الدورة الدموية الكبرى والصغرى
القلب هو العضو الرئيسي في جهاز الدوران، وهو المسؤول في المقام الأول عن توصيل الدم والمواد المغذية لجميع أنحاء الجسم. تبدأ الدورة الدموية عندما يدخل الدم الخالي من الأكسجين إلى القلب من خلال الأذين الأيمن وينتقل إلى البطين الأيمن، ثم يدخل إلى الرئتين لتزويده بالأكسجين وتحرير ثاني أكسيد الكربون، ينتقل بعدها إلى الأذين الأيسر وبالتالي يكون جاهزًا لإعادة التوزيع.
تدور حوالي 5.6 لترات من الدم في الجسم، وتحدث حوالي ثلاث دورات قلبية خلال دقيقة واحدة. يصبح القلب أكثر تعقيدًا بسبب الآليات التي تسمح بتوزيع الدم لجميع أنحاء الجسم وعودته إلى القلب، ويسهّل هذه العملية المستمرة نوعان من الأوعية الدموية هما الأوردة والشرايين. الأوعية التي تعيد الدم الخالي من الأكسجين إلى القلب تسمى الأوردة، أما تلك التي تجلب الدم الغني بالأكسجين للقلب وإلى أجزاء الجسم الأخرى فتسمى الشرايين.
على الدم أن يبقى في حالة دوران مستمرة للحفاظ على الحياة، إذ يحمل الدم الأكسجين من الهواء الذي نتنفسه إلى جميع خلايا الجسم. وعندما ينبض القلب فإنه يدفع هذا الدم عبر الشرايين والشعيرات الدموية والأوردة.
يوجد نوعان من الدورة الدموية : الدورة الدموية الصغرى والدورة الدموية الكبرى.
الدورة الدموية الصغرى (الدورة الرئوية)
يعتبر الطبيب العربي ابن النفيس أول من وصف واكتشف الدورة الدموية الصغرى أو الدورة الرئوية، حيث عارض فيها وجهة نظر جالينوس الذي قال بأنّ الدم ينتقل مباشرة من الجانب الأيمن إلى الجانب الأيسر من القلب. كما اكتشف أنّ الجدار بين البطين الأيمن والبطين الأيسر من القلب هو جدار صلب، ولا يحتوي على مسامات. وذكر ابن النفيس بأنّ الدم يمر من البطين الأيمن إلى البطين الأيسر عن طريق الرئتين.
ينتقل الدم في هذه المرحلة بين القلب والرئتين، حيث ينتقل الدم غير المؤكسج بعيدًا عن القلب إلى الرئتين لتزويده بالأكسجين وتحرير ثاني أكسيد الكربون منه. يعود بعدها الدم المؤكسج مرة أخرى إلى القلب حيث يخرج الدم غير المؤكسج من البطين الأيمن للقلب ثم يمر عبر الصمام الرئوي الذي ينفصل إلى شريانين أيمن وأيسر. تنقل هذه الشرايين الدم غير المؤكسج إلى الشرايين والشعريات في الرئتين حيث يتم إطلاق ثاني أكسيد الكربون وتزويد الدم بالأكسجين. يمر الدم المؤكسج بعد ذلك من الأوعية الشعرية عبر الأوردة إلى الأوردة الرئوية. التي تنقله إلى الأذين الأيسر للقلب. الشرايين الرئوية هي الشرايين الوحيدة التي تحمل الدم غير المؤكسج وتنقله من القلب إلى الرئتين، بينما الأوردة الرئوية هي الأوردة الوحيدة التي تحمل الدم المؤكسج.
تساعد الدورة الدموية الصغرى على تبادل الغازات الرئوية، كما تعتبر خزانًا للدم في البطين الأيسر، وتعمل على توفير التغذية من الحويصلات الهوائية والأَنفاق السِّنخِيَّة في الرئة، وتزيل الجسيمات من الدم الوريدي المختلط الذي قد يؤدّي في بعض الأحيان إلى وجود خلل وظيفيّ، بالإضافة إلى أنّها تزيل السوائل الزائدة من الحويصلات الهوائية.
الدّورة الدّموية الكبرى (الدورة الجهازية)
تزوّد الدورة الدموية الكبرى جميع أنسجة الجسم بالدم المؤكسج والمواد المغذية وتخلّصها من ثاني أوكسيد الكربون والنفايات الأخرى. ينتقل الدم المؤكسج من البطين الأيسر عبر الشرايين إلى الشعيرات الدموية في أنسجة الجسم. ثم يعود الدم غير المؤكسج من الشعيرات الدموية لأنسجة للقلب، حيث يحدث التبادل الغازي في الأوردة التي تتقارب لتشكل عروقًا أكبر وأكبر حتى يصل الدم إما إلى الوريد الأجوف العلوي أو إلى الوريد الأجوف السفلي الذي ينتهي إلى الأذين الأيمن. يعتبر الشريان الأبهر هو الشريان الرئيسي في الدورة الجهازية، وكلّ الشرايين الرئيسية الأخرى عبارة عن تفرّعات، بشكلٍ مباشر أو غير مباشر، عن الشريان الأبهر.
يتم توفير إمدادات الدم للدماغ من خلال الشرايين السباتية والفقارية الداخلية، وتوفر الشرايين تحت الترقوة إمدادات الدم للطرف العلوي، وتؤمن فروع من الشريان الحرقفي الخارجي إمدادات الدم للأطراف السفلية، بينما يوفر الشريان الحرقفي الداخلي إمدادات الدم لأحشاء الحوض. معظم مسارات الدورة الدموية في الجنين تشبه تلك الموجودة عند البالغين، ولكن هناك بعض الاختلافات الملحوظة لأن الرئتين والجهاز الهضمي والكليتين لا تعملان قبل الولادة. يحصل الجنين على الأكسجين والمواد المغذية من الأم ويعتمد أيضًا على الدورة الدموية للأمهات للتخلّص من ثاني أكسيد الكربون والنفايات الأخرى.