حين يلتقي العقل والإيمان.. هل تأثر الكواكب في حياتنا فعلًا؟
4 د
هل يمكن للنجوم والكواكب أن تحدد مصيرك وتؤثر في قراراتك؟ في أمريكا، يعتقد %40 من الأشخاص الذين يروا أن الكون له تأثير مباشر على حياتهم أن هذا الاعتقاد له أساس علمي. إذ يرتبط هذا الاعتقاد بعلم الفلك وأثر حركة الكواكب في حياتنا اليومية. فهل هو مجرد خرافة أم أن هناك حقيقة علمية تدعمه؟ تعالوا معنا في هذا المقال لنكتشف ما العلاقة بين حركة الكواكب وما يحدث في حياتنا.
ما هو علم التنجيم أو الأبراج؟
علم التنجيم، أو ما يُعرف أيضًا بالأبراج، هو نظرية تقوم على فكرة أن حركات ومواقع النجوم والكواكب في الفلك تلعب دورًا في تشكيل الأحداث والخصائص الشخصية للأفراد على الأرض. ويعتبر البعض التنجيم علمًا بينما يراه آخرون مجرد إيمان أو تقاليد شعبية. حيث تحظى قراءات الطالع والأبراج بشعبية كبيرة في وسائل الإعلام مثل الجرائد والمجلات، كما يبحث الكثيرون عنها للحصول على نظرة أو توجيه يومي حول مستقبلهم أو مزاجهم أو فرصهم. ورغم هذه الشهرة، يظل الجدل مستمرًا حول مدى دقة وعلمية هذه القراءات.
العلم وموقفه من تأثير النجوم على مصائرنا
لطالما كانت الأبراج موضوعًا للجدل والتساؤلات. فهل يمكن لحركة النجوم أن تحدد مصيرنا؟ بحث بيتر هارتمان وفريقه حول هذه القضية، حيث قاموا بدراسة على 4000 شخص، وكان الهدف الرئيسي هو معرفة هل هناك ارتباط حقيقي بين تاريخ الميلاد وخصائص الشخصية أو مستوى الذكاء. وقد أظهرت النتائج عدم وجود أي ارتباط علمي.
في تجربة منفصلة قام بها الباحث شون كارلسون، اعتمد على مجموعة من العلماء المختصين في التنجيم لتقديم توقعات بناءً على الأبراج، ثم قام بتحليل هذه التوقعات للتحقق من مدى صحتها. تم نشر نتائج هذه التجربة في مجلة Nature، حيث أوضحت أن الخبراء في التنجيم لم يكونوا أكثر دقة في توقعاتهم من الاعتماد على الحظ وحده.
إذًا، يبقى السؤال: من أين جاء هذا الإيمان الراسخ بأن الأبراج لها تأثير حقيقي على حياتنا؟
أليس من الغريب أن نشعر بأن الأبراج تؤثر في مصائرنا؟
في عالمنا الطبيعي، هناك أربع قوى رئيسية تؤثر في الوجود: الجاذبية، الكهرومغناطيسية، والقوتين النوويتين - القوية والضعيفة. هذه القوى لها تأثيرات ملموسة وقائمة على الأسس العلمية. فمثلاً، الجاذبية تحافظ على استقرار الأشياء على الأرض وتتحكم في سقوط المطر، بينما يجعل المجال الكهرومغناطيسي الأشياء تتفاعل معنا ويسمح للضوء بإشعاع حرارته.
لكن عندما ننظر للأفق الأبعد للسماء التي تحيط بنا، نجد أن تأثيراتها علينا تقتصر أساساً على الطقس. فالقمر يسبب المد والجزر، والشمس تعطينا الضوء والحرارة، وربما بعض التأثيرات الأخرى على البيئة المحيطة. لكن أي تأثيرات شخصية محددة مرتبطة بالأبراج أو حركة النجوم هي مجرد إيمانات وليس لها أساس علمي.
إذاً، لماذا نميل إلى الإيمان بأن هناك قوى خفية في الكون تحكم مصائرنا؟ هل هو بحث دائم عن الراحة والمعنى في هذا العالم المعقد؟
لا تعارض بين الدين والعلم فيما يخص التنجيم!
ينقسم التنجيم في التاريخ الإسلامي إلى نوعين: تنجيم حسابي: وهو ما كان يتبعه العرب والمسلمين قديمًا في تتبع أوقات الشهور المحرمة ورؤية هلال رمضان وغير ذلك. والتنجيم الاستدلالي: إذ يقوم هذا العلم على الاستدلال بأثر النجوم والكواكب بما سيحدث في حياة البشر وفي طالعهم اليومي.
وذلك النوع من التنجيم هو المحرم والذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من اقتبس علماً من النجوم اقتبس شعبةً من السحر زاد ما زاد). فإن الاعتراف بصحة كلام العرافين ومعرفتهم للأقدار يعد كفرًا في الدين الإسلامي، ذلك أن الإيمان بالقدر خيره وشره وأنه بيد الله سبحانه وتعالى هو المرتبة السادسة من مراتب الإيمان في الدين الإسلامي.
كما أن الإسلام جعل الذهاب إلى العرافين حتى مع عدم تصديقهم؛ أمرًا محرمًا لا تقبل فيه صلاة المسلم لمدة أربعين يومًا. ذلك أن العرافين يعملون على تضليل الناس وإثارة البلبلة والفوضى في المجتمعات فيما يدعون من أهوال وأحداث عظيمة قد تقع في ذلك التاريخ أو ذاك.
التفسير الديني لصدق العرافين عندما يصدقون
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن "كذب المنجمون ولو صدقوا"، وتفسير ذلك في الإسلام أنه حتى الأخبار الصحيحة التي قد يأتي بها عراف أو منجم ما، ليست قادمة من علم الغيب الذي يطلع عليه أو خبرته الواسعة بالنجوم التي تبوح له بكل شئ، بل تم تفسيره في سورة الجن (وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا، وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا)، وذلك أن الجن كان قديمًا يسترق السمع بما يدور في السماء من أحاديث ويخبر بها العرافين، ولكن السماء بعد ذلك ملئت بحرس من الملائكة وشهاب حارقة تطارد من يجرؤ على ذلك، فلم يعد أحد من الجن يقدر على استراق السمع، وما قد يتمكن من إخبار العرافين به يكون على قدر كبير من الخطأ.
في النهاية، الأبراج والنجوم ما هي إلا وسيلة لتصديق ما نريد أن نصدقه، فإذا أردنا أن نصدق أننا محظوظون وسنحظى بكثير من الفرص الجيدة في حياتنا، ورأينا في الجريدة من يؤكد لنا أن ذلك ما سيحدث تمامًا اليوم، فلا بأس في ذلك. فعلم التنجيم مثله مثل علم المنعكسات وعلم الطاقة والتنويم المغناطيسي وغيرها من العلوم التي تعتمد كليًا على الإيحاء في تأثيرها، كل ما عليك فقط هو أن تصدق أنك ستتعافى وتشفى وكل شئ سيكون على ما يرام.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.