فانوس رمضان من علبة صفيح إلى صور الرياضيين والساسة، نشأته وتطوره
5 د
شهر رمضان هو الشهر الذي ينتظره الجميع من العام للعام الذي يليه، شهر الرحمة والغفران والدعوات المستجابة والصلوات. الشهر الذي يبدأ الاحتفال به ومظاهر استقباله من شهر يسبقه، فمع حلول شهر شعبان تبدأ الشوارع في الاحتفالات فتبدأ المحلات بالإعلان عن وجود المكسرات و”ياميش” رمضان وتبدأ الأمهات في ترتيب بيوتهن -لا أعرف السبب الحقيقي من فعل ذلك ولا أفعله في بيتي ولكنه طقس لدى كثيرين- ويبدأ الأطفال في تزيين الشوارع وتركيب فانوس رمضان في نوافذ البيوت.
يعد الفانوس واحدًا من أهم مظاهر الاحتفال بالشهر الفضيل في الدول العربية، الفانوس الذي ظهر منذ أكثر من ألف عام وتطور في الحجم والشكل والنوع، فما هي قصة الفانوس من البداية ومن صاحب فكرته وكيف تطور؟
اقرأ أيضًا: بعيدًا عن الاحتفال بيوم المرأة نحتفي بأبرز المصورات السينمائيات النساء في الوسط الفني
“فانوس” الأصل إغريقي والمنشأ عربي
أصل كلمة فانوس يعود للغة الإغريقية، وأصلها بالإغريقية “هانوس” أي النور أو إحدى وسائل الإضاءة، ويقول “الفيروز آبادي” مؤلف القاموس المحيط أن كلمة فانوس تعني “النمام” لأنه يكشف صاحبه في وسط العتمة.
كلمة السر: المصريون في العهد الفاطمي وبداية فانوس رمضان؟
ككل الأشياء والأحداث التاريخية لا نملك التفاصيل بدقة، فكل ما جاءنا وصل عبر القصص البشرية أو الكتب التاريخية وهما عنصران يمكن أن يحدث بهما نوع من الخطأ أو الخلل، لكن تبقى مؤشرات تؤكد أن بعض القصص مقبولة، من بينها اتفاق كل الروايات أن الفانوس صناعة مصرية بالأساس وظهرت أثناء حكم الفاطميين لمصر، وها هي الروايات التي تحكي عن بداية ظهور فانوس رمضان.
• منذ ما يزيد عن ألف عام تحديدًا عام 358 هجرية، خرج جوهر الصقلي القائد العسكري الفاطمي ونائب الملك في حينها، مع أهل مصر لاستقبال المعز لدين الله الفاطمي على مشارف القاهرة قادمًا من الغرب، خرجوا ليلًا فكان لا بد من إضاءة الشوارع لاستقبال الملك، فما كان منهم إلا أن وضعوا الشموع على قواعد خشبية وغطوها بالنخيل والجلد الرقيق وبينما كان الخليفة يسير رآها وأُعجب بتصميمها وكانت بداية فانوس رمضان.
• رواية أخرى تنقل لنا ان أحد الخلفاء الفاطميين كان يخرج للمقطم لاستطلاع هلال شهر رمضان كل عام، وبينما كان يخرج كانت الأسر المصرية تخرج أيضًا من أبواب القاهرة القديمة وباب النصر وباب الفتوح وباب الذهب لمرافقة الخليفة حاملين الإنارة ومرددين لأغاني رمضان.
• بينما كانت مصر القديمة غارقة في الظلام أمر أحد الخلفاء الفاطميين بإنارة الشوارع ليلًا بوضع الفوانيس على المحلات وفي نوافذ البيوت وتعليق الفوانيس أيضًا على أبواب المساجد عند حلول موعد السحور.
• في عهد الخليفة الحاكم بأمر الله الفاطمي أصدر مرسومًا بعدم خروج النساء للشوارع إلا في رمضان للصلاة وزيارة الأهل وكان يلزم أن يتقدمها صبي يحمل فانوس ليعلم الجمع أن هناك امرأة تمر فيفسحون لها الطريق، وحتى بعدما سُمِح للنساء بالخروج في أي وقت ظلت تلك العادة باقية.
تكاثرت الحكايات حول بداية الفانوس ولكن باختلافها تجتمع على ان فانوس رمضان صناعة مصرية ظهرت في العهد الفاطمي وانتقلت منه إلى البلدان العربية ونشأت صناعة جديدة تعتمد على قدوم الشهر الفضيل.
اقرأ أيضًا: جولة في مصر وبعض دول الوطن العربي أثناء شهر رمضان
تطور شكل فانوس رمضان
كأي صناعة وحرفة تتطور وتتأثر في شكلها ومبيعاتها بالظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تمر من حولها فبمرور الزمن تطور الفانوس في شكله وإمكانياته من الشكل التقليدي إلى الأشكال الموجودة في الأسواق الآن.
تطور صناعة الفوانيس له أيضًا يد في حركة الاقتصاد العالمية ولو بنسبة قليلة، فالصناعة التي بدأت في مصر وبدأت صناعتها تحديدًا في شوارع مصر القديمة حيث توجد ورش التصنيع حتى الآن انتقلت إلى دمشق وحلب وغزة ثم حاليًا وبعد فرض الصين نفسها كقوة اقتصادية أصبحت الدولة الأكبر في تصدير الفوانيس لكل بلدان العالم بما في ذلك مصر.
بدأ شكل الفانوس بعلبة صفيح مربعة بها شمعة للإنارة ثم تطور إلى وضع زجاج في نوافذ من إطارات نحاسية او معدنية وعليها رسومات وباب صغير للتمكن من إنارة الشمعة حيث تستقر على قاعدة مخصصة وعند إشعالها تنعكس إضاءتها من على الزجاج، ثم بدأت زخرفة الزجاج بألوان ونقش بعض الآيات القرآنية وأسماء الله الحسنى، وفي العصر الحديث تم استبدال الشمعة باللمبة المزودة بالبطارية، وبعد ذلك تم تزويد الفانوس بأحدث خاصية وهي ترديد الأغاني الرمضانية مثل “وحوي يا وحوي” و”رمضان جانا”.
شكل الفانوس تطور بشكل ملحوظ أيضًا منذ بداية القرن العشرين ففي عام 2005 كان الظهور الأول للفانوس بشكل” بكار” الولد النوبي الذي عشقه الجميع، ولد يغني للنيل، وكارتون يذاع في وقت الإفطار كان له النصيب الأول لوجود فانوس رمضان في التمثيل، بعدها ظهرت قوة المنتخب المصري والنادي الأهلي فكان “أبو تريكة” على الفانوس، بعدها بسنوات قليلة تطورت الأحداث السياسية فكان للساسة النصيب الأكبر والأغرب، من منا تخيل في يوم أن الأطفال سيبتهجون لشراء فانوس عليه صورة رجل ببدلة عسكرية!
تطور شكل فانوس رمضان بين مؤيد ومعارض
الفانوس الذي يحمل جزءًا من التراث الشعبي والتاريخي أصبح حرفة، قد يتفق البعض على ضرورة تطوير تلك الحرفة باستخدام التكنولوجيا واستغلال التطورات والاتجاهات المختلفة للشعب وابتكار أفكار جديدة لمواكبة العصر، بينما يرى الفريق الآخر أننا فرضنا جزءًا على شيء من تراثنا فبدأنا بالرسوم والألوان إلى أن وصلنا لمجسمات صحيح أنها تغني الأغاني الرمضانية لكنها لا تحمل أي بهجة كالتي يحملها الفانوس التقليدي.
أما أنا فسأشتري لابنتي فانوس تقليدي، أشعر أن الفانوس التقليدي له رائحة رمضان الحقيقية.
وأنت عزيزي القارئ من أي الفريقين؟
اقرأ أيضًا: في ظل الإهمال الذي تتعرض له.. آثار مصرية قد تصبح من الماضي
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.