أفضل كتب الرياضة في عام 2020 لمحبي الألعاب الرياضية وعالمها الممتع

يوم جديد والموضوع واحد: حصاد عام 2020 الذي -على آفاته- لم يبخل علينا بأعمال أدبية رائعة في شتى التصنيفات، بل لعله سلط الضوء على القراءة باعتبارها تسلية منزلية سهلة. أرجو ألا تكون مللت فإني لم أزل صامدًا، العام يقترب من نهايته وكذا مقالات الحصاد التي نشمل بها شتى التصنيفات المتاحة، مسترشدين بقوائم جودريدز ومسابقتها السنوية التي أعلنت حديثًا عن نتائجها طبقًا لأصوات القراء؛ والذين فاق عددهم الخمسة ملايين. موقفنا اليوم مع أفضل كتب الرياضة في عام 2020.

اهتمام من حولي بالرياضة يثير انتباهي، من أصوات رواد المقهى التي تبلغني رغم ارتفاع الطوابق الأربعة وبُعد مجلسي عن الشرفة، إلى اهتمام أخي الأصغر وصراخ جاري العصبي المصاحب لمباريات الأهلي. ثم إن هذا الاهتمام يحفز فضولي لمعرفة مزيد عن هذه الظواهر والسلوكيات، ورؤيتها من زوايا غير متوقعة، من خلال القراءة عنها في الكتب الروائية وغير الروائية. هذه إحدى سمات القراءة المغفول عنها، أو التي نجملها عادة في قولنا إنها تجدد الحياة؛ أعني أنها تمنحك منظورًا طازجًا منعشًا لأشياء بليت من كثرة ما حدقت فيها وحللتها. السياقات القصصية التي تختص بها الروايات بالذات توظف ما يهتم به القارئ على نحو قوي مرضٍ عسير المضاهاة.

اقرأ أيضًا:

“كرة القدم منتشرة لأن الحماقة كذلك”.. ما الذي كان يقصده بورخيس؟

لكن الرياضة ليست مقتصرة على كرة القدم، مع أنها المتبادرة إلى الذهن لأنها أوسع الرياضات انتشارًا في بلادنا وأكثرها ظهورًا في الإعلام. في كتب الرياضة التي نلقي عليها نظرة في قائمتنا هذه، قد نلتقي برياضات بعيدة عن عيوننا مثل السباحة والهوكي وكرة القدم الأمريكية وكرة السلة، سواء في سياقات روائية أو في كتب سيرة ذاتية أو علمية أو غير ذلك.

في الأدب بالذات، إذا عنَّ لك البحث عن أفضل ما صدر في العام من روايات الرياضة، ستجد أغلب المتاح روايات رومانسية موحدة التيمة متشابهة الأغلفة. هو نوع شائع شبه إيروتيكي غالب جمهوره فيما يبدو من الإناث والمراهقين، ربما نصادف اليوم منه رواية أو لا نفعل، لا أعرف لأنني -كما صرت تعلم الآن- أختار من بين عدة ترشيحات بينما أكتب.

لكن النوع يطرح أكثر من ذلك بكثير، والقراءة عن الرياضة عامة قراءة مفيدة لما فيها من اتصال بالثقافات، وفهم ما وراء الألعاب الشائعة من قدرة تفريغية ودلالات عاطفية. سنرى هذا في كتابات المتخصصين ونراه في سرد الحكائين، ونرجو أن تصادف أيها القارئ بين المذكور ما يحقق غرضَي التسلية والإفادة ويفتح لك الباب على كتابات النوع.

نبدأ قائمتنا لأفضل كتب الرياضة في 2020 بكتاب My Life in Red and White للشهير أرسين فينجر – Arsène Wenger. إذا كنت تشاهد مباريات أرسنال اليوم لأول مرة، سيدهشك أن تعلم أن النادي قد فاز بعدة بطولات للدوري الإنجليزي الممتاز، وحصل على عدد من الكؤوس يعد رقمًا قياسيًّا، وشهد أيام عز طالت، وحظي بجيل مرعب من اللاعبين الموهوبين الذين أرهبوا فرق الدولة بل القارة لفترة ليست بالقصيرة، وحقق رقمًا قياسيًّا هو الاستمرار لتسع وأربعين مباراة دون خسارة واحدة لم يجرؤ أحد لليوم على كسره. قد يدهشك هذا كله لكن الأكثر منه أن محقق هذه الإنجازات كلها هو ذاك المدرب الذي ذكرنا قبل قليل اسمه.

