ما هو تعريف الخلية
كل الكائنات الحية، الحيوانات والنباتات على حدٍّ سواء، تتكون أجسادها من وحدات بنائية مجهرية تسمى الخلايا. الكائن الحي بكامله قد لا يكون إلا خلية واحدة كما في البكتيريا والأوليات، أو يكون عبارة عن ملياراتٍ من الخلايا المجتمعة لتكوين أنسجة وأعضاء الجسم. هذه الوحدات البنائية – الخلايا – لا يتعدى قطر الخلية الواحدة ميكرومترات قليلة، أصغرها جميعًا خلايا بكتيرية تعرف بالمفطورة (Mycoplasma)، يبلغ قطرها 0.2 ميكرومتر فقط، أما بالنسبة لخلية الإنسان، فيصل قطرها إلى 20 ميكرومتر، ويحتوي جسم الإنسان على قرابة الثلاثين مليار خليةٍ.
تكون الواحدة من هذه الخلايا محاطةً بغشاءٍ يعرف بالغشاء الخلوي (Cell Membrane) أو الغشاء البلازمي (Plasma Membrane)، يعمل على إبقاء مكونات الخلية معًا، كما يتحكم في عبور الجزيئات المختلفة من خارجها إلى داخلها أو العكس. داخل الخلية نجد عددًا من المكونات تسمى العضيات (Organelles)، يؤدي كلٌّ منها وظيفةً محددةً، وسوف نناقش فيما هو آتٍ تلك المكونات الموجودة داخل الغشاء الخلوي، كما سنناقش الغشاء الخلوي ذاته وعمليات النقل المختلفة التي تحدث عبره، لا بد أن نتناول أيضًا الوظائف المختلفة للخلية، وقبل ذلك سأورد مقارنةً بين الخليتين الحيوانية والنباتية.
.
الخلية الحيوانية والخلية النباتية
تركيزنا في بقية المقال سيكون موجهًا في الأساس على الخلية الحيوانية، لذلك ستكون هذه الفقرة المخصصة للمقارنة بين الخليتين، مشغولةً أكثر بالحديث عن تلك النباتية. الخليتان الحيوانية والنباتية على العموم يجمعهما الكثير من الصفات في تركيبهما، إلا أن المكونات الداخلية تختلف حسب طبيعة الوظيفة التي تؤديها الخلية. البناء الضوئي عملٌ تمتاز به الخلية النباتية عن نظريتها في الحيوان، لذلك لزم أن يناسب تركيب الخلية وظيفتها، انظر للصورتين التاليتين، توضح الصورة الأولى خليةً حيوانيةً، والصورة أسفلها خلية نباتية.
تجد أنه تتماثل الخليتان النباتية والحيوانية في كثيرٍ من المكونات، ويظهر ذلك من الأسماء المشار بها إلى تلك المكونات، مثلًا الشبكة الإندوبلازمية (Endoplasmic Reticulum) موجودة في الخلية النباتية كما في تلك الحيوانية، لكن ما أحب أن أركز عليه هنا هو تلك الأجزاء أو العضيات الموجودة في الخلية النباتية وحدها:
- الجدار الخلوي (Cell Wall): تملك الخلايا النباتية بالإضافة إلى غشائها الخلوي، جدارًا خلويًا للحماية، يعطيها شكلها المستطيل كما يظهر في الصورة أعلاه، أما الخلية الحيوانية، فتكتفي بغشائها البلازمي دون جدار خلوي.
- البلاستيدات الخضراء (Chloroplasts): المكان حيث تحدث عملية البناء الضوئي (Photosynthesis)، التي يكوّن النبات بواسطتها السكريات اللازمة لإنتاج الطاقة.
- الفجوة العصارية (Vacuole): تحتوي الخلايا النباتية والحيوانية على فجواتٍ، ويكمن الاختلاف في احتواء الخلية الحيوانية على فجواتٍ صغيرةٍ، في حين لا تملك النباتية غير فجوةٍ واحدةٍ كبيرة تستخدمها في التخزين، كما تساعد في الحفاظ على ثبات شكل الخلية.
.
مكونات الخلية
نحن بصدد الحديث عن الخلية الحيوانية، بالتحديد خلية جسم الإنسان، وهكذا سيكون الأمر في بقية المقال. قبل الخوض في مكوناتها، يلزم أن ننتبه لعدة أمورٍ، علمنا أنه تُحاط كل خليةٍ بغشائها البلازمي، وداخل هذا الغشاء يوجد ما يعرف بالسيتوبلازم (Cytoplasm)، وأظن أن من الممكن تسميته المادة الحشوية للخلية، هذا السيتوبلازم بدوره يحتوي تركيبات الخلية وهي النوية (Nucleolus) والعضيات (Organelles) والمشتملات (Inclusions).
