كتب ألبير كامو.. أبرز أعمال الأديب المُتمرّد والفيلسوف اللامبالي
3 د
ألبير كامو – Albert camus هو الأديب الفرنسي الجزائري الحاصل على جائزة نوبل للآداب، والتي كانت أشهر كتاباته “رواية الغريب”، سببًا في حصوله عليها من الأكاديمية السويدية عام 1957. وهو أحد أهم روّاد المدرسة العبثية في الأدب. سنتعرف معًا في هذا المقال على أفضل وأبرز ما كتب ألبير كامو في حياته القصيرة نسبيًا، حيث تُوفيّ في حادث سيارة عن عمر يُناهز الـ 46 عامًا، وهو ما اعتبره الجميع حادثًا عبثيًا يليق به بجدارة، حيث وُجد في جيبه تذكرة لقطار، مما يُوحي أنّه كان سيستخدم القطار ولكنّه غير رأيه وفضّل السفر بالعربة التي كانت سببًا في هلاكه.
كتب ألبير كامو: ما بين العبث والتمرد
عاش ألبير كامو حياته في الجزائر في عشرينات القرن الماضي يتيم الأب، حيث تُوفي والده الفرنسي بعد ولادته بعام واحد، بينما اضطرت الأم الأسبانية الأصل للعمل كخادمة في المنازل المجاورة، ليعيشا معًا في تقشف شديد، لا يُخفف منه سوى تفوق كامو الدراسي، والذي أهلّه لدخوله من قسم الفلسفة بكلية الآداب، ليعمل بعدها بالصحافة وكتابة المقالات، ثم اتجه بعدها لكتابة الروايات.
صنعت الظروف الصعبة التي تعرّض لها ألبير كامو في حياته -كطفل يتيم وفقير- رجلًا فيلسوفًا ذو نزعة تشاؤمية واضحة، ظهرت في رواياته التي تميزت بثرائها فكريًا. لهذا من الصعب أن تقرأ رواية ما لألبير كامو، ولا يستفز فيك روح الفيلسوف الذي يبحث عن إجابات لأسئلته الكثيرة والشائكة. يقول ألبير كامو:
“بالعبث، توصَّلتُ لنتائجَ ثلاث: تمرُّدي وحريتي ورغبتي، وعن طريق لعبة المعرفة استطعتُ أن أُغيِّرَ كل ما يدعو للموت في قواعدِ الحياة، التي أرفضها على أنّها الانتحار ذاته.”
كتب ألبير كامو: أحد أهم روّاد المدرسة العبثية في الأدب
كان كامو يرى الحياة بنظرة عبثية، وساخرة. تغلب عليه روح التمرد أحيانًا، وروح اللامبالاة في أحيانٍ أخرى، فهو مؤمن بأنّه طالما كل شيء إلى زوال، فلا جدوى من الحياة. وهي الفكرة التي ظهرت في رواياته بوضوح. كما كان الموت هو عقدته الأثيرة، وأهم أسباب اتجاهاته الفكرية، فقال عنه:
“نتجه صوب الموت كَسهم يتجه إلى هدفٍ لا يُضيِّعه أبدًا، الموتُ هو يقيننا الوحيد”.
سنقوم بالتعريف في هذا المقال عن روايات ألبير كامو التي صارت أعمالًا كلاسيكية، وتعدّ من أشهر الروايات في الأدب العالمي، والتي جعلت من كامو ثاني أصغر أديب في التاريخ يحصل على جائزة نوبل للآداب، حيث كان عمرهُ وقتها 34 عامًا فقط، فضلًا عن كونه أحد أهم روّاد المدرسة العبثية في الأدب.
تقييم أراجيك
الغريب
قدم الكاتب المثير للجدل ألبير كامو واحدة من أشهر الروايات العالمية، وأول رواية له تحت عنوان "الغريب"، تنتمي إلى المذهب العبثي للأدب، وهو كاتب فرنسي الجنسية، جزائري الميلاد، عندما نُشرت رواية الغريب كان ألبير في الخامسة عشر من عمره وهذا ما جذب إليه الأنظار، كما أنها حققت نجاحاً كبيرا، ويتم تدريسها في بعض الجامعات العالمية، وتُرجمت إلى أكثر من أربعين لغة.
لخص الكاتب المولود في مدينة موندافي في الجزائر، في روايته نظرة الإنسان العبثي المتمرد الباحث عن هدف الحياة،
رواية الغريب غريبة فعلًا كاسمها، وربّما يكون الاسم تعبيرًا عن شخصيّة الكاتب نفسه، إذ تدور احداث الرواية حول شاب غريب يدعى " ميرسو "، شاب لا يحب التحدث كثيراً وإن تكلم يمكنك رؤية البرادة واللامبالاة في سلوكه وحديثه، يرى أن الحياة لا معنى لها، هو شاب تحرَّر من كل المشاعر الإنسانية واتبع مبادئ خاصة به صاغها بنفسه أوصلته أخيراً إلى الإعدام.
