ليست لتوفير الأوكسجين فقط! اكتشف فوائد الشجرة الخفية.. من محاربة الجريمة إلى توفير مالك
5 د
في عالم يميل إلى التركيز على الأرض والنظر لما عليها، قليلون هم من يرفعون أعينهم نحو السماء ويقدرون الطبيعة المحيطة بهم. لكن إذا كنت تعتقد أن وظيفة الأشجار هي إنتاج الأكسجين وحماية الغلاف الجوي فقط، فأنت مخطىء.
هل لاحظت ذبول شجرة بعد وفاة صاحبها؟ كم مرة سمعت جدتك وهي تكلم أزهارها وضحكت منها؟ هل رأيت طفلاً يحضن شجرة وقلت في نفسك إنه مجرد طفل؟ تلك الشجرة ربما ماتت شوقاً لرفيقها الذي هجرها، وجدتك ليست مجنونةً وتعرف أن هذه الأشجار تتفاعل معها وربما تشعر بها أيضاً! وذلك الطفل يتصرف بفطرته الجميلة ويعرف أن للشجرة سراً خفياً يشفي الروح قبل الجسد، سرًا عظيماً وضعه الله في هذه الروح التي إلى هذه اللحظة نجهل مدى روعتها ومدى حاجتنا إليها كبشر، والأخطر جهلنا بمدى ارتباط وجودنا بها، الشجرة لا تعطيك مجرد ثمار وهواء عليل، إنها تعطي أشياء خفية بصمت.
كيف تحسن الأشجار من جودة حياتك؟
تعمل الشجرة مثل كاتم الصوت. فإذا كنت ممن يسكنون في المدن ستقلل المساحات المشجرة من التلوث الصوتي، لأن مجموعة الأشجار والنباتات التي يبلغ طولها 30 مترًا وارتفاعها 15 مترًا تقلل من الضوضاء بمقدار ستة إلى ثمانية ديسيبل، وهو ما يعادل انخفاضًا بنسبة 30 إلى 40%، إلى جانب أغنية الطيور التي تعشش في الأشجار، مما يساعد أيضًا على إخفاء ضجيج المدينة.
تجعلك الشجرة أكثر هدوءاً وأقل توتراً. فلست بحاجة إلى أن تكون عالماً لتلاحظ الفرق في الطريقة التي تشعر بها عند المشي عبر الغابة، ربما كنت تشعر بالتوتر قبل 10 دقائق. بالإضافة إلى القلق بشأن العمل ومسؤولياتك، لكن بمجرد دخولك الغابة، يبدو الأمر وكأنك تدخل عالمًا مختلفًا. الأمر نفسه عندما تتأمل الشجرة تحت نافذتك فتصبح أكثر هدوءًا، وتتعمق أنفاسك ولا يتسارع عقلك كثيرًا. الأشجار تشفي أجسادنا وعقولنا وأرواحنا.
الأشجار تجعل المدن أكثر ملاءمة للعيش وأكثر جمالاً للنظر. فالمدن عادة ما تكون قذرة، صاخبة، ومزدحمة. لذا تضيف الأشجار إحساساً بالانتعاش وتنقي الهواء من الغبار والتلوث مما يجعلها أكثر ملاءمة للعيش. والأشجار هي أفضل مكان للعثور على السلام والعزلة. منذ العصور القديمة، وجد الحكماء والفلاسفة معرفتهم وحكمتهم وهم يتأملون تحت الأشجار. حقق بوذا معرفته الإلهية تحت شجرة بودي. وكان المعلمون في العصور القديمة يعلمون الناس ويحثونهم على الجلوس تحت الأشجار.
الأشجار تخفّض نسبة الجريمة!
أظهرت بعض الأبحاث السابقة أن المساحات الخضراء تقلل الجريمة في المناطق الحضرية. وفي إحدى الدراسات الحديثة، نظر الباحثون في بيانات الجريمة في مدينة شيكاغو، وقاموا بحساب النتيجة لكل منطقة تعداد. ثم قارنوا ذلك بالنسبة المئوية لغطاء الشجرة ومساحة الحديقة المغلقة في كل منطقة. ووجدوا أنه مقابل كل زيادة بنسبة 10% في غطاء الأشجار، انخفضت معدلات الجريمة في عدة فئات - 11.3% للاعتداءات وجرائم المخدرات والسرقة، و10.3% للضرب وخلص المؤلفون إلى أن "فهم العلاقة بين المساحات الخضراء والجريمة يمكن أن يفيد التخطيط الحضري لتحسين سلامة الإنسان ورفاهيته". لكن ما هي الأسباب؟
- تحسين جودة الحياة والمزاج: الأماكن التي تحتوي على المساحات الخضراء والأشجار تساعد في تحسين مزاج الأشخاص وتقليل مستويات التوتر والقلق. عندما يشعر الأشخاص بالراحة والهدوء، فإن احتمالية الانخراط في نشاطات جريمية تقل.
