القصة الحقيقية لبحث البشر عن الكائنات الفضائية .. هل نحن بمفردنا في الكون؟

القصة الحقيقية لبحث البشر عن الكائنات الفضائية .. هل نحن بمفردنا في الكون؟
راوية بيشاني
راوية بيشاني

6 د

يأسر استكشاف الحياة خارج كوكب الأرض خيال البشرية وفضولها، ويمثل مسعى يمتد عبر عوالم العلم والفلسفة والاستكشاف، ويقف البحث عن الحياة خارج الأرض كواحد من أكثر المساعي عمقًا وروعةً، مما يدفع العلماء والباحثين وعشاق الفضاء إلى كشف أسرار الكون واكتشاف وجود الحياة في مكان آخر منه، من استكشاف الكواكب الخارجية إلى دراسة الإشارات الكونية والظواهر السماوية، يعكس السعي وراء الحياة خارج كوكب الأرض فضول البشرية الفطري ورغبتنا التي لا تتزعزع في فهم مكاننا في الكون الشاسع.


هل نحن وحيدون في الكون؟

إن الاستفسار عن وجودنا الانفرادي في الكون هو لغز عميق ومستمر، وعلى الرغم من عدم وجود أدلة قاطعة، فإن الامتداد الهائل للكون يترك الباب مفتوحًا أمام الإمكانية المُحيرة للحياة الموجودة خارج كوكبنا، وتستمر التحقيقات العلمية في البحث عن إجابات، ومسح الفضاء بحثًا عن كواكب صالحة للسكن وفحص المؤشرات المحتملة للحياة خارج كوكب الأرض.

وفي سبيل تحديد العوالم التي يُحتمل أن تكون صالحة للسكن، يستخدم العلماء مفهوم "المنطقة الصالحة للسكن"، وتشير المنطقة الصالحة للسكن إلى المنطقة المحيطة بالنجم حيث يمكن أن تسمح الظروف بوجود الماء السائل على سطح الكوكب، ومع ذلك فإن العديد من الظروف التي تتجاوز هذه المسافة المدارية من النجم ضرورية للكوكب لدعم الحياة.

وتشمل هذه العوامل حجم الكوكب وغلافه الجوي واستقرار نجمه المضيف، والذي لا ينبغي أن يكون عرضةً للتوهجات الشمسية القوية التي يمكن أن تعطل إمكانية الحياة، حيث تعمل هذه المنطقة كدليل أولي، مما يساعد الباحثين على تركيز بحثهم على الكواكب التي من المرجح أن يكون لها ظروف مناسبة للحياة، ومن المهم أن نفهم أنه على الرغم من أن المنطقة الصالحة للسكن هي مفهوم مفيد، إلا أنها ليست تأكيدًا نهائيًا على قابلية الكوكب للسكن، فإنه يساعد ببساطة في تحديد الأماكن التي قد تكون فيها الظروف أكثر ملاءمةً للحياة كما نعرفها، ويستمر استكشاف الكواكب الخارجية بهدف اكتشاف وفهم مجموعة متنوعة من الظروف التي يمكن أن تدعم الحياة خارج نظامنا الشمسي.

وهكذا تعد إمكانية اكتشاف الحياة، سواء في نظامنا الشمسي أو خارجه، جانبًا مثيرًا من جوانب الاستكشاف المستمر، وداخل نظامنا الشمسي تشمل الاحتمالات المثيرة للاهتمام البحث عن الحياة تحت سطح المريخ أو داخل المحيطات تحت السطحية لقمر المشتري (أوروبا)، بالإضافة إلى ذلك فإن إحتمال اكتشاف اتصالات الحضارات خارج كوكب الأرض أو تحديد "التوقيعات التكنولوجية" -آثار التكنولوجيا المتقدمة- لا يزال مسعًا آسر.

