ماسك وزوكربيرغ حكّام العالم الافتراضي.. هما يأمران ونحن ننفذ!
6 د
مع بداية القرن الواحد والعشرين، نشأت شخصيتين بارزتين على مسرح التكنولوجيا العالمي ليغيّران طريقة تفاعلنا مع العالم. إيلون ماسك المراهق الذي تحول إلى رائد فضاء، ومارك زوكربيرغ الطالب الجامعي الذي أصبح ملك منصات التواصل الاجتماعي. ليصبح هذان الشخصان العاديان قطبين رئيسيين في العالم الافتراضي.
هما يأمران ونحن ننفذ! قد يرى البعض هذا الموضوع مخيفًا، بينما يسلّم البعض الآخر بالأمر الواقع ويتحولون إلى جنود في عالمهما الافتراضي. لكن لنكن واقعيين؛ المستقبل الذي نتجه نحوه بسرعة قد يكون محكومًا بشكل أكبر بواسطة هؤلاء الحكام الجدد.
سندخل في المقال التالي في قلب الصراع بين زوكربيرغ وماسك، وسنكتشف كيف يمكن أن تشكل أحلامهما وأفكارهما العالم الذي نعيش فيه والذي قد يأتي.
كيف بدأ الخلاف بين عملاقي التكنولوجيا؟ وكيف أثر على واقعنا الافتراضي؟
بدأ الخلاف بين ماسك وزوكربرغ عندما توقفت إحدى الأقمار الصناعية التابعة لشركة ميتا التي يمتلكها مارك زوكربيرج، إذ أشارت أصابع الاتهام وقتها إلى إيلون ماسك كونه المنافس الأقوى لمارك زوكربيرج والعدو الأول لعالم الواقع الافتراضي (ميتافيرس). فمارك يعتبر نفسه بطل رواية الواقع الافتراضي، وينظر إلى مستقبل يتسم بوجود ميتافيرس واقعي يحدث فيه كل شيء، بحيث يمكن للناس أن يعيشوا ويعملوا ويتفاعلوا دون الحاجة إلى التحرك من مكانهم.
يظن مارك أن مفهوم حياتنا سيتغير كليا بعد حوالي 10 أو 20 سنة من الآن بفضل هذه الظاهرة. وأن العالم سيتواصل فقط من خلال هذه العوالم لما ستوفره من وقت وجهد على البشر. وقد بدأ بالفعل الترويج لمبدأ العالم الافتراضي في الألعاب وتطبيقات التواصل الاجتماعي. هذا الأمر ما يعتقده إيلون ماسك ضربًا من ضروب الخيال، قائلًًا أن البشر لا يمكن أن يتخلوا عن التواصل العميق والحي مع البشر مقابل عالم افتراضي لا يعلمون ماهيته بعد. ورد زوكربيرج على ذلك قائلًا: "إن معلومات إيلون عن ذلك الأمر محدودة" مدعيًا أنه ليس على علم بعد بما توصلت إليه شركته في البحث وما يمكنها القيام به لتغيير حياتهم.
زوكربيرغ والميتافيرس مقابل ماسك ونيرولينك! من الأقوى؟
إن ما يمكن أن يحدثه العالم الافتراضي من تباعد اجتماعي وأمراض نفسية مزمنة لا يمكن عده وإحصائه في مقال واحد، فظاهرة كذلك إن انتشرت يمكن أن تجعل أيام شبيهة بالحجر الصحي وقت كوفيد هي الحالة الدائمة والسائدة في العالم. فيصبح العمل والتسوق وحتى اللعب هي نشاطات يمكنك القيام بها من كرسيك في المنزل دون أن تحرك ساكن، وهو الأمر الذي يقيم به ماسك والآخرين -من معارضي عالم الواقع الافتراضي- حجتهم ضد انتشار وتطوير مثل هذه الظاهرة.