أرسين فينجر غيَّر كثيرًا في فريق أرسنال، لهذا فإن اسمه يتردد مع كل كبوة للفريق ذي الأداء المتدني حديثًا، والذي تلقى خسارة جديدة محرجة من فريق الماكر ذي الأسلوب الناجح المستفز جوزيه مورينيو. لكن فينجر غير في الكرة الإنجليزية أكثر مما يبدو على السطح؛ في طريقة اللعب ونظرة الجمهور لتمارين الفريق ورأيهم في المدرب الأجنبي. لا عجب أنه دائمًا ما يُذكر إذا ذكر الأسطوري البارع السير ألكس فيرجسون، والذي ذكرنا شيئًا عنه وكتبه في مقالنا عن أفضل كتب كرة القدم.

يتحدث الرجل لأول مرة في كتاب عن مسيرته المهنية من بدايتها؛ من الأيام التي قضاها في فرنسا واليابان يدرب فرقًا عديدة جمع بينها -للعجب- ارتداء اللونين الأحمر والأبيض مثل مدفعجية الأرسنال، ثم رحلته الطويلة التي امتدت لاثنتين وعشرين سنة حافلة بالإنجازات مع الفريق العريق، وصولًا إلى الظروف المنتهية باستقاله في عام 2018، وما تلا ذلك من عمله في الفيفا رئيسًا لتطوير كرة القدم العالمية.

تجربة فريدة تعرف من خلالها كثيرًا عن الناس والحياة والنجاح والطموح والفشل والتعامل مع الجماهير، وبالطبع عن كرة القدم وعقلية لاعبيها ومشجعيها واللياقة البدنية والدافع. ليست مجرد دردشة خاصة تلائم محب الأرسنال وحده، بل حكاية إنسانية مطولة ستفيد المهتمين بالعمل التجاري والإداري والنجاح بشكل عام، وتكشف زوايا مظلمة من حياة أحد أهم الأسماء في تاريخ الدوري الأقوى والأكثر شعبية عالميًّا في يومنا هذا.

ما زلنا في عالم كرة القدم لكن من زاوية مختلفة عن زاوية أساطير التدريب ذوي التاريخ المجيد الذين أشقوا من بعدهم. كتابنا الثاني من أفضل كتب الرياضة في 2020 هو رواية Furia، للكاتبة الأرجنتينية الأمريكية المهووسة بكرة القدم حسب ما تصف به نفسها، والتي صدر لها قبل هذا الكتاب أعمال أهمها كتاب قصص أطفال صغير عنوانه Where Are You From خرج للنور في 2019.

أما روايتنا هذه فتقع في 370 صفحة، وقد صدرت في منتصف سبتمبر الماضي لكن لم تحتج إلى وقت كبير لتجذب القراء وتحجز لنفسها موقعًا في قوائم أعلى المبيعات والروايات المفضلة. عم نتكلم هنا؟ عن رواية رومانسية من نوعية روايات المراهقين، مختلفة بدرجة واضحة عن النوع الذي أشرنا إليها في المقدمة، أكثر تركيزًا على الجانب الواقعي وتحديات المرحلة العمرية المربكة.

بطلة الرواية مراهقة أرجنتينية في السابعة عشرة، تجيد كرة القدم وتحلم باللعب الاحترافي في المستقبل. تستجمع عزمها لتجاوز العوائق التي أولها توقعات أبويها المنخفضة لها، وكذا توقعات سائر المحيطين بها من مجتمع ورفاق وحبيب. سعي الفتاة هنا لتحقيق حلمها، لكنه بشكل أوضح لعيش الحياة التي تختار.

