الحل لتخفيف مخاطر التدخين موجود بالفعل لكنه مثير للجدل جداً.. تعرفوا على السبب!
5 د
في البداية قد لا يبدو من المهم جداً التحدث عن مخاطر التدخين فهذا الأمر بديهيٌّ بعض الشيء في يومنا هذا، فجميعنا نعلم ارتباط التدخين بالأورام الخبيثة وأمراض الرئة والقلب وغيرها الكثير، حيث يكفي أن نقول أنّ التدخين لوحده يتسبب كل عام بموت أشخاصٍ أكثر مما تتسبب به المخدرات ومرض الإيدز والكحول وحوادث السيارات وحوادث الانتحار مجتمعين.
بسبب ما ذكر يبدو من البديهي أن إيجاد حلٍ ما لتخفيف مخاطر التدخين هو من أهم أولويات العاملين بالمجال الصحي، فقد شهدنا -وخصوصاً في العقود الأخيرة- العديد من الحملات التي تهدف لإيضاح مخاطر التدخين لعامة الناس لحثهم عن الابتعاد عن التدخين أو الإقلاع عنه، كما رأينا العديد من الاختراعات التي تهدف إلى مساعدة المدخنين على الإقلاع عن التدخين مثل لصاقات النيكوتين أو علكة النيكوتين.
لكن على الرغم من كل الحملات والوسائل السابقة، إلا أنّ عدد المدخنين في العالم بشكلٍ عام في ازديادٍ مستمر (النسبة تقل ببطء لكن العدد يزداد)، وبالطبع هذا شكل مصدر قلقٍ مستمر، لذا بدا الأمر واعداً عندما أطلقت منظمة الغذاء والدواء الأمريكية بياناً تقول فيه أنّها تملك حلاً يمكنه تخفيف مخاطر التدخين بشكلٍ كبيرٍ جداً، لكن الأمر المُستغرب بحق كان إعلانها أنّها لن تطبق هذا الحل في جميع الأحوال! فما هو هذا الحل وما السبب خلف عدم رغبة المنظمات الصحية باعتماده؟
حل يبدو سحرياً لمشكلة التدخين
الأمر كله بدء بفضل الصيني هون ليك، فهون ليك كان مُدخناً يحاول باستمرار الإقلاع عن التدخين، ولكونه يعمل كصيدلي قام بتجربة جميع الحلول المتوفرة للإقلاع عن التدخين دون جدوى، فجميع هذه الحلول لا تُشبع رغبة المدخن بل تُركنها فقط، لذا قرر هون ليك اختراع الحل الخاص به، وذلك للإقلاع عن التدخين أو لتخفيف مخاطر التدخين على الأقل، وهذا بالتحديد ما قام به.
في الحقيقة فالحل الذي أوجده هون ليك يعتمد على مبدأ بسيط للغاية، وهو أنّنا لسنا بحاجة دائماً عن التوقف عن القيام بالأشياء الخطيرة بل علينا تخفيف خطرها فقط، فبينما يبدو القفز من الطائرة خطراً إلى أنّ الخطر تحديداً ينجم عن ارتطامنا المفاجئ بالأرض، لذا عندما قمنا باختراع المظلة أصبح بإمكان البشر القفز من السماء بشكلٍ آمن نسبياً، وهذا المبدأ بالذات هو ما قام بتطبيقه هون ليك للتخفيف من مخاطر التدخين أو للمساعدة على الإقلاع.
فبينما يعتقد العديد من الأشخاص أن المادة الأكثر ضرراً في التدخين هي النيكوتين إلا أنّ الحقيقة أنّ المواد الناجمة عن احتراق التبغ الموجود في السيجارة كأحادي أوكسيد الكربون وغيرها الكثير هي المسؤولة بشكلٍ رئيسي عن مخاطر التدخين الكثيرة، لذا اخترع هون ليك السيجارة الإلكترونية، كوسيلةٍ آمنة نسبياً تشبع رغبة المدخن بالتدخين وتحميه من المخاطر الناجمة عن عملية الاحتراق.
في الحقيقة فإن الكثير من الدراسات العلمية تُجمع أن السيجارة الإلكترونية أقل خطراً على الصحة البشرية بشكلٍ كبير من التدخين، لذا وجدت منظمات الصحة العالمية أنّ هذا الاختراع قد يُساهم بإنقاذ حياة ملايين الأشخاص وذلك عبر الحد من مخاطر التدخين بشكلٍ كبير، إلا أنّ هذا الأمل سرعان ما ذهب أدراج الريح، فما الذي حصل؟
المشكلة الخفية في حل مخاطر التدخين المثالي
في الحقيقة وعلى الرغم من أنّ السيجارة الإلكترونية تحمل مخاطراً أقل بكثير من مخاطر التدخين التقليدي، إلا أنّها ما زالت تشكل خطراً صحياً حقيقياً، إلا أنّ الحملات التي ظهرت والتي تروج لهذه السجائر الإلكترونية عبر التحدث عن مخاطرها القليلة والتي تدعو المدخنين إلى اعتمادها جعلت العديد من الأشخاص من غير المدخنين وخاصةً من الفئة الشابة يقومون باقتنائها، وهذه السجائر مسببة للإدمان أيضاً مثلها مثل السجائر التقليدية، لذا خلقت هذه السجائر معضلة جديدة.
عوضاً أن تقوم هذه السجائر بإنقاذ حياة المدخنين، قامت السجائر الإلكترونية بزيادة عدد الشبان المدخنين بشكلٍ كبير، لذا اضطرت المنظمات الصحية إلى البدء بمهاجمة هذه السجائر الإلكترونية، حتى أننا رأينا العديد من الحملات التي تتحدث عن الأمراض الخطيرة التي قد تسببها، بل حتى أن بعض المدن كسان فرانسيسكو قامت بجعل تدخين السجائر الإلكترونية غير قانونية، وذلك بسبب عدد المراهقين الذين بدأوا بتدخينها.
المشكلة هي أنّ الحملات الصحية التي هاجمت السجائر الإلكترونية وتحدثت عن مخاطرها عُرضت على التلفاز ورآها الجميع بما فيهم المدخنين، لذا قام هؤلاء بالابتعاد عن السجائر الإلكترونية واستمروا بتدخين سجائرهم التقليدية، على الرغم من أنّ مخاطر التدخين التقليدي أكبر بكثير.
تبدو المعضلة واضحة الآن، فنحن نملك حلاً يُمكنه تخفيف مخاطر التدخين التقليدي وجعل المدخنين الغير قادرين على الإقلاع أكثر أماناً نسبياً، لكن في نفس الوقت هذا الحل يقوم بجعل الكثير من المراهقين يُدمنون على مادةٍ خطرة جداً، ويبدو أنّ منظمات الصحة العالمية وجدت بشكلٍ بديهي أنّ الأهم هو جعل المراهقين يبتعدون عن التدخين حتى لو كان أقل خطراً، لذا قامت بتنظيم حملاتٍ للتوعية عن مخاطر هذا التدخين الإلكتروني الجديد.
ما هو الأهم: صحة الشباب أم حياة المدخنين الكبار؟
لكن في الحقيقة فهذه الحملات على الرغم من كونها مفيدة جداً للفئة الشابة ولغير المدخنين إلا أنّها تضر الأشخاص البالغين المدخنين حقاً، حيث توضح الدراسات أنّ عدد المدخنين الذين كانوا يعتقدون في السابق بشكلٍ صحيح أن السجائر الإلكترونية أقل ضرراً في تناقصٍ مستمر، وهو أمرٌ مزعجٌ للغاية، لأن هذا الاعتقاد الخاطئ يحرمهم فرصة التقليل من مخاطر التدخين التقليدي، ويجعلهم يستمرون بتدخين السجائر التقليدية الأكثر ضرراً بكثير.
لذا على منظمات الصحة العالمية الآن العمل بشكلٍ كبير لإيجادٍ حلٍ فعال لهذه المعضلة، حل يقوم بجعل المُدخنين البالغين يُدركون وجود بدائل أكثر أماناً من السجائر التقليدية وفي ذات الوقت يقوم بجعل الشباب لا يعتقدون أنّ تدخين السجائر الإلكترونية أمرٌ جيد ومحبذ وآمن، وقد بدأت العديد من المنظمات بإيجاد حلولٍ لهذا الأمر، أو تقديم اقتراحاتٍ على الأقل للمساهمة بتخفيف مخاطر التدخين التقليدي.
بالطبع يبقى الحل الأفضل هو الإقلاع عن التدخين بكافة أشكاله بشكلٍ نهائي، فعلى الرغم من أنّ السجائر الإلكترونية تحمل مخاطر أقل بكثير من مخاطر التدخين التقليدي إلا أنّها تعد خطرة جداً أيضاً ومسببة للإدمان بشدة، إلا أنّنا نظن أنّه يمكن الاستفادة منها على الأقل لتخفيف المخاطر الصحية للتدخين التقليدي.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.