ما هو الري وما أنواعه وطرقه
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
أقام الإنسان القديم أولى الحضارات في المناطق القريبة من الأنهار لسهولة الزراعة فيها وري النباتات منها، ومع مرور الزمن تطورت تقنيّات وطرق الري المُتّبعة بحيث تمكّن الإنسان من استيطان مناطق جديدةٍ وزراعتها بمختلف أنواع النباتات. فما هو الري وما هي انواعه؟
أهمية الماء للنباتات
يُشكّل الماء ما يقارب 90% من وزن النباتات الخضراء بشكلٍ عامٍ، هو ضروريٌ لإنبات البذور ونمو الجذور وفي التغذية وتكاثر النباتات، كما يُساعد في تحويل النشاء إلى سكريات، ويلعب دورًا رئيسيًا في انقسام ونمو الخلايا بالتالي في نمو النباتات، كما يُساعد الماء النباتات في امتصاص العناصر الغذائية من التربة من خلال عملية النتح.
يدخل الماء في تركيب البروتوبلازم وهو المكوّن الرئيسي له، ويعمل كمذيبٍ يخدم في إذابة العناصر الغذائية سواء العناصر الأساسية التي تتواجد في التربة على مستوى الجذور ونقلها عبر الأوعية الخشبية إلى الأوراق حيث يُصنّع الغذاء المُركّب بعملية التمثيل الضوئي، أومن خلال نقل الماء للمُركّبات المُصنّعة في الأوراق إلى أماكن استخدامها وتخزينها في النبات عبر الأوعية اللحائية.
يُساعد الماء النبات في عملية التنظيم الحراري، كما يلعب دورًا في التفاعلات الكيميائية والفيزيائية والبيولوجية في التربة وتأثيراتها على النبات.
تعريف الري
يُعرف الري (Irrigation) على أنه عملية نقل وجلب المياه وتوزيعها على النباتات المزروعة والمحاصيل المختلفة لتلبية احتياجاتها المائية، والتي يمكن من خلالها مدّ النباتات باحتياجاته الغذائية المُضافة صناعيًا من خلال إضافتها إلى مياه الري.
تتم العملية بطرقٍ مختلفةٍ وبكمياتٍ تتفاوت بالاعتماد على العديد من الاعتبارات منها نوع النبات وطبيعة التربة وخصائصها الفيزيائية ومحتواها من العناصر الغذائية وبحسب موسم النمو والفترة من العام.
يتطلب ري بعض المحاصيل كالذرة مثلًا كمياتٍ كبيرةٍ من الماء مقارنةً بأنواع نباتيةٍ أخرى مثل الشعير أو القمح، كما تحتاج التُرب ذات البنية الرملية النفوذة التي لا تستطيع الاحتفاظ بالماء بشكلٍ جيدٍ كمياتٍ أكبر من مياه الري بالمقارنة مع التُرب الطينية أو اللحقية الغنيّة بالغرويات والمواد العضوية التي تحتفظ بالماء بشكلٍ جيدٍ.
طرق الري
تُقسم إلى نمطين رئيسيين هما:
الطرق التقليدية
حيث يقوم فيها المزارع بسحب الماء بنفسه أو بوساطة المضخات أو الحيوانات من الآبار أو القنوات ويتم نقلها وتوزيعها بأساليب بسيطةٍ بدائيةٍ، وتمتاز برخص تكاليفها لكن كفاءتها مُنخفضةٌ بسبب سوء توزيع المياه بين النباتات والفقد والهدر الكبيرين للماء في طُرق الري التقليدي.
الطرق الحديثة
تُعتمد هذه الطريقة بشكلٍ أساسيٍ لتجنّب مشاكل هدر المياه في الأساليب التقليدية، وتعتمد على نقل المياه إلى النباتات باستخدام الأنابيب المُحكمة الإغلاق التي تضمن الحدّ من هدر وخسارة المياه، وتتضمن نظامين رئيسيين هما نظام الري بالمرشات ونظام الري بالمُنقططات.
أنواع الري
يُمكن تصنيف جميع أنواع ري النباتات المُتّبعة حاليًا بشكلٍ أو بآخر ضمن طريقتي الري الرئيسيتين، وتُتّبع غالبًا واحدةٌ من أنواع الري التالية:
الري السطحي
تعتمد عملية الري السطحي على نقل المياه من مصدرها (المُرتفع عادةً) إلى النباتات فوق سطح التربة بالجريان السطحي، وتتطلّب في بعض الحالات استخدام مضخاتٍ في حال كان مصدر المياه أخفض من الأرض التي تُزرع فيها النباتات.
