الهايبوفوبيا.. عندما تهرب من أي موقف عليك أن تتحمل فيه المسؤولية
لا أريد أن أكون قائد الفريق، لا أريد الحصول على منصب المدير، لا أريد أن أصبح رب/ة أسرة.. جميعها مواقف مبنية على الخوف المفرط من تحمل المسؤولية، والتي من الممكن تقوم بها أنت، أو قد يكون في حياتك شخص ما هو من يقوم بالهروب دائمًا من المسؤولية. ما لا تعرفه عن هذا السلوك أنه يمثل إحدى أنواع الفوبيا، والتي تعرف بالهايبوفوبيا "Hypengyophobia" أو الخوف من المسؤولية.
إن الشخص المصاب بالهايبوفوبيا يعاني في كل مراحل وجوانب حياته، إذ إن الخوف من المسؤولية من الممكن أن يشل أبعادًا مختلفة من حياته، إذا لم يتم التعامل مع هذه الفوبيا بشكل صحيح. فما هي تحديدًا الهايبوفوبيا؟ وكيف تعرف أنك مصاب بها؟ وما هي أسباب الإصابة بها؟ وكيف يتم التعامل معها؟ هذا ما سنعرفه فيما يلي:
ما هي الهايبوفوبيا؟
قد لا تكون كلمة هايبوفوبيا مألوفة لك، لكنك ستفهم معناها بالتأكيد، فمصطلح "hypengyophobia" مشتق من الكلمة اليونانية "hypengos" التي تعني المسؤولية، وكلمة "phobias" وتعني الرهاب والخوف غير العقلاني المتواصل من موقف أو نشاط معين. في الواقع، إن رهاب المسؤولية هو خوف غير منطقي ومبالغ فيه من المسؤولية، حيث يميل المصاب إلى الخوف من تخيل نفسه ببساطة في موقف يتعين عليه فيه اتخاذ القرارات أو تحمل المسؤولية، فهو الخوف الذي يمنع الشخص من تحمل المسؤولية عن أي نوع من النشاطات أو القرارات.
كيف تعرف أنك مصاب بالهايبوفوبيا؟
هناك عدة صفات يمكنك من خلالها أن تعرف هل أنت حقًا مصاب برهاب المسؤولية أم لا، فأهم ما يميز هذا الرهاب هو الميل إلى الهروب من المواقف التي تتطلب تحمل المسؤولية ولكنها لا تمثل بشكل عام أي نوع من أنواع التهديد، ويتميز أيضًا رهاب المسؤولية بالقلق عند التفكير في المسؤوليات مع عدم القدرة على التعامل مع هذا القلق، وتجنب المسؤوليات باستمرار، وغالبًا ما يكون سلوك الهروب هذا مصحوبًا بأمراض جسدية، مثل الغثيان والقيء والتعرق المفرط.
وكما هو الحال مع جميع أنواع الرهاب تقريبًا، فإن هذه الاستجابة المفرطة تكون لا إرادية ولا يمكن السيطرة عليها عمليًا، ومن ثم تظهر أعراض القلق ونوبات الهلع ويتأثر تقدير المريض لذاته بشكل سلبي.
ما الذي يسبب الخوف من المسؤولية؟
أما عن أسباب الإصابة برهاب المسؤولية فهناك عدة أشياء قد يكون المصاب مر بها جعلته يهرب من المسؤولية باستمرار، ومن هذه الأشياء:
قلة الخبرة في تحمل المسؤولية
التجارب هي واحدة من أقوى الأشياء التي تصنع الإنسان، وقد لا يمتلك الشخص الذي يخشى المسؤولية ويتجنبها احتياطيًا كافيًا من تجارب الحياة الماضية التي تخبره أنه جيد في تحمل المسؤولية، فنحن نقوم بالمزيد من الأشياء التي فعلناها بالفعل، والتي تمنحنا الثقة للتعامل مع التحديات والمسؤوليات المستقبلية. على سبيل المثال، قد يتردد الطالب الذي لم يقم بأي دور قيادي في الحياة من قبل في تولي منصب ممثل الفصل.
يتمتع الناس بمستويات مختلفة من الثقة في مجالات الحياة المختلفة، والتي يمكن أن تجعلهم يخشون المسؤولية في بعض المجالات، لكن كل هذا يتلخص في امتلاك احتياطي جيد من تجارب الحياة الماضية الناجحة، وفي نهاية المطاف، يولّد النجاح في مجال واحد من مجالات الحياة الثقة التي يمكن أن تمتد إلى مجالات الحياة الأخرى.
المرور بتجربة فاشلة في تحمل المسؤولية
تحمل المسؤولية في الماضي والفشل أسوأ من عدم تحمل أي مسؤولية على الإطلاق، فالأول يولد درجة أكبر من الخوف من الثاني لأن الشخص يحاول بشدة تجنب شيء ما، إذ إن تحمل المسؤولية والفشل يعلمك أن تحمل المسؤولية أمر سيئ.
يمكن للشخص عادة التعامل مع النتائج السلبية لتحمل المسؤولية إذا كان هو من عليه تحمل جميع التكاليف، لكن ما لا يستطيع الشخص التعامل معه هو خذلان الآخرين. لذلك، إذا تحملت المسؤولية في الماضي وتركت أشخاصًا مهمين في حياتك يسقطون، فإن الخوف من المسؤولية قد يطاردك طوال حياتك.
