أشهر وأهم علماء اللغة العربية في التاريخ
8 د
إن أهم علماء اللغة العربية في التاريخ هم أساس الموروث العربي والإسلامي الذي نحتفي به بشكلٍ كبير. فاللغة العربية هي لغة عظيمة، فهي مسؤولة عن منهجٍ من أهم مناهج التفكير العربي؛ ألا وهو البيان. وتكتسب اللغة العربية أهميتها البالغة من أنّها لغة القرآن، وهي لغة أكثر من 23 دولةً في العالم، كما أنها أحد اللغات الست الرسمية في منظمة الأمم المتحدة العالمية. وبالطبع لا يمكننا نسيان أن اللغة العربية كانت في الماضي لغة العلم التي اجتمع على تعلمها العالم بأسره في عصر الحضارة الإسلامية الذهبي.
لم تعرف اللغة العربية النحو والصرف، بل كانت لغةً محكيةً ترتبط بسليقة ابن الجزيرة العربية وفطرته، وتثريها بيئته بكل ما يناسبها من تعابير وألفاظ. ومع اتساع رقعة البلاد التي سيطر عليها المسلمون، وشروعهم في مشروع دولةٍ فعلي، كثُرت مراسلاتهم، كما قادت الفتوحات شعوبًا لم تعرف العربية لتصبح جزءًا من المجتمع العربي، فأصبحت الحاجة ملحة لضبط قواعد اللغة العربية حفاظًا عليها مما يداخلها. بالطبع لم يكن ذلك ممكنًا لولا وجود قائمةٍ من علماء اللغة العربية الذين وقفوا حياتهم للحفاظ عليها من الشوائب التي قد تخالطها. وفي مقالنا هذا سنقدّم لكم قائمةً من أهم علماء اللغة العربية في التاريخ.
أبو الأسود الدؤلي
ظالم بن عمرو بن سفيان الدؤلي الكناني، المتوفى سنة 69 هـ. كان مشهورًا بالفصاحة، وأجمع المؤرخون واللغويون على أنه أول من وضع علم النحو. ويُروى في ذلك أنّ علي بن أبي طالب أمره بوضع شيءٍ في النحو لمّا سمع اللحن، قال: فأراه أبو الأسود وما وضع، فقال علي: ما أحسن هذا النحو الذي نحوت. وثم سُمّي النحو نحوًا.
يعتبر أبو الأسود الدؤلي من أهم علماء اللغة العربية في التاريخ لأنه قام بتنقيط أواخر الكلمات في القرآن الكريم إثر ما حدث من فسادٍ في الّلغة العربيّة الصّحيحة، إذ اختار لهذا كاتباً ماهراً من بني عبد قيس، واتّفق معه على نهجٍ معين في الكتابة حتّى وضع مِقياساً مُعتمداً استنبطه من كلام العرب. وأكّد الزُّبيديّ هذا في كِتابه (طبقات النّحويّين والّلغويّين) قائلاً: ” هو أوّل من أسس العربيّة ونهج سلبها، ووضع قياسها؛ وذلك حين اضطّرب كلام العرب”. لذلك كان التّنقيط الذي وضعه الدُّؤليّ المبنيّ على وضع الحركات في موضعها الصّحيح ذا أهميّة بالغة في معرفة المرفوعات بالضّم، والمنصوبات بالفتح، والمجرورات بالكسر، ووسمها بالدّلالات التي تميّز كلّ واحدٍ منها، كأن تكون المرفوعات للدّلالة الفاعليّة، والمُبتدئيّة، والخبريّة وهكذا.
الخليل بن أحمد الفراهيدي
المتوفى سنة 170 هـ. من أئمة اللغة والأدب، وواضع علم العروض، وصاحب أول معجم للعربية، وهو معجم “العين”. كان يعرف علم الإيقاع والنغم ففتح له ذلك علم العروض وقيل إنه مرّ بالصفّارين فأخذه من إيقاع مطارقهم. عكف على قراءة أشعار العرب ودرس الإيقاع والنُظُم ثم قام بترتيب هذه الأشعار حسب أنغامها وجمع كل مجموعةٍ متشابهةٍ ووضعها معًا، فتمكن من ضبط أوزان خمسة عشر بحرًا.
كان الخليل بن أحمد الفراهيدي هو من قام بتغيير رسم الحركات من تشكيلات على هيئة نقاط بألوان مختلف عن لون الكتابة. حيث كان تنقيط الإعجام الذي وضعه تلميذا أبي الأسود الدؤلي، المستخدم للتمييز بين الحروف المختلفة كالحاء والجيم والخاء، قد شاع في عصره، فجاء الخليل بن أحمد الفراهيدي وقام بتغيير رسم الحركات للتمييز بين تنقيط الحركات وتنقيط الإعجام. وكان رسمه: “للفتحة ألفًا صغيرة مائلة فوق الحرف، والكسرة ياءً صغيرة تحت الحرف، والضمة واواً صغيرةً فوقه، وإن كان الحرف منونًا كرر الحركة، ووضع شينًا غير منقوطة، وللشدة وضع رأس عين للتدليل على وجود الهمزة وغيرها من الحركات كالسكون وهمزة الوصل”. وبهذا يكون أول من وضع نظام الحركات، ونظام الإعراب فيما بعد.
