تريند 🔥

📱هواتف

لماذا نضحك عندما يسقط أحد أصدقائنا على الأرض؟ (العلم يجيب)

الضحك عند السقوط
آلاء عمارة
آلاء عمارة

6 د

تخيل نفسك تسير في أحد شوارع بلدتك ليلًا مع صديقك المقرب، وإذ فجأة، بينما ينظر هو إلى النجوم، يتعثر ويسقط على الأرض بسبب حجرٍ صغير لم ينتبه له! ولا يكون منك إلا أن تسقط بجواره من فرط الضحك. ربما يضحك الفتى معك، وربما يستاء من رد فعلك، ويهمّ بالجري خلفك متوعّدًا وتنسيان حديثكما والنجوم، هل يبدو السيناريو مألوفًا لك؟

ربما حدث هذا الأمر معك بالفعل أو شيء مشابه له. لكن هل تساءلت عن سبب ردة الفعل تلك ولماذا نضحك عندما يسقط أحد أصدقائنا على الأرض؟ ربما ستجيب بأنّ شكله كان مضحكًا، حسنًا، قد يكون للعلم تفسيرًا منطقيًا مختلفًا لهذا التصرف التلقائي، دعنا نكتشفه معًا.


بين الجد والهزل.. لماذا نضحك عندما يسقط أحدهم على الأرض؟


تخفيف وطأة الحدث.. هل سمعت عن البكاء السعيد؟

كثير من الناس يضحكون دون داعٍ أو لموقفٍ سخيف فقط لتخفيف وطأة الحدث، هذا في الحياة عمومًا، إنها سخرية من الموقف السيئ حتى لا يكبر. وفي هذا الصدد، يقترح “ويليام فراي”، وهو طبيب نفسي ومؤسس علم الضحك “Gelotology”، حالة تسمى “Play Frame”، وهي حالة نفسية، تظهر في ظروف واقعية قاسية، ويكون رد الفعل غير عادي. تمامًا في حالة الضحك عند تعثر شخص ووقوعه على الأرض. لكن مهلًا، هذا ليس كل شيء!

لا يحدث رد الفعل هذا عند سقوط شخص من فوق مبنىً مرتفع مثلًا. ومن هنا تأتي المفارقة، فسقوط إنسانٍ من أعلى قمة تُقدر بنحو 50 قدمًا، حدث لا يُضحك، بل إنه مرعب. بعكس التعثر، الذي قد يضحكك لبرهة، ففي النهاية لا يُصاب الشخص بمكروهٍ يُذكر، فقط يشعر ببعض الحرج.

يستقبل الدماغ البشري كلّ حدثٍ من هذين الحدثين بنغماتٍ مختلفة، فيأتي رد الفعل مختلفًا؛ أحدهما ضحكٌ هستيري، والآخر مخيفٌ حد الرعب.

بعبارةٍ أخرى، إنّه نوعٌ من التنظيم الداخلي للمشاعر. ببساطة، هل تعلم لماذا يفرز الجسم العرق عندما تكون درجة الحرارة مرتفعة؟ نعم، لتبريد الجسم. نفس الأمر عندما يحدث موقفٌ سخيف، قد يعطي الشخص رد فعلٍ غريب، يسمى بـ “البكاء السعيد”، لرد الفعل هذا تأثير فسيولوجي مهم، حيث يقل تفاعل القلب والأوعية الدموية الذي يرتفع أثناء الأوقات العصيبة، ما يحسّن وضع الجسم فسيولوجيًا ونفسيًا، (ربما يكون هذا سبب مقنع لأصدقائك الذين تضحك عليهم عند سقوطهم).


التناقض غير المنطقي.. هل تضحك عندما ترى مهرجًا؟

اذهب لجوجل واسأله عن مهرج السيرك، سيُرشّح لك عددًا من مقاطع فيديو، شاهدها. بنسبة كبيرة ستبتسم على الأقل، وقد تضحك بصوت عالٍ. لماذا؟ ببساطة لأنّ هذا الشكل غير مألوف، فقد يرتدي حذاءً كبيرًا أو يلوّن أنفه بصورةٍ مثيرةٍ للضحك بجانب حركاته اللطيفة المضحكة. إنّه إنسانٌ عادي، لكنّ شكله مختلف، ظهر فجأة على خشبة المسرح.

بطريقة ما، يحدث نفس الشيء عندما يقع أحدهم، مثل موقف وقوع صديقك أثناء تأمل السماء، هل توقّعت تعثره؟ لا، هل هو نفسه توقع ذلك؟ لا. لقد تغير الوضع سريعًا بصورةٍ غير متوقّعة وغير منطقية بالمرة، فحدث تناقض، ومن هنا جاءت صرخات الضحك، وظهر توعد صديقك.


