منهم بنات عبد الرحمن، أهم الأفلام النسوية في مهرجان القاهرة السينمائي الدورة 43
الدورة السابقة لمهرجان القاهرة التي تحمل رقم 42 كانت تضم اثني عشر فيلم من إخراج سيدات، أي ربع الأفلام المشاركة تقريبًا. كما ضمت الجوائز جائزة إيزيس لأفضل فيلم يناقش قضايا المرأة. وعن الدورة الثالثة والأربعين فاحتوت على العديد من الأفلام التي تناقش قضايا المرأة من أنحاء العالم، والتي بالتأكيد تختلف باختلاف المجتمع والثقافة ولكن يمكن تعميمها في النهاية بشكل ما، نستعرض مجموعة من أهم الأفلام النسوية في مهرجان القاهرة السينمائي فيما يلي:
بنات عبد الرحمن: مشاكل المرأة الأردنية
في أولى أيام مهرجان القاهرة السينمائي عرض فيلم بنات عبد الرحمن في عرض "السجادة الحمراء" ضمن المسابقة الدولية بحضور المخرج وكاتب السيناريو زيد أبو حمدان والنجمة صبا مبارك والمنتجة آية وحوش. فبالإضافة للصالة الممتلئة بالكمال تفاعل الجمهور مع الفيلم بشكل كبير واختتم العرض بتصفيق حاد وتحية لفريق العمل مما نبأ بشدة باحتمالية فوز الفيلم بجائزة الجمهور بشكل كبير.
يدور الفيلم حول أربع من الأخوات تفرقت طرق كل منهن بقرارات حياتية مختلفة، في يوم يختفي الأب فيجتمع الأربعة معًا للبحث عنه. مع سير الأحداث تنكشف المشاكل التي تعانيها كل منهن ، والتي تمثل -تقريبًا- كل المشاكل التي تتعرض لها المرأة الأردنية بشكل خاص والعربية عمومًا. فبين الشابة المتأخرة عن الزواج التي ينظر لها جميع سكان الحي على أنها صاحبة علة ما. المتدينة بشكل هوسي والمعنفة من زوجها وتحارب في ظل كل هذا لمنع زواج ابنتها القاصر. الزوجة التي يخونها زوجها وتطارده بشكل جنوني، كما أنها تثور بشكل صريح على كل قوانين المجتمع. وأخيرًا الفتاة المغتربة التي تربطها علاقة حب مع شاب وتشاركه السكن، مما يضعها في خانة "العاهرة" بقوانين الحي الشعبي الذي تنتمي له الأسرة، تظهر المشاكل التي تتعرض لها المرأة العربية.
صرح المخرج والكاتب زيد أبو حمدان أن وقت إعداد فيلم "بنات عبد الرحمن" استمر لمدة سبع سنوات بدايةً من الفكرة حتى ظهور المنتج النهائي، كما أوضح أن الوقت الأكبر كان من نصيب الكتابة، فظل يكتب ويعدل حتى يصل لنقطة موضوعية يمكنه من خلالها الكتابة عن مشاكل نسوية في مجتمع شرقي ذكوري.
107 أمهات: بين السجينات والسّجانات وغريزة الأمومة
فيلم 107 أمهات- 107 mothers فيلم من سلوفاكيا من إخراج بيتر كيريكس مشارك ضمن المسابقة الدولية. يتناول الفيلم قصة سجينات حوامل، يقضين مع أبنائهن ثلاث سنوات ثم يتعرضن لواحد من أقصى الاختبارات في حياتهم، فإما أن يخرجن تحت بند إطلاق سراح مشروط، أو يفترقن عن أطفالهن للأبد. حصل على جائزة نجيب محفوظ لأفضل سيناريو.
