كيف كان كوننا وإلى أين سينتهي؟ الإجابة في كتاب الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون
6 د
قبل أيام قليلة توفي عالم الفيزياء النظرية “ستيفن وينبرج – Steven Weinberg” الحاصل على جائزة نوبل عام 1979. وإن كنت لا تعرفه أو لم يصادفك أحد مؤلفاته فذلك الكتاب من أشهر مؤلفاته — The First Three Minutes: A Modern View of the Origin of the Universe والمترجم بعنوان “الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون” الذي حصل على جائزة الكتابة العلمية عند نشره في السنة الأولى عام 1977.
اقرأ أيضًا:
- رحيل ستيفن وينبرج وصدمة للوسط العلمي كله
وحتى لا تشعر بالغربة في ذلك المقال -إن كنت لا تعرف وينبرج- فهو واحد من ثلاثة علماء آخرين قاموا باكتشاف القوة الرابعة في الكون “القوى النووية الضعيفة” وتشاركوا جائزة نوبل في ذلك الاكتشاف، فضلاً عن أبحاثه في الكوانتم والجسيمات دون الذرية.
- وإليك اليوم عرض سريع لكتاب “الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون”.
عن كتاب الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون
“أما الآن فسنتعرض إلى نوع آخر من الفلك، إلى قصة لم يكن بإمكاننا أن نرويها قبل عشر سنوات فحسب”.
بدايات الكون سؤال فرض نفسه على الساحة العلمية في القرن العشرين. في الواقع، ليس بالضرورة أن تكون الإجابة مثالية أو دقيقة بشكل كبير ولكن ما توصلت إليه الفيزياء في ذلك الوقت -القرن العشرين- وخصوصاً بعد اكتشاف إشعاع الخلفية الكونية الميكروي – Cosmic microwave background radiation كان بمثابة الحصول على مفتاح لفك لغز: “كيف كان الكون في البداية؟”.
في كتابه الأشهر يحكي ستيفن وينبرج قصة في حوالي 200 صفحة، يقصها بلغة الفيزياء والمنطق دون تعقيد للإجابة عن ذلك السؤال ولكن سأعرض لكم الأجزاء التي أثارت انتباهي في ذلك الكتاب، فلا يمكن الإحاطة بكل ما جاء به في مقالٍ واحد.
اقرأ أيضًا:
في البداية الانفجار العظيم
أمامنا الآن الانفجار العظيم بداية كل شيء، ففي 0.01 ثانية عند درجة حرارة 100 مليار كلفن (هذه الحرارة لا يمكن لمكونات المادة العادية التماسك عندها) تظهر الجسيمات الأولى في الكون الإلكترونات والنيوترينوات – neutrinos والبوزيترونات والفوتونات مندثرة في أنحاء الكون تتصادم مع بعضها البعض وتتلاشى وتتولد من جديد وكان هناك ثبات في عدد تلك الجسيمات؛ نتيجة للتوازن بين عمليات الخلق والتلاشى تلك. في تلك اللحظة تحديداً كان الكون أكثر كثافة من كثافة الماء بنحو 3.8 مليار مرة ومحيطه حوالي 4 سنوات ضوئية.
في الثانية 0.12 تبدأ الحرارة في الانخفاض تدريجياً لتصل إلى 30 مليار كلفن وتقل كثافة الكون وتنخفض الحرارة مرة أخرى لتصل إلى 10 مليار كلفن، لتبدأ النيوترينوات في التصرف كجسيمات حرة وينقطع التوازن بينها وبين الجسيمات الأخرى. وتظل الحرارة تنخفض بالتدريج حتى نهاية الدقائق الثلاث الأولى حتى تصل إلى مليار درجة، تلك الحرارة كافية لنرى تماسك بين البروتونات والنيوترونات في ذرة واحدة وهي الديوتريوم (أحد نظائر الهيدروجين) وعند تكونه كانت الكثافة مرتفعة نسبياً ما سمح لتلك النواة أن تكونً نواة أكثر استقراراً وهي نواة عنصر الهيليوم التي تحتوي على بروتينين ونيوترونين.
إلى هنا كان المشهد، إلى هنا ظلت نواة الهيليوم والديوتريوم في الكون مع الفوتونات الضوئية والنوترينوات وكمية قليلة من الإلكترونات تتلاشى مع البوزيترونات، وظلت الحرارة تتناقص يوماً بعد يوم، وبعد آلاف السنين استطاعت النواة بأن تأثر الإلكترونات نحوها فتكونت ذرات الهيدروجين والهيليوم وحدث تكثيف لتلك الذرات مع الوقت تحت تأثير قوى الجاذبية، ونتيجة لذلك التكاثف انهارت المادة على نفسها ليعطي الكون الأشارة الأولى له في تكوين المجرات والنجوم التي نعرفها الآن.
اقرأ أيضًا:
توسع الكون وتأثير دوبلر
“إن معرفتنا عن توسع الكون تعتمد كلياً على مقدرة الفلكيين على قياس حركة جسم مضيء في الاتجاه الذي نراه فيه”.