- زيادة التواصل الاجتماعي: الحدائق والمساحات الخضراء تشجع الناس على الخروج من منازلهم والتواصل مع جيرانهم. وعندما يكون هناك مجتمع نشط ومتواصل، فإن هذا يمكن أن يعمل كرادع للجريمة.
- زيادة الرصد الطبيعي: الأشجار والمساحات الخضراء تجعل الناس يميلون إلى قضاء المزيد من الوقت في الخارج، مما يعني وجود المزيد من العيون التي تراقب وتساهم في ردع الأنشطة الجريمية.
- تقليل معدلات الجريمة الاقتصادية: المساحات الخضراء قد تساهم في زيادة قيمة العقارات وتحسين الاقتصاد المحلي. بتوفير فرص العمل وزيادة الثروة في المجتمع، يمكن أن تقلل من الحاجة أو الرغبة في الانخراط في الجرائم الاقتصادية.
- تحسين جودة البيئة: الأشجار تساهم في تحسين جودة الهواء وتقليل التلوث. وقد أظهرت الأبحاث أن هناك علاقة بين التلوث وزيادة معدلات الجريمة.
كيف تساهم الأشجار في توفير المال؟
تعتبر الأشجار عناصر ديكور رخيص، إذ يمكنك فقط أن تتخيل قباحة شارع مملوء بكتل الاسمنت والحديد فقط. كما تساعد في جعل المنازل والأحياء والحدائق والمدن أكثر جمالاً. وتزيد من قيمة العقار أيضاً، فالمنزل الذي به أشجار ويشبه منزلًا آخر في نفس الحي بدون أشجار سيُباع بسرعة أكبر. إذ ترفع الأشجار قيمة العقارات السكنية من 10 إلى 18 بالمائة.
كما يمكن للأشجار بالقرب من المنازل أن تقلل الحاجة إلى تكييف الهواء من 15 إلى 30% بسبب الظل الذي توفره في الصيف. وفي فصل الشتاء، تعمل الأشجار كحاجز طبيعي يحمي المنازل من الرياح الباردة، مما يقلل من الحاجة إلى التدفئة. كما تقلل الأشجار من تأثيرات التعرية التي يمكن أن تضر بالطرق والمباني. فهي تخفض تدفق المياه خلال العواصف، مما يحد من التعرية والتآكل. ويمكنها أيضًا تعزيز توفير الطاقة الحرارية بنسبة تصل إلى 15% لأنها تسمح للضوء بالمرور.
اللون الأخضر.. رمز الاسترخاء والإبداع والتجديد في حياتنا
اللون الأخضر يساعد على الاسترخاء، وأعيننا تكتشف الأطوال الموجية المقابلة للون الأخضر بسهولة، لهذا السبب غالبًا ما يستخدم اللون الأخضر في المدارس والمكاتب والأماكن الطبية مثل غرف الانتظار في المستشفيات، لأنه يساعد على التشافي.
وقد أثبتت الدراسات الحديثة بالفعل فوائد أخرى للون الأخضر تتجاوز خصائصه المهدئة. فأظهرت تجربة للمشاركين إما اختيار اللون الأبيض أو اللون الأخضر، قبل أن يُطلب منهم إكمال مهمة تتطلب الخيال. ومن المثير للاهتمام أن الأشخاص الذين نظروا إلى الظلال الخضراء قبل المهمة توصلوا إلى إجابات أكثر إثارة وإبداعًا. فالنظر حولك ورؤية اللون الأخضر لا يساعدك فقط على الشعور بالهدوء والاسترخاء، بل يحفز عقلك على الإبداع أيضًا.
في الأساطير القديمة، كان الأخضر رمزًا للخصوبة. مثلاً، في التقاليد الإيرانية القديمة، تم تسمية الشهر الأخير من الشتاء بـ "أسفند" لما يشهده من عودة الربيع وظهور الخضرة على الأرض. وقد خُصص اليوم الخامس من هذا الشهر لتكريم الأرض والنساء. وفي الثقافة اليونانية، كان يُصور أوزوريس، إله العالم السفلي والميلاد والنشوء والزراعة، بلون وجه أخضر.
ربما بعد أن علمت أن الاشجار لها فائدة أعمق بكثير من التركيب الضوئي وتوليد الاكسجين، أعتقد أنه من الممتع والمفيد لك ولعائلتك أن تزرع قرب نافذتك أو على شرفتك بعض الأشجار الجميلة. فحتماً سوف تضفي روحاً وجمالاً إلى حياتك.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.