علم النفس ولغة العيون
تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك
في بداية يومٍ مُشرق، يمكنك أن تقرأ الحزن في عيني صديقك في العمل، وعندما تسأله عن سبب حزنه، يجيبك بوفاة أحد أقربائه الأعزاء، وعندما تعود إلى المنزل، قد تقرأ في عيون أختك فرحًا لا مثيل له، والسبب هو أنها نالت درجة الماستر في تخصصها الجامعي، وقد تقرأ التعب في عيون أمك في نهاية اليوم. نعم، عيوننا هي شبكة هائلة من المشاعر، وتكشف عما يجول في خاطرنا، فيمكننا قراءة الكثير من الأشخاص بناءً على لغة العيون وسلوكها وتفسيرات ذلك في علم النفس، وخاصة المشاعر المخفية، فكما يُقال "العيون نافذة الروح".
علم النفس ولغة العيون
إن لغة العيون إحدى الركائز الأساسية التي تعتمد عليها دراسة لغة الجسد. في علم النفس، تمثل لغة الجسد ما بين 60-65% من لغة التواصل بين الناس، ويمكننا تعريفها بأنها الإشارات غير اللفظية التي نستخدمها للتواصل، وتمثّل هذه الإشارات جزءًا كبيرًا من طريقة التواصل اليومي، لذا من المهم جدًا فهم لغة الجسد والانتباه إلى الإشارات التي يبديها جسد المرء أمامنا لنفهم ما لا يُقال، وفي كثير من الأحيان، من المهم التركيز في عدّة إشارات جسدية للفرد أمامك حتى تفسّر طبيعته أو ما يشعر به، مثل تعابير الوجه العامة التي تعتمد على العيون والفم وإيماءات اليدين والأصابع، وضعية الجلوس العامة للجسد. وهكذا، هناك الكثير لتتعلمه عن لغة الجسد، ولكن ما سندرسه في هذا المقال هو لغة العيون فقط.
قراءة العين في لغة الجسد
وجدَ الباحثون أنه عندما ينخرط الإنسان في محادثة شيّقة مع الغير، تظلّ العيون في تركيز تام على وجه الطرف الآخر حوالي 80% من الوقت، وتذهب 20% كوقت فاصل للتركيز على ملامح أخرى مهمة، أي نبدأ بالتركيز على العينين لمدة دقيقتين إلى ثلاثة، ثم ننتقل إلى الأنف والشفاه، ثم مرة أخرى إلى العينين، ومن حين لآخر، ننظر إلى الطاولة للحظات ثم نرجع إلى العينين.
إذًا، نلاحظ أن العيون لغة مهمة ورئيسية من لغات الجسد، لذا إليك أدناه كيف يمكننا قراءة لغة العيون في علم النفس:
تغطية العيون
حجب العيون باليد أو فركها كثيرًا، يدلّ على عدم الراحة، أو عدم تصديق الطرف الآخر، أو ربما الاختلاف في وجهة النظر ولكن مع عدم البوح بذلك. يقوم الناس بذلك أيضًا عندما يشعرون بالتهديد من شيء ما، أو عندما يشعرون بالنّفور مما يرونه أو يدوي على مسامعهم.
اتصال العينين
الاتصال الفعال بصريًّا أمر ضروري لإجراء التفاعل اليومي بين الناس، ويوجد لاتصال العينَين نوعان في علم النفس ولغة العيون:
- الاتصال المستمر مع عيني الطرف الآخر (التحديق):
غالبًا ما يُنظر إلى الاتصال المطوّل مع عيني الشخص الآخر على أنها طريقة لترهيب الطرف الآخر، أي يعتبر الشخص موضع النظرة المطوّلة أنه مدروس أو يُدرَس ويُفحص بشكل مُفرط وغير مريح أبدًا. بشكل عام، في العديد من المجتمعات، يكون الاتصال المستمر بالعينين منتظمًا ولكن ليس بشكلٍ مُفرط، سواء كان ذلك بين البشر بعضهم، أو البشر والحيوانات. وتعقيبًا على ما سبق، ذكرت مجلة طبية نيوزيلندية أن أحد أسباب وقوع الأطفال الصغار ضحايا لهجمات الكلاب "الأليفة" هو اتصالهم المنتظم والمستمر بالعين مع هذه الحيوانات، ما يجعل الحيوانات تشعر بالتهديد وتتأهّب في حالة دفاع وربما تهجم.
هناك أيضًا ما يسمّى "التحديق الحميم" وهو عندما ينظر الشخص المُعجب بالطرف الاخر، بشكل مطوّل إلى عينيه، وثم ينتقل إلى الفم وربما إلى أجزاء أخرى من الجسم، ثم يعيد التحديق في العينين، غالبًا هي نظرات محبّة حميمية وتظهر في عيني الشخص المعجب مع ابتسامة خفيفة.