تلقي الرواية قدرًا لا بأس به من الضوء على دولتها وما فيها من مشاكل ثقافية واقتصادية. يعيبها المباشرة في توطيد فكرة النسوية ودعم المرأة والمبالغة في تقوية الشخصية الرئيسية، وإن كان بعض هذا مفهومًا بما أنه موجه للمراهقين والمراهقات، لكنها تظل قراءة مسلية منعشة خاصة إن لم تكن قرأت عملًا تدور أحداثه في الأرجنتين من قبل. ثم إن عرضها حسن للبيئة المنزلية غير الداعمة والمسيئة أحيانًا.

هل اكتفيتَ من كرة القدم؟ قد حان وقت كتاب آخر من أفضل كتب الرياضة في عام 2020، أعني كتاب Why We Swim للكاتبة Bonnie Tsui. نذكر من كتبها اثنين هما American Chinatown: A People’s History of Five Neighborhoods حاصد الجوائز الذي كان انطلاقتها الحقيقية والمبشر بمقدمها، وكتابها التأريخي القصير She Went to the Field: Women Soldiers of the Civil War الصادر في 2003 أول مرة.

الكتاب -كما يعد عنوانه- مثير للاهتمام بالفعل. نظرة على رياضة السباحة وما تدل عليه من السلوك البشري عامة، في ومضات مثرية ممتعة تفتح العينين ولا تكاد تنسى. يسبح البشر في مختلف الظروف المناخية، في الأماكن الأشد برودة، للتمرين وللمرح وللتداوي، فلماذا؟ لم كانت هذه الممارسة من أكثر الرياضات شيوعًا في العالم الحديث؟ لماذا ننجذب للمياه رغم أننا لسنا سباحين بالفطرة بل نحتاج إلى التعليم؟

حكايات عن أبطال أولمبيين، وفريق سباحة عراقي ذي علاقة بصدام حسين، ورجال ساموراي يابانيين معاصرين واتصالهم بالسباحة، وصياد أيسلندي نجا بأعجوبة من خلال سباحة شتائية امتدت ست ساعات عقب تحطم سفينته. كيف يغرينا هذا الخطر فنواصل العودة إليه مرة بعد مرة، ولماذا يبث في أنفسنا هذا الشبع غير الاعتيادي والمتعة النادرة؟ حكايات مثيرة للاهتمام ونظريات داعية للفكر وتجربة شائقة عن السفر والعلم والصحة ستبقى معك بعد المرور بها طويلًا.

كتابنا الرابع في أفضل ما صدر في 2020 من كتب الرياضة. من الصعب العثور على رواية تجمع بين تصنيفي الرياضة والخيال العلمي، لكن العثور على رواية The Resisters يثبت أن كل شيء ممكن. كاتبة الرواية -وكلهن كاتبات في قوائمي فلا تتهمني يومًا بمعاداة المرأة- هي الأمريكية صينية الأصل Gish Jen ذات الأعمال الناجحة المتعددة، والتي أشهرها الروايتان التاريخيتان Mona in the Promised Land وTypical American، ثم The Love Wife وWorld and Town، والمجموعة القصصية Who’s Irish، وكلها معنية بالثقافة الصينية.

صدرت الرواية في فبراير الماضي، وهي من نوع الرواية الدستوبية التنبؤية. تدور الأحداث في مستقبل قريب أقل ما يوصف به أنه مظلم، وتمزج بعناصر هذا النوع المعروف الحديث عن الرياضة؛ لعبة البيسبول بشكل خاص هنا. تطرح الرواية مسارًا يبدو على غرابته قريبًا سهل التحقق، ويركز على عائلة معينة تعاني في ظروف قاسية تهدد وجودها ذاته، كما تهدد كل قيمها وإيماناتها. عن الذكاء الاصطناعي والتطور التكنولوجي وانقسام الناس وغياب السعادة، والوظائف السائرة نحو الانقراض مع تطور الآلات ونقص الحاجة إلى البشر، وما يمكن أن يؤدي إليه التقدم العلمي إذا حل تحت سيطرة الأشخاص غير المناسبين.

مع ذلك، مع ظلامية الرواية وسوداويتها، فإنها أقرب إلى التحذير منها للتهكم، وجوها العام لا يتكلف البؤس أو يفتعل المأساة. والقصة -رغم كل ما يمكن أن توصف به- مؤمِّلة ومشجعة. مليئة بالإثارة ومواقف الأكشن الجذابة، رغم أنها تبدأ ببطء وتتطلب شيئًا من الصبر وتفرط أحيانًا في المصطلحات المستقبلية المبتكرة. ثم إنها -بعد ميزاتها المذكورة- طيبة العرض للعبة البيسبول على نحو سيجذب نظر الجاهل بها وسيشوق العالم بفنونها.

إذا كانت روايات المراهقين (young adult) تكتب -على وجه التقريب- لمن تتراوح أعمارهم بين الثانية عشرة والثامنة عشرة، فإن نوع روايات الـ Middle-grade يستهدف من أعمارهم بين الثامنة والثانية عشرة. طبعًا المسألة تقريبية، وهناك نزاع معتاد على الحد الفاصل بينهما وانتماء كثير من الأعمال الشهيرة -كسلسلة هاري بوتر عظيمة النجاح- إلى أيهما. رواية Black Brother, Black Brother تنتمي بالتأكيد إلى قسم الـ Middle-grade، وتظهر ما يميز روايات النوع من سمات الشخصيات ونظرة الكتاب للعالم، كما تظهر ذوقًا ودرجة نضج معينين يناسبان المرحلة العمرية. اختارت لها كاتبتها Jewell Parker Rhodes منطقة رياضة المبارزة بالسيف أو الشيش (fencing)، ودعمتها بالثقافة الأفريقية الأمريكية.

لن نمر على الاسم مرور الكرام، بل سنتحدث قليلًا عن كتب تلك الفائزة بالجوائز متنوعة الإنتاج المستهدفة لجمهور متباين، رغم حبها الواضح للكتابة للأطفال. أهم أعمالها رواية الفنتازيا التاريخية Ghost Boys، والتي تتحدث عن مقتل طفل في الثانية عشرة من عمره على يد ضابط حسب سلاحه اللعبة حقيقيًّا. ثم Towers Falling، ثم Ninth Ward وSugar وBayou Magic (المسماة ثلاثية The Louisiana Girls). كلها موجهة (أساسًا لا حصرًا) للمراهقين ومن قبلهم، معنية بالحديث عن مشكلات الأفريقي الأمريكي المعاصر، مخلوطة بالفنتازيا حينًا وبالتاريخ حينًا وبالرياضة في روايتنا الأخيرة ضمن أفضل كتب الرياضة في 2020.

هنا تستكشف الكاتبة طبقة أخرى من العنصرية في جو مدرسة خاصة روادها من الأثرياء المعزولين عن العالم. فحص جميل لعلاقة أخوين شديدة التعقيد واختلاف تقبل العالم لهما لاختلاف درجة لونيهما، في سلسلة من الفصول القصيرة السريعة التي لا تدع للسأم مجالًا. لا تبتعد الكاتبة كثيرًا عن اهتمامها بحوادث الشرطة مع السود في أمريكا، تصف ذلك بعناية وتحكي تبعاته بتألق. ولا تغفل في ذلك عن خطف عقولنا إلى عالم الرياضة المسلية المذكورة بتفاصيلها وتعقيداتها، وحتى النهاية الجيدة التي غلفت العمل وجعلت ترشيحه لأصحاب المرحلة العمرية مستحبًّا أو واجبًا.

أمامك اليوم خمسة كتب من أفضل ما صدر في 2020 من كتب الرياضة. منها المناسب للمراهقين ومن يصغرهم ومنها الموجه للكبار، فيها الرواية الرومانسية ورواية الخيال العلمي والكتاب العلمي وكتاب السيرة الذاتية. أرجو أن يسهم هذا التنوع في تحسين قراءتك كما يسهم الآن في رضاي اللحظي عن نفسي.