إذا لم تقبل النصيحة من الببغاء .. فلا تستمع لنصائح ChatGPT إذًا

لم تعد بحاجة لأن تتصل على صديق لك لتطلب نصيحة منه على أمر يؤرق ليلك، ولا تحتاج إلى ونيس في ليالي الوحدة، فقد حل لك الذكاء الاصطناعي هذه المسألة ووفر لك صديقًا يقدم لك نصحًا وعونًا وأنسًا بدون التزامات وبالمجان، لكن هل يمكنك الوثوق الأعمى بهكذا صديق؟

ChatGPT عبارة عن روبوت محادثة يعمل بالذكاء الاصطناعي (AI) يستخدم معالجة اللغة الطبيعية لإنشاء حوار محادثة يشبه الإنسان، ويمكن لنموذج اللغة الرد على الأسئلة وإنشاء محتوى مكتوب متنوع، بما في ذلك المقالات ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي والمقالات والأكواد ورسائل البريد الإلكتروني.

هو شكل من أشكال الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو أداة تُتيح للمستخدمين إدخال مطالبات لتلقي صور أو نصوص أو مقاطع فيديو تشبه الإنسان والتي أُنشأت بواسطة الذكاء الاصطناعي، ويمكن للمستخدمين طرح مجموعة متنوعة من الأسئلة على ChatGPT، بما في ذلك الأسئلة البسيطة أو الأكثر تعقيدًا.

مثل "ما معنى الحياة؟" أو "في أي عام أصبحت نيويورك ولاية؟" يُتقن ChatGPT تخصصات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات (STEM) ويمكنه تصحيح الأخطاء أو كتابة التعليمات البرمجية، ولا توجد قيود على أنواع الأسئلة التي يمكن طرحها على ChatGPT.

له استخدامات كثيرة منها برمجة برامج الكمبيوتر والتحقق من وجود أخطاء في التعليمات البرمجية، كما يؤلف موسيقى ويُستخدم لتلخيص المقالات أو البودكاست أو العروض التقديمية، وحل مسائل الرياضيات واكتشاف الكلمات الرئيسية لتحسين محرك البحث أيضًا، ويلعب ألعاب ويستطيع المساعدة في البحث عن الوظائف، بما في ذلك كتابة السيرة الذاتية والرسائل التعريفية، وجعل الأوصاف المعقدة أكثر بساطة والبحث عن منتجات وغيرها الكثير من الفوائد.

أصدرت شركة Open AI تطبيق ChatGPT مجانيًا لأجهزة iPhone وiPad، مما يضع الأداة مباشرة في أيدي المستهلكين، ولقد أذهلت روبوتات الدردشة وغيرها من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تغمر المشهد التكنولوجي العديد من المستخدمين وأخافتهم بسبب استجاباتهم الشبيهة بالبشر، وإجاباتها الفورية تقريبًا على كل الأسئلة.

على الرغم من عقلانية الأجوبة التي يقدمها ChatGPT إلا أن كثير من الأجوبة تفتقر إلى المنطق والفهم فقد تدرب ChatGPT على عدد كبير من بيانات الإنترنت ومليارات الصفحات من النصوص إلا أنه يستند لها وحدها، وهو عندما يقدم لك معلومة ما فهو يقولها بمنتهى الثقة رغم أن الكثير منها يفتقر إلى الدقة. 

الأمر أقرب كونك تطلب نصحًا من ببغاء الذي يقلد لغة الإنسان، في حين أنه من الجيد أن هذه الأداة لا تحتوي على أفكار أو فهم فريد، إلا أن الكثير من الأشخاص يستمعون إلى نصائحها ويتبعونها بلا تفكير، فعندما يتحدث الببغاء، فأنت تعلم أنه يكرر الكلمات التي سمعها، لذلك يجب أن تتعامل مع الأمر بحذر، كما يجب على المستخدمين التعامل مع نماذج اللغة الطبيعية بنفس الجرعة من الشك، فقد تكون عواقب اتباع "النصيحة" من أي برنامج دردشة آلي بشكل أعمى مكلفة.