يبدأ الفيلم الذي يعد من الأفلام النسوية في مهرجان القاهرة السينمائي بمشهد قد يكون من أصعب وأقسى المشاهد التي ستراها على شاشة السينما، حيث مشهد كامل غير مشفر لعملية ولادة طبيعية لسيدة، يهدف هذا المشهد صاحب التأثير القوي في المشاعر أن يوضح مقدار الألم التي تمر به المرأة لولادة طفل واحد، ليكون بعدها التعاطف من جانب المتلقي مع معاناة الفراق التي ستمر بها السجينة أمرًا سهل التحقيق. كما يتخذ الفيلم طابعًا وثائقيًا ممزوجًا بالروائي على مستوى الإخراج والتنفيذ، مما يضيف طابع المصداقية على العمل، لتشعر في منتصف الأحداث أنك بالفعل تتابع فيلمًا تسجيليًا عن أحد سجون الاتحاد السوفييتي.
بجانب مناقشة الفيلم للفراق بين الأم -أيًا كان شكلها وخطيئتها- والطفل، يناقش أيضًا صورة نمطية منتشرة عن نوع آخر من النساء وهن السّجانات، حيث يظهر تطور واضح في الطريقة التي تتعامل بها السجانة مع الأمهات من القسوة للتعاطف الشديد ومحاولة مساعدتهن -قدر استطاعتها- وفي النهاية تنتصر رغبتها الملحة في أن تكون أمًا، والتي ظهرت على مدار الفيلم في محاولاتها لعيش حياة بديلة، حتى تقرر في النهاية تبني طفل من أبناء السجينات.
خلية النحل: تخيلي أن تحاربك الذكورية والرأسمالية معًا!
عرض ضمن القسم الرسمي خارج المسابقة فيلم خلية النحل- hive من دولة كوسوفو من إخراج بليرتا باشولي. يتناول الفيلم قصة الزوجة فهريج التي تجد نفسها في محل المعيل لعائلاتها بالإضافة لأبي زوجها بعد غياب زوجها بسبب حرب عام 1999، وبعد مرور ثماني سنوات تدهورت حالة الأسرة المادية كثيرًا. تقرر فهريج بدء مشروع صغير يعتمد على إنتاجها من العسل والهريسة الحارّة. تبدأ مشكلتها في قريتها الريفية الأبوية الصغيرة عندما توافق فهريج على تعلم السواقة والحصول على رخصة وهو ما يعد "فجر" في قوانين القرية.
وعلى عكس التقدير العالمي لموقف "نساء ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية" الشهير تقبع نساء قرية فهريج في منطقة أخرى تمامًا من الوصم والنعت بالعهر إذا حاولن مساعدة أنفسهن وذويهن من خلال توفير مصدر رزق ثابت في ظل غياب الأزواج. ولا يقتصر الأمر على النميمة والسباب فقط، بل تطور الأمر ليصل للاعتداء الفعلي سواء من خلال كسر زجاج السيارة أو تحطيم البضائع الخاصة بالنساء. وعن هذا المشهد بالتحديد الخاص بتحطم البرطمانات، وبسبب اللون الأحمر تشعر وكأنك ترى آثار جريمة قتل مؤلمة. استخدمت المخرجة نفس الأسلوب الرمزي في التعبير في أكثر من موضع ومنها الجد القعيد العاجز الذي هو مرآة لحالته في المنزل، دموع فهريج المختلطة بعرقها أثناء إعدادها للهريسة بعد شجارها مع ابنتها وأخيرًا اللدغات التي تتحملها أثناء جمع العسل لتعبر عن المعاناة الجسدية التي تمر بها من أجل الحصول على القليل من المال. يعتبر الفيلم من أكثر الأفلام النسوية قوة هذا العام.
