومعالجة جينات الكائن الحيّ، وذلك من خلال نقل الحمض النووي من كائناتٍ حيّةٍ إلى الكائنات الأخرى المراد التعديل على حمضها النووي، وإدخال الجينات والصفات المطلوبة إلى الشيفرة الوراثيّة لها، للحصول على كائناتٍ تحوي السمات المرغوب بها، وتختلف هذه العملية بشكلٍ جذريٍّ عن الطرق التقليديّة المُتّبعة في زراعة النباتات وتربية الحيوانات.
انتشرت الاغذية المعدلة وراثيا في أمريكا منذ عام 1994، وكانت الطماطم (البندورة) التي عُرفت باسم Flavr Savr أول هذه المنتجات، والتي هُندست وراثيًّا لجعلها تنضج بشكلٍ أبطأ.
تقييم سلامة الأغذية المعدلة وراثيًّا
تُعنى الهيئة الأوروبيّة لسلامة الأغذية (EFSA) بإجراء الاختبارات اللازمة لضمان سلامة جميع الاغذية المعدلة وراثيا وتقييم حالتها، وتشمل التقييمات دراسةً مفصّلةً لما يلي:
- هل يمكن لهذه الأطعمة أن تكون سامّةً!؟
- ما القيمة الغذائيّة للأطعمة الجديدة!؟
- هل من الممكن أن تثير أي ردّ فعلٍ تحسّسي!؟
بعد إجراء التقييم الدقيق والفحص الشامل للأغذية، توافق الهيئة الأوروبية لسلامة الأغذية على طرحها في الأسواق إذا حققّت الشروط التالية:
- لا تُشكّل خطرًا على الصّحة.
- تحتوي على نفس القيم الغذائيّة لنظائرها من نفس النوع غير المُعدّل وراثيًّا.
- عدم خداع المستهلك بها.
تمييز الاغذية المعدلة وراثيا
يرغب العديد من المستهلكين باختيار الأغذية الطبيعيّة والابتعاد عن الاغذية المعدلة وراثيا، ولذلك تقوم دول الاتحاد الأوروبي بوضع ملصقاتٍ خاصّةٍ (GMO) على الأنواع التي تم تعديلها وراثيًّا أو تحتوي على مكوناتٍ معدلّةٍ وراثيًّا لتمييزها، ولكن الأطعمة التي تم إنتاجها بمساعدة تقنيات التعديل الوراثيّ لا يتّم تصنيفها كمنتجاتٍ مُعدّلة وراثيًّا، ولا تُوضع عليها ملصقات خاصّة، مثل الجبن المنتج باستخدام أنزيمات معدّلة وراثيًّا، أو اللحوم التي أتت من حيواناتٍ تتغذّى على علفٍ مُعدّل وراثيًّا.
إيجابيات الاغذية المعدلة وراثيا
- حل لمشكلة نقص الغذاء:
- يستخدم حاليًّا أكثر من 16 مليون مزارعٍ حول العالم تقنيات التعديل الوراثيّ في زراعة محاصيلهم، حيث تُساعد هذه التقنيّة على زيادة الإنتاج الزراعي وتأمين الغذاء للناس حول العالم، كما تساعد على إنتاج محاصيل عاليّة القيم الغذائيّة.
- طوّر العلماء نوعًا جديدًا من البطاطس تحتوي على كميةٍ من البروتين أعلى بنسبة 60% من أنواع البطاطس العاديّة، علاوةً على ذلك تُشير الدراسات على أن الأرز الذهبي ـ أحد أشهر أنواع المحاصيل المعدّلة وراثيًّا ـ يتمتّع بكميّةٍ كبيرةٍ من طلائع الفيتامين A الذي يقوم الجسم بتحويله إلى فيتامين A، ولم تقتصر مزايا الأرز الذهبي على قيمته الغذائيّة العالية، حيث أشارت دراسةٌ بحثيّةٌ نُشرت في مجلة أغذية المحاصيل المعدّلة وراثيًّا، أن الأرز الذهبي عزّز الإنتاج بنسبة 10% لكل هكتارٍ.
- المنافع الطبيّة المختلفة:
- يُمكننا من خلال التعديل الوراثيّ على الأغذية تصميم نباتات قادرة على إنتاج البروتين واللقاحات ومنتجات طبيّة أخرى، ويمكن أيضًا للعلماء إزالة جميع العوامل التي قد تثير الحساسية من المنتجات، وبالتالي لن يكون هناك قلق عند تناول بعض الأطعمة التي اعتادت أن تُسبّب لك الحساسيّة.
- في عام 2012 صادقت إدارة الأغذية والدواء (FDA) على أول دواء تم إنتاجه من النباتات لعلاج داء غوشيه (Gaucher's Disease).
- زيادة إنتاج المحاصيل الزراعيّة وارتفاع دخل المزارعين:
- أثبتت المحاصيل المعدّلة وراثيًّا قدرتها الكبيرة على مقاومة الأمراض والظروف المناخيّة، والذي من شأنه أن يزيد من نسبة المحصول الزراعيّ، حيث أشارت الإحصاءات أنّ إنتاج الأصناف المعدّلة وراثيًّا من فول الصويا كان أعلى بنسبة 29.8%، وكان إنتاج القطن أعلى بنسبة 7.6%، كما كان إنتاج الذّرة أعلى بنسبة 19.8%.
- كان للمحاصيل المعدّلة وراثيًّا تأثيرٌ إيجابيٌّ على دخل المزارع في جميع أنحاء العالم بسبب الزيادة الكبيرة في الإنتاج، وبلغت أرباح القطّاع الزراعيّ 18.2 مليار دولار في عام 2016، كما شهد قطّاع الزراعة ارتفاعًا كبيرًا في الدخل وصل إلى 186.1 مليار دولار خلال الفترة المُمتدّة بين عاميّ 1996-2016.
سلبيات الاغذية المعدلة وراثيا
- ظهور أمراض جديدة: يمكن للأغذية المُعدّلة وراثيًّا أن تخلق أمراضًا جديدةً، بسبب استخدام الفيروسات والجراثيم في عملية التعديل الوراثيّة، وتزداد المخاوف بشأن هذا الأمر المُهدّد لصحّة الإنسان.
- الحساسيّة: يمكن لبعض الاغذية المعدلة وراثيا أن تسبب الحساسية لبعض الأشخاص، حيث أن التعديل الوراثيّ يُضيف أحيانًا بعض أنواع البروتينات الجديدة إلى الكائنات الحيّة، والتي لم تكن موجودةً في الكائن الأصليّ.
- انخفاض التنوع البيولوجي: يُعتبر فقدان بعض الكائنات الحيّة في النظام البيئيّ أحد المخاطر المُحتملة لتقنية التعديل الوراثيّ، حيث تعتمد هذه التقنية على إضافة الصفات الجيدة للكائن لحي وإزالة الصفات المُعيبة منه، وعند إزالة بعض الأمراض والآفات الضّارة بالمحاصيل، فمن المحتمل أنّنا نقضي على مصدرٍ غذائيٍّ لنوعٍ مُعيّنٍ من الكائنات الحيّة، بالإضافة إلى أن الاغذية المعدلة وراثيا قد تكون سامةً لبعض أنواع الكائنات، ممّا قد يؤدي إلى انخفاض أعدادها أو حتى انقراضها.
- المذاق الغريب: قد يختلف طعم بعض الاغذية المعدلة وراثيا عن الأغذية الطبيعيّة، ويعود السبب في ذلك إلى المواد المُضافة إلى تركيبها الجديد والتعديلات التي طرأت عليها.