قريبًا..أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة في واتساب ستغيّر طريقة تواصل الشركات معك

العنوان العريض هنا هو أن واتساب بات يجرّب حزمة جديدة من الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي والمصممة خصيصاً للشركات. إذا سبق لكم الاطلاع على النسخة التجريبية للأندرويد، فربما سمعتم بهذه الفكرة مسبقاً: بإمكان أصحاب الشركات الآن ربط حسابهم على واتساب مع حلول ذكاء اصطناعي بمجرد مسح رمز الاستجابة السريعة (QR) بخطوة بسيطة. قد يتبادر إلى الذهن سؤال: هل هناك فعلاً حاجة لمزيد من الأتمتة في الرد على العملاء؟ لكن كلما تعمّقت في التفاصيل، أدركت أن هذه الميزة قد تخدم العديد من المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تعاني من ضيق الوقت والموارد لإدارة استفسارات العملاء طوال اليوم.

بمجرد تفعيل ربط التطبيق بالذكاء الاصطناعي، تبدأ الردود التلقائية بالانسياب على رسائل العملاء في حال غياب العنصر البشري، سواء كان ذلك بسبب انتهاء ساعات العمل أو ازدحام المهام. عند قراءة ذلك للوهلة الأولى، قد ينتابك شعور بالشك: من يودّ أن يتحدث مع روبوت عندما تكون لديه استفسارات دقيقة؟ لكني الفكرة تثير الإعجاب بفضل الشفافية التي تتبناها ميتا، حيث يُشعَر العميل مسبقاً بأنه يتفاعل مع نظام آلي. وعندما تود الشركة استعادة زمام المحادثة، يتراجع الذكاء الاصطناعي فوراً مفسحاً المجال للموظف البشري.

من الأشياء اللافتة أيضاً أن هذه الردود المدعومة بالذكاء الاصطناعي لا تقتصر على معلومات عامة فحسب، بل يمكنها تقديم اقتراحات بديلة أو توصيات مُخصصة، كأنها موظف مبيعات متمرّس متاح على مدار الساعة. بطبيعة الحال، الذكاء الاصطناعي ليس معصوماً من الخطأ، وقد تصلكم إجابة غير دقيقة أو بعيدة عن السياق. وهنا تأتي أهمية ميزة التعقيب: إذ تسمح للشركات بتقديم ملاحظاتها لميتا بهدف تحسين الخوارزميات تدريجياً.

ميزة أخرى لافتة في هذه النسخة التجريبية تتمثل في إمكانية ربط تطبيق واتساب للأعمال بمنصة الأعمال (Business Platform) لدى ميتا عبر مسح نفس رمز الاستجابة السريعة،  قد تُعطي هذه خاصية دفعة كبيرة لأي صاحب مشروع اعتاد التنقُّل بين منصاتٍ عدة للتواصل مع زبائنه. ليس هذا فحسب، بل يمكنكم أيضاً نقل ما يصل إلى ستة أشهر من سجلّ الدردشة إلى التطبيق أثناء عملية الربط—مع استثناء الدردشات الجماعية للأسف، وهو تفصيل قد يزعج بعض المستخدمين إذا كانت لديهم مراسلات مهمة داخل المجموعات.

أهم ما في هذا الجانب هو تسهيل إدارة الحسابات عبر واجهتين مختلفتين في وقت واحد، ما يُقلِّص فرصة فقدان معلومات العملاء أو تجاوز بعض الرسائل المهمة. في عالم مزدحم بالتطبيقات والخدمات، أجد هذه الخطوة بمثابة بوابة لتجربة أكثر تكاملاً وربطاً بين مختلف منصات ميتا.

كل من يتابع الدؤوبة لمستجدات الذكاء الاصطناعي، لن يتفاجئ كثيراً بأن واتساب بدأ يقدم أدوات متطورة على هذا النحو. في ظل الحديث المتزايد عن “Meta AI” وخدماته الجديدة التي تسمح لك بإرسال رسائل للحصول على معلومات موسّعة، ناهيك عن إمكانية الاتصال بـ”شات جي بي تي” (ChatGPT) هاتفياً في الولايات المتحدة أو عبر واتساب، يبدو جلياً أن ميتا تراهن على دمج الذكاء الاصطناعي في حياتنا اليومية ليخدم الأفراد والشركات على حدّ سواء.

ومع ذلك، نعم،  قد توفر هذه الأدوات دعماً فورياً وتعالج الأسئلة الشائعة، لكن لا ينبغي الاستغناء عن العنصر البشري تماماً، خاصة في الحالات التي تتطلب تعاطفاً أو فهماً أعمق لظروف العميل. على الجانب الآخر، من الواضح أنه سيوفّر الاعتماد على روبوتات الدردشة الكثير من التكاليف ويضمن تواجداً دائماً للعملاء، وهذا أمر قد لا يستطيع حتى الفريق البشري المثالي تحقيقه على مدار الساعة. ولذا من المرجح أن تعتمد الشركات الكبرى نهجاً مختلطاً يجمع بين الأتمتة والموظفين المتمرّسين، كي لا تفقد الرابط الإنساني في خدمة العملاء.

في نهاية المطاف، يسير واتساب بتحديثاته الجديدة بخطى واثقة نحو أن يصبح أكثر من مجرد منصة للرسائل الفردية والعائلية؛ إنه يتحول إلى أداة أعمال متعددة الاستخدامات، تعتمد على الذكاء الاصطناعي لسد الثغرات التي يصعب على العنصر البشري تغطيتها. وإذا واصلت ميتا تطوير هذه التقنيات وتحسينها بناءً على ملاحظات المستخدمين، فأنه قد يصبح واتساب الخيار الأول للشركات بمختلف أحجامها، خصوصاً تلك التي تتطلّع إلى إدارة خدمة عملاء سريعة وفعّالة في سوق لا ينام.