زهور البراري: نكرم ذكراك وذكرى كل ضحايا العنف ضد المرأة
زهور البراري- prairie flowers فيلم مكسيكي قصير مدته 19 دقيقة من أهم الأفلام النسوية في مهرجان القاهرة السينمائي من إخراج ماريانا إكس ريفيرا. تستخدم المخرجة العديد والعديد من الرموز الشعبية المكسيكية لتعبر عن حالة من الحزن والحداد التي تعيشها يسينسا إثر مقتل ابنة عمومتها سيلفيا كإحدى ضحايا العنف ضد المرأة. من ضمن تلك الرموز هو إعلان يسينسا حالة الحداد برفقة "زهور البراري" الحائكات الشهيرات في الثقافة المكسيكية، أو من خلال متابعة عمليات النسج التي يقمن بها أثناء روي قصصهن، أو حتى من خلال قرارهن في المواصلة والتطلع للأمام ورعاية صغار القتيلة.
يحاول الفيلم مناقشة قضايا العنف ضد المرأة من خلال صوت المرأة نفسه، فتقوم يسينسا بدعوة مجتمعها وبالأخص السيدات منه من خلال الراديو للتكاتف معًا، محاربة العنف ضد المرأة، منع قتل النساء، تلك المصطلحات الجديدة التي ليست بالشائعة في ثقافة قريتها. لا ينفك الفيلم بعرض رموز ودلالات نسوية واضحة تعد في ثقافة تلك القرية المكسيكية ثورة شديدة، نوع من التحدي الاجتماعي ومن تلك الرموز هو مشهد رجل الأنثى المشعرة التي من المعروف أنها تكسر الصورة النمطية عن المرأة حليقة الرجل في أغلب الثقافات.
بنات: عقدة الأب لن تحل بمرور الوقت
فيلم بنات- daughters هو فيلم من الأفلام النسوية في مهرجان القاهرة السينمائي ألماني الجنسية من إخراج نانا نيول ضمن المسابقة الرسمية، يعرض الفيلم قصة صديقتين مقربتين في الأربعينات من عمرهما، تعاني كل منهما بشكل أو بآخر من عقدة الأب التي تعرّف على أنها "مشكلات تجاه الأب من الأشخاص الذين يتعرضون ويعانون من نقص الاهتمام من الأسرة على أصعدة مختلفة، سواء مادية أو نفسية، ونتيجةً لهذا النقص تظهر بعض التصرفات التي تشير إلى طلب الاهتمام المبالغ فيه من الآخرين، لذلك يجد الكثير من الناس صعوبة في التعامل مع هذا النوع من الناس".
أما عن مارثا التي يزيف والدها أمنية موته الأخيرة قبل إقدامه على الانتحار حتى يقابل إحدى عشيقاته القدامى في بلدة بعيدة، مستخدمًا إياها في إيصاله لذلك، تقع مارتا في ثنائية وجدانية تجاه هذا الرجل الذي تشفق عليه وهو على وشك الموت وفي نفس الوقت تشعر بالكثير من الغضب تجاهه بسبب غيابه أثناء طفولتها وشبابها. تكتشف مارتا في نهاية الرحلة الطويلة مع والدها أنها كانت ولا تزال تحتاج له، حتى مع كل عيوبه لذلك تقرر قضاء آخر ساعات عمره معه.
وأما عن بيتي صاحبة الآباء المتعددين بسبب كثرة علاقات والدتها العاطفية أثناء طفولتها ومراهقتها، فهي لا تعرف والدها الحقيقي ولا تهتم بالآباء الكثر الذين حظيت بهم، إلا شخصًا واحدًا فقط يدعى "إرنستو". والحقيقة أن علاقة بيتي وإرنستو ورغبتها الملحة للوصول إليه ظلت حتى نهاية الفيلم مبهمة للغاية، حتى بيتي عبرت عن هذا التداخل بقولها إنها لا تعرف إن كان يمثل لها الأب أم الحبيب الأول. يزداد هذا التداخل مع المشهد الأخير لـ إرنستو الذي يظهر عليه الندم الشديد ورغبته في أن يُقتل بواسطتها، في إيحاء لأمور كثيرة منها تعرض بيتي للاستغلال الجنسي من قبله. وبعد العثور على إرنستو تجد بيتي أيضًا الراحة والاتزان وتكون على استعداد للدخول في علاقة معه.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.