معلومات عن جزيرة كورسيكا
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
لجزيرة كورسيكا سحرٌ خاص يجعلها من أهم الوجهات السياحية في العالم، فهي تجمع جمال الطبيعة، مع تاريخٍ حافلٍ ترك آثاره في كل بقعةٍ من بقاعها الغنية بالكنوز الأثرية التي لا تعد ولا تحصى، ناهيك عن الهوية الثقافية الغنية لسكانها المتمسكين بهويتهم. سنتعرف في هذه المقال على جزيرة كورسيكا عن قربٍ، ونحظى بجولةٍ على أهم المعالم السياحية، والتي لا بد من المرور بها عند زيارة الجزيرة.
موقع الجزيرة
تُعد كورسيكا رابع أكبر جزر البحر الأبيض المتوسط مساحةً بعد صقلية وسردينيا وقبرص، بمساحةٍ قدرها 8681 كم2، وتقع على بعد 170 كم من جنوب فرنسا، و90 كم من شمال غرب إيطاليا، يفصلها عن جزيرة سردينيا مضيق بونيفاسيو الذي يبلغ طوله 11 كم. لطالما اعتبرت جزيرة كورسيكا واحدةً من المناطق الإدارية التابعة لفرنسا، إلا أن وضعها الرسمي تغير في عام 1991، من مجرد منطقة إلى جماعةٍ إقليميةٍ، ما أتاح لها قدرًا أكبر من الاستقلالية.
لمحة عن تاريخ جزيرة كورسيكا
- يعود التاريخ المسجل لكورسيكا إلى حوالي 560 عام قبل الميلاد، استوطنها اليونانيون والقرطاجيون إلى أن غزاها الرومان، وبسطوا سلطتهم عليها بعد سلسلةٍ من الحملات الممتدة من عام 259 إلى 163 قبل الميلاد، شكلت جزيرة كورسيكا مع سردينيا مقاطعةً تابعةً للإمبراطورية الرومانية، وازدهرت اقتصاديًّا في ظل الحكم الروماني، كما نشر الرومان فيها لغتهم والتي شكلت النواة الأساسية للغة الكورسيكية الحالية.
- بعد سقوط الإمبراطورية الرومانية، تعاقب العديد من الغزاة على أرض الجزيرة بدءًا من الفاندال واللومبارديين والعرب، ثم خضعت الجزيرة في منتصف القرن السادس الميلادي لسلطة الإمبراطورية البيزنطية، وبعد مرور قرنين من الزمن، أُلحقت الجزيرة بالكرسي البابوي.
- في عام 1077، كلّف البابا آنذاك أُسقف بيزا بإدارة كورسيكا، ثم تحولت كورسيكا لنقطة صراعٍ بين بيزا وجنوة حتى عام 1284، وبين جنوة وأراغون خلال الفترة ما بين عامي (1297- 1434)، لتتمكن جنوة من بسط سلطتها على الجزيرة حتى عام 1729.
- في عام 1729، عصفت بالجزيرة العديد من الاضطرابات عندما تمرّد الكورسيكيون ضد حكم جنوة، واستمر نضالهم حتى تمكنوا أخيرًا من إنشاء الجمهورية الكورسيكية بقيادة باسكوالي باولي في عام (1755)، مع استمرار سيطرة جنوة على بعض المدن الساحلية فقط من الجزيرة. عمل باولي جاهدًا لإنشاء جزيرة كورسيكا الحديثة كدولةٍ ديمقراطيةٍ حظيت بدستورٍ خاصٍّ بها، كما أسس فيها جامعةً ومطبعةً، وقام ببناء البحرية الكورسيكية.
- استمر استقلال كورسيكا حتى عام 1768، عندما أبرم الجنويون صفقةً مع فرنسا تنازلوا بموجبها عن الجزيرة، لتغزو القوات الفرنسية الجزيرة لاحقًا، وتصبح تابعةً للدولة الفرنسية حتى يومنا هذا، باستثناء فترات وجيزة تعرضت خلالها لعدة محتلين:
- الاحتلال البريطاني خلال الفترة (1794-1796).
- الاحتلال الإيطالي والألماني في الحرب العالمية الثانية خلال الفترة (1942-1943).
بعض الحقائق المثيرة حول جزيرة كورسيكا
- تُعد الفرنسية اللغة الرسمية في الجزيرة، يتحدث بها جميع سكان كورسيكا تقريبًا، كما يتقن معظمهم أيضًا اللغة الكورسيكية القديمة (Corsu)، والتي تعتبر لغةً مَحكيةً، أكثر من كونها لغة مكتوبة، وتختلف باختلاف مناطق الجزيرة.
- يُعد الغناء المتعدّد الأصوات من أنماط الغناء الكورسيكية القديمة، والتي تحتفي أغانيها بتراث الجزيرة وماضيها، وتتغنى بتكافل وتضامن سكان الجزيرة في سبيل حياة يكتنفها الوئام والتناغم، ومن أشهر الفِرَق التي تؤدي هذا النوع من الغناء التقليدي وتروّج له فرقة Flietta الكورسكية الشهيرة عالميًّا..
- يقوم الاقتصاد الكورسيكي بشكلٍ رئيسيٍّ على السياحة؛ نظرًا لطبيعة الجزيرة الخلابة وتاريخها الغني، كما تشتهر بتربية الأغنام والزراعة، ولاسيما زراعة العنب والحمضيات والزيتون. تمَّ العمل مؤخرًا على تطوير الزراعة على طول السهول الساحلية الشرقية الخصبة، في حين لا تزال التنمية الصناعية محدودةً، وتركّز على التصنيع الغذائي..
- ينسب البعض جزيرة كورسيكا من باب الخطأ إلى إيطاليا، نظرًا لقربها من البر الإيطالي وجزيرة سردينيا الإيطالية، أكثر مما هو عليه من فرنسا، لكنها تتبع فرنسا في واقع الأمر.
- مرّ على تاريخ كورسيكا الحافل ملكٌ وحيدٌ وهو الألماني ثيودور فون نيوهوف (Theodor Von Neuhof)، الذي قاد تمرد أهالي كورسيكا ضد حكم جنوة في عام 1736، فشلت تجربة نيوهوف، واقتصر حكمه على ثمانية أشهرٍ فقط، فرَّ بعدها هاربًا خارج الجزيرة.
- في عام 1863، اخترع الكيميائي الكورسيكي أنجيلو مارياني (Angelo Mariani) مشروبًا منشطًا مصنوعًا من أوراق الكوكا والنبيذ، عُرف باسم فين مارياني (Vin Mariani)، حقق هذا المشروب نجاحًا باهرًا، وذاع صيته في الولايات المتحدة تحت اسم النبيذ الفرنسي للكولا (French Wine Cola). بمرور الوقت، تطورت صناعة المشروبات الغازية لتنتج في شكلها غير الكحولي والمتعارف عليه حاليًّا، لأول مرة في عام 1885..
أهم الوجهات السياحية في جزيرة كورسيكا
أجاكسيو (Ajaccio)
عاصمة جزيرة كورسيكا، تتربع على خليج أجاكسيو، ما يمنح المدينة إطلالة رائعة على البحر من زواياها المختلفة. تحتفي العاصمة بنابليون بونابرت، أشهر أبناء كورسيكا، على طريقتها الخاصة، فيتوسط ساحتها الشهيرة (de Gaulle) تحفة المعماري يوجين فيوليه لو دوك (Eugene Viollet–Le–Duc)، وهي عبارة عن تمثالٍ يجسد نابليون بونابرت القائد المنتصر على صهوة جواده، ويزين رأسه إكليلٌ من الغار، وقد تمَّ افتتاح هذا النصب التذكاري في عام 1865، ووجه نحو البحر. في عام 1969، واحتفالًا بالذكرى المئوية الثانية لميلاد نابليون، تم تغيير اتجاهه نحو المدينة.
يوجد أيضًا منزل نابليون بونابرت (Maison Bonaparte)، والذي يفتح أبوابه أمام السياح ويعرض العديد من اللوحات والمقتنيات والوثائق التي تخص العائلة، بالإضافة إلى معرضٍ فنيٍّ لإحياء ذكراه يضم مجموعةً من الميداليات والعملات المعدنية التي تصوّر نابليون..
سارتين (Sartène)
من أعرق المدن في جزيرة كورسيكا بلا منازع، والتي تعود بتاريخها للعصور الوسطى، يُطلق عليها "مدينة الفن والتاريخ"، نظرًا لغناها بالعديد من المعالم الأثرية، بدءًا من كنيسة سانتا ماريا أستونا (Santa-Maria-Assunta)، والتي تتميز بواجهتها البسيطة التقليدية أسوةً بباقي الكنائس الكورسيكية، وقصر (des Gouverneurs Génois)، والذي بات يُعرف اليوم بقاعة المدينة، وصولًا إلى متحف ما قبل التاريخ (Musée de la Préhistoire)، كما تحتفل المدينة سنويًّا خلال فصل الربيع بكرنفال دي سارتين، والذي يتضمن العديد من العروض الموسيقية والأنشطة الترفيهية.
مدينة بورتو فيكو (Porto Vecchio)
لا يمكن زيارة جزيرة كورسيكا دون التمتع بشواطئها الساحرة والمثالية للسباحة، والقريبة من بورتو فيكو، ولعل أشهرها شاطئ بالومباغيا (Plage de Palombaggia)، وشاطئ سانتا جوليا (Plage de Santa Giulia)، كما تشتهر المدينة بقلعتها الحصينة التي تعود إلى القرن السادس عشر، يتخللها العديد من الأزقة الضيقة، والممرات المغطاة والساحات الهادئة، والتي تأسر ألباب زوارها لدى تجوالهم فيها.
منطقة كاستاغنيكسيا (Castagniccia Region)
تبعد منطقة كاستاغنيكسيا ذات الطبيعة الجبلية حوالي 50 كم جنوب مدينة باستيا، تشتهر بأشجار الكستناء التي تنمو فيها بوفرةٍ، وبمنازلها التقليدية ذات الأسقف الحجرية، والتي لا يخلو منزل منها من غرف تجفيف الكستناء، بالإضافة إلى العديد من الكنائس ككنيسة سانت بيير (Saint-Pierre) وسانت بول (Saint-Paul).
تعد كاستاغنيكسيا وجهةً مثاليةً لمحبي ممارسة رياضة المشي، الذين يستمتعون بصعود قمة سان بترون (San-Petrone) على ارتفاع 1767م، من خلال المرور عبر العديد من الطرق الجبلية الصخرية وفوق غابات أشجار الكستناء، حيث المناظر الخلابة والسكينة..