عشرة اغتيالات مريعة نفذتها مجموعة الحشاشين التاريخية
7 د
في أواخر القرن الحادي عشر الميلادي ظهرت طائفة دينيّة جديدة عُرِفت باسم الإسماعيلية النزارية بعد أن انشقّت عن الطائفة الشيعية. ولِصَغِر حجمها، تبنّت النزارية مبدأ الاغتيالات التي نفّذها متعصّبون دينيّون كان يُطلَق عليهم اسم الفدائيين. وادّعى خصومهم أنّ هؤلاءِ كانوا شباباً سهلي الانقياد تعرّضوا لغسيل دماغٍ باستخدام الحشيش، ومن هنا نشأ اسم “حشاشين” والذي انتقل للغات الأوروبية ليصبح “Assassins”. ومهما تكن مصداقية هذه الإشاعات، فمما لا شكّ فيه أن الحشاشين كانوا فاعِلين لدرجة مُرعِبة، وأنهم بثّوا الرعب في قلوب المسلمين والصليبيين على حدّ سواء.
10- نظام المُلك
كان نظام المُلك وزيراً متنفِّذاً في الإمبراطورية السلجوقية الكبرى التي امتدّت من تركيا إلى أفغانستان. وفي آخر أيامه، بدأ القائد النزاري حسن الصباح باختراق القلاع الجبلية المنعزلة والاستيلاء عليها، وكان منها قلعة آلموت الحصينة. فصمّم نظام المُلك على مواجهة هذا الخطر الداهم.
في العام 1092، تقدّم عابرُ سبيل صوفيّ من هودج نظام المُلك؛ وكون الأخير معروفاً بتدينه، فطلب من الرجل أن يقترب. وفي الحقيقة لم يكن الرجل سوى قاتل من الحشاشين طعن نظام المُلك بخنجر كان يُخفيه. ووفقاً لرواية ابن خلّكان، فقد حاول القاتل الهرب لكنه تعثّر بحبلٍ، فأدركه حرّاس الوزير وقتلوه.
حامت الشكوك حول خصوم نظام المُلك في البلاط، ولكن تُجمِع معظم كتب التاريخ المعاصرة أن الجريمة نفذها أتباع حسن الصباح. وكتب الجويني أن نظام الملك “كان أول ضحايا الفدائيين الحشاشين.” وهكذا بدأت أسطورة الحشاشين.
9- فخر المُلك
فتحَ مقتل نظام المُلك باب عداوةٍ لم ينغلق بين عائلته والحشاشين. وفي العام 1106 قُتِل ابنه فخر المُلك. فعندما كان في طريقه إلى صلاة المغرب استوقفه شابٌ يبكي وناوله مَظلِمته. وبينما كان الوزير ينظر في المظلمة، أخرج الشاب خنجراً وطعنه حتى الموت.
ولكن عمل القاتل لم ينتهِ بقتله نفسه. وذكر المؤرخ ابن الأثير أنه تمّ القبض على القاتل وتعذيبه فأدلى باعترافات مكذوبة تُدين بعض أتباع فخر المُلك المقرّبين. فتمّ إعدام هؤلاء، ولكن تبيّنت براءتهم فيما بعد. إذاً نجحَ كذِبُ الحشاشِ القاتل بإرسال هؤلاءَ لحتفهم.
لسوء حظ الحشاشين، تعلّمت العائلة من أخطائها. وعند إلقائهم القبض على حشاش آخر خلال محاولته قتل أحمد أخا فخر، جرّعوه كميات كبيرة من الخمر. وفي غمرة سُكره لم يستطع أن يقدم قصة متماسكةً وزلق لسانه بذكر مكان مخبأ الحشاشين في المدينة.
8- أحمد بن إبراهيم الكردي
مع تضخّم قوتهم اكتسب الفدائيون خبرةً أوسع في فنون الاغتيال. وتعلّم الأمير أحمد بن إبراهيم الكردي هذا الدرس على حساب حياته. فعندما حاول قاتل حشاش طعنه، صارعه الأمير القوي وأوقع الخنجر بعيداً. فهاجمه قاتلٌ آخر ولكن حرّاس الأمير قتلوا كِلا المُهاجمَين.
تنفّس الجميع الصعداء لظنّهم أن الخطر قد زال. وفي تلك اللحظة اقتحم الجموع قاتلٌ ثالث وعاجَلَ الأمير بطعنةٍ فقتله.