العضيات نوعان، نوعٌ محاطٌ بغشاءٍ ونوعٌ آخر غير محاطٍ بغشاءٍ، ونسمي النوعين على الترتيب عضيات غشائية (Membranous Organelles) وعضيات لاغشائية (Non-membranous Organelles).
الجدول التالي يوضح مكونات العضيات الغشائية واللاغشائية والمشتملات.
عضيات غشائية (Membranous Organelles) | عضيات لاغشائية (Non-Membranous Organelles) | مشتملات (Inclusions) |
---|---|---|
الشبكة الإندوبلازمية Endoplasmic Reticulum | ريبوسومات Ribosomes | جليكوجين Glycogen |
جهاز غولجي Golgi Apparatus | أنابيب مجهرية Microtubules | ليبيدات Lipids |
ميتوكوندريا Mitochondria | خيوط الأكتين Actin Filaments | أصباغ Pigments |
بيروكسيسومات Peroxisomes | الخيوط المتوسطة Intermediate Filaments | |
ليسوسومات Lysosomes | المريكزان Centrioles | |
حويصلات النقل Transport vesicles |
الغشاء الخلوي أو البلازمي
يعمل كحاجزٍ بين مكونات الخلية والبيئة المحيطة بها (Extracellular Environment). يتكون الغشاء من طبقتين متقابلتين من جزيئات الفوسفوليبيدات (Phospholipids). يتكون جزيء الفوسفوليبيد من رأسٍ محبٍ للماء من الفوسفات، وذيلٍ كارهٍ للماء من الليبيدات (الدهون). تتراص الجزيئات بحيث تكون الرؤوس المحبة للماء موجهةً للخارج أي ناحية البيئة المائية، والذيول الكارهة للماء نحو قلب الغشاء بمواجهة بعضها البعض، بحيث تكون معزولةً بفعل طبقتي الفوسفات عن الماء. يمكن للصورة التالية أن تشرح الأمر بشكلٍ أوضح.
لاحظ، تكون رؤوس الفوسفات المحبة للماء (باللون الأصفر) موجهة نحو خارج الخلية وداخلها حيث البيئة المائية في الناحيتين، أما الذيول الدهنية الكارهة للماء، فتقابل بعضها داخل الغشاء ذاته. غير أن الصورة السابقة لا تُظهر بحالٍ من الأحوال التركيب الكامل للغشاء، على عكس ما تفعل الصورة التالية التي ترينا بقية المكونات الداخلة في تركيبه:
- بروتينات: في الغشاء الخلوي، هناك نوعان من البروتين؛ البروتين المدمج (Integral Membrane Protein) والبروتين الطرفي أو المحيطي (Peripheral Membrane Protein). يقوم البروتين المدمج بالأخص بعددٍ من الوظائف منها النقل الخلوي، كما يعمل كمستقبلٍ في عمل الإنزيمات والهرمونات.
- كوليسترول (Cholesterol).
- سلاسل السكر (Sugar Chains).
السيتوبلازم
السيتوبلازم هو مادةٌ شبه سائلة، تمثل القالب الداخلي للخلية وتحتوي على العضيات المختلفة، كما يحتوي على ما يعرف بالهيكل الخلوي (Cytoskeleton) وهو شبكةٌ من ألياف البروتين وظيفتها دعم الخلية. يشار إلى السيتوبلازم والنوية معا باسم البروتوبلازم (Protoplasm).
.
النوية
النوية أحد المكونات الأساسية للخلية، وتحتوي في تركيبها على الحمضين النوويين الريبوزي (RNA) والريبوزي منزوع الأكسجين (DNA)، كذلك تحتوي على البروتين. في خلايا حقيقيات النواة، تتركب النوية من مركزٍ ليفيٍّ (Fibrillar Centers) وحبيبات (Granules) ومكونات ليفية كثيفة (Dense Fibrillar Components). تقوم النوية بتصنيع الريبوسومات المسؤولة بدورها عن تصنيع البروتينات.
.