الكمالية والخوف من ارتكاب الأخطاء
في كثير من الأحيان، عندما تُمنح فرصة لتحمل المسؤولية، تُمنح فرصة للخروج من منطقة الراحة الخاصة بك، وهو أمر غير مريح لأنك تقلق إذا كنت ستحمل المسؤولية على أكمل وجه وتتجنب ارتكاب الأخطاء. إن معرفة أن الكمال هدف مستحيل وأن ارتكاب الأخطاء أمر جيد -طالما أنها ليست أخطاء كبيرة- يمكن أن تساعد في التغلب على هذه المخاوف.
تدني التسامح مع المشاعر السلبية
غالبًا ما تجلب المسؤولية الضخمة معها قلقًا كبيرًا، وهذا يعود إلى كونك خارج منطقة الراحة الخاصة بك، وعندما تخرج من منطقة الراحة الخاصة بك، ستشعر بالتأكيد بالكثير من القلق والتوتر. لذا إذا كان تسامحك منخفضًا مع هذه المشاعر أو أنك لا تستطيع إدارتها، فسوف تنهار تحت المسؤولية، لأنه من الأسهل بكثير أن تعيش داخل مشاعرك المريحة بدلًا من تجربة العواطف التي تأتي مع تحمل المسؤولية.
الخوف من المظهر السيئ
لا يوجد إنسان يريد أن يبدو سيئًا أمام غيره من البشر. وعندما تتحمل المسؤولية، فكأنك تقول، "سأحقق هذا. يمكنك الاعتماد علي"، وهذا وضع ينطوي على مخاطر عالية ومكافأة كبيرة أو خسارة كبيرة. إذا نجحت، فسوف ينظر إليك الناس كقائد لهم وتلك مكافأة كبيرة. أما إذا فشلت، فسوف ينظرون إليك بازدراء وتلك خسارة كبيرة.
نوعان من العلاج بإمكانهما أن يخففان من رهاب المسؤولية
وللتخلص من رهاب المسؤولية، هناك العديد من أشكال العلاج المختلفة التي يمكن أن تساعد بشكل كبير في تحسين العديد من أعراض هذا الرهاب، و تتضمن بعض هذه العلاجات: العلاج بالتعرض، والعلاج السلوكي المعرفي (CBT) ، وبعض الأدوية النفسية. يعد علاج التعرض أحد أكثر أشكال العلاج شيوعًا للأشخاص الذين يعانون من الرهاب، حيث يعمل علاج التعرض من خلال جعل المعالج يعرض المريض تدريجيًا لخوفه خلال فترة زمنية معينة، وفيما يتعلق برهاب المسؤولية، فقد يعرض المعالج المريض لخوفه من المسؤولية من خلال تثقيفه حول موقف سيكون مسؤولًا فيه. هذا للمساعدة في إزالة حساسية المريض من خوفه من خلال تعريضه له بشكل متكرر، لأنه من الناحية النظرية، كلما تعرض شخص ما لشيء يخافه، قل انزعاجه منه بمرور الوقت.
أما العلاج المعرفي السلوكي فهو شكل آخر شائع جدًا من العلاج الذي يستخدم غالبًا لمساعدة الأشخاص الذين يعانون من اضطراب القلق العام ( GAD ) واضطراب الوسواس القهري( OCD ) ، بالإضافة إلى حالات أخرى. علاوة على ذلك، قد يكون فعالًا أيضًا في المساعدة على علاج الأشخاص الذين يعانون من الرهاب مثل رهاب المسؤولية، حيث يعمل العلاج المعرفي السلوكي من خلال مساعدة المعالج للمريض على اكتشاف سبب تفكيره وشعوره وتصرفه بالطريقة التي يتصرف بها فيما يتعلق بخوفه.
ويمكن لأي شخص يعاني من رهاب المسؤولية أن يشارك في العلاج السلوكي المعرفي لأن فهمه لسبب خوفه سوف يساعده على اتباع نهج أكثر واقعية عند التفكير في خوفه من المسؤولية.
إذا هربت مرة من مسؤولية ما فهل أنا هكذا مصاب بالهايبوفوبيا؟
ربما نمر جميعًا موقف نفضل فيه الهروب من مسؤولية ما، فهل حينها من الممكن أن نعد أنفسنا مصابين أيضًا برُهاب المسؤولية؟ في الواقع لا، فهناك فرق دقيق ولكنه مهم بين عدم الرغبة في تحمل المسؤولية والخوف من تحمل المسؤولية. الأول ينطوي على تحليل عقلاني للتكلفة والعائد يقودك إلى استنتاج أن المخاطرة لا تستحق العناء، والآخر ينطوي على اللاعقلانية.
إذا كنت لا تريد أن تفعل شيئًا ما، فقد يتهمك الناس بالخوف من المسؤولية، وهذا يمكن أن يكون تكتيكًا خادعًا لجعلك تفعل أشياء لا تريد القيام بها. في الواقع لا أحد يريد أن يُنظر إليه على أنه غير مسؤول، لذلك عندما نُتهم بالخوف من المسؤولية، فمن المحتمل أن نخضع لضغوط الرغبة في الظهور بمظهر المسؤول، ولكن في النهاية، يجب أن تكون واعيًا بما يكفي لتعرف ما تفعله ولماذا تفعل ذلك، أو ما لا تفعله ولماذا لا تفعله.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.