اسماء النجوم عند العرب
تزين العديد من المجموعات النجمية سماءنا ليلًا دون أن يلحظ الكثيرون وجودها أو يعرفوا اسمها أو يسمعوا القصص التي أُلّفت عنها. إذ يحجب التلوث الضوئي الجزء الأكبر من تلك النجوم إلى حدٍّ خلت فيه السماء من نجومها ماعدا عالية السطوع منها فيحرمنا متعة استكشافها. أما عند العرب القدماء الذين سكنوا الصحراء الممتدة من اليمن حتى بلاد الشام فلم تكن السماء الجليّةُ مجرد لوحةٍ ساحرةٍ يطيب للشعراء - مثل امرئ القيس والنابغة الشيباني وأبي تمام والمتنبي - التغني بها، بل كانت نجومها أيضًا دليلهم في سفرهم ومؤنسةً لهم في ليالي سمرهم، فتخيلوها أشكالًا في السماء ومنحوها أسماءً ونسجوا منها قصصًا وأساطيرَ. فما هي أبرز اسماء النجوم عند العرب وأساطيرها!؟
اسماء النجوم عند العرب القدماء
تختلف أسماء بعض النجوم عند العرب القدماء عن تلك التي في العصر الإسلامي أو عند اليونان وحتى بالمقارنة ببعض الأسماء المتداولة حاليًا. ومن الجدير بالذكر أن عددًا كبيرًا من أسماء النجوم الحاليّة نُقلت إلى اللغة الإنجليزية كما هي. وفيما يلي بعض أشهر النجوم عند العرب القدماء:
- نجم سهيل:
من أشهر النجوم عند العرب القدماء، وما زال اسمه معروفًا ومتداولًا بكثرةٍ حتى يومنا هذا. سهيل اليمانيّ هو ثاني ألمع النجوم بعد الشعرى اليمانية، وواحدٌ من النجوم العشرين الأكثر لمعانًا في السماء.
استبشر العرب القدماء فيه خيرًا، فهو يطلع في الفترة التي ينكسر فيها حرّ الليل ويصبح أكثر لطافةً وبرودةً، كما اعتمد عليه المسافرون في البحر والبر لتحديد جهة الجنوب والاسترشاد به نحو وجهتهم، وسموه سهيلًا اليماني كونه يطلع من الجنوب عند اليمن. إذا ظهر سهيل فلا تأمن السيل،
تقول الأسطورةُ أن سهيلًا كان له أختان، هما الشِّعرى اليمانية والشِّعرى الشامية. هرب سهيلٌ إلى الجنوب خوفًا من ثأر إخوة زوجته الجوزاء بعد أن قتلها، وهربًا من ثأر بنات نعشٍ بعد أن قتل والدهنّ. نجم "سهيل" هو ثاني ألمع نجوم السماء ومؤشر بداية تحسن الطقس.
- بنات نعش:
من أبرز اسماء النجوم عند العرب وأشهرها في قبة السماء، وهي بنات نعش الكبرى وبنات نعش الصغرى، وهي نفسها مجموعتا الدب الأكبر والدب الأصغر في الأساطير اليونانية. تتألف كلا المجموعتين من 7 نجوم (بنات لرجلٍ اسمه نعش). تسمى النجوم الأربعة التي تُشكل شكلًا رباعيًّا (بالنَعش) أو (بسرير بنات نَعش)، فيما تدعى الثلاثة التي في الذيل ب (بَنَات).
وتقول الأسطورة أن سهيلًا اليمانيّ قتل نعشًا وهرب إلى الجنوب، وأقسمت بنات نعشٍ السبع على الثأر من قاتل والدهن، وتعهدن بعدم دفن جثمان والدهن حتى الانتقام له. وهكذا حملت أربع بناتٍ نعش والدهنّ وسارت البنات الثلاث خلفهنّ. ومن هنا جاء اسم بنات نعش.
- الشِّعرى اليمانية أو الشِّعرى العُبور:
هي ألمع نجمٍ في سماء نصف الكرة الشمالية وواحدةٌ من ألمع الأجرام في السماء بعد الشمس والقمر وبعض الكواكب الأخرى، من هنا جاءت تسميتها في اللغة الإغريقية باسم Sirius والتي تعني المتوهّجة.
تتألف الشعرى اليمانية من نجمٍ عالي السطوع يسمى Sirius A وأحيانًا Sirius فقط، وآخر أقل سطوعًا منه بحوالي 10 آلاف مرة يسمى Sirius B، ولا يمكن تمييزه بالعين المجرّدة.
أما عند العرب القدماء فالشعرى هي أخت الشعرى الشامية وأخت سهيل اليماني. وتقول الأسطورة أن الشعرى اليمانية حاولت اللحاق بأخيها سهيلًا بعد أن هرب إلى الجنوب، فعبرت بحر السماء لهذا تسمى أيضًا (بالشعرى العبور).
- الشِّعرى الشامية أو الشِّعرى الغُمَيصاء:
تتألف الشعرى الشامية من نجمين على غرار الشِّعرى اليمانية، وبالرغم من أنها أقل خفوتًا منها إلا أن الشامية واحدةٌ من بين النجوم العشرة الأكثر لمعانًا في نصف الكرة الشمالية، فهي تبعد عن كوكب الأرض أقل من 12 سنةً ضوئيةً.
أما عند العرب القدماء، فتقول الأسطورة إن الشامية حاولت مع أختها اليمانية اللحاق بأخيها سهيلًا بعد هربه إلى الجنوب خوفًا من ثأر إخوة الجوزاء وبنات نعش، فنجحت الشِّعرى اليمانية بعبور نهر السماء وسُميت بالشِّعرى العبور، فيما لم تستطع الشامية عبوره بسبب وهنها وبقيت على الضفة تذرف الدمع حتى غَمُصت عيناها، أي رمدت، لهذا سُميت بالشِّعرى الغُميصاء.
- الثريا:
تقول الأمثال العربية القديمة: "أوفى من الدبران وأغدر من الثريا". وتحكي الأساطير العربية عن فتاةٍ رائعة الجمال وقع في غرامها الدبران، وهو راعٍ فقيرٍ، فرفضت الزواج به لعسر حاله، فما كان له إلا أن أخذ ما يملك من خرافٍ وقدمها لها عسى أن تقبل به زوجًا، لكنها أبت أيضًا. لم ييأس الدبران وظل يلاحق الثريا مع خرافه وهي تأبى الزواج منه.
الثريا في اللغة العربية أو الشقيقات السبع في الأساطير اليونانية أو Pleiades في الإغريقية، هي مجموعةٌ كبيرةٌ من النجوم يزيد عددها عن 1000 نجمٍ، لا يرى منها بالعين المجردة سوى 7 نجومٍ عالية السطوع. تجتمع النجوم السبع مع بعضها على شكلِ خطاف صنارةٍ صغير مما يكسبها شكلًا جميلًا يسهل تمييزه في سماء نصف الكرة الشمالية.
تشكل هذه القصص صلةَ وصلٍ بين الحاضر والماضي، وتمثل تراثًا فكريًّا لا يقل أهميةً عن الآثار والكنوز النفسية التي مازالت تُكتشف يومًا بعد يومٍ في البلاد العربية.