Netflix

إنه مجرد كربون .. لماذا يبهر الألماس النساء؟

غادة الجوهري
غادة الجوهري

6 د

الألماس، ذلك الحجر النادر ذا البياض الناصع والوهج الأخاذ، حلم لملايين الفتيات والسيدات، وتاج على رؤوس الملوك والأمراء، لطالما امتلكت تلك الجوهرة الفاتنة مكانة خاصة في كل من المجتمع والسوق الاقتصادي.

ذلك الحجر المصقول والصلب، يشكل رمزًا للأصالة والتفرد لكل من يمتلكه، فهو جوهرة خلابة ترمز للرفاهية التي يمتلكها الأغنياء، وذلك هو ما يشكل قيمة الألماس الاقتصادية وتجعله أحد أهم السلع النادرة التي لا يحظى بها إلا من يدرك قيمتها المعنوية قبل المادية، والتي تحدد طبقًا للوزن القيراطي، والصقل، واللون ودرجة نقاء قطعة الألماس، وفي هذا المقال سوف نتعرف أكثر على تلك السلعة الفريدة من نوعها، وكيف يحاول الجميع امتلاكها بشتى الطرق.



كيف تحول الغبار إلى ألماس عبر الزمن

ينشأ الألماس ضمن ظروف خاصة وقاسية جدًا لا تتوافر إلا في مناطق محدودة من الأرض، ففي نواة الكوكب وعلى بعد 90 ميلًا (150 كم) من السطح تكون حجر الألماس الكربوني منذ قديم الأزل تحت درجات ضغط وحرارة هائلة قد تصل إلى 100 درجة سيليزية، ومن خلال انفجار بركاني عظيم لم يشهده الإنسان من قبل، تقذف هذه الأحجار إلى منطقة مرتفعة من النواة تُسمى منطقة استقرار الألماس (Diamond Stability Zone). 

من هذه المنطقة ينشأ ما يشبه الأنابيب الصغيرة التي تؤدي إلى الألماس، وهي تلك المناطق التي يكشف عنها علماء الجيولوجيا لاستخراج الألماس وإنشاء المناجم، وفي السابق لم تتوافر درجات الحرارة والضغط العالية تلك، إلا في مناطق محددة من صفائح القارات القديمة الداخلية -كقارة أفريقيا- حيث حدث القذف البركاني من خلال النواة من ملايين السنين.


ليس الفحم الحجري هو مصدر الألماس الطبيعي كما يعتقد الكثير من الناس

يختلط الأمر على كثير من الناس في كون الفحم الحجري هو أصل تكوين الألماس، وأن عوامل الضغط والحرارة عبر ملايين السنين هي ما أحالت الفحم الأسود الكربوني إلى الألماس ناصع البياض الذي نراه اليوم، وفي واقع الأمر يختلف ذلك الأمر تمامًا عن الحقيقة، بل أنه يوجد الكثير من الأدلة التي تنفي صحة ذلك قطعيًا.

من هذه الأدلة كون عمر الألماس الذي اُكتشف على الأرض إلى الآن هو أكبر بآلاف السنين من تاريخ أول نبات وجد على الأرض، وذلك لأن النبات هو المكون الرئيسي للفحم الحجري، كما أن أحجار الألماس طولية كربونية، فيما أن الفحم هو حجر رسوبي مستعرض لا يتوافر في طبقات الأرض على عمق أكبر من ميلين (3.2 كم)، وهو الأمر الذي ينفي تمامًا أي إدعاء في كون الفحم هو أصل تكون الألماس. 


محاولات كثيرة لصناعة الألماس من الفحم والرمال قد باءت بالفشل

منذ قديم الزمان، ومنذ اكتشاف تلك الجوهرة النفيسة، حاول كثير من الناس والعلماء القدامى مثل جيمس بالمر وهنري مواسان وغيرهم من الكيميائيين تحويل الفحم والصخور الكربونية إلى ألماس في المختبرات، ولكن باءت جميع تلك المحاولات بالفشل.

واليوم يحاول العلماء صناعة الألماس من الرمال مع بذل الكثير من الجهد أثناء القيام بذلك، لأن الرمال تتكون من معدن السيليكا أساسًا ولا تحتوي على الكثير من الكربون في تكوينها، لذلك يحاول الباحثون في المعامل تعريض السيليكون إلى كثير من الضغط والحرارة اللازمين ليتفاعل الكربون مع السيلكون الموجود في الرمال أو إجراء ذلك من خلال استخدام مواد أولية Chemical Precursors تؤدي إلى النتيجة نفسها تحت درجات حرارة وضغط أقل.

مازالت جميع هذه المحاولات تحت التجربة والدراسة ولا نستطيع اتخاذ إحدى الطرق المستخدمة في الصناعة لتكوين الألماس، فهي تتطلب الكثير من المال والبحث، فضلًا عن احتياجات الطاقة والكهرباء الهائلة حتى تحدث عملية المزج.



تاريخ تصنيع الألماس على سطح الأرض للمرة الأولى

تمكن العلماء في خمسينات القرن الماضي للمرة الأولى من تصنيع الألماس على سطح الأرض، وذلك من خلال محاكاة الظروف القاسية لتصنيعه في المعامل، وتحويل العديد من الصخور الكربونية كالجرافيت إلى صخور صلبة لامعة تشبه الألماس.

 كان الألماس المصنع في بداية الأمر لا يصلح ليكون جوهرة غالية تتزين بها نساء الطبقات العليا، فكان الهدف من تصنيعه يكمن في صلابة حجر الماس الذي يمكنه القطع والصقل والطحن ومقاومة درجات الضغط والحرارة العاليتين، فكان يستخدم في تقطيع المعادن وطحن العجلات، وكموصل ممتاز مقاوم للحرارة والضغط -رغم ارتفاع سعره- في معالجات أجهزة الكمبيوتر القديمة.