- المراوغة:
أحيانًا، قد يُنظر إلى المراوغة وعدم النظر في عيني الشخص على أنها شعور بالخجل، أو شعور بالخجل بمعنى آخر يختلف عن الخجل الطبيعي كإحساس يتميز به إنسان "خجول"، إذ يمكن للشخص المراوغ أن يتجنب الاتصال المباشر بالعينين لأنه يخجل من النظر في عيني الطرف الآخر متفوّهًا بالكذبات أو يحاول خداعه، ألا يكفي أنه يكذب ويخادع، وينظر بثقة أيضًا؟! لذا يتجنب البعض الاتصال المستمر أثناء الحديث الكاذب ويكتفون بالنظر إلى الطاولة أو هواتفهم.
البكاء
مؤشر لا يحتاج الشرح كثيرًا. يُعتبر البكاء حالة ناتجة عن تجربة عاطفية شديدة، وتتضمن التجارب حالة وفاة شخص عزيز، خسارة حبيب أو صديق، أو أولئك الحساسون يصل بهم الأمر إلى البكاء عندما ينجح معهم شيء ما لأول مرة، يبكون فرحًا، أو على أقل موقف قد يمرّ بهم. هناك حالة البكاء القسري، والذي يتميز به الإنسان المخادع، البكاء لكسب التعاطف وهو ما يُسمى عامةً "بكاء التماسيح" أسوةً بأسطورة بكاء التماسيح التي تخدع صياديها.
رمش العينين
بغضّ النظر عن حاجة الإنسان الغريزية إلى رمش العين أو الوميض، فإن مشاعرنا وعواطفنا تجاه الشخص الذي نتحدث معه، قد تغيّر معدل الوميض لدينا لا شعوريًا، حيث يمكن أن يكون الوميض بمعدل أكثر من 6-10 مرات في الدقيقة الواحدة مؤشرًا جيدًا على الانجذاب إلى الشخص الآخر، ولهذا السبب يُستخدم الوميض كفنّ من فنون المغازلة. يمكنك ملاحظة ذلك في الأفلام الرومانسية الفكاهية، حيث يعبّرون عن الإعجاب بالطرف الآخر بالرمش 6-10 مرات خلال 10 ثوانٍ، وذلك طبعًا تعبيرًا عن أن الرمش بمقدار أكثر من الطبيعي هو نوع من المغازلة.
تشير الأبحاث إلى زيادة معدل الوميض عندما نشعر بالاضطراب والتوتر أيضًا، وغالبًا ما يُشاهَد ذلك عند الشخص الكاذب، ولكن لا يمكننا وصف شخص بأنه كاذب لمجرد ارتفاع معدل الرَّمش لديه، فأحيانًا يرتفع معدل الرمش مع أولئك الذي يعانون من الإجهاد، لذا فهذه الحالة نسبية وترتبط بمدى معرفتك بالشخص.
الغمز
تختلف مسألة الغمز في علم النفس ولغة العيون بين الثقافات المختلفة، ففي البلدان الغربية، يُتبر الغمز شكلًا من أشكال المغازلة، وبعض الثقافات الآسيوية تتجاهل تعبير الغمز نهائيًا. في بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، يُعتبر الغمز فن للمغازلة أحيانًا، وأحيانًا أخرى يستخدمه شخصان كدلالة مُتفق عليها بينهما.
اتجاه النظر
ما الذي يفكر فيه الشخص عندما يحوّل نظره عنك يمينًا أو شمالًا؟ يجب الانتباه إلى الاتجاه الذي ينظر إليه الطرف الآخر عندما يحوّل نظره عنّا ويبدأ بالتفكير، فإذا أخذ الاتجاه الأيسر في النظر، فغالبًا هو يحاول تذكّر شيء ما، أما النظر إلى اليمين، فيدلّ على محاولة التفكير بأفكار إبداعية عن فحوى الحديث، وأحيانًا ما يكون الشخص مخادعًا عند النظر إلى اليمين والتفكير، ربما يفكّر كيف سيحكي لك الموقف بشكل آخر مغاير للحقيقة. تجدر الإشارة إلى انعكاس تفسير الجهات بالنسبة للشخص الأعسر.
قياس الحدقة
توسّع الحدقة أو تضيّقها. وبعيدًا عن الفكرة العلمية حول تضيّق الحدقة في الضوء الساطع، وتوسعها في كلما اشتدت العتمة، غالبًا ما يشير توسّع الحدقة إلى الإعجاب الشديد بما هو أمامنا، سواء حَدَث أو شَخص او حتى الأكلة التي نحبها، وعلى العكس، فإن تضيّق الحدقة يكون عند رؤية شيء لا يروق لنا، أي تحاول أعيننا حجب الصور المسيئة أو الأحداث التي لا تناسبنا.