ووفقاً لديفيد كوك David Cook، “تنقل الروايات التاريخية تعجّب الناس من هجوم القاتل الثالث بعد رؤيته مصرعَ صاحبَيه.”
7- عبيد الله الخطيب
دبّ الذُعر في صفوف خصوم الحشاشين، وحُقّ لهم.
كان قاضي أصفهان الشرعي عبيد الله الخطيب يرتدي درعاً تحت ثيابه، وكان يتحرّك محاطاً بمجموعة حراس.
ولكن خلال صلاة الجمعة، اخترق قاتل حشاش طوقَ الحراسة وأردى القاضي قتيلاً أمام جَمع المصلّين المذعورين.
لم يسلَم الحُكّام من التهديد. ووفقاً للجويني فقد استيقظ السلطان سنجار ذاتَ يومٍ ليلقى خنجراً مغروزاً في الأرض جانب سريره. تلقّى بعد ذلك رسالةً من حسن الصباح محذِّراً إياه أن الخنجر “كان من الممكن أنْ يُغرَس في صدرك.” فهم سنجار الرسالة جيداً، فترَك الحشاشين وشأنهم بقية فترة حكمه.
6- أبو طالب السُميرَمي
احتاج الحشاشون لتوظيف خدع معقدة للوصول للشخصيات المهمّة. على سبيل المثال، كان الوزير أبو طالب السميرمي لا يتحرك إلا محاطاً بحرسه الخاص والجنود.
وذات يوم هاجم الوزيرَ حشاشٌ قاتل وسدّد إليه طعنةً أخطأته، فولّى هارباً وطار الحراس في إِثرِه تاركين الوزير بحماية ضعيفة. وعندها وثبَ حشاشان من مخبأهما وذبحاه “كما تُذبح الشاة.”
في مناسبات أخرى، وظّف الحشاشون تكتيكات القوة الوحشية. فقد هاجم مرة أحد عشر فدائي أميراً مُقاتِلاً في مسجدٍ بالموصل. ورغم أن الأمير دافع عن نفسه وجرح ثلاثةً من المهاجمين، لكن غلبت الكثرةُ القوّة وقُتِل.
5- ريمون الثاني كونت طرابلس
عند وصول الصليبيين للأراضي المقدسة، سرعان ما علِموا بوجوب الحذر من الحشاشين. ويُعتقد أن أول ضحاياهم من الأوروبيين المميّزين هو كونت طرابلس ريمون الثاني.
وفقاً للمؤرّخ ويليام الصوري، ولبذاءة طباع ريمون، نشب خلاف بينه وبين زوجته التي أرسلت في طلب أختها ميليسيندا ملكة القدس. وقامت الملكة باستخدام سلطتها وفرضت على ريمون ترك أختها تعود معها إلى القدس. رافقهم ريمون لعدّة أميال ثم قفِل عائداً إلى طرابلس.
وعند مروره عبر البوابة، دخل في ممرّ ضيّق بين الحصن الأمامي والجدار حيث قبع حشاشان في انتظاره. ولعجز معظم حرّاسه عن الوصول إلى المكان، كان ريمون قد طُعن حتى الموت مع فارسَين آخرَين. وما تزال دوافع عملية اغتياله مجهولة.
4- كونراد دي مونفيراتو (كونراد الأول، ملك القدس)
باغتيالهم كونراد دي مونفيراتو أرسى الحشاشون دعائم سمعتهم في أوروبا. كان كونراد محارِباً شديد البأس، وبُعَيد تتويجه ملكاً على القدس كمَن له وأرداه قتيلاً حشاشان أرسلهما رشيد الدين سنان، المُلقّب بـ”شيخ الجبل” مُترأّس حشاشي سوريا.
وتبقى مجهولةً دوافعُ رشيد الدين لقتل كونراد. لكن النظرية الأكثرُ تداولاً هي أن اغتيالَ كونراد جاء بتفويضٍ من خصمه ريتشارد قلب الأسد. وفي طريق عودته من الحروب الصليبية، أُلقي القبض على ريتشارد في ألمانيا واتُّهِم بمقتل كونراد.
ولحسن حظ ريتشارد، وصلت رسائل لعدّة حكام أوروبيين من شخصٍ يزعم أنّه رشيد الدين. وضّحت الرسالة كيف أن رشيد الدين أمر بقتل كونراد لاستيلائه على سفينةٍ تخصّ الحشاشين. وليس مفاجِئاً أن أغلب المؤرخين المعاصرين يعتقدون أن الرسالة زيّفها أنصار ريتشارد، وخصوصاً أن رشيد الدين كان متوفىً وقتها!