الشعور المؤقت بالتفوق

في المشهد الأخير من فيلم “مطب صناعي”، قال الممثل المصري “أحمد حلمي”، جملةً قد تصف ما أود طرحه الآن بدقة، وهي:


“أمي كانت دايمًا بتقول إن البني الآدم اللي بيقع ده بيبقى بني آدم غبي 😂”

عندما يتعثر أحدهم ويسقط على الأرض، يشعر البقية بالتفوق عليه، وأنّهم أفضل منه. مثل حالتك أنت وصديقك، لقد وقع هو، لكن أنت لا. ربما تكون قد شعرت بحالةٍ أشبه بالمجد المفاجئ، فأتاك شعورٌ داخلي بالتفوق، فضحكت، ليس سخريةً منه، وإنما لشعورك أنت بالتفوق عليه. تمامًا مثلما يشعر الطالب بالتفوق على أستاذه أو زملائه بالصف.


لأننا نرى أنفسنا في نفس الموقف

في أحد الأيام (لا أتذكر متى بالضبط)، شاهدت فيلمًا وثائقيًا عن الحياة البرية على قناة ناشونال جيوغرافيك، في مشهد من المشاهد، كان هناك أسدًا يطارد فريسة تجري بسرعة كبيرة، لوهلة تخيلت نفسي في المكان ذاته أهرب من أسدٍ مفترس، صُدمت ثم عدت إلى وعيي وأكملت الفيلم. ربما حدث موقف مشابه معك أيضًا، هل تعرف السبب؟

أنا أيضًا لم أكن أعرف، لكن وجدته عند البحث أثناء إعداد هذا التقرير البسيط. أخبرني جوجل أنه يوجد في الدماغ البشري خلايا عصبية تُسمى الخلايا المرآتية “Mirror Neurons”. وهي تجعلنا نتصور أنفسنا في موقف حدث أمام أعيننا. مثلما حدث معي أثناء مشاهدة الفيلم الوثائقي أو معك عندما سقط صديقك، ربما تكون قد تخيلت نفسك في نفس اللحظة تسقط أيضًا فسخرت من نفسك. كما يفسر ما إذا كان صديقك قد ضحك على نفسه أم لا. إنها السخرية من الذات، وتحدث كثيرًا لنا جميعًا في مواقف الحياة المختلفة. فقط اجلس قليلًا مع ذاتك يا صديق وتذكر موقف ضحكت فيه على نفسك. صدقني ستجد منها الكثير.


لست أنا الضحية.. عندما تكون على مسافة آمنة

هل تتابع حلقات برنامج “رامز جلال” الذي يُعرض كل عام؟ أم لا تعرفه من الأساس؟ إنه برنامج مقالب، عادةً ما يُعرض في شهر رمضان الكريم، فكرة البرنامج أنّ رامز يستضيف نجومًا ومشاهير، ويضعهم في موقفٍ حرج ولكنه خطير، مثل الادعاء بأنّ السفينة تغرق أو الطائرة تسقط أو وضعهم داخل مقبرة فرعونية ومواجهة أسد، وهكذا أشياء مرعبة.

الغريب أنّ الناس يتابعون مثل هذه البرامج بشغفٍ حقيقي، بل ويضحكون على الضحية التي تصرخ وتستعد للموت. رغم أنّ الأمر محض خدعة، لكن المشاهد لا يتعاطف أبدًا.

يحدث هذا لسبب نفسي، حيث يجد المشاهد نفسه على مسافة آمنة من الخطر، كما يدرك أنّ هذا الموقف خدعة والضحية المعرض للخطر في أمان الآن، لأن مثل تلك الحلقات لا تُذاع مباشرةً، بل تُسجّل أولًا. إضافةً إلى ذلك كله، إنّ المشاهد ليس قريبًا من الضحية، فلا يشعر بأي عاطفةٍ تجاهها، بل يستمتع بالأذية التي تلحق بها. نفس الأمر عندما يسقط أحدهم على الأرض، تجد أنك لم تسقط مثله، فتشعر بالأمان.


قد تكون الحاجة للتنسيق الاجتماعي


“شر البلية ما يُضحك”

هذا مَثلٌ نتداوله غالبًا عند الضحك على حدثٍ سيئ. مثل سقوط صديقك، ربما يكون هو الذي بدأ بالضحك، ثم تبعته أنت، تصرفك هذا حاجة داخلية لتبدي مشاعر إيجابية عندما يضحك شخصٌ آخر أمامك. أقرب مثال على ذلك، قد تصادف شخصًا يبتسم في وجهك في أيّ مكان وأنت لا تعرفه، تلقائيًا ستبتسم له. فكّر إذا لم تفعل هذا؟ سيشعر الرجل بالحرج! وأنت لا تريد إحراجه بالطبع. هذا يندرج تحت مسمى التنسيق الاجتماعي.


العدوان اللطيف.. هل يضحك الجميع عند إصابة الآخرين بمكروه؟

الإجابة باختصار هي لا، حيث تختلف ردود الفعل من إنسانٍ لآخر. ستجد الشخص المتحفّظ المتماسك في مثل هذه المواقف، والآخر الذي يتصرف بطريقة العدوان اللطيف، وهو الذي يُظهر رد فعل لا يتوافق مع الموقف السخيف الراهن.

وأخيرًا.. ربما تكون الأسباب السابقة مقنعة لأصدقائك الذين تضحك عليهم عند سقوطهم على الأرض، ولك أيضًا لتتفهم أسباب الآخرين عندما يضحكون إذا وُضعت أنت في هذا الموقف. على أي حال، الضحك مفيد للصحة.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.