ومع ذلك إذا لم تنشأ هذه الفرص، يصبح التحدي أكثر تعقيدًا، وبشكل متزامن يلجأ العلماء إلى طرق مثل التحليل الطيفي العابر لدراسة الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية إذ تتضمن هذه التقنية مراقبة الضوء الذي يمر عبر الغلاف الجوي للكوكب الخارجي أثناء عبوره أمام نجمه المضيف، من خلال تحليل هذا الضوء المنقسم إلى طيف، يمكن للباحثين تحديد غازات ومواد كيميائية معينة موجودة في الغلاف الجوي للكوكب الخارجي، فقد تكون بعض هذه المركبات مؤشرًا على الحياة أو قابلية السكن، مما يضع الأساس لفهم إمكانات الحياة في هذه العوالم البعيدة.


هل يمكننا التعرف على الحياة الفضائية خارج كوكب الأرض؟

يعتمد التعرف على الحياة خارج كوكب الأرض على شكلها وخصائصها، فإذا كانت ميكروبية أو مختلفة تمامًا عن الحياة على الأرض، فقد يكون تحديدها أمرًا صعبًا، ومن أجل ذلك يبحث العلماء عادة عن التوقيعات الحيوية (مؤشرات مثل جزيئات أو هياكل أو أنماط معينة) تشير إلى وجود حياة، غير أن التأكيد النهائي قد يتطلب تحليلًا دقيقًا وربما عينات من بعثات العودة لإجراء مزيد من الدراسة.

فيما يتعلق بالاتصال مع الفضائيين، فيعتمد احتمال التواصل مع الحضارات خارج كوكب الأرض على عوامل مختلفة مثل المحاذاة الزمنية، واستعدادهم للتواصل، وندرة الذكاء المتقدم في الكون، ويُمثل العمر الشاسع للكون الذي يمتد لـ 13.82 مليار سنة، تحديًا للحضارات للتوافق زمنيًا للتواصل، بالإضافة إلى ذلك فإن المفهوم القائل بأن بعض الحضارات الغريبة قد تتجنب الاتصال عمدًا (كما اقترح المتشائمون في METI) هو عامل آخر يجب مراعاته، ففي الواقع أثار البحث عن ذكاء خارج كوكب الأرض (SETI) جدلًا كبيرًا داخل المجتمع العلمي، وهذا يشمل مجموعة من الآراء حول المخاطر والفوائد المحتملة للمحاولة النشطة للاتصال بالحضارات خارج كوكب الأرض.

أعرب البعض مثل العالم (ستيفن هوكينج) عن مخاوفهم بشأن بث وجودنا بنشاط في الكون، مما يشير إلى أنه قد يجذب انتباهًا عدائيًا أو استغلاليًا محتملًا من كائنات متقدمة خارج كوكب الأرض، ومن ناحية أخرى يجادل بعض الباحثين بأن الحضارات القادرة على السفر بين النجوم أو مع التكنولوجيا المتقدمة من المحتمل أن تكون على دراية بوجودنا من خلال إشارات واتصالات غير مقصودة من قبلنا، ويقترحون أنه إذا كانت هذه الكائنات المتقدمة تشكل تهديدًا، فربما تكون قد لاحظت بالفعل كوكبنا.

يعكس هذا النقاش التعقيد والمجهول المحيط بالاتصال المحتمل بحياة خارج كوكب الأرض، ووجهات النظر المختلفة حول المخاطر والفوائد المحتملة للمحاولة النشطة للتواصل مع الحضارات غير المعروفة في الكون، وفي حين أن الحياة قد لا تكون نادرة، إلا أن ظهور الحياة الذكية يمكن أن يكون كذلك، مما قد يفسر الندرة المحتملة للحضارات التواصلية، كما يتناقض تاريخ حياة الأرض الطويل مع استخدامنا الحديث نسبيًا للموجات الراديوية واستكشاف الفضاء، مما يجعل من الصعب اكتشاف أو إقامة اتصال مع أشكال الحياة البعيدة التي ربما لم تطور تقنية مماثلة، وإن تعقيد هذه العوامل يجعل البحث عن الاتصال بالكائنات الذكية في الكون مسعى صعب وغير مؤكد.


