على بُعد نقرة واحدة.. تطبيقات غير آمنة للأطفال في متجر آبل!
4 د
تعرّض تقرير مستقل لأكثر من 200 تطبيق يُعتبر غير ملائم لفئة 4+، ما أثار شكوكاً بمدى دقة نظام تصنيف أبل.
أكّدت أبل رفضها أكثر من 100 ألف تطبيق خلال خمس سنوات، لكنها تُقر بصعوبة التدقيق في الكم الكبير من التطبيقات.
تُعد إيرادات متجر أبل مصدراً مهماً للشركة، إذ بلغت 26 مليار دولار في 2023 مع هامش ربح ضخم قدره 80%.
رغم ادعاءات اعتماد "سياسات صارمة"، تواجه أبل أيضاً اتهامات بشأن استخدامها "معادن ملطخة بالدماء" في تصنيع بعض الأجهزة.
مرة جديدة، تجد شركة أبل نفسها تحت مجهر الانتقاد بسبب تقرير مثير للجدل يزعم وجود مئات التطبيقات المصنّفة ضمن الفئة العمرية 4+ على متجرها الرقمي، رغم احتوائها على محتوى يُوصف بأنه غير مناسب للأطفال. يتزامن هذا مع تصاعد أصوات تنتقد استخدام الشركة لما يُعرف بـ"المعادن الملطخة بالدماء" في تصنيع بعض أجهزتها. فهل ستتمكن أبل من تجاوز هذه العاصفة المتصاعدة في عالم التقنية؟
تقرير يثير الجدل
نشرت صحيفة "وول ستريت جورنال" تقريراً موسعاً استند إلى دراسة أجرتها منظمتان غير ربحيتين تُعنيان بسلامة الأطفال، هما "Heat Initiative" و"ParentsTogether Action"، بالتعاون مع باحث مستقل. ركّزت الدراسة على تقييم أكبر عدد ممكن من التطبيقات في غضون 24 ساعة، وتوصّلت إلى أن أكثر من 200 تطبيق، مصنّفة رسمياً كـ"مناسبة للأطفال"، تتضمن محتوى يُفترض عدم تعريض الصغار له.
لم تقتصر القائمة على ألعاب تحوي العنف أو التلميحات الجنسية، بل شملت كذلك تطبيقات مخصصة للتواصل مع غرباء، وأخرى يستخدمها المراهقون للتفاعل مع ذكاء اصطناعي يُقدّم نفسه على هيئة "صديقة افتراضية". بل وصل الأمر إلى وجود تطبيقات تقيّم مظهر المستخدم بعبارات قد تكون جارحة. ووصفت المنظمتان هذه النتائج بأنها "مقلقة" لأن ما جرى رصده في غضون ساعات محدودة قد يكون مجرد عيّنة من مشكلة أوسع.
رد أبل الرسمي
من جهتها، تسلّط أبل الضوء على نظامها الخاص بتصنيف الفئات العمرية 4+، 9+، 12+، وغيرها مؤكدة أنها تمنع ظهور المحتوى العنيف أو الجنسي الصريح أو اللغة غير اللائقة ضمن هذه الفئات. وتقول الشركة إنها تشترط على المطوّرين تحديد الفئة المناسبة لتطبيقاتهم، كما تُخضع طلبات الإضافة والمراجعة لتدقيق صارم. ووفقاً لمتحدث باسم أبل، فقد جرى رفض أكثر من 100 ألف تطبيق خلال السنوات الخمس الأخيرة لمخالفة المعايير.
ورغم تأكيدها على "الحرص الشديد" لحماية الأطفال، تعتمد أبل في النهاية على المطورين لتحديد التصنيف الأولى لتطبيقاتهم، قبل أن يتولى فريق المراجعة في الشركة التدقيق النهائي. لكن موظفين سابقين في هذا الفريق أكّدوا لصحيفة "وول ستريت جورنال" أن عبء العمل الكبير قد يؤدي إلى مرور بعض التطبيقات المثيرة للجدل من دون اكتشاف مشكلاتها الحقيقية.
