ليست للترفيه فقط.. كيف تجعلك ألعاب الفيديو أكثر ذكاءً؟
5 د
كثيرًا ما نسمع عن لعبة فيديو ستقوم بزيادة مهاراتنا العقلية والمعرفية عند لعبها وممارستها باستمرار. فهناك الآن فئة مخصصة من ألعاب الفيديو تستهدف تمرين وتنشيط الدماغ يطلق عليها "ألعاب العقل"، والتي يروج لها على أنها ألعاب مفيدة ونافعة وليس مجرد تسلية وتمضية للوقت كباقي الألعاب الأخرى. فهل يا ترى تستطيع هذه الألعاب حقًا القيام بما يدّعيه مطوريها من زيادة للمهارات المعرفية ونشاط الذاكرة؟ أم أن هذه الادعاءات ما هي إلا دعاية رخيصة لترويج ألعاب الفيديو للبالغين؟
تساؤلات حول فوائد ألعاب الفيديو في الأوساط العلمية
للإجابة عن هذ التساؤلات، قام العلماء في جامعة كاليفورنيا بإجراء تجارب وأبحاث واستطلاعات رأي لما يقرب العقدين من الزمن، وذلك من أجل الإجابة عن السؤال بطريقة قطعية ومؤكدة. وخلال ذلك، أُجريت العديد من الدراسات التي تم جمعها وتحليلها في بحث واحد، من أجل تلخيص النتائج التي وصل إليها العلماء والتحقيق في أمر الألعاب الإلكترونية. كما أُلِّفت كتب مثل كتاب "ألعاب الكومبيوتر للتعلم"، والذي يتم فيه شرح كيفية استخدام ألعاب الفيديو لأغراض تعليمية.
ومن خلال آخر تجربة، وجد العلماء النتائج صادمة فيما يخص ألعاب الفيديو:
قام الباحثون بإجراء تجربة على عدد من المتطوعين سبق أن تم قياس مستوى المهارات المعرفية لديهم، كالتركيز والذاكرة والتفكير المنطقي والمرونة العقلية وغيرها من المهارات. ومن ثَم قُسم المتطوعين إلى مجموعتين، إحدى المجموعتين قامت بلعب ألعاب فيديو مختلفة لمدة ساعتين أو أكثر، بينما مارست المجموعة الثانية نشاط آخر كالقيام بالبحث عن الكلمات أو ما شابه من الألعاب الأخرى، ومن ثم أعيد قياس المهارات من جديد للمجموعتين. فماذا كانت النتيجة؟
هل ألعاب الفيديو تزيد من مهاراتنا المعرفية حقًا؟
كانت نتائج التجربة السابقة صادمة للكثيرين، حيث وجد أن معظم ألعاب الفيديو كألعاب البازل والألعاب الاستراتيجية وألعاب المغامرات وحتى العديد مما يسمى ألعاب العقل، لا تقوم بزيادة المهارات المعرفية على المدى الطويل عند ممارستها. وذلك يعني أن معظم الألعاب التجارية التي يتم الترويج لها كألعاب مفيدة هي في الحقيقة مَحض تسويق كاذب.
لكن في المقابل، كانت الأخبار الجيدة هي وجود فئة واحدة من الألعاب كان لها أثر ملحوظ في زيادة تلك المهارات، ألا وهي ألعاب الحركة أو (Action Video Games) وتلك التي تقوم على تصويبك المباشر، فقد وجد أن هذه الألعاب قادرة على زيادة انتباهك الإدراكي تحت ظروف متغيرة ووسط تحديات ومستويات مختلفة من الصعوبة.
استخدام الألعاب كوسيلة علاجية هو أمر ممكن!
شجعت هذه النتائج العلماء على استغلالها لإنشاء ألعاب إلكترونية تؤكد صحة النتائج. حيث تعاونوا مع مجموعة من مطوري الألعاب في كاليفورنيا، وصمموا لعبة غير عنيفة قائمة على أبحاث ونظريات علمية تهدف إلى زيادة المهارات المعرفية لدى اللاعبين.
