🎞️ Netflix

والده اعتقد عمله “فضاءً للشياطين” وحُرم من متابعة تعليمه.. ما وراء ابتسامة أبو فلة

ابتسامة أبو فلة
عبد الحكيم الرويضي
عبد الحكيم الرويضي

4 د

هذه المرة يحبس أبو فلة نفسه داخل غرفة زجاجية من أجل 10 ملايين دولار، ولن يبرحها قبل أن يجمع هذا المبلغ الكبير، الذي يتوخى من خلاله تدفئة قلوب آلاف الأسر اللاجئة والنازحة خلال أبرد شهور السنة.

تأتي هذه الحملة بعد نجاح أبو فلة في جمع تبرعات بقيمة مليون دولار، أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2021،  بمناسبة تخطيه حاجز الـ 20 مليون متابع على قناته على اليوتيوب، ليطلق بثًا حيًا، عاهد فيه بأنه لن يوقفه قبل تحقيق المبتغى. 

ما قصة هذا الشاب الذي يملك أكبر قناة على اليوتوب العربي من حيث عدد المتابعين، وهو الذي بدأ في عالم ألعاب الفيديو، ليشق مسيرة حافلة بالعطاء والبذل في الأعمال الخيرية؟

ظروف مادية حرمته من التعليم 

في العام 2016 بدأ حسن سليمان مسيرته كصانع محتوى على اليوتيوب، في البدء أطلق على قناته اسم "قيمز فلة" لكن سرعان ما استبدله بـ "أبو فلة"، مطلًا على مشاهديه بشخصيته المرحة، وابتسامة دائمة تختزل خفة ظلّ هذا الشاب، الذي لم تكن بالضرورة طريقه مفروشة بالورود، بينما شذاه ظل يفوح بعبق الأمل والتفاؤل والمحبة.

أبو فلة المزداد عام 1998 في الكويت، حرم من متابعة دراسته الجامعية لأسباب مالية، على الرغم من اجتيازه الثانوية العامة بميزة متفوق، وقفت المادة كعامل معارض لطموحات الشباب الذكي، لأن الدخل المتواضع لوالده لم يكن ليسمح لأبي فلة أن يتابع تعليمه في جامعة مرموقة خارج البلد. 

"أتاني أبي وقال لي بنبرة حزينة: كان بودي أن أساعدك لكنني لا أستطيع" يحكي حسن سليمان عن هذه المحطة المؤلمة في حياته، "حالنا يتأرجح ما بين المتوسط ودون المتوسط، وفعل أبي ما بوسعه لمساعدة أخي الكبير حتى يستكمل تعليمه، لكن للأسف لم يكن مهتما بدراسته، وتحطم قلب أبي" يقول أبو فلة في حوار أجراه معه الإعلامي أنس بوخوش.

أدى فشل الأخ الأكبر في التعليم إلى دخول معيل الأسرة في ضائقة مالية بسبب تراكم الديون، يُسِرّ أبو فلة قائلًا: "أنا أيضًا تحطّمت، وخيّل لي أن تعبي ذهب مهب الريح" يضيف أنّه قُبل في جامعة غير معتمدة دوليًّا، حتى إنها ليست ذات مكانة أكاديمية في الكويت، وهي الورقة الأخيرة التي بقيت بين يدي أبو فلة، ولكن حصل معه كالذي رضي بالهم والهم ما رضي به،

 "قدمت وثائقي إلى هذه الجامعة، وتم رفضي بسبب مشكلة غريبة، لا أعرف تفاصيلها، رغم أن درجاتي كانت عالية" يوضح أبو فلة، أن الرفض قد يكون سببه تأخر في تسيلم وثائق التسجيل،  ليكون مضطرًا إلى انتظار ثلاثة أشهر، إلى حين انتهاء الدورة التعليمية الأولى، "قلت مع نفسي، أنا لا أفعل أي شيء الآن، لماذا لا أفتح قناة على اليوتيوب، لقد أحببت فعلا هذا العمل" على حد قوله.

قناة أبو فلة "فضاء للشياطين"

خلال بداية المسار لم يستسغ والد حسن أن يعمل ابنه كصانع محتوى على اليوتيوب، لقد عارض  ذلك بلهجةٍ شديدة، والسبب أنه "اعتبره فضاءً للشياطين" ليتطور الأمر إلى التهديد بالتبرؤ من ابنه إذا ما استمر في هذا العمل، في وقتٍ كان أبو فلة يشقّ طريقه نحو النجاح، أي أنّه كان قد تعدّى مرحلة نصف مليون مشترك، لكن لحسن الحظ لعبت الأم دورًا مفصليًا، بأن أقنعت زوجها ليسمح لابنهما بركوب شغفه.

غالبًا ما تطال مشاهير اليوتيوب انتقاداتٍ لاذعة، بأنهم يروجون للتفاهة والسخاقة أو يصنعونها أو يحرّضون عليها، لكن هذا اليوتيوبر المتخصص في نشر فيديوهات حول ألعاب الفيديو ومقاطع "ترفيهية" مثل المقالب والتحديات، يشهر صورة لامعة مفادها ألّا مكان للتفاهة في قناة أبو فلة، أخذ يحتفي بالنجاح من خلال عمل مشاريع خيرية.

عندما تخطّى عتبة 5 ملايين مشترك على قناته، قام حسن سليمان بتشييد مسجد في أفريقيا، أي أنه جعل من هذه القناة وسيلة لجمع التبرعات، كما قام بحفر آبار في مناطق تعاني ندرة المياه في القارة السمراء.

أيام داخل الزجاج

حاليًا يتابع قناة "أبو فلة" ما يزيد عن 23.2 مليون مشترك، وتحصد فيديوهاتها ما يقارب 3 مليارات مشاهدة، وهي من بين القنوات الأسرع نموًا عالميًا في مجال ألعاب الفيديو والترفيه،  حيث أن أكثر الفيديوهات شعبية حصدت ما يناهز 30 مليون مشاهدة، ضمنها بث حي كان قد أطلقه قبل سنة معلنًا عن "مشروع أبو فلة الخيري ومتابعيه" الهادف إلى جمع التبرعات، وخلال 3 ساعات تم تحصيل 164839 دولار من 6.6 ألف متبرع.

منذ 7 يناير/كانون الثاني الجاري، وإلى حين كتابة هذه السطور جمعت قناة أبو فلة ما يزيد عن 2.3 مليون دولار، ولا يزال حسن سليمان حبيس الغرفة الزجاجية هو وثلة من أصدقائه المتعاونين في حملة "دفّئ قلوبهم"، التي تحظى بدعم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، الشبكة الإقليمية لبنوك الطعام.

مهما كان العمل إنسانيًا بحتًا، لا بد وأن تطاله انتقادات من أشخاص يتهمون المشاهير والمؤثرين بأنهم يستغلون هذه الحملات الهادفة لمساعدة اللاجئين في "الدعاية لشخصهم وتلميع صورهم، وبالتالي الرفع من عدد المتابعين من أجل مضاعفة الأرباح."

إلا أن غالبية الناس لا يشكّكون في نبل مثل هذه الحملات، مثل أبو فلة الذي أفادت شهرته المحتاجين في بلدان عربية وأفريقية، بأن عرف بقضاياهم واحتياجاتهم لمواجهة برد وصقيع الشتاء.  

اقرأ أيضًا: ما هي شروط الربح من اليوتيوب

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

ذو صلة