معلومات عن مدينة الاسكندرية
لطالما أثارت مصر إعجاب الكثيرين، بآثارها وأهراماتها، وترسّخ حب هذه المدينة في قلب كل من زارها بلا شك، فيقال أن مصر أم الدنيا، ولكل مدينةٍ من مدنها، تاريخٌ عريقٌ تغنّى به الكثيرون، كالاسكندرية عروس البحر المتوسط.. لنتعرف معًا على بعض المعلومات عن مدينة الاسكندرية.
لمحة عامة عن مدينة الاسكندرية
تعتبر الاسكندرية من أكبر مدن مصر، ومينائها الرئيسي ومركزها الصناعي، حيث تُصنّف من أكبر مدن مصر من حيث المساحة وعدد السكّان بعد القاهرة، وتعد عاصمة مصر الثانية، فقد كانت العاصمة الرئيسية تاريخيًّا لها منذ تأسيسها على يد الإسكندر الأكبر، وسميت باسمه عام 332 قبل الميلاد.
تقع على البحر الأبيض المتوسط في الطرف الغربي من دلتا نهر النيل، على بُعد حوالي 183 كم شمال غرب القاهرة، وتتميز بوجود العديد من المعالم التي تجعلها مرغوبةً سياحيًّا، بالإضافة إلى أن أكبر الموانئ البحريّة في البلاد موجودة فيها، كميناء الاسكندرية وميناء الدخيلة، ولذلك فهي مركزٌ اقتصاديٌّ مهمٌ للعمليات البحرية والتجارة البحرية والإنتاج الحرفي..
مناخ الاسكندرية
يلعب موقع مدينة الاسكندرية على ارتفاع 13 مترًا فوق سطح البحر، دورًا هامًّا في مناخها، إذ بالرغم من مناخها الصحراوي وقلة أمطارها، يعتبر الجو فيها معتدلًا وليس حارًّا كمناخ القاهرة، وطقسه دافئ ومشمس في النهار أغلب الأوقات، وبارد قليلًا في الليل، حيث يكون فصل الشتاء فيها معتدلًا والصيف حارًّا نسبيًّا، إلا أن المدينة تعد مقصدًا للسيّاح في الصيف، للتمتع ببرودة طقسها بالرغم من حدة الشمس، فدرجة الحرارة صيفًا لا تتجاوز 32 درجةً مئويةً، كما يساعد موقعها المطلّ على البحر، في تعديل الحرارة..
تاريخ مدينة الاسكندرية
الفترة اليونانية
أسس الإسكندر الأكبر المدينة التي سميت على اسمه في 332 قبل الميلاد بعد بدء حملته الفارسيّة، لتكون قاعدةً بحريةً تسيطر على البحر الأبيض المتوسط، لكن لسببٍ ما، غادر الإسكندر مصر ولم يعد، فواصل نائبه إنشاء الاسكندرية إلى أن انتقلت السيطرة إلى بطليموس الأول، الذي كان نائب الملك بعد وفاة الإسكندر وتفكك الإمبراطورية، وازدهرت الاسكندرية في عهد البطالمة، فأصبحت بعد قرنٍ فقط من تأسيسها من أكبر مدن البحر المتوسط، ومركزًا للعلوم اليونانيّة والمِنح، حيث مزج البطالمة ديانات اليونان ومصر القديمة، واستفادوا من تجارة روما المتنامية مع الشرق عبر النيل، والقناة التي ربطتها بالبحر الأحمر، بالإضافة لذلك، فقد كانت الاسكندرية تضم سكانًا مختلفين أيضًا، فقد كانت موطنًا لمستعمرةٍ يهوديةٍ، ومركزًا رئيسيًّا لتعليمهم.
الفترات الروميّة والبيزنطية
بعد وفاة الإسكندر، حكمت كليوبترا ابنة بطليموس الثاني عشر المدينة مع أخيها، وبعد سنواتٍ تم إجبارها على الرحيل فهربت من جيشه، لكنها عادت بعد سنواتٍ لاسترجاع الحكم، فالتقت بقيصر الروم الذي ساعدها في استرجاع حكمها لعدة سنواتٍ، ولكن ما لبث أن قُتل واستلم الحكم بعده مارك أنتوني الذي نشبت بينه وبين ابن أخ القيصر أوكتافيوس معركة لقي مصرعه فيها، لتموت كليوبترا بعد ذلك بظروفٍ غامضةٍ، وتصبح الاسكندريّة ومصر بعدها رسميًّا تحت الحكم الروماني.
بحلول نهاية القرن الرابع، كانت عناصر المؤسسة المسيحية في الاسكندرية قد حشدت جيشًا لمواجهة بقايا الوثنية، ودمرت معبد سيرابيس، فاندلعت اشتباكاتٌ عنيفةٌ أخرى بين العصابات المتناحرة والفصائل المتمركزة في المدينة في ذلك الوقت، بعد ذلك عزل المجلس ديوسكور، البابا الإسكندري، فبدأت مشاعر السخط على الحطم البيزنطي حينها، الظروف التي سقطت فيها الاسكندرية تحت حكم الفرس بدايةً عام 616، ثم للعرب عام 642.
الفترة الإسلامية
على الرغم من استسلام الإسكندرية للتوسع العربي الإسلامي دون مقاومة، إلا أن هذا الفتح أعقبه نزوح كبير للعناصر القيادية للسكان اليونانيين، وقد غطت العاصمة العربية الجديدة على مدينة الاسكندرية، واستمرت في الازدهار كمركزٍ تجاريٍّ، بشكلٍ أساسيٍّ للمنسوجات والسلع الكمالية، وكانت مهمةً أيضًا كقاعدةٍ بحريةٍ خاصة تحت حكم الفاطميين والمماليك.
لكن الخسارة النهائية لهذه التجارة كانت بعد اكتشاف البرتغال لطريق بحري إلى الهند عام 1498، مما سبب ضربةً قويةً لثروات المدينة ولولاية المماليك، وتحول وضع مصر إلى وضع مقاطعة داخل إمبراطورية تقع مسؤوليتها على عاتق العثمانيين، وفي الوقت الذي غزا فيه نابليون مصر عام 1798، تم تحويل الاسكندرية إلىى ميناءٍ عثمانيٍّ صغيرٍ.
تطور المدينة الحديثة
أثناء الحملة الفرنسية على مصر بقيادة نابليون بونابرت، وقف الإنكليز والروس إلى جانب العثمانيين لإخراج الفرنسيين من مصر، مما أدى إلى هزيمة الفرنسيين ودخول مصر في مرحلة بدء النهضة بعد تولّي محمد علي باشا الحكم عام 1805، حيث بنى ترعة المحمودية الطويلة وترسانة لإنتاج السفن الحربية، إلى أن أصبحت الاسكندرية في عهده مركزًا مصرفيًّا وتجاريًّا متزايد الأهمية، وأصبح لها طابع أوروبي جذب التجار الأجانب للتعامل معها، إلى أن تعرضت للقصف البريطاني، واستسلمت وأصبحت رسميًّا تحت الحكم البريطاني الذي استمر لسنواتٍ طويلةٍ؛ عانت فيها مدينة الاسكندرية خصوصًا في الحرب العالمية الثانية.
بعد الحرب العالمية الثانية، ألغيت الملكية في مصر التي كانت في عهد الملك فاروق، وقامت الجمهورية المصرية على يد جمال عبد الناصر ومجموعةٍ من الضباط الأحرار، الذين قاموا بإصلاحاتٍ ضخمةٍ كالإصلاح الزراعي وتأميم قناة السويس، بالإضافة لإنقاذ مصر من التصحر، ونقلها إلى عالمٍ خصبٍ بإنشاء السد العالي، وحل مشكلة فيضان النيل، ليجعل مصر تستعيد قواها وتصبح من الدول الحضارية المتوسعة بشكلٍ كبيرٍ..
أهم معالم مدينة الاسكندرية
- مكتبة الاسكندرية: من أشهر معالم الاسكندرية وأقدمها، تم تأسيسها منذ القدم على يد الإسكندر، ولكنها تدمرت بعد سنواتٍ طوال ليعاد إحياؤها سنة 2002، وأطلق عليها اسم مكتبة الإسكندرية الحديثة، وقد صُممت هذه المكتبة بأسلوبٍ مميزٍ وضخمٍ، تحتوي على ملايين المجلدات والكتب في غرفةٍ مخصصةٍ للقراءة، بالإضافة لمجموعةٍ من المعارض المنسقة بشكلٍ جميلٍ، حيث يوجد قسمٌ لمعارض فنيّة وآخر للعلوم، وأيضًا للمخطوطات القديمة والآثار مع التماثيل اليونانية الرومانية، التي عُثر عليها أثناء الاستكشاف تحت الماء، ويعد هذا المتحف الخاص بالآثار من أهم عوامل الجذب في المكتبة.
- متحف الاسكندرية القومي: لا بد من أن علم الآثار أعطى للعالم اكتشافات كبيرة حول تاريخ المدن، فإذا أردت التعرف على تاريخ مدينة الاسكندرية، عليك زيارة هذا المتحف الضخم المقسم إلى طوابقَ عدة، في السفلي منها توجد آثار العصر الفرعوني، وفي الطابق الأرضي آثار تعود لأيام حكم البطالمة، أما الآثار التي تعود للعصر البيزنطي والإسلامي، فكلها موجودةٌ في الطابق الأول، بالإضافة إلى التماثيل التي تم اكتشافها حول المدينة بما في ذلك الاكتشافات الموجودة تحت الماء، وأيضًا خرائط ورسوم لمدينة الاسكندرية لتساعد الزوار على فهم الوجه المتغير لهذه المدينة.
- قلعة قايتباي: قام السلطان المملوكي قايتباي ببناء هذا الحصن المطل على البحر، لمحاولة تحصين ميناء الاسكندرية الهام من الهجوم، حيث بناه في المكان نفسه التي كانت به منارة فاروس (فنار الاسكندرية)، واحدةً من عجائب الدنيا في العالم القديم، وقام باستخدام ركام المنارة المنهارة في بناء القلعة.
- كورنيش الاسكندرية أو الميناء الشرقي: يعد واحدًا من أهم المعالم، ويُعتبر رمزًا مميزًا للمدينة، فهو من أقدم الموانئ ومركزًا تجاريًّا مهمًّا، كما يعتبر من المناطق السياحية الجذابة في المدينة.
- مقابر كوم الشقافة: من أهم المقابر والمواقع الأثرية في الاسكندرية، تقع في منطقة كوم الشقافة، وهي محفورةٌ من الصخر منذ القرن الثاني الميلادي، تمتاز بوسعها ودقة تخطيطها الممزوجة بالفن المصري واليوناني، يمكنك الوصول إلى المقابر الداخلية عن طريق سلّم حلزوني لولبي يؤدي إلى غرفة الدفن.