من ناحية اخرى، قطع إيلون ماسك شوطًا كبيرًا في شركته neurolink لتطوير شرائح عصبية تمكنك من إدارة أي هاتف محمول أو جهاز الكتروني بواسطة مخك! ويزعم إيلون أن الهدف من هذه الشريحة هو اختراع روبوت صغير يمكنه القيام بعمليات دقيقة في المخ قد تستطيع في القريب العاجل شفاء أمراض كان من المستحيل علاجها كالعمى. وعندما سئل زوكربيرج عن رأيه في هذا التقنية صرح بأن الناس لن تحتاج إلى مثل تلك الشرائح، فشركته تعمل على تطوير برمجيات يمكنها أن تجعلك تراسل الأخرين من خلال تحريك يدك فقط!
وكما يبدو أن كل ما يحدث ما هو إلا حملة تسويقية ذكية وغير مسبوقة، والجمهور حول العالم يقف ويتفرج في محاولة بائسة لفهم ما يجري من حوله.
سلسلة الخلافات بين ماسك وزوكربيرج لا تنتهي!
تشتعل الأضواء على المنافسة الشديدة بين قادة عالم التكنولوجيا والابتكار إيلون ماسك ومارك زوكربيرج أكثر فأكثر. إذ تتميز هذه الخلافات بحدتها والدراما المرافقة لها. فمن بين الأحداث المثيرة، انتقاد ماسك لدمج زوكربيرج فيسبوك وماسنجر وإنستاغرام وواتساب، إذ وصفه مارك حينها بالـ "مؤمن بنظرية المؤامرة"، وتصاعد الخلافات بعد ذلك لتشمل الانتقادات القاسية التي وجهها ماسك لفيسبوك.، فهو "ممل وغير مجدي" على حسب قوله.
قام ماسك بإزالة حسابات شركاته تيسلا وسبيس إكس من فيسبوك، معتبرًا أنهما لم يقدما الفائدة المرجوة. كما اعترف ماسك بأن قمر سبيس إكس الصناعي كان سببًا في تعرض أقمار زوكربيرج للضرر، وقدم بالمقابل خدمة البث المجاني عبر أقماره. لتنتهي خلافاتهما مؤخّرًا بإطلاق زوكربرغ لتطبيق ثريدز، الذي اتّهم باستنساخ تويتر والتعدّي على الحقوق الفكرية.
تطوّر الخلاف والتهديد بنزال في قفص
منذ انطلاق موقع ثريدز الجديد بعد شراء ماسك لتويتر، وأصبح شغل ماسك الشاغل هو السخرية من الموقع وصاحبه، حيث أطلق أتباع ماسك لقب الفتى السحلية "lizard boy" على زوكربيرج. فتارةً يسخر مارك منه ومن رجولته وقدراته البدنية، وتارة يسخر من ثروته ويقارنها بخاصته التي تساوي الضعف أو أكثر. وعندما يريد أن يؤثر بقوة في الرأي العام يتحدث عن مدى النفوذ التي يتمتع به في العالم مشيرًا إلى الملايين التي قامت بإنشاء حساب خاص بها على ثريدز فور صدوره.
حتى حذر أحد المغردين ماسك مازحًا "مارك زوكربيرج يمارس الجوجيتسو". رد ماسك بتعليق مبينًا أنه يود لو خاض نزال في قفص مع مارك، ليرد مارك قائلًا "أرسل لي الموقع". لا نعلم حقًا إذا كان الاثنان جادين بخصوص ذلك النزال، فالأرجح أنه مجرد مزاح، لكن كُثرُ يطمعون في أن يكون حقيقة لكونه أمرٌ مربح بالنسبة لهم وترويج هائل لساحة القتال التي قد يحدث فيها النزاع، وقد يكون كل ذلك الخلاف مجرد بروباجاندا من العيار الثقيل حتى يروج كل من رجلي الأعمال لمشاريعهم.
