قصص العبودية والاضطهاد لأصحاب البشرة السمراء: روايات توثق جرائم الرق
6 د
مع تصاعد الأحداث السياسية والتظاهرات في الولايات المتحدة الأمريكية؛ بسبب مقتل جورج فلويد على يد شرطي أمريكي تصاعد معها الاهتمام بعمليات الاضطهاد العرقي؛ التي تعرض لها أصحاب البشرة السمراء سواء في أمريكا أو في العالم بشكل عام، وبما أن الإجابة دومًا يمكن أن نحصل عليها من الأدب؛ سنحاول ترشيح خمس روايات تحدثت عن معاناة واضطهاد أصحاب البشرة السمراء سواء في أمريكا أو الأفارقة الذين ذاقوا مرار العبودية بسبب لونهم من أصحاب البشرة البيضاء أو الأوربيين.
نرشح لك قراءة: لماذا يهوى البشر تعذيب بعضهم البعض؟ … أفلام الكراهية منذ العبودية وحتى النازيين الجدد
روايات تتحدث عن العبودية
فقد ساهمت هذه الروايات بشكل متفاوت في إحداث ضجة عالمية لمناهضة فكرة العبودية وإظهار معاناة أصحاب البشرة السمراء التي مروا بها في القرون الماضية؛ بسبب سيطرة الإنسان الأبيض على الأسلحة والمال، وقدرته على إخضاعهم له واستعبادهم. تحرر الإنسان صاحب البشرة السمراء رسميًا من الرق، ولكن ما زالت آثار العبودية والاضطهاد العرقي على أساس اللون حاضرًا بقوة في المشهد وفي الحياة الأوربية والأمريكية. ونأمل أن تكون هذه الترشيحات مفيدة وتستطيع إيصال الفكرة وإظهار حجم المعاناة التي مر بها هولاء البشر حتى تحرروا.
كوخ العم توم، هارييت ستاو
أولى روايات العبودية في القائمة، هي رواية “كوخ العم توم” والتي تعتبر من العلامات في الأدب العالمي والأمريكي، وقد تخلَّد اسمها بسبب حكايتها وبطلها العم توم. فتحكي الرواية عن عبد أسود يدعى توم يقوم سيده ببيعه بسبب الديون، رفض توم الهرب إخلاصًا لسيده وبدأت رحلة انتقاله من سيد إلى آخر حتى وصل إلى يد شخص قاس عامله بقسوة وإيذاء. سيحاول ابن سيده الأول البحث عنه لإعادته ولكنه مات قبل أن يستطيع أن يصل إليه، وبسبب ذلك حرّر السيد عبيده جميعًا وفاءً للعم توم، معتبرًا كوخه الذي عاش فيه رمزًا للحرية.
أحدثت الرواية صدىً واسعًا في الأوساط الأمريكية وكان الغرض منها الدعوة لتحرير العبيد وإنهاء الرق بسبب لا إنسانية الفكرة وبسبب ما كان يحدث لهم من اضطهاد وحرمان من الحرية.
صدرت الرواية في 286 صفحة عن دار العلم للملايين، بترجمة من المترجم الكبير منير بعلبكي.
كتاب الزنوج، لورانس هيل
تحكي رواية “كتاب الزنوج” عن الطفلة أميانتا دياللو التي تم اختطافها من بلدتها بدولة مالي من قبل عصابات خطف الأفارقة ليكونوا عبيدًا للأسياد في أوروبا، وتحديدًا في بريطانيا. وتمت تسمية الرواية بذلك الاسم لتشبه اسم وثيقة تسجيل العبيد الأفارقة الرسمية التى حررها موظفو البحرية البريطانية عام 1783، وذلك قبل أن تنتهي الحرب الأهلية الأمريكية.
تحكي الرواية عن حياة العبيد الذين اختطفوا من بلادهم والقسوة والحرمان الذي يعيشون فيه تحت العبودية، ورغم أنها قصة خيالية إلا أن تفاصيلها استطاعت إيصال الفكرة بشكل كامل، سواء في اللغة أو الحكاية، ورسم محاولات التحرر والانتقال من بريطانيا إلى خارجها؛ فقد رفضت بريطانيا خروج العبيد جميعًا عدا الذين تم ذكرهم في كتاب الزنوج.
صدرت الرواية في حوالي 700 صفحة عن سلسلة الجوائز بالهيئة العامة للكتاب، بترجمة مميزة من صلاح صبري.
ونرشح معها قراءة رواية “موسم الظل” للكاتبة الكاميرونية ليونورا ميانو، الصادرة عن سلسلة إبداعات عالمية بالمجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب الكويتي بترجمة سعيد بوكرامي.
السكك الحديدية السرية، كولسون وايتهيد
تحكي رواية “السكك الحديدية السرية” عن كورا، العبدة التي تعمل في مزرعة قُطن خلال فترة ما قبل الحرب الأهلية الأمريكية في القرن الثامن عشر. تصور الرواية كيف كان يعيش العبيد حياةً قاسية ومؤلمة. ولم تكن معاناة كورا بطلت الرواية لمجرد أنها عبدة سوداء فقط، بل إن العبيد أيضًا كانوا يعنصرون عليها بسبب عارها الذي لاحقها لهرب أمها من المزرعة التي كانوا بها وتركها لها؛ حيث كانت قادمة من أفريقيا بعد اصطيادها من قبل صيّادي العبيد.
يحاول العبد الجديد سيزر إقناع كورا بالهرب بواسطة السكك الحديدية السرية التي تقع تحت الأرض بمساعدة مجموعة من مناهضي العبودية للهرب إلى الشمال بعد تحرر العبيد بها وبقاء الجنوب الأمريكي داعمًا للعبودية، يهرب سيزر ولكن حياتها ستدخل لسلسلة من الأحداث الخطيرة.
صدرت الرواية في 407 عن دار روايات بترجمة من سماح جعفر؛ وذلك بعد فوز الرواية بجائزة البوليترز عام 2016 وترشحها للمان بوكر 2017.
اثنا عشر عامًا من العبودية، سولمون نورثوب
على إثر الحرب الأهلية الأمريكية تم تحرير العبيد في ولايات الشمال، وبدأ أصحاب البشرة السمراء حياتهم الطبيعية كأي إنسان ينعم بالحرية والتعليم والحياة، ولكن الحياة في الجنوب ظلَّت كما في السابق؛ عبودية واضطهاد وحرمان من الحقوق الأساسية للإنسان.
وتحكي رواية “اثنا عشر عامًا من العبودية“، التي تعتبر أيضًا سيرة ذاتية، عن محام أمريكي أسمر تم اختطافه من قبل صيّادي العبيد ليتم بيعه في ولايات الجنوب الأمريكي ليعمل في مزرعة لأحد الأسياد. يحكي سولمون، وهو البطل الذي كتب الرواية بعد تحريره، عن الحياة القاسية التي يعيشها العبيد وعن عاداتهم الغذائية الصعبة والمميتة وما يتعرضون إليه من انتهاكات إنسانية وجنسية حتى.
تم تحرير سولمون من قبل صديقه بعد العثور عليه بحوالي 12 عامًا من وقوعه في العبودية. وقد ساهمت هذه المذكرات في إحداث صدى واسع ونقاش مجتمعي ضد العبودية ومع تحرير الإنسان من الرق.
صدرت الرواية في 341 صفحة عن دار كلمة، بترجمة من مروة هاشم. وقد تحولت الحكاية لفيلم يحمل نفس الاسم من بطولة شيتويل إيجيوفور.
ونرشح معها كتاب “مذكرات عبد أسود” لفريدريك دوجلاس، والصادر عن دار الشروق بترجمة مميزة لإبراهيم عبد المجيد.
محبوبة، توني موريسون
تحكي رواية “محبوبة“، المأخوذة عن قصة حقيقية، عن سيث صاحبة البشرة السمراء التي هربت من العبودية بعد أن كانت واحدة من العبيد في الجنوب الأمريكي إلى الشمال. وبعد استقرار سيث في منطقة حرة في الشمال أتى إليها مجموعة من الرجال لإرجاعها لسيدها بسبب هربها منه وبموجب قانون الرقيق الهارب الذي يعمل على إعادة العبيد الهاربين. ولم تكن سيث وحدها، بل كانت برفقة ابنتها ذات العامين.
لم تستطع سيث قبول الفكرة فقامت بذبح طفلتها حتى لا يستطيعوا أخذها للعبودية مرة أخرى وأن تعيش تلك الحياة القاسية التي عاشتها هي. وبعد سنوات، يتردد شبح ابنتها على منزلها ويبدأ بالتفاعل معها مما يتسبب في ابتعاد الجميع عنها ودخولها في عالم ابنتها الخيالي بسبب إحساسها بالذنب وعدم قدرتها على تخطي ما فعلته حين ذبحتها.
صدرت الرواية في 458 صفحة عن مشروع مكتبة الأسرة بالهيئة المصرية العامة للكتاب بترجمة من الدكتور أمين العيوطي. وقد تحولت الرواية لفيلم من بطولة أوبرا وينفري.
توني موريسون والأدب المناهض للعنصرية
ويصعب الحديث عن روايات العبودية والأدب المناهض للعنصرية والاضطهاد العرقي دون التأكيد على دور الكاتبة الأمريكية الحاصلة على نوبل عام 1993 “توني موريسون” والتي توفيت العام الماضي. لموريسون تاريخ أدبي طويل ومشروع كبير مناهض للعبودية ومخلِّدًا لمعاناة أصحاب البشرة السمراء. من أشهر أعمال رواية “محبوبة” (التي تحدثنا عنها سابقًا)، وأيضا رواية “جاز” ورواية “نشيد سليمان” وتمت ترجمة آخر رواياتها “ليكن الرب في عون الطفلة” إلى العربية عام 2015 من إصدارات دار أثر ترجمة بثينة الإبراهيم.
وأرجعت لجنة نوبل قرار اختيارها موريسون إلى الطريقة “التي تستعمل بها اللغة نفسها، إنها لغة تريد تحريرها من قيود العرق” مما يلخِّص مشروعها تقريبًا. وقد حصلت على جائزة البوليترز عن روايتها “فردوس” عام 1998 وعدة جوائز أدبية مهمة أخرى.
اعتمدت موريسون في رواياتها على أصحاب البشرة السمراء كأبطال أساسيين، وعن معاناتهم وما ذاقوه من مرارة الاضطهاد سواء من المجتمع الأبيض أو داخل المجتمع الأسود نفسه، حتى أنها قالت عن تكريمها “شعرت أنني أكثر سوادًا من أي وقت مضى” مما يوحي بعمق تأثرها بمشروعها وفكرتها.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.