أنواع الجسور
تشكل الجسور بأنواعها حالة من اللقاء الجميل بين الهندسة المعمارية والمدنية، وقد تطور القطاع المدني كثيرًا في هذا المجال لتلبية رغبات المهندس المعماري الجمالية والأنيقة لبناء الجسور إذ تطورت تقنيات البناء والمواد المستخدمة في ذلك عبر القرون الماضية.
ظهر بناء الجسور للمرة الأولى في الحضارة الرومانية التي طورت تقنية لبناء الجسور باستخدام الاسمنت الهيدروليكي ومعظم جسورهم ما تزال قائمة حتى يومنا هذا، بعد ذلك لم يتمكن أحد من تطوير التقنية الرومانية حتى عصر النهضة وظهور البعد الجمالي لجسر ريالتو في مدينة البندقية، ومن ثم ظهرت الثورة الحقيقية في بناء الجسور باستخدام الفولاذ والبيتون (الخرسانة) وكان أول جسر فولاذي في العالم هو الجسر الحديدي في إنكلترا في القرن الثامن عشر.
ما سبق هو لمحة بسيطة عن تطور مجال بناء هندسة الجسور عبر التاريخ، التي تختلف عن بعضها البعض بطرق بنائها وتصميمها والمواد الداخلة في بنائها وفي مقالنا هذا سنتعرف على هذه الأنواع وطرق تصميمها.
أنواع الجسور
أكثر العوامل إثارةً للانتباه بالنظر إلى تصميم الجسور في العالم هو عمرها الطويل الذي يمتد لقرون، وقد تنوعت الجسور في العالم واختلفت تبعًا للغرض المراد منها وطول فتحة الجسر والمواد الداخلة في تشييده وشكله الهيكلي، والتي فيما يلي سأذكر لك أنواعها المختلفة:
الجسور الجائزية (Beam Bridges) أو الجسور ذات الكمرات
هي أبسط نوع للجسور إذ يتكون من سطح الجسر الذي غالبًا ما يكون من الألواح الخشبية أو الألواح الحجرية والمستند على ركائز طرفية (Abutment) بين طرفي الجسر، وفي هذه الحالة يدعي بالجسر الجائزي البسيط، ولكن في حال طول المسافة بين الطرفين قد توضع ركيزة أخرى وسطية (Pier) بين الركيزتين الطرفيتين لزيادة التدعيم والاستقرار للجسر وهنا يدعى جسرًا جائزيًّا مستمرًّا.
أغلب أنواع الجسور الجائزية تكون مصنعة من بيتون مسبق الصنع وتنتقل الأحمال التي تتعرض لها من السطح إلى الجوائز وبدورها تنقلها عبر المساند إلى الركائز ومن ثم إلى الأساسات، وتكون الجسور من هذا النوع قصيرة نسبيًا إذ إنه كلما ازداد طولها كلما كانت أكثر عرضة للانحناء نحو الأسفل، ويمكن تجنب ذلك وتشييد جسور جائزية طويلة نسبيًا ببنائها بشكل صندوقي (Box Beam) وهي عبارة عن صناديق مفرغة مصنوعة من عوارض فولاذية وبيتون مسلح، ومن أمثلة الجسور الجائزية هو جسر نهر آيوا.
الجسور الجمالونية (Truss Bridges)
وجد الجسر الجمالوني منذ قرون وخاصةً في الأنهار والوديان الجبلية الضيقة، يتميز بالقدرة على بنائه لمسافات طويلة نسبيًا وهو بشكل هياكل متصلة ببعضها تدعى الجمالونات على شكل وحدات مثلثية، كون هذه المثلثات تمتص الضغط والشد بشكل قادر على تحمل الأحمال الديناميكية المختلفة التي يتعرض لها الجسر، وتنتقل الأحمال فيه كما في الجسر الجائزي والجمالونات غالبًا ما تكون قضبان فولاذية وقد تكون في بعض الأحيان خشبية وأكثرها شيوعًا السلاسل المستقيمة من القضبان الفولاذية، ومن أمثلة الجسر الجمالوني هو جسر فرانسيس سكوت كي في بالتيمور.
