هل جربت أن تجري مقابلة مع نفسك في المستقبل؟!
من حين لآخر نحتاج أن نقف وقفة صادقة مع النفس، نراجع الخطوات التى أخذناها والقرارات التي أثرت في حياتنا، نحتاج لأن نسأل أنفسنا هل نحن مازلنا على الطريق، هل اقتربنا من تحقيق أحلامنا أم ابتعدنا أم ببساطة تخلينا عنها، ولما تخلينا عنها؟! هذه الوقفة البسيطة مهمة جداً أثناء مسيرنا على الدرب، وللأسف ربما أكبر فشلنا يكمن في عدم محاسبة النفس ومراجعتها، ولكن نصيحة أبتعد ولو لخمس دقائق عن معترك الحياة وأسأل نفسك أسئلة محورية تدور حول المصير والموت والمستقبل، صدقني قد تغير حياتك بالفعل، فلست بحاجة للتنويم المعناطيسى أو مدرب تنمية بشرية أو أي من هذا الهراء، كل ما تحتاجه (مكان هادئ + خمس دقائق + ورقة وقلم)، تراجع من خلالها أفكارك واهدافك ووسائلك.
مقابلة مع نفسك فى المستقبل!
بعيداً عن هذه الخمس دقائق التي قد تغير حياتك للأفضل، فأنا هنا لأحدثك عن شيئ آخر شبيهاً لتلك الوقفة ولكنه أكثر عمقاً، أنا هنا لأحدثك عن أهم مقابلة قد تجريها في حياتك، بعيداً عن مقابلات العمل أو مقابلة رئيس أو شخصية هامة أو أياً كان، أنا هنا لأحدثك عن مقابلة حياتك والتي سينقبض فيها قلبك أو حتى تذرف عينك بعض الدموع، وربما من الناحية الأخرى ستفرح فرحة عمرك وتحمد الله على نعمته.
أتكلم عن مقابلتك لنفسك في المستقبل، ولكن قبل أن تجرى المقابلة فعليك أن تحذر، هذه المقابلة للكبار فقط، ولا أقصد كبار السن ولكن كبار العقل والأهداف والطموحات، فضعيفي الحيلة من يرمون أحلامهم خلف ظهورهم من تتأذى أعينهم من الضياء، من أعتادوا المشي في ضمن القطيع، لن يتحملوا هذه المقابلة، فقد تكشف عن أكبر مخاوفهم وجانبهم المظلم الذي طالما هربوا منه، وتجنباً للمراهنة سيكون في هذا المقال سيناريوهين للمقابلة.
قواعد المقابلة الثلاثة
هذه المقابلة ستكون تجربة مثيرة بالنسبة لك، أتمنى أن تكررها من حين لآخر، ولكن قبل إجرائها ومتابعة القراءة هناك ثلاث قواعد يجب أن تراعيها:
# يجب أن تجري المقابلتين لنهايتهم أو بمعنى آخر أن تقرأ المقال لآخره.
# أن تستحضر مشاعرك وأحاسيسك وتتفاعل مع المقابلة.
# أن تحضر ورقة وقلم وفي نهاية المقال تكتب ما الذى استفدته.
هذه هي القواعد الثلاث، سهلة أليس كذلك؟ لما لا نبدأ..
السيناريو الأول
تخيل الآن أنك قابلت نفسك المستقبلية، نسخة منك في المستقبل، ولكنها أسوء ما قد تصل إليه يوماً ما، نفسك بدون وظيفة بدون عائلة بدون أي شيء حلمت به يوماً من الأيام، ولا يهم كيف ومتى وأين قابلت نسختك المستقبلية هذه، المهم هو أسئلتك لها وأجوبتها لك، تشعر بالخوف أن يكون هذا حقيقي ولكن فقط تخيل، وأنت هنا لتسأل نفسك؟!
كيف وصل الحال بي لذلك الشخص؟ كيف وصلت لهذه الدرجة من الفشل وعدم المسئولية؟ أين أهدافي الذي طالما سعيت لها .. هنا يأتي دور نسختك والتي تستأنف كلامك وأسئلتك .. متى سعيت لها أصلاً .. لطالما كنت ذاك الشخص الضعيف الذى يقع من أول عقبة تقابله، كم مرة تخليت عن هدفك لمجرد أن أصدقائك لم تعجبهم الفكرة ولا يؤمنون بمقدرتك على فعلها، كم مرة آثرت النوم والراحة على عملك والكفاح من أجل احلامك، كم مرة كانت لديك تلك الأفكار المبدعة وتخليت عنها لمجرد أنك غير واثق وأنها لن تنجح، أنت الآن فعلا أمام فشلك الأكبر!! كل لحظة لم تؤمن بها بنفسك وعملك صنعت ذاك الشخص الذي طالما كرهت أن تراه يوماً ما، كل لحظة قررت فيها أن تنسحب وتلقي بالأعذار على كل شيئ إلا نفسك، ستتمثل فى ذاك الشخص الذي وصلت إليه.
