ليغو قصة نجاح مكعبات اللعب التي غزت العالم من مستودع لأعمال النجارة
7 د
مع أجواء العُطلات والأعياد والاحتفالات المُختلفة، يبدو سوق الألعاب أكثر سخونة، حيث يبدأ تُجار التجزئة للألعاب في هذا الوقت من العام تكثيف مخزونهم للتحضير لمُقابلة موجة الشراء المُقبلة، في صناعة تُقدر قيمتها المبدئية بحوالي 26.5 مليار دولار حول العالم.
وتُعد LEGO أحد أكثر ألعاب الأطفال رواجًا في وقتنا الحالي، واللعبة المفضلة لبعض الشباب وكبار السن أيضًا، بعدما تتطور لظاهرة عالمية، صنعت منها ثقافة فرعية واسعة النطاق، وأثرت في العديد من المجالات، ولا سيما في مجال التعليم، ودعمت انتشارها كـ أفلام سينمائية، وألعاب الفيديو.
وعلى الرغم من أنّ هذه الألعاب تصنف على أنّها للأطفال إلا أنّها يمكن ان تكون طريقةً يستخدمها حتى الكبار للتعبير عن إبداعهم، فيمكن أن تستخدمها لبناء أيّ شيء ترغب فيه تقريباً، ولكن إن كنت قد تساءلت يوماً ما عن الشخص المسؤول عن ظهور هذه اللعبة …
ففيما يلي سوف نتعرف على قصة نجاح مُكعبات ليغو، التي غزت العالم، من البدايات المتواضعة وحتى انطلاقتها العالمية:
البدايات المُتواضعة من مستودع صغير للنجارة
ولد Ole Kirk Kristiansen مؤسس مجموعة LEGO عام 1891، في قرية فليسكوف في الدنمارك، وتعلم النجارة على يد أخيه، وفي عام 1911 ترك أول الدنمارك؛ ليعمل نجارًا في ألمانيا والنرويج، يصبح فيما بعد نجار مُبدع ومُتميز في صنعته.
ثم عاد إلى الدنمارك عام 1916، واشترى بمدخراته مستودع صغير لأعمال النجارة وبيع الأخشاب في بلدة بيولند، وتزوج ورزق بأربعة أبناء.
في عام 1924، سبب إثنان من أبنائه أثناء لعبهم حريقًا هائلًا، قضى على الورشة والمنزل بشكل كامل، فما كان من أوليه كيرك إلا أن شيد بناءً أكبر واستمر في العمل.
حتى وصلت أزمة الكساد العظيم – Great Depression إلى الدنمارك عام 1930، وتراجعت الطلبات على الأثاث الخشبي؛ بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية، فتحول أوليه إلى صناعة الأدوات المنزلية البسيطة، التي يستطيع المزارعون تحمل تكاليفها، كـ السلالم الخشبية، ومنضدات كي الملابس والألعاب الصغيرة.
ومن هُنا فكرة أوليه في فكرة تصنيع ألعاب للأطفال من الأخشاب، وأستخدم القطع الخشبية الصغيرة، في تكوين أثاث وصنع بيوت صغيرة على هيئة لعب للأطفال، في مستودع النجارة.
بعدها أسس أوليه الشركة عام 1932، بعشرة موظفين فقط، وبعدها بعامين طرح أوليه مسابقة بين موظفيه لتسمية اسم للشركة، حيث إستعان بهم للوصول إلى اسم جيد لشركته الجديدة؛ حتى اختار موظفيه اسم ليغو، وهو مقتبس من الكلمة الدنماركية Leg Godt، وتعني ألعب جيدًا.
وكانت تشكيلة الألعاب الخشبية الأولى كبيرة وبسيطة، تتضمن سيارات ومراكب وطائرات وحافلات، وكانت بالرغم من بساطة تصميمها منفّذةً بشكلٍ متقنٍ للغاية، وذات جودة عالية.
وفي عام 1935 أدخل ألعاب تركيب الحيوانات الخشبية، حيث أنتج أول بطه خشبية، وكانت هذه بداية النجاح للشركة العالية، التي تميزت بصناعة المنتجات ذات الجودة العالية، وأصبحت التصاميم أكثر تعقيدًا تتضمن دليلًا للتركيب يرسمه أوليه بنفسه.
تحول مكعبات ليغو تدريجياً من الخشب للبلاستيك
ومرة أخرى يحدث حريقًا هائلًا يقضى على الشركة والمستودع ومصنعه البالغ مساحته 180 مترًا مربعًا والمكون من طابقين، بـ سبب ماس كهربائي، وذلك في عام 1942، فاقترض أوليه وشيد بناءً مساحته 2300 متر مربع على نفس أرض المستودع القديم، وأنشئ في المصنع الجديد أول خط تجميع، وبلغ عدد الموظفين حينها 40 موظفًا.
ثم اشترى عام 1947 -بعد الحرب العالمية الثانية- آلة حقن وصب البلاستيك، رغم اعتراض كل من حوله على ذلك، فقد كانت تكلفة الآلة عالية جداً تفوق ضعف أرباح العام السابق.
استلمت الشركة مع الآلة الجديدة عينات بلاستيكية، تبرز إمكانيات عمل الآلة، وكان بين هذه العينات لبنة بلاستيكية، قامت شركة LEGO بتعديل تصميمها وتطويرها.
وأنتجت الشركة النسخة الأولى للألعاب البلاستيكية عام 1949، تضمنت لبنة بلاستيكية، أطلق عليها اسم اللبنة المرتبطة تلقائيًا Automatic Binding Brick.
ومع قدوم الخمسينيات، كانت الشركة تنتج تشكيلة واسعة جدًا من الألعاب، تتضمن سيارات وشاحنات وحيوانات ومراكب وجرارات ورافعات وأدوات زراعية، إضافة إلى خط انتاج المكعبات الخشبية التقليدية والألواح الخشبية والمعداد الخشبي والألعاب اللوحية.
تعرض أوليه لسكتة قلبية عام 1951، وبدأت صحته في التدهور، ولكنه أجرى عام 1952 توسيعات كبيرة جدًا على المستودع والشركة، حينها زار ابنه Godtfred Kirk Christiansen – غاتفرد كيرك كريستيانسن، معرض لألعاب الأطفال، وجذبه بشدة الشكاوى التي سمعها من أولياء الأمور، فيما يتعلق بعدم وجود نظام شامل ومُفيد في الألعاب.
وعندها جمع منهم 10 مواصفات أساسية لإعادة تصميم LEGO، وبعدها طرحت LEGO أول لعبة محترفة عام 1955، وأصبحت من أفضل الألعاب في أوروبا.
وتوفي أوليه عام 1958، وقد ترك مهمة إدارة شركة ليغو إلى ابنه Godtfred Kirk Christiansen – غاتفرد كيرك كريستيانسن، الذي عُين مديرًا عامًا للشركة، ومن هنا أصبح على قمة هرم الشركة.
ولسوء حظ غاتفرد، نشب حريق آخر بالمصنع عام 1960، حيث تعرض قسم إنتاج الألعاب الخشبية إلى صاعقة أدت إلى احتراقه، ويرجع ذلك إلى القطع الخشبية التي تصنع منها الألعاب.
وبعد تفكير عميق، كانت هذه اللحظة الحاسمة التي اتخذ فيها غاتفرد قرار وقف تصنيع الألعاب الخشبية تمامًا، والتركيز فقط على البلاستيك كمادة مصنعة للألعاب.
وفي مُنتصف السبعينات من القرن الماضي، تتضاعفت مبيعات المجموعة بشكل كبير، بسبب رصدها ميزانية كبيرة للدعاية والحملات الترويجية عبر التلفاز.
مواجهة شبح الإفلاس بفكر غير تقليدي
ولكن، في أوائل عام 2000، كانت مرت ليغو بفترة عصيبة جدًا. فقد أدت مجموعة المنتجات المفرطة، والمشاكل المتعلقة بمراقبة المخزون، ومحاولة دخول مجال الالعاب الفيديو، إلى دفع الشركة إلى الحضيض، بعدما أوشكت على الإفلاس.
واضطرت الشركة الى البيع بسعر التكلفة؛ لوجود المنافسة الشرسة من المصانع الصينية، بالاضافة إلى انخفاض قيمة العملة الدنماركية مقابل الدولار.
تم القبض على زمام الأمور عقب تعيين Jørgen Vig Knudstorp – يورغن فيغ كنودستورب، الذي بات اسمه رنانًا في عالم الإدارة والأعمال التجارية؛ بفضل دهائه ونظرته الثاقبة، بعيدًا عن الركائز التقليدية لإدارة الأعمال غير مجدية.
حيث أصدر أوامره بتوقف الخطوط غير الشعبية، لضمان أن جميع المنتجات متوافقة مع النطاق الأساسي، بصريًا وميكانيكيًا، مما يساعد على تخفيف وعكس إتجاه العلامة التجارية من الحضيض إلى الإنتعاش والتعزيز من قوتها.
فعملت الشركة على نهج جديد تمامًا. وذلك من خلال مجموعات جديدة من الألعاب أثبتت شعبيتها، وخاصة تلك الألعاب المتربطة بالأفلام، مثل: هاري بوتر، وحرب النجوم، مما ساعد إقبال الزبائن على العلامة التجارية، وساهم في تربعها كأقوي علامة تجارية في صناعة الألعاب.
وقد زادت مبيعات الشركة خلال الأعوام القليلة الماضية، بصورة مطردة، مما جعلها تعترف اليوم بأنها تواجه صعوبة بمواكبة الطلب المتزايد بمنتجاتها، ولتواكب الشركة هذا الطلب، قامت بتوسعه عدد مصانعها في المكسيك والمجر والدنمارك، إلا أن هذه المصانع لن تدخل حيز بدء العمل قبل عام 2020.
ومؤخرًا جاءت العلامة التجارية للعبة التركيب الشهيرة LEGO – ليغو في الصدارة على رأس تصنيف وكالة Brand Finance كـ أكثر العلامات التجارية قيمة للعبة في العالم للعام الماضي 2017، حيث تُقدر بـ في 7.6 مليار دولار. بل هي أيضًا أقوى علامة تجارية في هذه الصناعة (كما يحددها مؤشر العلامة التجارية والذي يقيس قوة العلامة التجارية من الناحية المالية)، وفي الواقع فأن العلامة التجارية لـ LEGO هي الأقوى عبر أي فئة صناعة.
المنهجية قائمة على القيمة
تاريخ قصة نجاح مجموعة ليغو الشركة المصنعة لقطع ألعاب البناء المتراكبة، ومقرها في الدانمرك، يحكي قصة شركة قائمة على صُنع القيمة. فقد كانت اللبنات الأساسية لقوة العلامة التجارية ليغو موجودة وحاضرة دائمًا، كـ أكثر خط من خطوط لعب البناء Construction Toys والمنتجات والخدمات ذات الصلة شعبية وربحًا في العالم، مع احداث تأثير كبير على مختلف مجالات الثقافة الشعبية.
وكما أنها علامة تجارية تتجنب عمومًا التسويق الجنساني على أساس النوع Gendered Marketing، من خلال مناشدة الأولاد والبنات على قدم المساواة، حيث تسعى لتعظيم حجم الديموغرافية المستهدفة Target Demographic.
وهذا النهج يرضي أولياء الأمور أيضًا، حيث أن هناك مخاوف بشأن تأثير اللعب على آفاق وطموحات الأطفال، خاصة الفتيات، وجذبيتها تمتد إلى عدة أجيال؛ كونها علامة تجارية تناشد الحنين من البالغين، فضلًا عن الحرية الإبداعية التي تعطيها اللعبة للأطفال.
ويمكنك استكشاف كيف نمت مجموعة ليغو من خلال أربعة أجيال من ملكية العائلة، بداية كـ شركة محلية صغيرة تقوم على صناعة ألعاب تركيب من قطع خشبية صغيرة وبسيطة، ثم تطورت مع الزمن إلى واحدة من الشركات الرائدة عالميًا في اللعب الإبداعي والمواد التعليمية، وأصبحت إحترافية ومتطورة ومُتعددة المُستويات.
غير أن الشركة لم تكتف بطرح قطع ألعاب التركيب فقط، أنما بنت مدينة ألعاب شهيرة اسمتها LEGO LAND، وتصنع أيضًا الجهاز الرئيسي للروبوت مثل: NXT و RCX، وعلى الرغم من توسعها، تبقى الشركة مملوكة للقطاع الخاص، كشركة عائلية.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.