عند قراءة رواية "الغريب" ستجد أن معانيها معقدة، على الرغم من أنها واضحة ومباشرة لأبعد الحدود في افكارها ومفرداتها
اسم الكاتب
ألبير كامو
اللغة
العربية
ISBN:
139789953893730
دار النشر
دار الآداب
تقييم أراجيك
الطاعون
رواية “الطاعون” هي الرواية التي ذاع نجاحها قبل انتشار رواية الغريب، ويُقال أنّ دور النشر وافقت عى نشر رواية الغريب فقط من أجل أن تحصل على حق نشر رواية الطاعون التي بدت واعدة بالشهرة والنجاح وقتها في عام 1947.
صوّر ألبير كامو في رواية الطاعون قصة “وهران” المدينة الجزائرية التي تتعرض لوباء قاتل، ومن ثمّ يتم إعلان الحجر الصحي عليها، وتتحول إلى سجنٍ كبير، معزولة عن باقي العالم. وهي الواقعة التي حدثت بالفعل، حينما تعرّضت البلاد لمرض الطاعون عام 1940.
“لن يكون أحد حُرًا، ما دامت ثَمّة بلايا.”
بطل الرواية الرئيسي هو الدكتور (بيرنارد ريو) الذي يُحاول جاهدًا محاربة مرض الطاعون الذي تفشّى في المدينة، بينما خلق كامو أكثر من شخصية أخرى لها أدوارًا مهمة تُمثل طبيعة الإنسان على إختلافها، فبينما كان الطبيب (ريو) يُحاول منع انتشار المرض، هناك (كوتار) الذي يتنّفع من هذه الكارثة، ويودّ لو مات أكبر عدد ممكن من الناس، وهناك أيضًا رجل الدين الذي يرى أنّ هذه الكارثة ما هي إلا غضب من الله، ويجب على الجميع التوبة حتى يزول هذا البلاء العظيم.
“إنّ الشر القائم في الدنيا يصدر غالبًا عن الجهل، وبوسع النّية الصادقة إن لم تكن نيّرة متبصّرة، أن تُحدث من الأضرار مثلما يُحدث الخبث وسوء النية.”
تعتبر رواية الطاعون من أهم الروايات الرمزية في الأدب العالمي، فمن ناحية، يرى ألبير كامو أنّ الطاعون موجود فينا نحن البشر، فهو يمثل الشر بداخل النفوس على الأخص. ومن ناحية أخرى فيعتبر مرض الطاعون في الرواية رمزًا للاحتلال النازي لفرنسا كما رآه كامو.
اسم الكاتب
ألبير كامو
اللغة
إنجليزي، عربي، فرنسي
ISBN:
0241458870
دار النشر
Knopf Doubleday Publishing Group
عدد الصفحات
320
تقييم أراجيك
السقطة
فيما تُعد رواية “السقطة” رواية فلسفية أخرى تعدّ من أهم أعمال ألبير كامو التي تم نشرها عام 1956، ومحورها هو الضمير الإنساني، وقضايا العدالة والشرف والنفاق، وغيرها من المفاهيم الأخلاقية التي تعرّض لها ألبير كامو في روايته، بشكل مُثير للإعجاب في الحقيقة. فهو في هذه الرواية لا يكشف عيوب المجتمع الأخلاقية فحسب، بل يُجبر القارئ أيضًا على أن يواجه نفسه بنفسه، مُختبرًا لضميره، فاضحًا ستره، وكاشفًا لنواياه السيئة.
“نحن مخلوقات استثنائية. كلنا نُريد أن نَحكم على شيءٍ ما ،كل واحد منّا يُصّر على براءته مهما كلّفهُ ذلك، ولو توجّب عليه أن يتهم الجنس البشري بأسره، والسماء أيضًا.”
تدور أحداث الرواية في (أمستردام) العاصمة الهولندية، حيث القاضي المتقاعد (كلامنس) جالسًا في إحدى الحانات، يقوم بمحادثة أحد الغرباء بشكل ودي، أقرب إلى جلسة اعتراف، يقوم فيها بالتحدث عن نفسه، ساردًا أحداث حياته السابقة، والتي يبدو فيها إنسانًا طيبًا وخدومًا للغير وخاصةً من الفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة.
” إنّني أدرك أن المرء لا يستطيع الإستمرار في العيش مع الآخرين، بدون أن يتحكم فيهم أو بدون أن يخدموه. فكل إنسان يحتاج إلى عبيد كما يحتاج إلى الهواء النقي.”
الرواية كلها تقريبًا عبارة عن سرد لاعترافات (كلامنس) فحسب، فنحن لا نسمع صوت الرجل الغريب أبدًا، وإنما يجعلنا كامو نعيش داخل عقل (كلامنس) بما يجترّه من ذكريات عن نفسه، والمواقف الثلاثة التي أحدثت تغييرًا جذريًا في رؤيته الذاتية لنفسه، وما أورثه ذلك من مشاعر مُختلطة. اقرأ معي كلماته التي قالها للرجل الغريب، والتي لا تصدر إلا من رجل في حالة صدق نادرة مع النفس.
“كنت أعتبر نفسي أشد ذكاءً من أي شخص آخر، وأيضًا أشد حساسية وبراعة في إطلاق الرصاص، بل وحتى في الحقول التي كان في وسعي أن أكتشف فيها قلة شأني -كالتنس مثلًا- كان صعبًا عليّ ألا أعنقد أنني إذا أتيح لي وقت قصير للتمرين، أستطيع أن أفوز على أفضل اللاعبين، ولم أقرّ في نفسي إلا التفوق في كل شيء. “
“حين كنت أهتم بالآخرين، كنت أفعله لسبب واحد فقط، لأنّ احترامي لنفسي يرتفع درجة واحدة.”
“ولقد علمت على الأقل، إنّني كنت أقف إلى جانب المذنبين والمتهمين، طالما أنّ جرائمهم لم تكن لتسبب لي أي أذى، كانت ذنوبهم تجعلني بليغًا لأنني لم أكن ضحيتهم. “
كتبت صحيفة نيويورك عن الرواية “بأنها دراسة ذكية لا يمكن مقاومتها للضمير المعاصر”، ووصفها الفيلسوف الوجودي (جان بول سارتر) بأنها قد تكون الأجمل والأقل فهمًا من بين روايات كامو.
اسم الكاتب
ألبير كامو
اللغة
إنجليزي، عربي، فرنسي
ISBN:
9780141187945
دار النشر
Vintage Books
عدد الصفحات
147
تقييم أراجيك
أسطورة سيزيف
يتحدث ألبير كامو في كتاب “أسطورة سيزيف“، والذي يُعدّ بحثًا فلسفيًا على شكل عدة مقالات، عن مفاهيم عظمى شغلت عقل كامو طيلة حياته، كفكرة العبث، وفكرة التمرد، وجدوى الانتحار في ظل حياة لا جدوى منها، وأفكارًا أخرى. وسنجد أنّ ألبير كامو مأخوذًا بأسطورة سيزيف، الذي لعنته الآلهة اليونانية القديمة، وعاقبته بأن يحمل صخرة ويصعد بها من سفح الجبل إلى قمته، وعندها تهبط الصخرة إلى قاعدة الجبل، فيعود حاملًا إياها إلى القمة من جديد، لتسقط مرة أخرى، ثم يُكرر ما فعله مجدّدًا، وهكذا إلى الأبد.
يرى كامو في كتابه، أنّه من ميزات أن يكون الإنسان “لا منتمي”، أو مؤمنًا بمبدأ العبثية، هو تحرّره من كل ما يربطه بهذه الحياة، فلا شقاء أو ألم، وبالطبع لا سعادة أو أمل زائف. لهذا لم يكن غريبًا أن نجده يقول عن سيزيف:
“يجب على المرء أن يتصور أنّ سيزيف سعيد.”
فهو في نظره وصل لمرحلة من البؤس، لا يُمكن أن يشقى بعدها أبدًا، غير أنّه يرى أنّ سيزيف يُمثل كل إنسان في هذه الحياة، كُتب عليه أن يسعى من أجل أهداف لا تتحقق، وإن تحققت فهي لا تدوم، ومع ذلك فهو يرفض فكرة الانتحار، قائلًا أنّ حل هذه المعضلة هو أن يتمرد الإنسان على واقعه إن جاز له هذا التمرد، أو أن يتحول إلى شخص لا منتمي كما يتبنى هو هذا الاتجاه.
“الشيء المهم كما قال (آبيه غالياني) لمدام (ديبنيه) هو ألا نشفى، بل أن نعيش مع أمراضنا.”
ولأن كتاب أسطورة سيزيف أقرب إلى الفلسفة منه إلى الأدب، فهو يحتاج لقارئ مثقف، وواسع الإدراك كي يستطيع أن يستوعب ما به من اتجاهات فكرية وفلسفية مختلفة.
اسم الكاتب
ألبير كامو
اللغة
إنجليزي، عربي، فرنسي
ISBN:
9789933382438
دار النشر
دار مكتبة الحياة
عدد الصفحات
160
لألبير كامو أعمال مهمة أخرى مثل كاليجولا، والموت السعيد، الإنسان المتمرد، وغيرها من الكتب التي يحمل كلٍ منها أفكارًا مثيرة للتأمل، وتستحق الوقوف عندها، ولكن لا يتسع المجال لذكرها في هذا المقال للأسف.
في النهاية سواء اتفقت أو اختلفت مع ألبير كامو الفيلسوف، فهو سيبقى مثالًا للإنسان الصالح صاحب الضمير الحي، وللأديب البارع قلمه في تشريح النفس الإنسانية.
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.