كيف يتم استخراج القطران
عُرِف القطران منذ آلاف السنين، حيث استخدم لإقامة السدود المقاومة للماء والخزانات في حضارة موهينجو دارو (Mohenjo-Daro) في وادي السند منذ 3000 عام قبل الميلاد، كما وشاع استخراج القطران واستخدامه لأغراض التحنيط 1500 قبل الميلاد من قبل الفراعنة.
كذلك، استخدمه الفايكينج لأغراضٍ طبيةٍ وفي بناء السفن والمنازل خلال الفترة ما بين 800-1000 للميلاد، وخلال القرنين الثامن عشر وحتى منتصف التاسع عشر، لاقى رواجًا لمعالجة الأمراض الجلدية والروماتيزم عند الإنسان، إضافةً لبعض المعالجات البيطرية، في حين انتشر استخدامه بشكلٍ أكبر في القرن العشرين، فما هو القطران وما هي استخدماته؟ .
مادة القطران
القطران (Tar)؛ سائلٌ أسود اللّون، لزج القوام، يُشتق بالتقطير الإتلافي للمواد العضوية، يتم الحصول عليه بشكلٍ رئيسيٍّ من الفحم كمنتجٍ ثانويٍّ لإنتاج فحم الكوك، كما يتم إنتاجه أيضًا من البترول، والخث، والخشب..
قطران الخشب (Wood Tar)
ينتج قطران الخشب عن التقطير الإتلافي للخشب أو من كربنة الخشب، له نوعان قطران الخشب الصلب والقطران الراتنجي، يُشتق قطران الخشب الصلب من خشب البلوط والزان، في حين يُستخرج القطران الراتنجي من لحاء خشب الصنوبر وجذوره وحتى من الجذع، له رائحةٌ مميزةٌ لوجود التربنتينات..
استخراج القطران من الخشب
يتم استخراج القطران من هذا الصنف بالتقطير الإتلافي للخشب، حيث يتحلّل الخشب عند تسخينه على درجة حرارة 450 - 550 م° بغياب الأكسجين في أفرانٍ خاصة.
ينتج التقطير المدمِّر حوالي 32-38 % من الفحم، و45-50 % المنتجات السائلة، و16.5-18 % الغازات (ثاني أكسيد الكربون وأول أكسيد الكربون والميثان)، يتم فصل المنتجات الغازية والسائلة عن بعضها البعض والتي تكون على شكل مزيجٍ من الأبخرة والغازات بالتبريد، وبذلك نحصل على نواتج التقطير والتي تنقسم إلى قطران خشب وحمض الخشب والذي بمعالجته يمكن الحصول على العديد من المنتجات بما فيها حمض الأسيتيك والميثانول.
تؤثر نسبة الرطوبة في الخشب، ودرجة الحرارة المطبقّة أثناء عملية التقطير على كمية النواتج المتحصل عليها، تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى زيادة إنتاج القطران والغازات، كما يزداد محتوى الكربون في الفحم في حين ينخفض إنتاج حمض الأسيتيك والكحول..
استخداماته
لا يزال قطران الخشب حتى يومنا هذا وعلى الرغم من وجود العديد من البدائل يستخدم كمادةٍ مانعةٍ للتسرب في القوارب الخشبية التقليدية، والأسقف الخشبية للكنائس القديمة، وكذلك لطلاء الجدران الخارجية للمباني الخشبية. يتوفر قطران الخشب في شكلٍ مخفّفٍ أيضًا (ماء القطران)، وله عدة استخداماتٍ، كعاملٍ مضادٍّ للقشرة في الشامبو، وكمكوّنٍ لمستحضرات التجميل، وكمنكّهٍ للحلويات، وتوابلَ للحوم.
قطران الفحم (Coal Tar)
سائلٌ أسود سميك القوام، ناتج ثانوي خلال عمليات إنتاج غاز الفحم وفحم الكوك، ويحتوي على البنزين (Benzene)، والنفثالين (Naphthalene)، والفينولات (Phenols)، والأنيلين (Aniline)، والعديد من المواد الكيميائية العضوية الأخرى. تتراوح درجة غليانه مابين 200-250 م°، وهو غير ذوابٍ في الماء، وسريع الاشتعال، لذا يُستخدم في التدفئة، ويدخل في العديد من التطبيقات الطبية والصناعية..
استخراج القطران من الفحم
يتم استخراج القطران الفحمي بالتقطير الإتلافي للفحم، حيث يتم تسخين الفحم في أوعيةٍ حديديةٍ مغلقة على درجات حرارةٍ مرتفعة، ثم تتجمع الغازات المتصاعدة في أنابيبَ، يلي ذلك تبريدها بتيارٍ من الماء البارد، فيترسب قطران الفحم نتيجة عملية التكثيف على شكل سائل أسود اللّون ذي رائحةٍ قويةٍ..
استخداماته
يستخدم قطران الفحم في صناعة الدهانات والعطور والأصباغ الصناعيّة والمتفجرات، والمبيدات الحشرية، وكرات النفثالين (المستخدمة لمكافحة العث).، كما يدخل في صناعة العديد من أنواع الشامبو والصابون والمراهم، والتي تساعد تخفيف الحكة والجفاف والتقّشر الناجم عن مشكلاتٍ جلديةٍ مختلفة كالصدفية والأكزيما والقشرة، من خلال إبطاء نمو خلايا الجلد لمساعدة البشرة على التخلص من الخلايا الميتة من الطبقة العليا (القرنية)..
بحثت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) في مدى سلامة وفعاليّة المنتجات الدوائية الحاوية على قطران الفحم لمعالجة القشرة والصدفية والالتهابات الجلدية المختلفة، وتوصلت إلى أن استخدامه في منتجاتٍ كالشامبو ضد القشرة آمنٌ وفعّالٌ عند مستوياتٍ تتراوح من 0.5% إلى 5.0%.
كما أشارت FDA إلى وجود علاقةٍ بين الإصابة بسرطان الجلد والتعرض المستمر للمحاليل المركّزة منه، وعلى مدى فترات طويلة (20 إلى 25 سنةً) كما هو الحال في بعض الصناعات، لكنها في المقابل اعتبرت استخدامه موضعيًّا في منتجاتٍ كالشامبو آمنًا؛ لأن تماسه مع فروة الرأس يكون لزمنٍ قصيرٍ وبتراكيزَ أقل مقارنةً مع استخداماته الصناعية الأخرى..