هل يحل "ثريدز" حقا مكان تويتر؟
لا شك أن ثريدز يشكل خطرًا حقيقي بالنسبة لتويتر ومالكه إيلون ماسك، والدليل على ذلك حصوله على مئة مليون مستخدم فقط في الأسبوع الأول من إصداره. كما أن التطبيق يمتلك جميع الصفات والمزايا التي يمتلكها تويتر مع مساحة وحرية أكثر في النشر. على سبيل المثال: سنجد أن عدد الحروف المسموح بها علي تويتر للتغريدة الواحدة 280 بينما على ثريدز 500. كما أن ثريدز يسمح برفع مقاطع مرئية أكبر حجمًا مقارنة بتويتر التي لا تتجاوز فيه مقاطع الفيديو دقيقتين و20 ثانية، بينما في ثريدز يمكن تحميل مقاطع فيديو مدتها خمس دقائق.
وذلك النسخ الكبير لتويتر من قبل شركة ميتا جعل ماسك أما طريقة واحدة لإيقافه عن حده بالقانون. فهدده برفع دعوى قضائية لسرقة الملكية الفكرية من قبل شركة ميتا وزوكربيرج. وفي إحدى تعليقاته على الأمر قال ماسك "التنافس لا بأس به أما السرقة فلا" مشيرًا ان ما تقوم به شركة ميتا منذ صدور ثريدز ما هو إلا انتهاك لحقوق الملكية الفكرية ونسخ ولصق لنجاحات سنين أحدثها تويتر. فهل يواصل ثريدز نجاحه أم هو مجرد فقاعة ستنفجر قريبًا؟
هل وقعنا في فخ الإدمان الرقمي؟
كثيراً ما يصف الناس عصرنا الحالي بأنه "عصر الرقميات"، ولكنمن الأجدر القول بأنه "عصر ماسك وزوكربيرغ" إذ يملك هؤلاء العملاقان القدرة على التأثير في سلوكياتنا اليومية، إذ يوجهان بشكل حقيقي سلوك المستخدمين في العالم الافتراضي. ففي كل مرة نتفاعل فيها مع فيسبوك أو نغرّد على تويتر، نسير وراء الرؤى الطموحة لزوكربيرغ وماسك. والآن يمكننا رؤية هذا التنويم المغناطيسي الرقمي بوضوح عندما ندرك كيفية الإفراط في استخدام التطبيقات والخدمات التي يقدمانها.
تنطلق هذه الخدعة الرقمية من استغلال الإحساس بالمكافأة والتشويق لدى المستخدمين. إذ يتم التلاعب بنا لنشعر بالرغبة الشديدة في التفاعل والإعجاب والمشاركة والتعليق. وبذلك يتحول استخدام الوسائل التكنولوجية من الفائدة والتسلية إلى عادة قد تصل إلى حد الإدمان. ويمكن أن يكون لهذه الإدمانات الرقمية آثار سلبية على الصحة العقلية والجسدية، بالإضافة إلى تأثيراتها على العلاقات الاجتماعية.
وفي النهاية، يعود الأمر إلينا كمستخدمين لتحديد الحدود بين استخدام تكنولوجيا ماسك وزوكربيرغ للفائدة والترفيه وبين الوقوع في فخ الإدمان الرقمي.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
شركة اصفان هي شركة رائدة في مجال الواقع الافتراضي والواقع المعزز والميتافيرس للمزيد عن الشركة الرجاء زيارة الموقع التالي:
https://asfanco.com/virtual-reality/ar/
الأمر -كما ذكرت الكاتبة- يعود للمستخدمين و مدى وعيهم بفوائد و مخاطر التكنولوجيا الرقمية، و لربما تختفي منصتا تويتر و ثريدز في المستقبل القريب و تظهر منصات أكثر شهرة و لكن يبقى دورنا ثابتًا ؛ فيقتصر استخدامنا للمنصات المشابهة بما يوفر لنا المعرفة، التواصل و الترفيه بما لا يشغلنا عن واجبنا الديني و الدنيوي.