سيبويه
من أهم علماء اللغة العربية في التاريخ، عمرو بن عثمان بن قنبر الفارسي البصري، المتوفى سنة 180 هـ. ساد أهل عصره في اللغة على حداثة سنّه، سيبوَيْه، الكلمة الفارسية التي تعني رائحة التفاح أو ذا الثلاثين رائحة؛ حيث عُرف سيبويه بهذا اللقب أكثر من اسمه وكنيته الحقيقية التي لم يُعرف بها إلا في كتب التاريخ والتراجم. أما عن سبب تسميته بهذا اللقب فقد تعددت الأقوال في ذلك؛ فهناك من قال إنّه أُطلق عليه لأنّ أمه كانت تغنجه به، وهناك من قال لأنّ وجنتيه كانتا كالتفاح، وقيل أيضًا لأنّ رائحته كانت طيبة، ولأنّه كان دائم الشم لرائحة التفاح. وقيل أيضًا إنّه لُقّب بذلك للطفه ودماثته.
قد انطلق سيبويه يطلب النحو والعربية على يد العلامة الخليل بن أحمد الفراهيدي فنهل منه العلم الكثير حتى أصبح هو نفسه أحد علامات عصره. وكتب كتاباً جمع فيه قواعد النحو والصرف، فحمله ونشره بين الناس تلميذه الأخفش سعيد بن مسعده. ومات سيبويه قبل الانتهاء من إخراجه بشكله النهائي فلم يتسنّى له أن يسميه، فسماه الأخفش “الكتاب”. كما أنّه لم يجعل له مقدمة وخاتمة ولم يقم بتنقيحه، وبالرغم من ذلك فهو يعتبر من أعظم كتب النحو والصرف في الماضي والحاضر، أشاد به وامتدحه معظم النحاة. فكان أول كتابٍ جمعت فيه قواعد الصرف والنحو، وقد تميّز بكثرة المصطلحات النحويّة والصرفيّة التي درجت على ألسنة الناس حتى يومنا هذا.
- اقرأ أيضاً: علماء لهم الفضل في تطوير واثراء اللغة العربية
الكسائي
علي بن حمزة الأسدي الكوفي، المتوفى سنة 189 هـ. سابع القُرّاء السبعة، ويعدّ المؤسس الحقيقي للمدرسة الكوفية في النحو. وله عدة تصانيف منها معاني القرآن وكتاب في القراءات وكتاب النوادر الكبير ومختصر في النحو. قال عنه الشافعي: من أراد أن يتبحّر في النحو فهو عيالٌ على الكسائي.
ابن جني
أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، المتوفى سنة 392 هـ. تتلمذ على يد أبرزِ علماءِ النحوِ، واللغةِ آنذاك، وهو الشيخُ أبو علي الفارسيُّ، فأصبحَ تلميذاً له، ولازمَه نحوَ أربعين سنةً حتى أصبحَ من ورثةِ عِلمِه، كما أنّه تنقَّلَ معه أينما حلَّ، وارتحلَ؛ فرافقَه إلى حلبَ، ومنها إلى دمشقَ، ثمّ بغدادَ. وبعد ذلك لازمَ ابنُ جِنّي الشاعرَ الشهيرَ المُتنبّي، ورافقَه إلى الكوفةِ، ثمّ انتقل إلى شيراز، وعمِلَ هناك في بلاطِ الحاكمِ البُويهيّ، وتوطَّدت علاقتُه بأفرادِ البلاط.
له كتاب “الخصائص” في فقه اللغة، وكتاب “سر الصناعة” في الإعراب. كان صاحب الشاعر المتنبي، ويُعدّ أول من شرح أشعار ديوان المتنبي. وقال المتنبي عنه: “ابن جني أعرف بشعري مني”.
الجوهري
إسماعيل بن حماد الجوهري، المتوفى سنة 393 هـ. مؤلف معجم “تاج اللغة وصحاح العربية” وهو من أقدم ما صُنّف في العربية من معاجم الألفاظ مرتب على الأبواب والفصول.
ابن فارس
أبو الحسين أحمد بن فارس بن زكريا القزويني الرازي، المتوفى سنة 395 هـ. من العلماء الأفذاذ الذين ألفوا في عدة فنون في اللغة والأدب والبلاغة والأصول والتفسير. ومن هذه التصانيف معجم “مقاييس اللغة” وكتاب “اختلاف النحويين” و “تمام فصيح الكلام” وغيرها من الكتب والمؤلفات. ومن أشهر كتبه أيضاً تاج اللغة وصحاح العربية المعروف اختصارا بـ “الصحاح”.