الأساليب المستخدمة من قبل العلماء للبحث عن الحياة خارج كوكب الأرض

إن الكون شاسع مع مليارات المجرات، كل منها يحتوي على مليارات النجوم، وبالنظر إلى حجم الكون فإن احتمال أن تكون الأرض هي المكان الوحيد لإيواء الحياة يبدو منخفضًا بشدة، ومع ذلك بدون دليل قاطع تظل مسألة الحياة خارج الأرض مفتوحةً وتخضع للاستكشاف والاكتشاف العلميين المستمرين، فالبحث عن الحياة خارج الأرض هو مجال مثير للإهتمام، كما أن العلماء يستكشفون الحقيقة وراء هذا السؤال من خلال طرق مختلفة:

  • الدراسات عن الكائنات الحية المتطرفة تشير إلى إمكانية تكيف الحياة مع الظروف القاسية على الأرض، مثل البيئات الحمضية أو البرودة الشديدة، مما يشير إلى أن الحياة قد تستمر في بيئات غير عادية، وهذا يعزز الاعتقاد في إمكانية وجود أشكال مختلفة من الحياة في أماكن أخرى في الكون التي تحتوي على ظروف مختلفة.
  • استكشاف الكواكب من خلال بحث المسابير والمركبات الجوالة المُرسلة إلى الأجرام السماوية الأخرى في نظامنا الشمسي مثل المريخ، عن أدلة على الحياة الماضية أو الحالية، في حين لم يُعثر على دليل مباشر، توجد تلميحات محيرة للظروف التي ربما دعمت الحياة في الماضي، وهذه القراءات والمؤشرات تشمل وجود الماء أو التضاريس التي قد تكون صالحة لدعم الحياة الدقيقة.
  • علماء الفلك الذين يبحثون عن الكواكب المعروفة باسم الكواكب الخارجية عن نظامنا الشمسي، يركزون على البحث عن الكواكب داخل "المنطقة الصالحة للسكن" حيث يمكن أن تكون الظروف مناسبة لوجود المياه السائلة، وهذا الاكتشاف يثير الفضول حيال إمكانية وجود حياة على تلك الكواكب، ولكن هذا يبقى مجرد افتراض أو احتمال دون وجود دليل مباشر حتى الآن.
  • القيام بمبادرات مثل SETI التي تعمل على فحص السماء والكون بحثًا عن أي إشارات إلكترونية أو إشارات راديوية تشير إلى وجود حضارات ذكية في الفضاء، وحتى الآن لم يُكشف عن أي إشارات مؤكدة تدل على وجود حضارات ذكية خارج كوكب الأرض، ولكن هذا النوع من البحث ما زال مستمرًا بهدف استكشاف المزيد من الكواكب والنجوم في الكون.
ذو صلة

لا يزال البحث عن حياة خارج كوكب الأرض أحد أكثر مساعي البشرية عُمقًا وجاذبية، وفي حين أن العديد من الاكتشافات والإشارات الكونية والألغاز السماوية قد أثارت الانبهار والتكهنات، اعتبارًا من أحدث المعلومات المتاحة، فلا يوجد دليل قاطع ومثبت علميًا على وجود حياة خارج كوكب الأرض أو حضارات ذكية خارجه، ويستمر السعي لفهم وجود الحياة خارج كوكبنا من خلال الاستكشاف العلمي والتكنولوجيا المبتكرة والدراسات متعددة التخصصات.

في حين أن الأدلة المباشرة لا تزال بعيدة المنال، فإن البحث عن حياة خارج كوكب الأرض يمثل فضولنا الدائم، والسعي الدؤوب للمعرفة، والرغبة في استكشاف أسرار الكون، ويواصل العلماء والباحثون في جميع أنحاء العالم استكشاف الكون، مدفوعين بالسعي للكشف عن العلامات المحتملة (الأدلة و البراهين) للحياة خارج كوكبنا.

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة