معلومات عن فن الروكوكو
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
الروكوكو (Rococo) أسلوبٌ في التصميم الداخلي، الفنون الزخرفية والرسم، الهندسة المعمارية والنحت، نشأ هذا المفهوم في باريس في أوائل القرن الثامن عشر، ولكن سرعان ما تم تبنيه في جميع أنحاء فرنسا ولاحقًا في بلدانٍ أخرى، وبشكلٍ أساسيٍّ ألمانيا والنمسا.
أصل كلمة “روكوكو”
أول من استخدم مصطلح الروكوكو هو المصمم جان موندون (Jean Mondon)، في كتابه (First Book Of Rococo Form And Setting) عام (1736)، حيث استخدمه جنبًا إلى جنبٍ مع الرسوم التوضيحية التي تُصوِّر النمط المستخدم في الهندسة المعمارية والتصميم الداخلي.
تجمع كلمة الروكوكو بين كل من كلمتي الروكيل الفرنسية (Rocaille) وتعني الصدف، والتي استُخدمت لوصف النوافير وكهوف الحدائق، التي استخدمَت الحصى والأصداف في بنائها، و(Barocco) الإيطالية والتي تشير إلى الباروك، وهو أسلوب الفن الذي سبق فترة الروكوكو. يتميز فن الروكوكو بمنحنياتٍ على شكل أصدافٍ وزخارفَ تشبه الأمواج.
.
كيف نشأ فن الروكوكو
فارق لويس الرابع عشر ملك فرنسا الحياة عام 1715، وهو من أعظم الملوك الفرنسيين وصاحب أطول فترة حكمٍ في التاريخ الفرنسي، تاركًا بلاده قوةً اقتصاديةً وعسكريةً عظمى، وذات مكانةٍ دوليةٍ على المستوى الثقافي، لتغدو فرنسا في زمانه منارةً للفنون والأزياء والثقافة، ولتجوب الاتجاهات والبدع الفرنسية العالم.
تلاه في الحكم لويس الخامس عشر، وعلى النقيض من سلفه، كان من أسوأ الملوك الفرنسيين على الإطلاق، حظي بثاني أطول فترة حكمٍ في التاريخ الفرنسي، اعتمد سياساتٍ فاشلةً كلفت فرنسا نفوذها السياسي على المستوى الدولي، بالإضافة إلى خسارة أراضٍ مثل تلك الموجودة في كندا ولويزيانا. أدى إنفاقه الباهظ وإسرافه إلى اتجاه البلاد نحو الإفلاس، سادت في زمانه أجواء الترفيه القصر وتم تنظيم المناسبات كالحفلات الملكية والمسرحيات ورعاية الفنون، وبذلك تناقض إرث لويس الخامس عشر مع إرث سلفه، فقدَّم عهده للعالم فن الروكوكو.
كان لفن الروكوكو طعمًا ارستقراطيًّا، ولذلك تبناه مواطنو الدول الأخرى، كما تبنّته الطبقة المتوسطة العليا الصاعدة، وهم الأغنياء من أصولٍ غير نبيلةٍ والتي تعرف بالطبقة البرجوازية، تقليدًا للطبقة الارستقراطية الفرنسية (الطبقة النبيلة منذ ولادتها) في الموضة وأسلوب الحياة، الذين كانت جاذبيتهم وتأثيرهم معادلًا لمشاهير اليوم.
الروكوكو فترة أكثر منه أسلوبًا محددًا، وغالبًا ما يطلق على القرن الثامن عشر، وهي الفترة الزمنية التي بدأت تقريبًا بموت الملك الفرنسي لويس الرابع عشر عام 1715، حتى الثورة الفرنسية عام 1789.
مع تطور الحياة في فرنسا، فرض الارستقراطيون الأسلوب الفني للروكوكو، تمّ بناء منازل أكثر أناقة، وبدؤوا يطلبون تزيين الجدران والتصميم الداخلي للقصور، لم يكن فن الباروك الذي سبق الروكوكو، مناسبًا لتزيين المنازل بشكلٍ حميميٍّ ومريحٍ، أي لم يكن هناك مجالًا واسعًا للتمرد في الفنون.
قدمت لوحات فن الروكوكو، لمحةً فريدةً عن حياة الطبقة العليا الفرنسية خلال العقود التي سبقت الثورة الفرنسية، لكنها لم تعكس الواقع السياسي والاقتصادي للعصر ولم تحفل هذه الحركة الفنية بالطبقة العاملة وقضاياها. في الوقت الذي اكتُشف فيه فن العمارة الباروكي المتقن في فرنسا وإيطاليا وإنجلترا وإسبانيا وأمريكا الجنوبية، كانت أنحاء ألمانيا والنمسا وأوروبا الشرقية وروسيا موطنًا لأنماط الركوكو الأكثر نعومة. اقتصر هذا الأسلوب في أوروبا الغربية إلى حدٍّ كبيرٍ على الديكور الداخلي والفنون الزخرفية، إلا أن أوروبا الشرقية كانت مفتونةً به تصميمًا داخليًّا وخارجيًّا.
.
معلومات عن فن الروكوكو
- أطلق عليه بعض المؤرخون المرحلة المتأخرة للباروك، ولكنه أخف وأكثر رقةً، استخدم الفنانون والمصممون أسلوب الروكوكو في التصميم الداخلي والفنون.
- اعتُبر عصر الروكوكو ثورةً على التصاميم الباروكية التي ميزت البلاط الملكي الفرنسي في فيرساي، فالطابع العام لهذا العصر يتمثل بالراحة والدفء والخصوصية، والابتعاد عن الرسمية.
- الروكوكو فنٌّ يتميز بالليونة والعبثية والخيال والغرابة، مقارنةً مع سلفه الباروك الأكثر جدية، تم استخدام الزخرفة لخلق شعورٍ بالانسيابية، خاصةً باستخدام التفاصيل المجردة وغير المتناظرة.
- تأثَّر هذا الفن بالنمط الآسيوي كالطراز الصيني، فقد أثرّت العمليات التجارية مع الشرق الأقصى، على الأعمال الزخرفية، وباتت الأنماط والأعمال المطلية أكثر حداثةً.
- الديكور الداخلي والعناصر المكونة له وحدة متناغمة تعطي انطباعًا موحدًا، مع بذل المزيد من الجهد لاختيار أشكال قطع الأثاث وأماكنها وزخارفها.
- جدد أصحاب العقارات من الأثرياء التصميمات الداخلية لمنازلهم، مع الجص والجداريات والمرايا والأثاث والخزف بأسلوبٍ ذي طابعٍ رقيقٍ أنثويٍّ، وحافظوا على العمارة الباروكية من الخارج.
- في ديكور الروكوكو، تبرز الشمعدانات الكبيرة والثريات جميلة والشمعدانات الجدارية لإضفاء جوٍّ من الدفء، مع استخدام المرايا ذات الإطارات المذهّبة الفاخرة بنقوشٍ مُزَهَّرَةٍ، لمنح شعور بالمساحات المفتوحة.
.
- فن العمارة: بما أن القاعدة الأساسية في الهندسة المعمارية للروكوكو، أن يحقق البناء الغاية منه، ففي أوائل القرن الثامن عشر، كان الغرض من البناء هو الاحتفال، توقف الأرستقراطيون الفرنسيون عن الالتقاء في بلاط وقصور الملوك، وانتقلوا للاستمتاع بذلك في قصورٍ خاصةٍ أرادوها مكانًا للحفلات، ضمت أنماطًا معقدةً ومزخرفةً وغير متناسقةٍ، وأضفت إحساسًا بالفرح والعبيثة.
- فن الرسم: استخدم الرسامون ألوان الباستيل، وخطوط وأشكال منسابة، وتميزت العديد من اللوحات بعدم التناظر، مما يعني أن التصميم أو التكوين العام خارج المركز أو عبثي كما قلنا. يساعد كل عنصرٍ من هذه العناصر على خلق شعورٍ بالحركة والمرح داخل اللوحة، لمشاهدَ أسطوريةٍ تم وضعها في مناظرَ طبيعيةٍ خيالية، وصورٍ عن الحب أيضًا.
.
- الموضوعات التي تبناها الروكوكو: لم تكن لوحات الركوكو مكانًا للقضايا الوطنية أو التقوى، أو الأخلاق، أو عن القديسين أو الأبطال، ليس فيها ما يثير التفكير، هي مشاهد في الهواء الطلق، للنزهات، والعشاق في لقاءاتٍ غراميةٍ وأوضاعٍ مثيرة، اللهو والسلوك المشاكس مع حس الفكاهة، لقد رُسِمَت لأهدافٍ جماليةٍ وإرضاء للأعين المشاهِدة.
.
- من أشهر رسامي الركوكو، الفرنسي جان أنطوان واتو (Jean Antoine Watteau)، وتعتبر لوحته (Les Plaisirs Du Bal)، نموذجية لفترة الركوكو المبكرة.
الروكوكو في ألمانيا
أراد أرستقراطيو ألمانيا ونبلاؤها أن تُبنى قصورهم لتصبح مرتعًا للاحتفالات، كما الفرنسيين، ومن أهم الأمثلة على ذلك بناء قصر (Amalienburg)، هو منزلٌ للصيد شُيِّدَ على أراضي قصر نيمفينبورغ (Nymphenburg) في ميونيخ، للإمبراطور الروماني المقدس تشارلز السابع وزوجته ماريا أماليا، صمّمه المهندس المعماري فرانسوا دو كوفيلييس (François De Cuvilliés)، ونفذ الديكورات الداخلية الرسام جوهان بابتيست زيمرمان (Johann Baptist Zimmerman) خلال الفترة ما بين (1734-1739). يمتاز المبنى من الخارج بالخطوط الناعمة، والتصميمات المعقدة واللون الوردي الفاتح.
وبالانتقال إلى داخل القصر، لا بد من التوقف عند قاعة الاحتفالات المسماة قاعة المرايا (Hall Of Mirrors)، دائرية تتوسط المبنى، تحيط بها المرايا، مليئة بديكورات الذهب والفضة على الجدران، الأوراق والأزهار والطيور والكيوبيدات الصغيرة، تصميمها معقد، مفعمة بالحياة والحركة.
.
وسم النقاد هذا الفن بالبدعة، لا تلبث أن تظهر لتختفي، وقد أدانوه لسطحيته، كما وصفه البعض بالفن الفاشل، مما أدى إلى رد فعلٍ عكسيٍّ ضده، مع انتقادٍ قويٍّ من المثقفين كفولتير (Voltaire)، وبحلول منتصف القرن الثامن عشر، بدأ نجم فن الروكوكو بالأفول في فرنسا، وقلّ الاهتمام به في جميع أنحاء أوروبا.
.
صراحةً، وبرأيي الشخصي، أرى أنه كما يقدم التلفاز لنا في هذه الأيام الأفلام والترفيه والهروب من الواقع وغيرها….، كذلك أراد فنانو الروكوكو أن تكون أعمالهم الفنية هروبًا بصريًّا يساعد المشاهدين على نسيان الحياة الفانية والاحتفال بالراحة والمتعة.
.