العضيات الغشائية
- الشبكة الإندوبلازمية: هي شبكةٌ كبيرةٌ من الأغشية مسؤولة عن إنتاج البروتين، وعن التمثيل الغذائي للدهون ونقلها، وأخيرًا نزع سمية المواد السامة. للشبكة الاندوبلازمية نوعان هما الشبكة الاندوبلازمية الخشنة (Rough Endoplasmic Reticulum) والشبكة الإندوبلازمية الناعمة (Smooth Endoplasmic Reticulum). الفرق بين الشبكتين هو وجود الريبوسومات على الشبكة الخشنة، وذاك ما يعطيها المظهر الذي نالت اسمها منه.
- جهاز غولجي: هو عبارة عن أكياسٍ غشائيةٍ مسطحة تسمى الانتفاخات (Cisternae). يستقبل الجهاز الحويصلات المملوءة بالبروتين والتي تنتجها الشبكة الإندوبلازمية الخشنة، وذلك بواسطة أحد وجهيه ويسمى (Cis-face)، ثم يعيد إطلاق تلك الحويصلات عبر الوجه الآخر المسمى (Trans-face).
- الميتوكوندريا: هي عضيةٌ مزدوجة الغشاء، وظيفتها إنتاج الطاقة من السكريات والدهون، ولتنجح الميتوكوندريا في مهمتها، فإنها تحتوي على عددٍ من الإنزيمات المساعدة في عملية التنفس الخلوي.
- بيروكسيسومات: وظيفة تلك العضيات تتمثل في احتوائها على إنزيماتٍ تعمل على إزالة ذرة هيدروجين من المواد المتفاعلة داخل الخلية، لتتحد الذرة بعد ذلك مع الأكسجين لتكوين بيروكسيد الهيدروجين.
- ليسوسومات: الليسوسومات مسؤولة عند هضم الجزيئات الكبيرة المراد التخلص منها، كذلك تقوم بهضم المواد الغذائية داخل الخلايا.
- حويصلات النقل: تقوم بنقل المواد كالبروتينات والنواقل العصبية، عبر الخلية.
عضيات لاغشائية
- الريبوسومات: توجد إما حرة في السيتوبلازم، أو مرتبطة بالشبكة الإندوبلازمية الخشنة. تقوم الريبوسومات بإنتاج البروتين.
- الأنابيب المجهرية: تساهم في حركة العضيات داخل الخلية، كما في الليسوسومات والميتوكوندريا.
- خيوط الأكتين: تدخل في تركيب أجسام خلوية أخرى.
- الخيوط المتوسطة: توجد بين الأنابيب المجهرية وخيوط الأكتين، ولها وظيفةٌ بنائيةٌ داخل الخلية.
- المريكزان: يعملان على تكوين الجسم القاعدي الذي يعتبر الوحدة البنائية لنوعين من الزوائد يعرفان بالأسواط (Flagella) والأهداب (Cilia). يكوّن المريكزان أيضًا الشبكة المغزلية (Mitotic Spindle) المسؤولة عن انفصال الكروموسومات أثناء انقسام الخلية.
.
المشتملات
- الجليكوجين: هو الصورة التي يخزن عليها سكر الجلوكوز في الخلية.
- الليبيدات: توجد الليبيدات (الدهون) في هيئةٍ كرويةٍ، نتيجة تراكم الدهون الثلاثية.
- الأصباغ: يوجد عددٌ من الأصباغ داخل كل خليةٍ، منها:
- الميلانين (Melanin) ذو اللون البني، ونجده على وجه الخصوص في خلايا الشعر والجلد داخل حويصلاتٍ تسمي الميلانوسومات (Melanosomes).
- تحتوي الخلايا كذلك على صبغةٍ أخرى هي الليبوفيوسين (Lipofuscin) وهي صبغةٌ يتراوح لونها بين البني والأصفر، تتراكم تلك الصبغة مع العمر مما يؤثر على عمل الخلية.
- صبغة أخرى هي الهيموسيدرين (Hemosiderin) ذات اللون البني، وتحتوي على الحديد في تركيبها، تنتج الصبغة عن تحلل الهيموجلوبين وتقوم خلايا تعرف بالخلايا البلعمية (Macrophages) بابتلاع الناتج.
.
وظائف الخلية
- توفر الدعم والبناء، حيث أن جميع الأعضاء تتركب من خلايا تمثل وحداتها البنائية.
- تسمح بنقل المواد عبر غشائها، سواء المواد الغذائية والأكسجين أو المخلفات الناتجة عن العمليات الكيميائية داخل الخلية.
- إنتاج الطاقة اللازمة عبر عملية التنفس.
- المشاركة في التكاثر عبر انقسام الخلية.
.