جسر كابولي أو الجسر الناتئ (Cantilever Bridges)
يبنى هذا الجسر من الكابول (عوارض أو دعامات بسيطة)، وتكون مصنوعة من البيتون مسبق الإجهاد أو الفولاذ في حال تصميمها للتعامل مع حركة المرور أو السكك الحديدية، ويجب تثبيت الذراع الكابولي فقط من جانب واحد لحمل الوزن الضروري على نفس الجانب القائم، في حال كان الجسر واسعًا بحيث لا يكفي ناتئ من كل جهة فإنه يجب تدعيمه بجسر جائزي أو جمالوني بين ذراعي الكابول وربطهما بجسر واحد يعرف بالجسر الممتد المعلق، وأهم امثلة الجسر الكابولي هو جسر فورث في اسكتلندا.
الجسر القوسي (Arch Bridges)
هناك أنواع مختلفة من الجسور القوسية وتشترك جميعها بالعناصر المركزية إذ يحتوي كل جسر على ركيزتين طرفيتين تدعمان الهيكل القوسي أسفل الجسر، وأحد أكثر أنواع الجسور القوسية انتشارًا هو جسر Viaduct وهو عبارة عن جسر طويل مكون من الكثير من الأقواس، في هذا النوع من الجسور ينقل الضغط الجانبي الذي ينتج عن الأقواس إلى الركائز الطرفية لذلك يجب أن تبقى هذه الركائز قوية وصلبة، يمكن للجسر القوسي أن يستخدم لكل شيء من جسر للمشاة وحتى السكك الحديدية.
الجسور المعلقة (Suspension Bridges)
يأخذ هيكل هذا النوع الشكل النمطي البسيط ولكن تصميمه فعال للغاية، إذ يكون سطح الجسر هو العنصر الحامل لهيكله ويثبت بواسطة حمالات عمودية تعمل على دعم الكابلات، تدعى بكابلات التعليق وتمتد إلى ما وراء جوانب الجسر وتثبت جيدًا في الأرض، وبحسب حجم الجسر يختلف عدد الأبراج فيه لعقد الكابلات المعلقة وتجميعها، ومن أمثلة الجسور المعلقة هو جسر بروكلين (الجسر المعلق للنهر الشرقي العظيم).
جسور مثبتة بالكابلات (Cable-Stayed Bridges)
الكابلات المعلقة بأبراج في أنواع الجسور هذه تكون العنصر الحامل، هذه الكابلات توصل من الأبراج إلى سطح الجسر إما من أعلى البرج أو نقاط مختلفة منه، هذا النوع من الجسور يستخدم لمسافات كبيرة أكبر من المسافات التي يغطيها الجسر الناتئ ولكن أقل من مسافات الجسر المعلق، وإحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه هذا النوع هي الاتصال المركزي للكابلات الذي يمكن أن يُحدث ضغطًا أفقيًا على سطح الجسر الأمر الذي يحتاج إلى تدعيم هيكل السطح ليصبح قادرًا على حمل الضغط.
المواد المستخدمة في بناء أنواع الجسور
هناك أربعة مواد رئيسية تستخدم في بناء أنواع الجسور المختلفة وهي:
- الخشب: الخشب ضعيف نسبيًا ولكنه متوفر بشكل دائم وغير مكلف ويستخدم غالبًا في الجسور الصغيرة التي تحمل أحمالًا خفيفة كجسور المشاة، ولكن حاليًا تدمج عوارض وأقواس خشبية في بعض الجسور الحديثة.
- الحجر: يتحمل الضغط ويستخدم في الجسور ذات المسافات القصيرة وفي الأقواس والأرصفة والدعامات.
- الفولاذ: استخدم للمرة الأولى في الثورة الصناعية، ويصنع بدرجات متفاوتة القوة وأفضله هو الفولاذ الصلب، أغلب الجسور في يومنا هذا تصنع من الفولاذ.
- البيتون: خليط من الماء والرمل والحصى ومادة رابطة كالاسمنت يشبه الحجر من حيث القوة على الانضغاط، يدعى البيتون مع قضبان فولاذية مدمجة فيه بالبيتون المسلح، ونلجأ إلى ذلك للتقليل من كمية البيتون وزيادة قدرته على مقاومة الشد بالإضافة لحماية البيتون للفولاذ من التآكل ويستخدم بكثرة في الجسور الجائزية.