نحن نعرف بأن الكون يتوسع من خلال مشاهدة المجرات، فجميعها تنطلق في الفضاء وتبتعد عن بعضها البعض بسرعات تقترب من سرعة الضوء لنا فأغلب تلك المجرات تبتعد عنا بسرعات تداني سرعة الضوء… لكن كيف عرفنا بذلك؟
تخيل بأنك تقف ثابتاً على طريق ما، وهناك سيارة تمر من أمامك، ستلاحظ بأن صوت محرك السيارة يزداد في الشدة كلما اقتربت منك السيارة، وعند ابتعاد السيارة عنك ستلاحظ بأن الصوت بدأ ينقص تدريجاً مع انخفاض حدة الصوت ذلك هو تأثير دوبلر، فالمجرات التي تقترب منا طولها الموجي أقصر وترددها أعلى، على النقيض المجرات التي تبتعد عنا يكون طولها الموجي أكبر وترددها أقل، فكان من البديهي رصد تلك الموجات وتحليلها ومن ثم معرفة ما إن كان الكون يتوسع أم لا (فقط تصور بلونة ممتلئة بالماء وقمت بثقبها بدبوس، هكذا كان الانفجار العظيم، وهكذا انتشرت المجرات ولازالت تنتشر وتبتعد عن بعضها البعض) فضلاً عن حساب سرعات النجوم وأبعادها بدقة كبير.
التفسيرات الدقيقة للغاية المتعلقة بالكون
بطاقة معلومات سريعة عن الكتاب:
- عنوان الكتاب الأصلي: The First Three Minutes: A Modern View of the Origin of the Universe
- اسم المؤلف: ستيفن وينبرج
- تصنيف الكتاب: علوم
- تاريخ النشر الأول: عام 1977
- لغة النشر الأصلية: الإنجليزية
- عنوان الطبعة العربية: الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكون
- اسم المترجم: وائل آتاسي
- عدد الصفحات: 200 صفحة
- تقييم جودريدز: 4.09
- تقييم آمازون: 339
الكتاب ممتع بشكل عام ولكن هناك عائق أمام القارئ، فهو يتطلب بعض الدراية بمفاهيم بفيزياء الجسيمات والفيزياء الفلكية. فإن كان لديك من الفضول للاطلاع على ما بداخل الكتاب ووجدت بعض الصعوبات في المفردات العلمية ففي نهاية الكتاب توضيح للمصطلحات العلمية المذكورة به ويوجد بعض الإثباتات الرياضية أيضاً معها. ولكن يظل الكتاب في إطاره العلمي-التاريخي سلساً نوعاً ما، فلن يفارقك الفضول في كل صفحة منه.
يقدم ستيفن وينبرج التفسيرات الدقيقة للغاية المتعلقة بالكون في بداياته وما حدث في الماضي السحيق من كوننا، ويستعرض الرؤى المستقبلية في نهاية الكتاب حول كيف سينتهي الكون وما هي الفرضيات المعروضة على الساحة العلمية، وكيف انعكس كل ذلك في اكتشافاتنا اليوم، علاوة عن عرضه للمبادئ المهمة التي يستعملها الفلكيون حتى اليوم كتأثير دوبلر والانزياح نحو الطول الموجي الأحمر والأزرق للمجرات وخطوط فرانهوفر وغيرهم.
الكتاب مقسم لثمان فصول يسرد الكاتب في أول مئة صفحة منه أموراً عديدة حدثت بداخل كوننا: الفوتونات، الجسيمات الأولية، إشعاع الجسم الأسود، قانون ستيفان بولتز مان، الكوانتم، إشعاع الخلفية الكونية الميكروي، بل وأظن بأن وينبرج لم يترك نظرية أو معلومة لم يتحدث عنها تخص الفيزياء الكونية في ذاك الوقت (ما قبل 1977)، لا أظن أن هناك شيء مثير أكثر من قراءة كتاب في الفيزياء والفلك من عالم مُتخصص وحاصل على نوبل كوينبرج.
أثناء قراءتك لكتاب الدقائق الثلاث الأولى من عمر الكوكب يجب أن تضع عامل الزمن أمامك، فالكتاب قديم نوعاً ما فستجد مثلاً بأن الكاتب يقدر عمر الكون بحوالي 10 مليار عام، لكن المتعارف عليه الآن هو أنه 13.7 مليار عام، فضلاً عن المادة المظلمة لم يكن هناك حديث بشكلٍ شامل عنها. أما عن الترجمة الموجودة وهي للمترجم/ وائل آتاسي فبعض الكلمات ستتوقف عندها قليلاً ولكنها ليست عائقاً بشكلٍ عام في القراءة ككلمة (كهريطيسة) فلم أكن أعلم بأنها ترجمة للكهرومغناطيسية. أيضاً كلمة (المجربيين) فالكاتب كان يشير للتجريبين.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.