قال عنه ياقوت: كان من أعاجيب الزمان، ذكاءً وفطنةً وعلماً. وصنع جناحين من خشب وربطهما بحبل، وصعد سطح داره، ونادى في الناس: “لقد صنعت ما لم أسبق إليه وسأطير الساعة”، فازدحم الناس ينظرون إليه، فتأبط الجناحين ونهض بهما، فخانه اختراعه، فسقط إلى الأرض قتيلاً.
الزمخشري
محمود بن عمر بن محمد بن عمر الخوارزمي الزمخشري، المتوفى سنة 538 هـ. من أهم علماء اللغة العربية في التاريخ في التفسير والحديث واللغة. له كتاب “الكشّاف” في التفسير اعتنى فيه ببلاغة القرآن وتراكيبه اللغوية، وله كتاب “أساس البلاغة” وهو من أهم قواميس اللغة العربية.
درسَ في بخارى وسمرقند ثمَّ انتقل إلى بغداد ليصحبَ كبار العلماء. ثمَّ انتقل بعد ذلك إلى مكة المكرمة واشتهر هناك بلقب “جار الله”. قال عنه السمعاني: “برعَ في الآداب وصنَّف التصانيف، وردَ العراق وخراسان، ما دخلَ بلدًا إلا اجتمعوا عليه، وتتلمذوا له، وكان علَّامة نسَّابة”. عاد إلى خوارزم بعد ذلك حيث توفي في عاصمتها الجرجانية.
ابن مالك
محمد بن عبد الله بن مالك الطائي الجياني الأندلسي، المتوفى سنة 672 هـ. كان إمامًا في النحو واللغة وعالمًا بأشعار العرب والقراءات ورواية الحديث. وهو صاحب الألفية الشهيرة “ألفية ابن مالك”، وهي منظومة شعرية تضم غالب قواعد النحو والصرف. وقد اعتنى الدارسون بهذا المتن، حفظًا ودراسةً وشرحًا.
تلقى تعليمه على عدد من علماء الأندلس كأبي علي الشلوبين. ثم ارتحل إلى المشرق فنزل حلب واستزاد من العلم من ابن الحاجب وابن يعيش. ومما يذكر عنه أنه كان يسهل عليه نظم الشعر مما جعله يخلف منظومات شعرية متعددة منها الكافية الشافية في ثلاثة آلاف بيتٍ وغيرها.
ابن منظور
جمال الدين محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي، المتوفى سنة 711 هـ. ولد في تونس، وتولّى القضاء في طرابلس. ويتميز ابن منظور بكونه الإمام اللغوي الذي يُحتج بلغته، وعمل في ديوان الإنشاء بالقاهرة قبل أن يتولى قضاء طرابلس، وبعد ذلك عاد إلى مصر، وكان قد ألّف العديد من كتب الأدب مثل: نثار الأزهار في الليل والنهار، ومختار الأغاني، وسرور النفس في مدارك الحواس الخمس، كما اختصر معظم نتاج الأدب كما قال عنه الصفدي. ويُذكر أنّه أُصيب بالعمى في أواخر حياته>
يُعدُّ معجم “لسان العرب” من أشهر المعاجم العربيّة وأطولها، فهو بمثابة موسوعة شاملة لمعاجم اللغة العربيّة من ألفاظها ومعانيها. كما أنّه أكمل المؤلفات التي أُلفت في مجال اللغة العربيّة. وأهم ما يميّز معجم لسان العرب أنّ الكاتب جمع فيه بين المعاجم العربيّة الخمسة السّابقة له في التأليف وهي: تهذيب اللغة للأزهري، والمحكم لابن سيده، والصّحاح للجوهري، وحاشية الصحاح لابن بري، والنهاية في غريب الحديث لعز الدّين بن الأثير، ولكن لم يذكر جمهرة اللغة لابن دريد، مع العلم على أنه رجع إليه بشكل كبير.
ابن آجرّوم
محمد بن عبد الله بن داود الصنهاجي، المتوفى سنة 723 هـ. فقيه ونحويٌ مغربي، اشتهر بكتابه “المقدمة الآجرّومية في مبادئ علم العربية” تناول فيه أبواب النحو والصرف والأصوات والضرورات الشعرية. ويُعتبر من أهم كتب النحو العربية، ويُدرّس في كليات اللغة والشريعة.
اشتهر ابن آجُرُّوم بالتقوى والصلاح ووصفه معاصروه بأنه كان فقيهاً أديباً رياضياً، إماماً في النحو ومتبحراً في علوم أخرى منها التجويد وقراءة القرآن الكريم. قال الكفراوي في حاشيته عنه أنه ألف متن الآجرُّومية تجاه البيت الشريف، وأنه لما ألفه ألقاه في البحر وقال “إن كان خالصاً لله تعالى فلا يبلى” وكان الأمر كذلك.
ابن عقيل
بهاء الدين عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عقيل، المتوفى سنة 769 هـ. من نسل عقيل بن أبي طالب، ولد وتوفي بالقاهرة، ووَلِي منصب قاضي القضاة فيها. له كتاب الشرح الأشهر والمعتمد على ألفية ابن مالك والذي عُرف باسمه “شرح ابن عقيل” في النحو والصرف.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.