ما هي المعلقات السبع
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
ما هي المعلقات السبع
لا يولد الأدب من فراغٍ بل أنه في الواقع تتويج لما يشعر به الناس ويعرفوه. وينبع هذا العمق من المشاعر المتولدة من الأجواء والمجتمعات والأماكن، والأهم من ذلك كان الوقت الذي يعيش فيه الناس. لذا كان من المهم أن يكون هناك بعض الفهم ومراقبة الظروف المجتمعية للعصر الذي كُتب فيه الأدب.
المعلقات السبع هي مجموعة قصائدٍ عربيةٍ طويلةٍ تعتبر أفضل أعمال العصر الجاهلي. ويعني هذا الاسم القصائد المعلقة نسبةً إلى أن هذه القصائد كانت معلقةً على جدران الكعبة في مكة المكرمة.
أهمية المعلقات السبع
تمتلك هذه القصائد ثروةً من المعلومات الذاخرة عن المجتمع والاقتصاد والثقافة والتقاليد والحروب والهدنات وما إلى ذلك من تلك الفترة. ويمكن النظر إلى أهمية هذه الأعمال الأدبية من عدة نواحٍ مختلفةٍ وهي:
- الأهمية الأدبية: من الواضح أن المعلقات مهمةٌ للغاية في دراسة الأدب والبحث في الإرث الأدبي العربي؛ فالعصر الجاهلي هو العصر الأول من الأدب العربي، لذا تعتبر المعلقات رمزًا مهمًا لهذه الفترة الأدبية. وقد قام علماء وباحثو الأدب العربي بشرحِ هذه المعلقات منذ زمنٍ بعيدٍ.
- الأهمية اللغوية: تعتبر المعلقات السبع مثلها مثل بقية قصائد العصر الجاهلي، معيارًا لغويًا ونحويًا باللغة العربية. وغالبًا ما يلجأ اللغويون إلى هذه القصائد ويدرسونها لفهم بناء الجملة والصوتيات والدلالات باللغة العربية التقليدية. وبالمثل يقوم النحويون بأبحاثهم الضرورية حول هذه القصائد في التعامل مع القضايا النحوية.
- الأهمية التاريخية: تعتبر المعلّقات منجم ذهبٍ للمؤرخين، لا سيما أولئك الذين يهتمون بالعرب في العصر الجاهلي. وتمتلك هذه القصائد من المعلومات عن المجتمع والتقاليد والاقتصاد والحروب وغيرها من القضايا الهامة ما يعتبر ثروةً حقيقيةً ودلالةً مرجعيةً لفهم تلك الحقبة.
- الأهمية الدينية: إن أهميتها في فك رموز النصوص الدينية الإسلامية واضحةٌ، حيث تحتوي هذه النصوص على العديد من الكلمات والتعبيرات في تلك الحقبة، وتساعد هذه القصائد على فك رموزِ هذه النصوص.
خلفيات المعلقات السبع
إن قصائد المعلقات السبع كلها تعتمد النمط الكلاسيكي للقصيدة، والتي يعتقد بعض العلماء العرب أنها تأسست على يد امرؤ القيس. إذ تبدأ القصيدة بمقدمةٍ تقليديةٍ يقف فيها الشاعر على أطلال حبٍ سابقٍ في أغلب الأحيان، بينما يتكون معظم القصيدة من سلسلةٍ من الأبيات التي تصف حصان الشاعر أو جمله ممزوجةً بمشاهدٍ من البيئة الصحراوية وغيرها من جوانب الحياة البدوية والحرب وغيرها. وغالبًا ما يتركز الموضوع الأساسي للقصيدة حول فخر الشاعر بنفسه أو قبيلته، وقد ساهمت تلك الصور الحية والملاحظات الدقيقة والشعور العميق بالألفة والانتماء إلى الطبيعة في الصحراء العربية في إبراز مكانة المعلقات في الأدب العربي.
أما بالحديث عن المعلقات السبع بشكلٍ أكثر خصوصيةً، يبرز من اسمها أنها عبارةٌ عن سبع قصائدٍ مختلفةٍ، كتب كلًا منها شاعرٌ مختلفٌ عاش كل منهم في بيئةٍ وأحداثٍ مختلفةٍ عن الآخر ولّدت في نفسه الإبداع وحبه لنظم الشعر، لتغدو كلماته سيلًا من المشاعر التي تغزو النفس والعقل والقلب. وسنتعرف على هؤلاء الشعراء ولمحةٍ موجزةٍ عن حياتهم الشعرية:
شعراء المعلقات السبع
امرؤ القيس
امرؤ القيس بن أبان الذي يكنى بابن الحارث، شاعرٌ عربيٌّ برز أيام الجاهلية واعتبر الشاعر الأكثر تميزًا في ذلك العصر، وهو مؤلف إحدى قصائد المعلقات السبع . تتحدث الأسطورة السائدة أنه ابن آخر ملوك قبيلة كندة، وقام والده بطرده من القبيلة بسبب حبه لإحدى الفتيات، وقد ألمح إلى قصة الحب هذه في الأبيات 8-43 من المعلقة. ولسنواتٍ عديدةٍ أمضى حياته بحرمانٍ شديدٍ متجولًا ومتنقلًا بين القبائل، حتى مقتل والده عندها تحول إلى البحث عن الانتقام حتى ناله.
طرفة بن العبد
طرفة بن العبد بن سفيان، أحد شعراء العصر الجاهلي ذوي الصيت الواسع في أيامهم. وهو مؤلفُ أطول قصائد المعلقات السبع، ويرى الشعراء أنه أحد أبرز شعراء ما قبل الإسلام إن لم يكن أعظم شاعرٍ عربيٍّ. بدأت قصة قصيدته عندما كان في رحلة الصيد ففقد الإبل التي تنتمي إليه ولشقيقه الأكبر، بالإضافة على ما قاساه من ظلمٍ من ابن عمه.
زهير بن أبي سلمى
تميز زهير منذ شبابه نتيجة عبقريته الشعرية الفذة. نظم معلقته في ظروف حرب داحس والغبراء لتكريم الحارث بن عوف والهرم بن سنان لسعيهما إلى السلام وإنهاء الحرب. كما يتحدث في مطلع قصيدته عن أم أوفى والتي كانت زوجته الأولى التي طلقها نتيجة غيرتها، إلا أنه ندم ندمًا شديدًا فيما بعد.
لبيد بن ربيعة العامري
أحد الشعراء المخضرمين الذي عاصروا الجاهلية والإسلام، من قبيلة هوازن. يبدأ لبيد معلقته بست أبياتٍ من الرثاء التقليدي لرحيل عشيقته، ثم ينتقل إلى وصف الطبيعة بمفاتنها. وبلغت القصيدة مبلغًا ساميًا ولم يغامر أحد في منافستها حتى وقتٍ طويلٍ.
عنترة بن شداد العبسي
المحارب الشهير والشاعر من قبيلة عبس، وُلد في بداية القرن السادس. كانت والدته إحدى عبيد الحبشة، ورفض والده الاعتراف به كابنٍ لسنواتٍ عديدةٍ بسبب سواد بشرته حتى جاء يوم أغارت القبائل على عبس فوعده والده بمنحه حريته إذا استطاع إنقاذ النساء من الأسر، فأبدى عنترة الشجاعة الكبرى واستطاع إنقاذ قبيلته واستبسل استبسالًا كبيرًا حتى أصبح بطل عبس وشاعرها. ولعل أبرز ما دفعه إلى الإقدام على ذلك كان حبه لابنة عمه عبلة التي رفض عمه تزويجهما. ولا يخفى على أحد قصة الحب الكبرى التي يتغنى بها الجميع. ولا يزال الجميع يتغنى بقصة حب عنترة وعبلة التي لا مثيل لها.
عمرو بن كلثوم
عمرو بن كلثوم من قبيلة تغلب، والدته ليلى بنت المهلهل. نظم قصيدته التي وُضعت مع المعلقات السبع نتيجة خلافٍ نشب في حضرة عمرو بن هند أثناء تناول الطعام. إذ أرسل عمرو بن هند إلى عمرو بن كلثوم يدعوه لتناول الطعام ووالدته، ونشب خلافٌ أثناء ذلك دعا عمرو بن كلثوم إلى قتال ابن هند منشدًا قصيدته حينها.
الحارث بن حلزة اليشكري
تبدأ قصة معلقته في خلافٍ نشب بين تغلب وبكر، فاختار رجال تغلب أميرهم عمرو بن كلثوم للمثول والدفاع عن قضيتهم أمام عمرو بن هند. إلّا أن شجارًا نشب بين ابن كلثوم والنعمان المتحدث باسم بكر مما أدى إلى رفض عمرو بن هند لهما، وطلب من الحارث التحدث باسم قبيلته. فامتثل إلى محكمة عمرو بن هند لتمثيل قبيلة بكر. فكانت معلقته تحتوي الحجج التي استخدمها في تلك المناسبة نيابةً عن قبيلته، ونتيجةً لبلاغته وتأثير كلامه تم الحكم لصالح بني بكر حينها.