هل نعيش داخل ثقب أسود؟ علماء الفيزياء أعطوا الإجابة!

هبة دلول
هبة دلول

5 د

قبل ظهور النجوم والقمر، قبل تكوين السماء، وقبل أول خطوة للإنسان على الأرض، كان هناك اللامعلوم والفراغ. فهل تساءلت يومًا وأنت على فراشك: كيف بدأ الكون؟ من أين جاء؟ في أي مكان من هذا الكون الواسع نعيش؟ وهل هذا الكون هو الوحيد؟ ربما دخلت في جدال عقيم مع عقلك، وقادتك هذه الاسئلة نحو الجنون وأثارت فضولك حد الأرق.


الانفجار الكبير! كيف نشأ الكون؟ 

منذ ظهور البشر، بدأت الأقاويل والأساطير عن نشأة الكون وعلاقته بالآلهة والكائنات الخارقة. ومن بين هذه النظريات ظهرت نظرية الانفجار الكبير التي تعد التفسير الرئيسي لكيفية نشأة الكون . ببساطة، تقول النظرية أن الكون نشأ من نقطة صغيرة وساخنة جدا، ثم امتد وتوسع بسرعات خيالية، وذلك على مدى حوالي 13.7 مليار سنة حتى أصبح الكون الواسع الذي نعيش فيه اليوم، والذي ما زال في توسع مستمر.

قبل حوالي 13.7 مليار سنة، تجمع كل ما نعرفه في نقطة ذات حرارة وكثافة شديدة. ثم بدأ في لحظة غامضة، امتداد هائل للكون بسرعة تتجاوز سرعة الضوء. هذه الفترة القصيرة من التوسع السريع، والتي استمرت لجزء صغير جدًا من الثانية (حوالي 10^-32 ثانية) وفقًا لنظرية الفيزيائي آلان جوث، غيرت نظرتنا للانفجار العظيم جذريًا.

وبعد انتهاء هذا التوسع الرهيب، بدأ الكون في تكوين نفسه، حيث تكونت الجسيمات والذرات التي أسهمت في تكوين النجوم والمجرات وكل ما نراه حولنا اليوم.


هل نحن مجرد ذرة في محيط واسع؟

لو تجاهلنا للحظة نظرية الانفجار العظيم، سنجد أن هناك علماء فريدون من نوعهم اختاروا أن يروا الأمور بشكل مختلف. يقترح هؤلاء العلماء أن قبل لحظة الانفجار، تم ضغط كل مادة وطاقة الكون في نقطة دقيقة محدودة ذات كثافة عالية. أطلقوا عليها اسم "ذرة الكون". يعتقد بعضهم أن هذه الذرة كانت دقيقة بحيث تتجاوز خيالنا، وربما تكون أصغر بكثير من أصغر جسيم نعرفه. وقد كان لديها القوة لتوليد كل شيء؛ من المجرات إلى الكواكب وحتى الكائنات الحية.

فما مصدر هذه الذرة؟ واحدة من النظريات التي طُرحت والتي اقترحها نيكوديم بوبلافسكي من جامعة نيو هيف: نشأت هذه الذرة في ثقب أسود. الظاهرة الأكثر شيوعًا التي نعرفها في الكون.

من الجدير بالذكر أن العديد من علماء الفيزياء قد بدأوا في الاعتقاد أن كوننا ليس الكون الوحيد. بل ربما نحن جزء من أكوان متعددة، مجموعة غير محدودة من الأكوان المتشابهة والمتفرقة، كل واحد منها يتلألأ في السماء الليلية. لكن العلاقات بين هذه الأكوان في حال وجودها، لا تزال موضوعًا للنقاش والتكهنات. ولكن، من الأفكار التي قد تجذب الانتباه هو أن ذرة الكون قد تكون مشابهة لذرة نبات: قطعة من المادة، مكتنزة بشكل كبير ومحمية داخل غطاء خارجي، وهذا ما يذكرنا بالثقوب السوداء.


