ما معنى كلمة الخانكة؟
صدر مؤخّرًا مسلسلٌ مصريّ يحمل اسم الخانكة، وهو مسلسل دراميّ يحوي أحداثًا شيّقة، ولكن ما الذي تعنيه كلمة الخانكة؟
الخانكة (الخانقاه أو الخانكاة) هي كلمة فارسية بالأساس، تطلق على أماكن خاصة بالمتصوفين يمارسون فيها شعائرهم، كما تأوي الدراويش والمتصوفةين المتجولين. وترادف كلمات زاوية، وتكية التي تسمى بها في تركيا والبوسنة وألبانيا، ورباط التي تعرف بها في شمال إفريقيا ولهذا يسمى الصوفييون في المغرب بالمرابطين.
يعرف المقريزي في خططه الخانقاوات بقوله:
“الخوانك جمع خانكاة وهي كلمة فارسية معناها بيت، وقيل أصلها (خونقاة) أي الموضع الذي يأكل فيه الملك، والخوانك حدثت في الإسلام في حدود الأربعمائة من سنين الهجرة وجعلت لتخلى الصوفية فيها لعبادة الله تعالى”.
وفي كتاب رد المحتار على الدر المختار لابن عابدين يرد الآتي:
“ورباط هو ما يبني لسكنى فقراء الصوفية، ويسمى الخانقاه والتكية”.
كذلك ذكر ابن بطوطة:
“وأما الزوايا فهي كثيرة وهم يسمونها الخوانق واحدتها خانقة”.
تعددت الأدوار التي تؤديها الخانقاوات، فكانت دور للعبادة، ومدارس للعلوم الشرعية والمذاهب الفقهية، ومأوى للوافدين ممن لا مأوى لهم، كما يذكر ذلك عاصم محمد رزق في كتابه “خانقاوات الصوفية في مصر في العصرين الأيوبي والمملوكي” الصادرعن مكتبة مدبولي سنة 1997 ميلادية. وبحسب نفس الكتاب لعل الخانقاه ظهرت أول مرة في إيران في الفترة ما بين القرنين الثالث والرابع الميلاديين.
في محافظة القليوبية الواقعة ضمن إقليم القاهرة الكبرى بمصر، توجد مدينة تحمل اسم الخانكة. حيث بنى فيها السلطان المملوكي الناصر محمد ابن قلاوون خانقاه سنة 723 هجرية عرفت بخانقاه سرياقوس. يرجع المقريزي في كتابه المواعظ والاعتبار في ذكر الخطط والآثار بناء الناصر قلاوون للخانقاه إلى أن الناصر أحس بألم شديد في رحلة صيد لذلك المكان فنذر لله أن يبني دارًا للعبادة في نفس المكان إن هو نجاه، فكان ذلك. بنى الناصر الخانقاه وبنى الى جوارها مسجدًا وحمامًا ومطبخًا.
الخانكة والأمراض النفسية والعقلية
ارتبط اسم الخانكة بمستشفى الأمراض النفسية، ففي نفس المدينة التي شيد فيها السلطان قلاوون الخانقاه ومنها حصلت على اسمها، شيد الخديوي عباس حلمي الثاني مستشفى الخانكة للصحة النفسية سنة 1912 ميلادية.
لابد من أنك قد شاهدت المسلسل الشهير “الخانكة“، الذي تدور أحاثه حول معلمة تدعى أميرة في أحد المدارس الدولية، التي تتعرض للمضايقة المستمرة من قبل أحد طلابها، وخلال محاولتها في استرداد حقوقها بدأ الأمر ينقلب عليها، وأصبحت الجاني بدلًا من أن تكون الضحية، ومن هنا انطلقت أحداث هذا المسلسل الشيق، الذي تم إصداره في عام 2016، من بطولة غادة عبد الرزاق، فقد أصبح واحدًا من أفضل أعمالها.
ولابد أنك أثناء مشاهدته تساءلت عن سبب تسمية هذا المسلسل بهذا الاسم وعن معناه، فالخانكة في المسلسل هي مصحة نفسية توجد في القليوبية في مصر، حيث يتم إرسال جميع المجرمين الذين يقدمون على جرائمهم بسبب حالتهم النفسية المضطربة، فالطالب الذي تحرش بالمعلمة أميرة كان ابن رجل أعمال ذو شأن كبير، وله وسلطة ونفوذ واسعة، وقد لعب هذا الدور ماجد المصري، الذي عندما شعر بالتهديد تجاه ابنه، فقام باتهام المعلمة بالجنون، وأرسلها إلى ذلك المصح النفسي، وهناك عانت من المشاكل مع بقية المرضى النفسيين، مما دفعها إلى التفكير بالفرار.
ويشاركها البطولة الفنان فتحي عبد الوهاب بدور المحامي الذي يقف إلى جانبها ويبذل كل جهده لإخراجها من محنتها، ويشارك أيضًا في هذا العمل العديد من الممثلين المشهورين.
وبعيدًا عن المسلسل، للخانكة أو الخانقاه معنى آخر يشتهر به، فهو مبنى كبير تم تصميمه خصيصًا لكي يجتمع فيه الصوف والمُريدون الإسلام، فهو مكان للعلاج الروحي وتهيئة النفسية من جديد، وأول خانقاه تم بناؤه كان في الهند في منير شريف، حيث تم تأسيسه منذ أكثر من 800 سنة مضت، وكان ملجأ للعديد من المسافرين والطلاب.
أشهر الخوانك
كلمة الخانكة كلمة مشتقة من لفظة الخانكاه، وفي أصلها خونقاه وهي كلمة فارسية تعني المكان أو الموضع الذي يأكل فيه الملك. ظهرت الخوانك في العصر الإسلامي في القرن الرابع للهجرة، وكانت عبارة عن دور عبادة ينصرف إليها أتباع المذهب الصوفي للابتعاد عن الناس والتفرغ لعبادة الله.
لم تظهر الخوانك في مصر إلا في القرن السادس الهجري، فكانت خانكة سعيد السعداء أول خانقاه ينشأ في مصر في حي الجمالية، وما زال حتى يومنا هذا. والخانقاه في تصميمه عبارة عن مزيج ما بين المسجد والمدرسة، كما توجد في الخانقاه غرف مخصصة للعبادة تدعى بالخلاوي يجلس فيها المتصوف أيامًا طويلة يعبد ويسبح الله.
خانقاه آخر مشهور في مصر هي الخانقاه البندقدارية وتقع ضمن مدينة القاهرة، تعتبر الخانقاه البندقدارية أقدم خانقاه مملوكي بني في مصر وأول خانقاه احتوى على مئذنة بحيث يستخدم كمسجد يرفع فيه الأذان.
ارتبطت لفظة الخانكة على مر الأزمان بمشتشفيات الأمراض العقلية، إلا أن المعنى الحقيقي للكلمة بعيد كل البعد عن هذا، وما هذا الارتباط إلا نتيجةً لوجود مستشفى للأمراض العقلية في مدينة الخانكة الواقعة في محافظة القليوبية، والتي حصلت على اسمها الحالي بسبب قصة أصابت السلطان الناصر محمد بن قلاوون، إذ خرج السلطان في رحلة صيد أصيب في اثنائها بوعكة صحية، فأوحى له الله سبحانه وتعالى ببناء خانكة للصرفيين وعابري السبيل في المنطقة التي كان فيها، فتم بناء الخانكة في عام 1342م وشفي السلطان بإذن الله تعالى.