ما هي أبرز الأساطير عند الرومان

إنَّ معظم الأساطير عند الرومان التي وصلتنا اليوم هي من بقايا الحضارة الرومانية واليونانية، ورغم تفوق الأخيرة في ذلك، إلا أن هذا لا ينفي غِنى التراث الأسطوري الروماني، والذي وصلت معظم قصصه من ملاحم أوفيد وفيرجيل الشعرية، فقد وثَّقوا من خلال تلك الملاحم الشخصيات الرومانية الأسطورية وأبرز الأساطير عند الرومان.

لقد آمن الرومان دائمًا بالقوة الخارقة التي تعكس معتقداتهم، وشغل موضوع البطولة أكثر المواضيع شيوعًا وأهميّةً في العديد من الأساطير. وسنتحدث في هذا المقال عن بعض القصص الأسطورية الشهيرة في الحضارة الرومانية.

يعد إينياس من أشهر الشخصيات الأسطورية في الحضارة الرومانية، فقد أشار له هوميروس في ملحمته الإلياذة، كما أن قصته مذكورةٌ في ملحمة الإنيادة لفيرجيل، وبحسب قصة فيرجيل فإن إينياس هو سلف لرومولوس ورموس مؤسسي روما.

تبدأ قصة فيرجيل عند هروب إينياس من طروادة حاملًا أباه، فهو من القلة الناجين من مذبحة طروادة، لذا فقد شدَّ الرحال وسافر إلى إيطاليا بأمرٍ من الآلهة، وأخذ معه تماثيل آلهة طروادة ليضعها هناك. وبعد تنقلٍ دام ست سنواتٍ بين أرجاء إيطاليا، استقر أخيرًا في قرطاج، وهناك تعرف على ديدو ملكة قرطاج، ليقع في حُبها وتستمر علاقتهما لمدة عامٍ، إلا أن فينوس وبمساعدة جوبيتر أجبراه على ترك المكان والرحيل سرًا. عندها جنَّ جنون ديدو عند سماع الخبر لتقوم ونتيجة ألم رحيله بطعن نفسها بسيفٍ كان قد أهداها إياه إينياس في أول لقاءٍ بينهما.

عاد بعدها إلى صِقِلِّية وأقام بشكلٍ نهائيٍّ في لاتيوم، ولتكريم الذكرى السنوية الأولى لوفاة والده، رتّب سلسلةً من الألعاب الرياضية، ثم طلب النزول إلى العالم السفلي ليلتقي بأبيه وديدو ويخبراه بالمستقبل الباهر للدولة التي سيبنيها في لاتيوم، وبمعنى آخر، الحضارة الرومانية.

عند الحديث عن الأساطير عند الرومان لا بدَّ أن نذكر قصة رومولوس ورموس مؤسسي مدينة روما. تقوم الأسطورة أن التوأم رومولوس ورموس هم أبناء ريا سيلفيا، ومارس إله الحرب الروماني، إلا أنهم ألقوا بهم بعد ولادتهم مباشرةً في نهر التبير في حوالي عام 770 ق.م، ولكنهم ظلوا على قيد الحياة بعد أن عثرت عليهم ذئبة كابيتولينيا، التي أخذتهم إلى كهفها، وأرضعتهم من حليبها، وبعد ذلك عثر عليهم الراعي فاوستولوس، الذي رباهم إلى أن بلغوا سن الرشد.

بعد ذلك قرر التوأم بناء مدينةٍ حيث ربتهم الذئبة، لذا فقد اختار رومولوس تلةً لبناء مدينته، إلا أن رموس سخر منه وضحك على ارتفاع هذه التلة مما دفع رومولوس إلى قتله.

بعد أن نصّب نفسه ملكًا لروما المدينة التي أنشأها، بدأ رومولوس في خطف النساء من قبيلة سابيون لإنتاج سكانٍ في مدينته الجديدة، فقد كانت روما خاليةً من الإناث، لتصبح قصة "اغتصاب نساء سابين" قصة أسطورية من قصص التراث الروماني. وأنشأ بعدها نظام روما العسكري ومجلس الشيوخ، وغزا مناطقَ كثيرةً من إيطاليا الحديثة لمدينته قبل موته.

بعدها قام أغسطس، وهو أول إمبراطور روماني، ببناء قصره في هضبة بالاتين بالقرب من الموقع الأسطوري لمخبأ أم الذئب، المعروف باسم لوبركال. and-Remus.html

إن الأساطير عند الرومان مليئةٌ بالحكم والعِبَر المفيدة، وقصة جوبيتر والنحلة مثالٌ على ذلك. تدور الأسطورة حول ملكة لخلية نحل من جبل هيميتوس كانت مستاءة من عادة البشر في أخذ العسل من خليتها عُنْوةً، لذا فقد شدت الرحال إلى جوبيتر في جبل أوليمبوس وبحوزتها برطمان من أجود أنواع العسل. وبعدما تذوق جوبيتر العسل وأعجب به إعجابًا شديدًا، قال لها اطلبي وتمني، فكان طلبها: "أعطني لدغةً تقتل أي إنسانٍ يأخذ من عسلي".

هنا وقع جوبيتر في حيرةٍ، فهو مضطرٌ إلى تلبية طلبها بالإضافة إلى أنه لا يريد ترك الجنس البشري تحت رحمة حشرةٍ صغيرةٍ، لذلك قال إنه سيحقق طلبها وستملك هذه اللدغة، ولكن ستتاح لها لدغة واحدة فقط وستموت عند القيام بذلك، وهذا لتكون حريصةً في استخدامها.

لوكريشا التي غَّيرت نظام الحكم في روما من ملكيٍّ إلى جمهوريٍّ، تعد قصتها من أبرز الأساطير عند الرومان ؛ إذ كانت لوكريشا الجميلة زوجة لوسيوس تاركينيوس كولاتينوس، وأخت القنصل الأول لروما لوشيوس جونيوس بروتوس.

تبدأ الحكاية عندما قدم نجل ملك روما تاركوينيوس سوبربوس المدعو سكستوس، بالاعتداء عليها واغتصابها. لتكون فعلته هذه بمثابة نقطة تحوّلٍ في التاريخ الروماني. فبعد هذه الفاجعة شعرت لوكريشا بالعار الشديد لذا جمعت زوجها وأهلها لتخبرهم بالقصة وتنتحر بعدها بسكينٍ في منتصف قلبها، لتشتعل ثورةٌ في روما تُسقط الحكم الملكي لتاركوينيوس سوبربوس ملك روما الأخير. ويمثل هذا الحدث (509 ق.م) بداية الجمهورية الرومانية.

أصبحت قصة اغتصاب لوكريشا موضوعًا متميزًا في الأدب والفن الأوروبيين، حتى أن بعض المؤرخين لا يأخذون قصتها كخرافةٍ وإنما كحادثةٍ فعليةٍ تركت بصمةً في العالم القديم إلى الأبد.

رغم كثرة الآلهة الرومانية، إلا أنه يوجد ثلاثة آلهةٍ كانوا مُقدسين بشكلٍ خاص كما تظهر الأساطير عند الرومان والمعروفين باسم ثالوث كابيتولين، هم جوبيتر وجونو ومينيرفا، كانوا قد حلّوا محل الثالوث القديم المُكوَن من جوبيتر ومارس وكويرينوس.