سميت اللعبة "All You Can ET"، وفيها يجب قذف الأطعمة والمشروبات المختلفة بينما تتساقط الوحوش والمخلوقات الغريبة من الفضاء، مما يخلق تحديات مستمرة على اللاعب أن يوفق بينها وبين مهمة التصويب في اللعبة، مع بيئة قائمة على تعدد المهام Multitasking في اللعبة، وهي المهارة التي عمل المصممون على تعزيزها لدى المستخدم. تتوفر اللعبة على كل من متجري جوجل بلاي وآبل ستور وهي مجانية بالكامل ولا تهدف للربح.
- لتحميل All You Can ET من جوجل بلاي اضغط هنا
- لتتحميل All You Can ET من أبل ستور اضغط هنا
كما قام آدم غزالي عالم وطبيب الأعصاب المشهور بالتعاون مع فريق أبحاث من جامعة كاليفورنيا، بتطوير لعبة NeuroRacer عام 2022 لمساعدة الأطفال الذي يعانون من أمراض نقص الانتباه، لتكون بذلك أول لعبة في العالم يتم اعتمادها من قبل هيئة الغذاء والدواء كلعبة طبية تتوفر من خلال وصفة طبية.
NeuroRacer لعبة قيادة متعددة المهام تهدف إلى تحسين مهارات الانتباه لدى البالغين، يمكن تحميلها من متجري جوجل وأبل ستور. عام 2022 لمساعدة الأطفال الذي يعانون من أمراض نقص الانتباه، لتكون بذلك أول لعبة في العالم يتم اعتمادها من قبل هيئة الغذاء والدواء كلعبة طبية تتوفر من خلال وصفة طبية.
- لتحميل NeuroRacer من جوجل بلاي اضغط هنا
- لتحميل NeuroRacer من أبل ستور اضغط هنا
ألعاب الفيديو تؤثّر على أدمغتنا بطرق مختلفة
لماذا تنجح الألعاب العلمية بينما تفشل الألعاب الأخرى في زيادة المهارات المعرفية؟ تقوم الألعاب العلمية على 6 مبادئ رئيسية هي:
- مهارة التركيز على هدف واحد.
- التمرين المستمر على تلك المهارة.
- الحصول على تقييم مستمر للأداء.
- زيادة مستويات التحدي بالتدريج.
- وجود سيناريوهات مختلفة للعب من أجل تدريب وممارسة المهارة المعرفية المستهدفة، والحرص على أن تكون اللعبة ممتعة وغير مملة.
عند فحص أدمغة أولئك الذين يمارسون ألعاب الفيديو باستمرار، وجد أن اللعب المستمر يضئ مناطق في الدماغ تختلف عن أدمغة الأشخاص الآخرين. وبعد البحث والدراسة، أرجع العلماء ذلك إلى قدرة ألعاب الفيديو على زيادة المادة الرمادية في المخ المسؤولة عن العديد من أنشطة الدماغ، والتي تحسن من وعي ونشاط الإنسان وقدرته على التمييز من حوله.
كما أن ألعاب الفيديو تقوم بتعزيز سلوك "الثواب والعقاب" لدى الأطفال، مما يهيئهم للتركيز على مهمة واحدة وإنجازها. وهذه المهارة هامة جدًا كي يتمكن الطفل أو الشاب من مواصلة الاستذكار لساعات طويلة مع التركيز على المادة المتناولة دون الالتفات إلى الملهيات من حوله.
في النهاية، تتمتع ألعاب الفيديو بشعبية كبيرة من جميع الأعمار، وعلى رأسهم الأطفال والمراهقين والشباب. واستغلال هذه الشعبية في أغراض تعليمية وعلاجية هو أمر هام ويستحق الدراسة والتطوير، حيث أنها تتنبأ بمستقبل رائع يتمكن من خلاله العلماء جنبًا إلى جنب مع المبرمجين، من صناعة ألعاب ممتعة وتعليمية تستهدف العديد من المهارات المعرفية التي اضعفتها التكنولوجيا من حولنا؛ حتى تتمكن من تعزيزها وإصلاح ذلك الخلل بطريقة عملية ومناسبة لجميع الأعمار.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.