دراسة حديثة أجراها باحثون في جامعة ستانفورد بعنوان "كيف يتغير سلوك ChatGPT بمرور الوقت؟" وجدت أن دقة الروبوت في حل مسألة رياضية بسيطة كانت 98% في مارس 2023، لكنها انخفضت بشكل كبير إلى 2% فقط في يونيو 2023، وهذا يؤكد عدم موثوقيته، ويجب أن تضع في اعتبارك أن هذا البحث كان حول مشكلة رياضية بسيطة، تخيل لو كانت الرياضيات أو الموضوع أكثر تعقيدًا ولا يمكنك التأكد من صحة النتائج.

ماذا عن التنبؤات حول ما إذا كانت مجموعة من الأشعة السينية مصابة بالسرطان؟ وماذا عن الآلة التي تتنبأ بقيمتك للمجتمع؟ إذا طرح شخص ما سؤالًا على ChatGPT، فغالبًا هو قليل الخبرة في المجال الذي يسأل عنه، بالتالي لن يستطيع كشف الخطأ في الجواب ولا التحقق من دقته إلا إذا سأل سؤالًا يعرف تمامًا ما هى إجابته، ويحتاج البرنامج إلى مزيد من الوقت لتقديم استجابات في الوقت المناسب نظرًا للوقت الذي يستغرقه للاستجابة، كما يحتاج إلى وقت للمعالجة وإنشاء استجابة، بالتالي على العملاء الانتظار فترة قد تكون طويلة نسبيًا للحصول على الإجابة.

لا يمكن لـ ChatGPT التعاطف مع المستخدمين أو فهم عواطفهم، كما يصعب عليه فهم السخرية والمزاح، مما يجعل من الصعب تقديم الدعم في مواقف معينة، كما لدى ChatGPT مجموعة محدودة من الموضوعات التي يمكنهم مناقشتها، ويتدرب على مجموعات بيانات محددة ويمكنهم فقط تقديم المشورة والمعرفة بشأن المشكلات داخل مجالهم، بالإضافة إلى أنه بإمكانه توليد ردود متحيزة أو غير مناسبة، وذلك في الموضوعات التي تحمل أكثر من رأي، بالتالي هو لا يملك فهم ومرونة العنصر البشري في هكذا مواضيع.

اُختبر "عقل" ChatGPT فيما يتعلق بمرونة الأمن السيبراني، إذ طُلب من ChatGPT تقديم الحلول المقترحة والخطوات التكتيكية لبناء مرونة الأمن السيبراني ضد الجهات الخبيثة من قبل شخص خبير به، وقدم بعض النصائح المفيدة وبعض النصائح السيئة استنادًا إلى سنوات خبرته في الأمن السيبراني، وكان من الواضح  على الفور أن النصائح كانت موضع شك، ولكن من المحتمل ألا يفهم أي شخص ليس خبيرًا في هذا الموضوع أي الاستجابات مفيدة وأيها ضارة، وأكدت كل نصيحة على الحاجة إلى العنصر البشري عند تقييم النصائح المقدمة من الروبوت.

بالإضافه إلى أنه لا يفهم تمامًا مدى تعقيد اللغة البشرية، إذ يتدرب ChatGPT على توليد الكلمات بناءً على المُدخلات، ولهذا السبب قد تبدو الإجابات ضحلة وتفتقر إلى البصيرة الحقيقية، بجانب قلة المعرفة بالبيانات والأحداث بعد 2021، لأن بيانات التدريب تنتهي عند تلك السنة بالتالي  يمكن أن يقدم ChatGPT معلومات غير صحيحة بناءً على البيانات التي يسحب منها.

يمكنك أن تعتبر ChatGPT صديق جيد، الأمر أشبه أن تشتري ببغاء قد تم تدريبه وتلقينه، لكن تذكر أنه يكرر ماسمعه فقط بدون زيادة وبدون مرونة وفهم، لذلك لن يغنيك وجوده دائمًا عن استشارة مختص وخبير، لذلك لا ينبغي على الناس أن يكونوا حذرين من اتباع نصائح  ChatGPT فحسب، بل يجب أن تتطور الصناعة لمحاربة كيفية استخدام مجرمي الإنترنت لها، إذ تُنشئ الجهات الخبيثة بالفعل رسائل بريد إلكتروني وعمليات احتيال، ويجب أن يعمل عمالقة التكنولوجيا معًا لضمان أن يتحلى المستخدمون الأخلاقيين بالحذر والمسؤولية وأن يظلوا في الصدارة في سباق التسلح في مجال الذكاء الاصطناعي.