ثم تطورت صناعة الألماس بعد ذلك وصارت أكثر سهولة وذات نتائج أفضل تؤهله ليكون حلي بارع الجمال، فبات يتوفر الألماس بألوان سلبت عقول النساء، كاللون الأصفر بإضافة النيتروجين، أو اللون الأزرق باستخدام البورون أثناء ضغط الماس وتصنيعه. 


السر وراء عشق النساء للألماس


حسنًا إن إجابة ذلك السؤال قد تكون بديهية جدًا لبعض الناس، وذلك لسببين في غاية البساطة، السبب الأول كونه حلي، والسبب الثاني كونه حلي نادر ونفيس، ولكن توجد بعض الصور النمطية والمشاعر المرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالألماس، والتي تحمل النساء حقًا على عشق الألماس وتفضيله عن سائر المجوهرات الأخرى، وذلك لأن معدن غال كهذا إذا ما اشتراه لك شخص ما، فهو بالتأكيد يعني محبته إياكي بمنحك ذلك الجوهر القيم.

شراء الوالدين الماس لابنتهما يعني الحب والتقدير والفخر، وشراء العاشق للماس هو إعلان لشغفه وارتباطه الأبدي بمحبوبته، وامتلاك المرأة عامةً للألماس يعطيها دفعة كبيرة من الثقة بالنفس والكبرياء لدى ارتدائه أمام حشد من الناس، ويجعلها تشعر بالتميز عن غيرها من النساء، كما أن الألماس من الجواهرة القليلة التي تتماشى في ارتدائها مع كل شئ تقريبًا، بل أنه كلما كبر حجمه وازداد لمعانه المضئ، أضاف للمرأة جمال خاصًا وملفتًا.  


لطالما حصل الارستقراطيون على الماس بطرق أكثر قساوة من المعدن ذاته

إن محاولات سرقة أوروبا للألماس من البلاد الفقيرة تملأ صفحات كثيرة من تاريخ الحروب المتشح بالسواد، وكثيرًا من الألماس الذي تمتلكه الأسرة المالكة والمتاحف في بريطانيا ملوث بدماء عمال المناجم الفقراء إلى الآن، وقد أعيد فتح ملفات سرقة الحكومة الإنجليزية في العالم كثيرًا عقب وفاة الملكة إليزابيث في العام الماضي. 



صورة لتمثال الملكة إليزابيث الثانية، الذي طالب شعب جنوب إفريقيا إرجاعه إلى الدولة لاحتوائه على ألماس مسروق منذ أكثر من 100 عام. 

لقد وُثق أول اكتشاف للألماس عام 1867 في مدينة هوبتون التابعة لكيب تاون العاصمة، ثم أعيد الاكتشاف بعد ذلك في مناطق أخرى مثل تاتي، ومرتفعات هارتلي ومناطق اخرى شمال مدينة شونا التي تعرف الآن باسم زيمبابوي، وفي عام 1871 كان يوجد أكثر من 40,000 مواطن أفريقي يعملون في مناجم التنقيب عن الألماس إلى جوار المستعمرين من أوروبا، مما دفع بريطانيا إلى إنشاء خط للسكة الحديد يصل بين كيب تاون وشرق لندن.

أدت كل تلك الاستثمارات في مجال السكة الحديد والزراعة في أفريقيا إلى حاجة المستعمرين الكثير من الأيدي العاملة لتدوير مشروعاتهم، ورفض السكان الأساسيين والأفارقة بالطبع العمل تحت أيدي مستعمريهم، ولكن بضغط الكثير من شركات التنقيب والألماس لم يعد الأمر اختياري بالنسبة للسكان واغتصبت الأراضي الزراعية والممتلكات قصرًا من ملاكها حتى يجبروا على العمل لدى الأرستقراطيون وذوي البشرة البيضاء. 

وكانت من أهم الشركات التي ساهمت في استيلاء بريطانيا وغيرها من الدول الأوروبية كهولندا وبلجيكا على الألماس، هي شركة دي بيرز (De Beers)  التي تأسست عام 1888م وامتلكت الكثير من مناجم الألماس في جنوب أفريقيا، مما أهلها لاحتكار بيع الألماس بفضل سياسة الشركة (De Beers Consolidated Mines Ltd) في امتلاك أكبر قدر ممكن من المناجم بتفويض من الحكومات.

شركة دي بيرز هي شركة متعددة الجنسيات، وأحد أكبر مصنعي المجوهرات والاكسسوارات الألماسية في العالم مما يجعلها من الشركات الأكثر تحكمًا في أسعار الماس بفضل سياساتها في تقليل العرض قدر الإمكان للحفاظ على مكانة وسعر الألماس الباهظ الثمن.

ذو صلة

جميع الأشياء الباهظة الثمن في العالم، لم تحظى بتلك القيمة قط إلا من خلال التسلل إلى عقولنا وإقناعنا بأهميتها بالنسبة لنا، ومدى ما يمكن أن تملؤه من فراغ بداخلنا وإشباعًا لرغباتنا في امتلاك أمور كالجمال، والنفوذ والثقة.

"الألماس هو صديق الفتاة الأفضل" تلك الجملة الشهيرة من إحدى الأفلام الأمريكية تبين مدى تأثر وحب النساء لاقتناء الألماس وشراء الرجال لهن، ولطالما سيظل اقتناء ذلك الحجر النفيس حلمًا للفتيات ومدعاة للتباهي من قبل الرجال بأموالهن.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة