كل شيء حول حمية فودماب (FODMAP Diet)
لطالما كان الغذاء سبب الداء والسبيل للشفاء عند الحديث عن العديد من الأمراض الهضمية وفي مقدمتها مرض القولون العصبي، والذي لا يزال حتى يومنا هذا ينطوي على العديد من الجوانب المبهمة من حيث أسبابه وطرق علاجه المتعددة والتي تخللها ظهور حمية فودماب (FODMAP) والتي أحدثت فارقًا إيجابيًا في حياة العديد من المصابين. فلنتعرف عن قرب على حمية فودماب.
ماهي فودماب (FODMAP)
يقف مصطلح (FODMAP) كاختصار للكلمات التالية:
- Fermentable (F): قابلة للتخمر
- (O) Oligosaccharides: السكريات قليلة التعدد
- (D) Disaccharides: السكريات الثنائية
- (M) Monosaccharides: السكريات الأحادية
- (P) Polyols: السكريات الكحولية
وهي سكريات قصيرة السلسلة، تنتشر في طيف واسع من الأطعمة، وتشترك هذه الأنواع المحددة من االسكريات في ثلاث خصائص هامة:
- صعوبة امتصاصها في الأمعاء
- لجزيئات فودماب تأثير تناضحي، فهي تسحب كميات كبيرة من الماء إلى الأمعاء
- تتخمر بسرعة بواسطة البكتيريا الموجودة في الأمعاء المنتجة للغاز.
مما يؤدي للإحساس بالانتفاخ وآلام في البطن، علاوةً على تأثيرها على كيفية انقباض عضلات جدار الأمعاء، تؤدي زيادة الحركة إلى الأمام عند بعض الأشخاص إلى الإسهال، وعلى العكس قد تؤدي لدى البعض الآخر للإمساك.
وفيما يلي شرح وجيز عنها مع أشهر أمثلتها:
- السكريات قليلة التعدد (Oligosaccharides): وتضم مجموعتان مختلفتان؛ الفركتان (بوليميرات من الفركتوز) والجالاكتان (بوليميرات من الجلاكتوز).
- يوجد الفركتان في كل من القمح والبصل والثوم والخرشوف والأنولين.
- أما الجالاكتان فيوجد في العدس والحمص والبروكلي والفول ومنتجات فول الصويا.
- السكريات الثنائية (Disaccharides): أشهرها اللاكتوز الذي يوجد بشكل طبيعي في الحليب ومنتجاته كالألبان والأجبان الطرية والآيس كريم.
- السكريات الأحادية (Monosaccharides): أهمها الفركتوز والذي ينتشر بأصناف الفاكهة على اختلافها، عندما يتواجد بنسب متساوية مع الغلوكوز يمكن للجسم امتصاصه بسهولة دون أي مشكلات تُذكر، أما الأصناف الحاوية على نسب مرتفعة منه من أمثال الصبار والعسل والمانجو والبطيخ والبازلاء والسكر وشراب الذرة عالي الفركتوز، فغالبًا ما ترتبط باضطرابات هضمية مزعجة
- السكريات الكحولية (Polyols): توجد في بعض أنواع الفاكهة ذات النواة الخشبية أو الحجرية كالكرز والدراق والتفاح والكمثرى؛ وفي الخضار كالفطر والقرنبيط، وفي بعض أنماط المحليات الصناعية كالسوربيتول، والزايليتول والتي تضاف عادةً للأطعمة المخصصة لمرضى السكري.
حمية فودماب (FODMAP Diet)
تحتوي حمية فودماب مجموعة مُختارة من المواد الغذائية منخفضة المحتوى بمجموعات السكر (الأوليغو، والأحادية، والثنائية، والكحولية، والقابلة للتخمر)، مما يسمح بتقليل الأعراض المزعجة والتي يعاني منها بعض الأشخاص المصابين باضطرابات هضمية معينة وفي مقدمتها القولون العصبي، لدى استهلاكهم أغذية مرتفعة المحتوى بأصناف السكر السابقة الذكر، أو ما يُعرف بالأغذية عالية فودماب.
وفيما يلي بعض الأمثلة على أغذية منخفضة فود ماب يمكن إدراجها ضمن الحمية:
- الخضار: كالفول والجزر والباذنجان والملفوف الصيني والبطاطا والخس والخيار والثوم المعمر والزيتون والزنجبيل واللفت والفلفل والكرنب واللفت والشمر والبقدونس والكرنب والكوسا والبطاطا الحلوة والبطاطا والبصل الأخضر.
- الفاكهة: كالفراولة والتوت والبرتقال والليمون والموز والأفوكادو والكيوي والبابايا والموز والأناناس والتوت والشمام.
- الحبوب: كالشوفان والأرز والكينوا والذرة والمعكرونة الخالية من الغلوتين.
- المكسرات: كالفول السوداني والجوز واللوز والصنوبر.
- الدهون والزيوت: على اختلافها.
- منتجات الألبان وبدائلها: كالحليب الخالي من اللاكتوز والجبن القاسي وحليب اللوز وحليب جوز الهند، جبن توفو.
- المحليات: كالسكر البني وشراب القيقب والسكروز (سكر الطعام)
- البروتينات: كالبيض ولحم الدجاج والديك الرومي ولحم الضأن والخنزير والبقر والأسماك.
حمية فودماب للقولون العصبي
لابد من الإشارة إلى أن سوء امتصاص الفودماب لا يرتبط فقط بالمصابين بمتلازمة القولون العصبي، إنما هو ظاهرة طبيعية تحدث حتى عند الأشخاص الأصحاء، إلا إن الأعراض الهضمية المرافقة لتناولها تُستثار بصورة أسهل وتكون أشد عند المصابين بمتلازمة القولون العصبي مقارنةً بـأقرانهم الأصحاء ويُعزى ذلك بشكل أساسي إلى فرط نمو البكتريا في الأمعاء الدقيقة بصورة تزيد عن الحالة الطبيعية، المصحوبة عادةً بإنتاج كميات أكبر من الغاز، مما يؤدي إلى الانتفاخ، والآلام البطنية.
ففي أمعاء الأشخاص الأصحاء تحوي الأمعاء الدقيقة على العدد الأقل من البكتريا، على عكس الأمعاء الغليظة والتي تغزر فيها البكتريا، في حين تكون كثافتها متوسطة في المعي اللفائفي.
جدول حمية فود ماب
عند اتباع حمية الفودماب لابد من المرور بثلاثة مراحل هي:
المرحلة الأولى: مرحلة الاستبعاد
تستمر عادةً من 2 إلى 6 أسابيع. يمكن تحديد المدة الزمنية بدقة بالتنسيق مع الطبيب المشرف أو أخصائي التغذية، يتم فيها استبدال الأغذية الحاوية على نسبة عالية من الفودماب والتي يترافق استهلاكها بتفاقم أعراض القولون العصبي ببدائل منخفضة المحتوى من فودماب، يشعر الكثير من الناس بتحسن مباشرة بعد البدء بالحمية خلال يومين فقط، في حين قد يستغرق البعض زمنًا أطول يصل لأسبوعين.
المرحلة الثانية: إعادة إدخال الأغذية مرتفعة المحتوى من فودماب
تستمر عادة حوالي 6 -8 أسابيع، يتم خلالها إدراج الأطعمة عالية الفودماب (كل منها على حدى) تدريجيًا في النظام الغذائي، فإذا لم يسبب طعام معين أي أعراض، يمكن تضمينه بصورة دائمة في النظام الغذائي، وفي حال ظهور أعراض فلا بد من استبعاده بشكل نهائي.