تُحفر قنواتٌ أو أخاديدٌ سطحيةٌ في العادة لتسير فيها المياه وصولًا إلى الأرض الزراعية ومن ثم تُوزّع على النباتات بشكل مسارب سطحيةٍ بين صفوف النباتات في النباتات الحولية أو بشكل حلقاتٍ حول جذع الأشجار.
تُعتبر من ممارسات الري البدائية ومن سلبياتها هدر المياه سواء عن طريق التبخر أو التسرب إلى التربة التي تسير عليها في طريقها للوصول إلى النباتات، وترتبط كفاءتها بنوعية التربة ففي التُرب المُتجانسة ذات النفاذية الضعيفة ترتفع كفاءة الري السطحي لتصل إلى 90% من كفاءة الطرق الحديثة.
الري بالغمر
يُعتبر نسبيًا من أنواع الري السطحي، إذ ويتشابه مع الأخير في كونه من الأساليب البدائية وهي من أقدم الطرق المُستخدمة في الري، وعادةً ما تُطبّق في المناطق الغنيّة بالمياه السطحية بالقرب من الأنهار والجداول والمجاري المائية. تختلف هذه التقنية عن التقنيّة السابقة في كونها لا تعتمد نقل المياه وريّ المزروعات من خلال جريان المياه في قنواتٍ أو مجارٍ مُحددةٍ ضمن الأرض، إنما تعتمد على الغمر الكامل للأرض بالمياه لفترةٍ من الزمن وتركها لتتغلغل في التربة وتصل لعمق الجذور.
تكون كمية الماء المهدورة في هذا النوع من الري أكبر من أيّ نوعٍ آخر، كما تنتج عنه بعض المشاكل مثل تملّح التربة الزراعية وغسل المغذيات من التربة.
الري الرذاذي (الري بالرش)
يُعتبر من أنواع الري الحديثة، ويعتمد على توصيل المياه إلى الحقل بوساطة خرطوم رئيسي يتفرع ضمن الأرض إلى فروعٍ ثانويةٍ ينتهي كلٌ منها بمرشٍ (أداة تقوم برشّ المياه على المساحة المُحيطة بها على شكل رذاذٍ)، وتُوزّع المرشّات في الحقل بحيث تُغطي كافّة مساحة الأرض فيما يُشبه إلى حدٍ ما الهطولات المطرية.
عادةً ما يتم طمر الأنابيب تحت سطح التربة بحيث لا تظهر سوى المرشات، وتُستخدم في ريّ المحاصيل وبعض بساتين الأشجار المثمرة ولري المُسطحات الخضراء في الحدائق العامة والملاعب وغيرها.
يُعاب على هذه الطريقة فقد الماء بالتبخر، وفي حال وجود رياح قوية في المنطقة تتعطّل عملية توزيع الماء بالتساوي حيث تجرف الرياح الماء معها، كما تزيد من رطوبة الأجزاء الهوائية من النباتات بالتالي تزيد من انتشار الأمراض الفطرية التي تُحبّذ البيئات الرطبة عامةً.
الري بالتنقيط
يُسمى الرّي الدقيق أو الري منخفض الحجم أيضًا، ويُعتبر من الطرق الحديثة، وهو النوع الأكثر فعاليةً وتوفيرًا في كمية المياه وله العديد من المزايا.
يعتمد هذا النوع من على إيصال الماء إلى النبات مباشرةً على مستوى المنطقة القريبة من الجذور من خلال شبكةٍ من الأنابيب الفرعية التي تتفرع عن الأنبوب الرئيسي وتحوي هذه الأنابيب على فتحاتٍ مُصممةٍ على أبعادٍ ثابتةٍ ومدروسةٍ تتناسب مع النباتات المزروعة بحيث تُوضع فتحةٌ أو أكثر عند كلّ نباتٍ تضمن وصول الماء إلى النبات على مستوى الجذر دون أيّ هدرٍ يُذكر.
تُستخدم هذه التقنية في الزراعات المحمية ولزراعة العديد من النباتات مثل نباتات الخضار، بحيث تُمدّ الأنابيب ضمن خطوط الزراعة ويكون لكلّ نباتٍ فتحةٌ أو فتحتين لإيصال الماء إليه، كما تُستخدم في بساتين الفاكهة والأشجار المُثمرة وتُمد الخراطيم الفرعية بشكلٍ ثنائيٍ على كلّ صفٍ من الأشجار، بحيث يتباعد الخرطومان قُبيل جذع الشجرة ويعودان للاقتراب بعدها ليرسما شبه دائرةٍ تحت تاج الشجرة، ويكون لكلّ شجرةٍ عدد من النقاط يختلف بحسب حجمها.
من أفضل مزايا أنواع الري هذه تقليل هدر المياه بشكلٍ كبيرٍ جدًا، وتقليل خطر نمو الأعشاب الضّارة في الأرض، وخفض احتمالات تملّح التربة.