إيرادات ضخمة وأزمة المعادن
يُعتبر متجر أبل الرقمي أحد أهم مصادر الدخل لدى الشركة، إذ تشير تقديرات المحلل مارتن يانغ في شركة "أوبنهايمر" الاستثمارية إلى أن إيرادات المتجر بلغت نحو 26 مليار دولار في السنة المالية 2023، مع هامش تشغيل يصل إلى 80%. وبالرغم من تخفيض عمولة أبل إلى 15% على بعض التطبيقات الصغيرة وخدمات الاشتراك، لا تزال النسبة الأساسية 30% تطبّق على شرائح واسعة من المطوّرين، الأمر الذي يُدرّ أرباحاً طائلة.
وبينما تُواجه أبل هذه الانتقادات المتعلقة بتصنيف التطبيقات، تطل مشكلة أخرى قد لا تقل خطورة، تمثلت في اتهامات باستخدام "معادن ملطخة بالدماء" في بعض منتجاتها. جاء هذا الوصف لوصف الوضع في دولٍ تشهد نزاعات مسلحة يُقال إنها توفر المعادن الثمينة لمصنّعي الإلكترونيات، وقد تعهدت شركات عدة—من بينها أبل—بالعمل على مراقبة سلسلة التوريد بشكل صارم للتأكد من خلوّها من انتهاكات حقوق الإنسان. ومع ذلك، تظل الاتهامات مثار جدل واسع، مما يزيد الضغوط على أبل لتبرير مكانتها كشركة تتبنى قيم "النزاهة والمسؤولية الاجتماعية".
فريق المراجعة... المهمة الصعبة
وفق مصادر داخلية، يعمل فريق مراجعة التطبيقات لدى أبل تحت ضغط كبير لإنجاز كميات ضخمة من التقييمات يومياً. وبحسب موظفين سابقين في هذا الفريق، فإن سرعة المراجعة قد تأتي على حساب التدقيق في التفاصيل، ما يؤدي أحياناً إلى إخفاق في اكتشاف محتوى قد يكون خطيراً أو مضلّلاً.
وبينما يرى البعض أن هذا الوضع طبيعي في ظل العدد الهائل من التطبيقات التي تُقدَّم يومياً، يؤكد آخرون أن الحل يكمن في زيادة عدد المراجعين أو استخدام تقنيات ذكاء اصطناعي أكثر تقدماً لرصد المحتوى غير المناسب في مراحله المبكرة. ورغم أن أبل تعتمد بالفعل على أدوات تقنية لكشف أي مخالفات واضحة، فإن الاعتماد الرئيسي يظل على العنصر البشري.
هل يكفي "تحذير الأهل"
يرى متخصصون في علم نفس الطفل أن مجرد تحذيرات مثل "يجب على الأهل مراقبة المحتوى" لم تعد كافية، خاصة أن هذه التطبيقات تلجأ أحياناً إلى أساليب تسويقية جذابة تُغري الأطفال بالتحميل والاستخدام. في المقابل، يشير مطوّرون مستقلون إلى أن سياسات أبل الصارمة في بعض الجوانب تُصعّب عملية إدراج تطبيقات سليمة 100% دون وقوع أخطاء تصنيف، ما قد يضر ببعض الأعمال الناشئة في سعيها للوصول إلى جمهور الأطفال.
ومع ارتفاع وتيرة هذه الانتقادات، يبقى التساؤل مطروحاً حول مدى قدرة أبل على تعزيز إجراءاتها الرقابية لتواكب نمو عدد التطبيقات وتنوعها، فضلاً عن إيجاد آلية فعالة لفرز المحتوى المناسب للأعمار الصغيرة من ذاك الذي ينطوي على مخاطر أو مضامين لا أخلاقية.
وسط هذه الضجة الكبيرة، تظل أبل مطالَبة بإثبات أن وعودها بشأن خصوصية المستخدم وسلامة الأطفال ليست مجرد تصريحات تسويقية. فمن الواضح أن الشركة تتعرض لاختبار صعب في هذا التوقيت الحرج، حيث باتت الشفافية والإجراءات الوقائية في صدارة الأولويات بالنسبة للخبراء والمنظمات الحقوقية. إن النجاح في معالجة هذه الإشكاليات لن يقتصر على الحفاظ على سمعة أبل فحسب، بل قد يشكل أيضاً نموذجاً يحتذى به في عالم التقنية بأسره.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.