لم تؤمن يوماً أنك يجب أن تضحي لتنجح، يجب أن تعمل بجد وتكافح ألم يقل الله عز وجل ” إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا “، لم تحظى بعيشة هنية ناجحة لأنك أصلاً لم تعمل لها، آثرت التدخين والسهرات واللعب واللهو، في حين أن شباباً في سنك ومثل عمرك بل أقل منك كان لديهم نفس الوقت الذي تملكه ولكنهم استثمروه بنجاح، ولا تتعذر كعادتك التي آلت بك إلى هنا..
كل ما قرأته من سطور سابقة عن أسوأ كوابيسك التى تعيشها هي بسبب قناعاتك وأفكارك التي صنعتها بنفسك، كل ما قرأته عن هذه النسخة المشوهة عن نفسك تستطيع أن تغيرها الآن، إذا ندمت فعلاً عن كل لحظة لم تسعى فيها لحلمك، تستطيع تغييرها بالطبع تسأل كيف؟!!
ببساطة لأنها لم تأتي بعد، ولأنك في هذه اللحظة بالذات تصنع مستقبلك بيدك، الفرق بينك وبين أى كائن حي على هذه البسيطة أن الله عز وجل أعطاك عقلاً وقلب وأعطاك الإختيار، فماذا ستفعل بهما الآن بعد أن استيقظت وأدركت أن مستقبلك قد يتشكل بمقدار إيمانك وكفاحك لتصل إليه؟!!
السيناريو الثاني
أنت الآن أمام نفسك السعيدة في المستقبل التى تنتصر بلذة النجاح، لديك الأسرة السعيدة والزوجة المحبة، ولديك أيضاً عملك المميز والرائع الذي طالما حلمت به وتمنيته يوماً ما، صحتك جيدة والحمد لله، ما أجملها من لحظة يكاد قلبك ينفطر فرحاً منها، وفجأة تلاحظك تلك النسخة الرائعة من نفسك وتقترب منك شغفاً، وتحتضنك وتلامس كتفك وتقول لك شكراً، وتسأل أنت بإنبهار على ماذا؟!!
فتجيبك على أنك لم تيأس يوماً ما، على أنك ثابرت وصبرت إلى أن وصل بك الحال لذاك الشاب الناجح، على أنك تحملت الكثير والكثير لتنجح وتحقق الحلم، شكراً لأنك كنت واقعياً ولم تعش يوماً أحلام اليقظة، بل كنت تملك خيالاً مبدعاً ويداً عاملة، وفي ظل كل صعوباتك لم تقسو على أحد ولم تنس والديك من البر، فكنت ذاك الشخص المتزن الذى يوائم حياته، فكنت تدرك أن الحياة ليست عمل فقط او اجتماعيات أوشيئ واحد فقط، كنت تؤمن انها حياة واحدة ولكن بذلت كل ما بوسعك لتستمتع بها وتحقق ذاتك فشكراً.
الخلاصة
ما رأيك عزيزى القارئ أيهما تختار أن تكون؟! يبدو سؤالاً غبياً ولكن ألا تعتبر الإجابة عنه بمجرد الكلام والتمنى هي الغباء المستحكم؟!!
كل ما أردت أن يصل إليك في هذه التدوينة أن مستقبلك الذي تخشاه أو تتمناه بيد الله عزوجل ولكنه أعطاك حرية الإختيار لتكن سعيداً أو تعيساً نادماً، إذا كانت هذه المقابلة غيرت شيئاً فيك ولو بسيطاً فلم لا تكررها كلما شعرت باليأس او الإحباط مما حولك؟ لما لا تجربها فى أشياء أخرى أشد فزعاً أو أشد فرحاً كالموت والجنة والنار؟ ولا تعتبره تصوفاً فالمراد أنك تعمل وتشعر بقيمة حياتك فحتى غير العرب أدرك ذلك –كستيف جوبز فى خطابه الشهير-
أخبرنى الآن ما الذى كتبته فى تلك الورقة التى بين يديك وماذا ستفعل؟
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.