ما هي الثقوب السوداء؟

الثقوب السوداء هي مفهوم غامض ومثير في علم الفيزياء الفلكية. فهي نواتج انهيار النجوم العملاقة بعد نفاذ وقودها. وفي هذه العملية، يُسحب كل شيء نحو الجاذبية المتزايدة للنجم حتى يصل إلى درجة حرارة تقدر بحوالي 100 مليار درجة. في هذه اللحظة، يتم تحطيم الذرات وتمزيق الإلكترونات، وتكوم هذه القطع معًا، مُشكلة ما نسميه بـ "ثقب أسود". فالثقوب السوداء تمتلك جاذبية غير متناهية بحيث لا يمكن لأي شيء، حتى الضوء، الهروب منها. وتتواجد هذه الثقوب الضخمة في مركز معظم المجرات، بما في ذلك مجرتنا، درب التبانة.


الكون وأسرار الثقوب السوداء

يحمل الكون المحيط بنا العديد من الألغاز والأسرار التي لا تزال البشرية تسعى لكشفها. من هذه الأسرار، فكرة الأكوان المتعددة، وهي نظرية تتسع يومًا بعد يوم.

وبما أن الثقوب السوداء هي تلك المناطق الغامضة في الكون والتي تحدث عندما ينهار نجم على نفسه بفعل الجاذبية، لذا تُعد من أبرز الموضوعات التي تتداخل فيها نظريات الجاذبية والكوانتم. فالفهم التقليدي للثقوب السوداء يقول إنها تمتلك نقطة تفرد، أو مركزًا، حيث تصبح الكثافة لامتناهية وتفشل القوانين الفيزيائية التقليدية في وصفها.

يمكن تصور الثقب الأسود على أنه بوابة تؤدي إلى كون آخر. عندما تتجاوز جزيئات معينة حدود الثقب الأسود في مجرتنا، "درب التبانة"، قد تجد نفسها في كون مختلف تمامًا، بعيدًا عن كوننا الحالي.

تقدم هذه الرؤية نموذجاً مختلفاً لفهم وجودنا، حيث يُمكن أن يكون كوننا قد نشأ من كون أكبر يُعرف بـ "الكون الأم". هذا الكون الأم كان قد وجد داخل ثقب أسود، وعاش انفجارًا هائلاً قبل حوالي 13.7 مليار سنة، ومنذ تلك اللحظة وهو يتوسع باستمرار بوتيرة متزايدة. وحسب هذا النموذج، فهل نعيش داخل الثقب الأسود مختبئين خلف حدود الأفق؟


هل نعيش داخل ثقب أسود فعلًا؟

ما يجعل الأمور أكثر إثارة هو الفكرة التي قدمها الفيزيائي "نيكوديم بوبلوسكي". إذ يتصور بوبلوسكي أن المادة التي تجرف داخل الثقب الأسود لا تختفي ببساطة أو تتدمر، بل تتحول إلى شكل بذرة مشابهة لبذور النبات. هذه البذرة، ورغم صغر حجمها، قد تحتوي على القدرة على تكوين كون جديد. عندما تتوقف تلك البذرة عن الانضغاط، قد تكتسب طاقة عالية تُسبب "وثبًا كبيرًا" بدورانها السريع، وبالتالي يمكن أن يعتبر بداية لكون جديد. وهذا يعني أن الثقوب السوداء قد تكون بوابات لأكوان أخرى.

ذو صلة

إذا كانت هذه الفكرة صحيحة، ربما يكون الكون الذي نعيش فيه هو نتيجة لواحدة من هذه البذور، التي بدأت من داخل ثقب أسود في "كون أم" أكبر. هذا التصوّر يضعنا في موقع غير مألوف: فربما نحن نعيش داخل ثقب أسود ضمن كون أكبر!

وفي الختام، تبقى هذه الأسئلة والنظريات ضمن أكبر التحديات التي تواجه العلماء، والتي تحمل أعمق الأسئلة الوجودية: من نحن؟ ومن أين جئنا؟ وفي أي مكان من الكون نقيم؟

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة