هل حقا يوجد ما يسمى بالأكوان المتعددة؟
5 د
يقول ميخائيل نعيمة"ويُخيّل إليّ أن الفضاء بيضة هائلةً، غلافها الزمان، وأن في قلبها بيضًا ضمنها بيض ضمنها بيض، وأن كلًا منها مُلقح بلقاح الرّوح الكلي"، أكان يقصد أننا لسنا في كون يسبح وحيدًا في هذا الفضاء، وأن أفلام هوليوود لم تكن مجرد خيال علمي.
يفترض العلماء فعلًا وجود أكوان متعددة أو متوازية لكل منها طبيعة فيزيائية خاصة بها تختلف عن الآخر، وأنك أنت نفسك توجد نسخة عنك تعيش في كون آخر موازٍ لهذا الكون، ونظرية تعدد الأكوان هي فرضية في علم الكونيات والفيزياء والفلك والفلسفة والمسائل الرياضية والخيال العلمي واللاهوت، حتى وقت قصير مضى كان كل ما يشغل العلماء هو دراسة الكون بما یحتوي وما يحكمه من قوانين فيزيائية، وبما حدث بعد الانفجار العظيم قبل 13.8 مليار عام، أما الآن فقد بدأ العلم في اقتحام مجال كان حكرًا على الفلسفة والأديان.
ما هو الكون المتعدد؟
إنها أفكار من علماء الكونيات والكم حول أن كوننا قد لا يكون الوحيد وأنه قد يشترك في بنية أعلى مع أكوان أخرى متعددة، وقال جرانت لويس أستاذ الفيزياء الفلكية في جامعة سيدني:"يقترح البعض أن الانفجار العظيم في المراحل المبكرة من كوننا قد يكون أبديًا، مع انبثاق أكوان فردية منه، كل منها مكتوب بقوانينه الفيزيائية الفريدة الخاصة به."
إن الانفجار العظيم في كوننا هو بالطبع دليل رئيسي على أن كوننا قد خرج من نقطة ساخنة وكثيفة، ومع ذلك فإن ما حدث قبل الانفجار العظيم وما إذا كانت أكوان أخرى قد تكونت في نفس الوقت جنبًا إلى جنب مع كوننا غير معروفة حتى هذه اللحظة.
ماذا كان يوجد قبل ولادة الكون؟ وماذا يوجد خارج نطاق حدوده؟
في عام 1954 كان يوجد مرشح لشهادة الدكتوراه من جامعة برنستون اسمه هيو إيفيرت جاء بفكرة جذرية أنه يوجد أكوان متوازية، بالضبط شبه كوننا، وكل هذه الأكوان على علاقة بنا، في الواقع هي أكوان متفرعة منا، وكوننا متفرع أيضًا من أكوان أخرى.
خلال هذه الأكوان المتوازية، حروبنا لها نهايات مختلفة عن ما نعرف، الأنواع المنقرضة في كوننا تطورت وتكيفت في الأكوان الأخرى، وفي تلك الأكوان ربما نحن البشر أصبحنا في عداد الفصائل المنقرضة.
في المدى القصير، الفيزيائيين الذين درسوا مستوى الكم لاحظوا أشياء غريبة عن هذا العالم، أولًا الجزيئات الموجودة في هذا المستوى تأخذ أشكالًا مختلفة اعتباطيًا، فعلى سبيل المثال لاحظ العلماء أن الفوتونات (جزيئات الضوء الصغيرة) تتصرف كجسيمات وكأمواج، حتى الفوتون المفرد يقوم بهذا التناوب في الحالة، تخيل أنك ظاهر وتتصرف كإنسان صلب حينما ينظر إليك صديق، لكن حينما يلتفت إليك ثانيةً تكون تحولت إلى غاز.
مبدأ عدم اليقين
يقول الفيزيائي «فيرنر هايزنبرج» اقترح أنه بمجرد ملاحظة المادة الكمية، فنحن نؤثر في سلوكها، وبالتالى فنحن لا يمكن أن نتأكد تمامًا من طبيعة الشيء الكمي ولا صفاتهِ المميزة مثل السرعة والموقع.
طبقًا لبور حينما نلاحظ شيئًا كميًا، فنحن نؤثر في سلوكه، إذ تكسر الملاحظة حالة الوضع الفائق للشيء وتجبره على اختيار حالة واحدة من دالة الموجة الخاصة به، وتفسر هذه النظرية لماذا يحصل الفيزيائيين على قياسات متضاربة من نفس الشيء الكمي فالشيء الكمي يختار حالات مختلفة أثناء عمليات القياس المتتالية.
نظرية الأوتار
أنشأت بواسطة الفيزيائي الياباني الأمريكي ميشيو كاكو، ونظريته تقول أن كتل البناء الأساسية لكل المواد وأيضًا لكل القوى الفيزيائية في الكون -مثل الجاذبية- موجودة في مستوى تحت الكم، وهذه الكتل البنائية تشبه أربطة مطاطية صغيرة جدًا (أو أوتار) وهي التي تصنع الكواركات (جسيمات كمية)، وتباعًا الإلكترونات، والذرات، والخلايا وهكذا.
يتحدد بالضبط أي نوع من المادة ينتج بواسطة الأوتار وكذلك سلوك هذه المادة، حسب تذبذب هذه الأوتار، وتتذبذب الأوتار فتؤدي إلى نشوء القوى المختلفة الحاكمة للكون، بهذه الطريقة فإن كوننا بأكلمه عبارة عن عزف موسيقى، ووفقًا لنظرية الأوتار فهذا العزف يحدث عبر 11 بُعدًا منفصلًا.
مثل نظرية العوالم المتعددة، فنظرية الأوتار تُظهر وجود الأكوان المتوازية
يشير كاكو إلى حقيقة أنه اُكتشف بلايين من الحلول لمعادلات نظرية الأوتار، وكل حلّ من هذه الحلول يصف كوناً متناسقًا رياضيًا ومختلفًا عن الأكوان الأخرى التي تصفها الحلول الأخرى للنظرية، وهكذا تدل نظرية الأوتار على وجود أكوان عدة.
نظرية التضخم
تصف نظرية التضخم حدثًا افتراضيًا حدث عندما كان كوننا صغيرًا جدًا، أي أصغر من ثانية واحدة، وفي فترة زمنية قصيرة بشكل لا يصدق، مر الكون بفترة من التوسع السريع، و"تضخم" ليصبح أكبر بعدة مرات من حجمه السابق، وفقًا لوكالة ناسا.
وقال هيلينج دينغ -عالم الكونيات في جامعة ولاية أريزونا والخبير في نظرية الأكوان المتعددة- إنه يُعتقد أن التضخم في عالمنا قد انتهى منذ حوالي 14 مليار سنة، وقال دينغ لموقع Live Science في رسالة بالبريد الإلكتروني:"ومع ذلك فإن التضخم لا ينتهي في كل مكان وفي نفس الوقت." وأضاف"من الممكن أنه مع انتهاء التضخم في بعض المناطق، فإنه يستمر في مناطق أخرى."وهكذا فبينما انتهى التضخم في عالمنا، ربما توجد أكوان أخرى أبعد بكثير لاتزال تتضخم، مما يُمكن الأكوان الفردية أن تضغط على أكوان أكبر تتضخم وتتوسع مما يخلق بحرًا لا نهائيًا من التضخم الأبدي الذي يحتوي على العديد من الأكوان الفردية، كل كون له قوانينه الفيزيائية الخاصة ومجموعته الخاصة من الجسيمات، وترتيب القوى الخاص به، وقيمه الخاصة من الثوابت الأساسية.
ولكن ماذا لو كان مفهوم الكون المتعدد قابلًا للاختبار؟ وفقًا لرانغا رام شاري -عالم المشروع ومدير مشروع مركز بيانات بلانك الأمريكي في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا- نشر شاري دراسة في عام 2015 في مجلة الفيزياء الفلكية تشرح بالتفصيل التشوهات الغريبة في الخلفية الكونية الميكروية (CMB)، وهي بقايا الإشعاع بعد الانفجار العظيم، إذ يمكن أن تكون هذه التشوهات، التي عُثر عليها عند تحليل البيانات من تلسكوب بلانك دليلًا على "الكدمات" التي تحدث عندما يصطدم أحد الأكوان بآخر، لكن ماذا لو كانت هذه الأكوان بعيدة عن بعضها بطريقة لا تسمح باصطدامها؟
قال جيمس بولوك أستاذ الفيزياء وعلم الفلك في جامعة كاليفورنيا في إيرفين: "بمعنى ما توجد حدود، وستكون هناك دائمًا هذه الحدود الغامضة على حافة المعرفة حيث لا تُغلق الأشياء، وهذا لا يعني أن تلك المساعي لا تستحق، وهنا يكمن جوهر المشكلة نريد أن نكون صادقين بشأن الأشياء التي نفهمها والتي لا نفهمها."
لا يوجد أي عيب في التكهن بمفاهيم مثل الكون المتعدد ومع ذلك، فإن "العيوب تأتي عندما يدعي المرء أن مثل هذه التكهنات هي نظريات علمية مختبرة" حتى هذه اللحظة لم تُثبت نظرية الأكوان المتعددة بالدليل القاطع، لكنها موضع نقاش مستمر وجدل بين العلماء والفلاسفة بعضهم يؤمن بها رغم عدم وجود الدليل وبعضهم الآخر يسخر منها ويرفضها، ربما وحده الزمن قادر على كشف الحقائق.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.