معلومات عن الأناضول

فادي مشكاف
فادي مشكاف

تم التدقيق بواسطة: فريق أراجيك

الأناضول (Anatolia)؛ أو كما تعرف باسم آسيا الصغرى، مهد الحضارات القديمة حيث شهدت أراضيها ولادة ونشوء العديد من الحضارات حول العالم مثل الآشوريّة والإغريقيّة والرومانيّة وكذلك الدولة العثمانيّة، وهي عبارةٌ عن شبه جزيرة تقع في الجزء الشماليّ الغربيّ من قارّة آسيا، وتمتدّ ما بين البحر الأسود والبحر الأبيض المتوسّط، واليوم تشمل الأراضي الواقعة في القسم الآسيويّ من تركيّا..


أصل الاسم

قبل نشوء دولة تركيّا الحالية، سكنت هذه الأراضي الكثير من الممالك والإمبراطوريات، ولذلك عُرفت المنطقة بالعديد من الأسماء، وانحدر اسم الأناضول من اللغة اليونانيّة حيث عرفت باسم Aνατολή؛ والتي تعني أرض شروق الشمس، وظهر هذا الاسم في الألفيّة الأولى قبل الميلاد، أثناء فترة استيطان سكان مدينة إيونية الإغريقيّة لأراضي الأناضول، وأطلق البيزنطيين اسم Anatolicon على الأراضي الواقعة شرق أوروبا والتي تعني الشرقيّ، أمّا الاسم التركي للأناضول فهو Anadolu؛ والذي اشتق من الاسم اليوناني، ويحتوي الاسم على مقطعين الأول Ana؛ والذي يعني أم، والثاني Dolu؛ والذي يعني الكامل، ويشير هذا الاسم إلى أم المدن.


الحدود الطبيعيّة للأناضول

تمثّل الأناضول نقطة التقاء قارتيّ آسيا وأوروبا، ومن هنا جاءت أهميتها الاستراتيجيّة، ودورها الرئيسيّ في تاريخ الحضارات بكونها الجسر الذي يصل آسيا بأوروبا، حيث يحدّها من الشمال البحر الأسود ويحدها من الشمال الشرقيّ بحر القوقاز، كما يحدّها بحر إيجه من الغرب والبحر الأبيض المتوسّط من الجنوب، وتشكّل شبه جزيرة الأناضول حدودًا طبيعيّةً مع سوريا والعراق في الجهة الجنوبيّة، وتتاخم حدود الأناضول في الشرق إيران ودول ما وراء القوقاز التي تشمل أرمينيا وجورجيا.


جغرافيا الأناضول

تعتبر منطقة الأناضول ذات تضاريس معقّدة للغاية، حيث تتألّف من هضبةٍ مركزيّةٍ كبيرةٍ يصل ارتفاعها إلى 900 مترٍ، تحيط بها المرتفعات والأغوار الرسوبيّة والتي تشكّل تضاريس الأناضول الوعرة، وتشمل تضاريس الأناضول على سلسلتين جبليتين رئيسيتين تنتهيان في شرق الأناضول، وبشكلٍ عام، تعتبر منطقة الأناضول منطقةً جبليّةً ويقتصر وجود الأراضي المنبسطة على السهول الساحليّة للبحر الأسود والبحر المتوسط، والمناطق المحيطة بدلتا نهر كيزيل والمناطق المحيطة بوادي جيديز (Gediz)..


التنوّع البيولوجيّ

نظرًا لتنوع تضاريس الأناضول وامتدادها الكبير على خطوط العرض، فهي تحتوي على مجموعةٍ متنوعةٍ من المناطق البيئيّة والغابات المختلفة، حيث نرى الغابات المعتدلة وغابات الصنوبر والغابات الجبلية والمراعي والسهول، لذلك تعتبر منطقة الأناضول ذات تنوعٍ بيولوجيٍّ كبير، حيث تنمو مختلف أنواع الأشجار والنباتات في غاباتها.

تشتهر هضبة الأناضول بأشجار الصنوبر التركيّ والصنوبر الأسود والصنوبر الحلبيّ والبلوط والأرز وشجر الغار، كما تتميّز بغناها بالثروة الحيوانيّة وتنوعها الكبير، حيث يعيش ما يزيد عن 1500 نوعٍ من الفقاريات، وأكثر من 19000 نوعٍ من اللافقريات في أراضي الأناضول، كما تعتبر محطّةً مهمةً للطيور المهاجرة خاصةً في فصليّ الربيع والخريف، حيث تهاجر الكثير من أنواع الحيوانات وتعبر أراضي الأناضول، والتي تشمل حيوان الفقمة، وطيور أبو منجل والبط والوز بالإضافة إلى طائر الحبارى الكبرى وطائر العقاب.


تاريخ الأناضول

تعتبر المنطقة من المناطق التاريخيّة الهامّة والمأهولة منذ فجر التاريخ، حيث سكنها الإنسان الحجريّ القديم، ونشأت على أراضيها الكثير من الممالك القديمة التي تشمل الإمبراطوريّة الأكاديّة والإمبراطوريّة الآشوريّة، والمملكة الحثيّة والممالك الحثيّة الجديدة والمملكة الآشوريّة الجديدة، كما بسطت المملكة اليونانيّة سيطرتها على أراضي الأناضول بقيادة الإسكندر الأكبر، ومن بعدها سيطرة الإمبراطوريّة الرومانيّة على أراضي آسيا الصغر في العصر الكلاسيكيّ، وفي القرن الخامس عشر ظهرت الإمبراطوريّة العثمانية كقوةٍ عظمى، وسيطرت على منطقة الأناضول بالكامل ونشرت الإسلام في هذه المنطقة، ومع تداعي العثمانيّين في مطلع القرن التاسع عشر وسقوط دولتهم، ظهرت الجمهوريّة التركيّة لتحلّ مكان الإمبراطوريّة العثمانيّة في منطقة آسيا الصغرى في عام 1923. .


الأسماء البارزة في تاريخ الأناضول

يزدهر تاريخ منطقة الأناضول بالكثير من الأسماء البارزة التي قدّمت إنجازاتٍ عظيمةً للبشريّة، كما تضمّ المنطقة الكثير من المبانيّ المعماريّة المميّزة التي تعود لحضاراتٍ مختلفةٍ، ووفقا للمؤرّخ البيزنطي فيلو (Philo) تضمّ المنطقة اثنين من عجائب الدنيا السبع للعالم القديم، أولها معبد آرتميس (The Temple of Artemis) الموجود في منطقة إيونيا، والثاني هو ضريح موسولوس (Tomb of Mauslos) الموجود في منطقة كاريا بتركيا.

كما ولد الفيلسوف الشهير تاليس (Thales) في مدينو ميليتس (Miletus) الموجودة في منطقة إيجة حاليًّا، حيث كان تاليس وأتباعه أناكسيماندر (Anaximander) وأنكسيمانس (Anaximenes) أول المفكرين الذين قاموا بالتأمّل والتفكّر والبحث عن السبب الأول للوجود، الأمر الذي فتح الباب أمام العلماء للاكتشاف والبحث العلميّ، كما كانت الأناضول بلد الفيلسوف وعالم الرياضيات الشهير فيثاغورس، الذي عاش في مدينة أفسس (Ephesus)، كما بُعث القديّس بولس في مدينة طرسوس في إقليم كيليكيا الموجود غرب الأناضول. .

هل أعجبك المقال؟