3- مودود بن التونتكين أمير الموصل
إجمالاً، فقد أفادَ الحشاشون الصليبيين أكثرَ مِمّا أعاقوهم، كونَ خصومهم الرئيسيين كانوا دائماً المسلمين الآخرين. حتى أنّ رشيد الدين سنان اقترح إقامة حلفٍ مع ملك القدس عموري الأول. ولكن رسولَه قُتِلَ على يد فرسان الهيكل الذين لم يرغبوا بانقطاع مورد الرشاوي التي كانوا يبتزّونها من الحشاشين لكيلا يهاجموا حصونهم.
وبعد أن سقطت القدس في الموجة الأولى من الحروب الصليبية، أرسل السلاجقة قوّة لاستعادتها تحت إمرة مودود أمير الموصل. ولكن قوبلت هذه الحملة بالرفض من قِبل الحاكمَين المسلمَين رضوان ملك حلب وأمير دمشق ظاهر الدين طغتكين اللذان شعرا بالتهديد السلجوقي أكثر من الصليبي.
وللريبة، فكلا الحاكمَين كان على صِلات جيدة بالحشاشين.
اغتيل مودود في دمشق على يد الحشاشين، ما أنهى حملته. ولم يتقبّل عوام المسلمين هذه الجريمة، وفي نهاية المطاف قاموا بطرد الحشاشين من كِلا المدينتين.
2- آق سنقر البرسقي
ربما تكون فكرة استخدام الحشاشين للحشيش قبل مهامهم كذبةً أشاعها خصومهم. ويبدو أن لدى هؤلاء الفدائيين إيمانٌ عميقٌ دفعهم للمخاطرة بحياتهم دون خوف. فعلى سبيل المثال، في العام 1126 تخفّى مجموعة من الحشاشين بهيئة متصوّفة وتسللوا إلى مسجد الموصل وقت صلاة الجمعة. وحالما أصبحوا في الداخل، استلّوا خناجرهم المخفية وطعنوا الحاجب آق البرسقي حتى الموت.
وحسبما نقل المؤرخ ابن النديم، فقد طار الخبر بمقتل جميع أفراد مجموعة الاغتيال، والذي دفع عائلاتهم للاحتفال بأن مات أبناؤهم كشهداء. ولكن تبين أن أحد أفراد المجموعة قد نجا وعاد لأمه التي “فُجِعت” بمرآه على قيد الحياة “وشدّت شعره وسوّدت وجهها.”
1- الخليفة الفاطمي الآمر
ويعود جزء كبير من صيت الحشاشين السيء للزعم الواهي بمسؤوليتهم عن اغتيال خليفتَين عباسيين.
صحيح أن حينها كان أعلى هرم الحكم في الإسلام السني هو الخليفة في بغداد، لكن هؤلاء تحولوا لِدمىً يحرّكها السلاجقة الترك.
وعندما تمرّد الخليفة المسترشد على السلاجقة، هزمه وألقى القبض عليه السلطان مسعود. وعلى ما يبدو، اخترق الحشاشون جيش السلطان مسعود وقتلوا المسترشد بوحشية.
يشكّك بعض المؤرخين بإمكانية حصول الجريمة دون تعاون السلطان مسعود نفسه. وربما يكون مسعود استخدم ورقة الحشاشين بمكرٍ لِعدم قدرته على قتل الخليفة بنفسه، لِما سيسببه ذلك من قلاقل دينية.
وإذا أخذنا بعين الاعتبار كره النزاريين (الحشاشين) للعباسيين، وفخرهم بسمعتهم الرهيبة، فلم يكن من مصلحة الحشاشين أن يخفوا مسؤوليتهم عن الجريمة.
ونفس الغموض يكتنف مقتل ابن المسترشد، الخليفة الراشد الذي اغتاله الحشاشون خلال ثورته على السلاجقة.
على كل حال، فالراجح أن الحشاشين هم وراء مقتل الخليفة الفاطمي الآمر بأحكام الله.
وعلى الرغم من كون الفاطميين والحشاشين من الشيعة الإسماعيلية، فقد انقسموا إلى طوائف مختلفة متنافرة.
يُعتقَد أن الآمر هو من أطلق على النزاريين تسمية “الحشاشين”، وقتلته مجموعة اغتيال منهم في العام 1030.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.