من المهم خلال هذه المرحلة التأكيد على أهمية إدخال الأغذية الحاوية على كل مجموعة فرعية من السكريات المُختصرة بعبارة FODMAP بشكل منفصل إلى النظام الغذائي والذي لايزال يتسم بكونه منخفض فودماب، والهدف من ذلك تحديد الأغذية المسؤولة عن تهيج أعراض القولون العصبي بدقة، بالإضافة إلى ضرورة ترك فواصل زمنية (بضعة أيام) بين كل عملية إدخال للأطعمة وأخرى لتجنب حدوث تداخل في الأعراض إن وجدت.
المرحلة الثالثة: مرحلة العودة للحياة الطبيعية
يتم التخطيط للنظام الغذائي للمريض على المدى الطويل خلال هذه المرحلة، عبر تحديد الأغذية التي تهيج أعراض هضمية مزعجة ليتم استبعادها من النظام الغذائي بشكل قاطع، وتلك القادر الجسم على تقبلها دون أن يترافق ذلك بتطور بأية أعراض ليتم المحافظة عليها ضمن النظام الغذائي للفرد على المدى الطويل.
ملاحظات هامة
- عند البدء باتباع حمية فودماب من المفيد الاستعانة باختصاصي تغذية بهدف تحقيق أفضل النتائج الممكنة ففي ظل استبعاد العديد من المواد الغذائية من وجباتك، سيكفل لك اختصاصي التغذية ادخال طيف واسع من البدائل بما يفي بمتطلباتك الغذائية اليومية، كما سيوفر لك الدعم اللازم خلال هذه الفترة الضاغطة، ناهيك عن الجانب الأكثر أهمية وهو مساعدتك على تحديد الأطعمة التي تحفز ظهور الأعراض المزعجة.
- من النصائح الذهبية عند اتباع حمية فود ماب استخدام مفكرة لتدوين الأطعمة المتناولة على مدار اليوم، وإرفاقها بأية أعراض مزعجة قد تعاني منها، وأي عوامل أخرى قد تحرض عندك ظهور هذه الأعراض كالإجهاد، والتوتر، والطمث، لتتم مناقشتها لاحقًا مع الطبيب أو اختصاصي التغذية المشرف على الحالة.
حقائق حول حمية فودماب
- لا ينبغي إدراج حمية فودماب ضمن إطار الحميات المخصصة لتخفيف الوزن، ويمكن اعتبار خسارة الوزن المرافقة لها كنتيجة ثانوية لاتباع نظام غذائي صحيّ ساعد على زوال الأعراض الهضمية المزعجة، كما خفف من حالة الانفعال والاكتئاب التي يعاني منها المرضى والتي تكون دافعًا للإفراط في تناول الطعام في كثير من الأحيان.
- لا يمكن تجربة حمية فودماب من باب التجربة فقط دون وجود حالة صحيّة تستدعي ذلك، كأن يتم تشخيصك بمرض القولون العصبي، أو تعاني من إحدى حالات التهاب الأمعاء (التهاب القولون التقرحي أو داء كرون).
- تُعد إمكانية استخدام المنتجات الحاوية على الغلوتين من النقاط التي يدور حولها الكثير من اللغط أثناء اتباع حمية فودماب، يُشير الغلوتين إلى البروتينات المتواجدة في الحبوب كالقمح والشعير والشيلم، في حين يُنصح عادةً خلال هذه الحمية بتجنب أنماط معينة من السكريات، فمالرابط بينهما إذن؟ العديد من أنواع الحبوب بما فيها القمح والشعير التي تحتوي على الغلوتين، تحتوي أيضًا على سكريات قليلة التعدد، مما يعني أن استبعاد الأغذية الحاوية على الغلوتين كفيل بتجنب العديد من مصادر فودماب، لذا يُوصى باستخدام المنتجات الخالية من الغلوتين، مع الإشارة إلى أن الحصص الصغيرة من الحبوب تحوي على كميات قليلة من فودماب وبذلك قد لا تُحفز أية أعراض مزعجة إلا إذا كنت تعاني من الداء الزلاقي.