تريند 🔥

📱هواتف

مصر أفضل من سوريا و العراق … والسودان أيضاً

الصحافة الرخيصة مصر أفضل من سوريا والعراق
نورا ناجـي
نورا ناجـي

5 د

إن كنت قد اعتقدت لدى قرائتك هذا العنوان أن المقال سياسي فأنت مخطيء للأسف، بفضل الله أنا قد نأيت عن كل هذا العبث المسمى بالأحاديث السياسية منذ عدة سنوات، فأنا أخاف على ابنتي أن تفقد أمها مبكراً من كثرة القهر، أو من كثرة الضحك حتى الموت…

الحقيقة أن هذا العنوان ليس من تأليفي، ولا استخدمه كإفيه سخيف مبتذل طاف العالم الفترة الماضية من معظم مستخدمي الشبكات الاجتماعية، الذين قاموا بتأليف الكثير والكثير من الكوميكس والقصص و الكاريكاتير على سبيل إثبات خفة ظلهم غير الطبيعية..رغم أنها جملة في غاية التعاسة، لا أعتقد أنها تثير في النفس سوى مشاعر الحزن والألم..

الواقع أن هذا العنوان شبيه لعنوان اعتمدته جريدة مصرية مستقلة كبرى، لخبر يتناول ترتيب الدول الأكثر رفاهية في قائمة معهد ليجاتوم، والذي جائت فيه مصر في الرقم 108، بفرق 100 اسم بالضبط عن دولة الإمارات، و75 اسم عن دولة الكويت، لتسبق دول تعاني من ويلة الحروب و الإنقسامات مثل سوريا والعراق والسودان !

بالطبع العنوان وضع خصيصاً بهذه الصيغة حتى يثير استفزاز القاريء، فيهرع للضغط على الرابط وقراءة الخبر غير المهم سوى لعدد محدود من البشر، والذي لا يذكر أي حقائق جديدة، أو يزيد أي معلومة عن الوضع الحالي الذي نعيشه جميعاً، وكان أحرى بالجريدة أن تضع عنوان مثل: هذه هي قائمة الدول الأكثر رفاهية في العالم، ولكنهم بالطبع يعلمون أن رد الفعل سيكون: .Who Cares ؟

هذا مثال واضح و صريح عن سياسة الجريدة التي أصبحت ظاهرة للعلن أمام الجميع، والتي لا تهتم بالأمانة الصحفية قدر اهتمامها بشيء واحد، يدور حوله الكون اليوم، ألا وهو الترافيك!

إقرأ أيضاً: 

google analytics obsession الصحافة الرخيصة

الترافيك Traffic أو الـ Engagement بلغة العاملين في مجال السوشال ميديا يعبر عن الإقبال على زيارة الموقع او الصفحة الخاصة بشركتك، مؤسستك، جريدتك، مجلتك على الشبكة العنكبوتية أو الاجتماعية، لا يستحق الأمر خبير ليفهم أن عدد الزيارات يوضح مدى نجاح أو فشل الموقع والصفحة، كما أنه المصدر المؤكد لجلب الإعلانات و بالتالي الربح المالي.

على ما يبدو هوس الترافيك قد أصاب الجميع، حتى الأشخاص العاديون الذين يمطرون الجميع بتعليقات حول مدى روعة وجمال صفحاتهم الشخصية على الفيسبوك لدفع المستخدمين إلى زيارتها، يصل الأمر إلى الاستجداء :”أرجوكم زوروا صفحتي ستجدوا ما يسركم”.


أو الشحاذة :”زوروا صفحتي وسيكرمكم الله في حياتكم”.

facebook-please-like-me الصحافة الرخيصة

أو الاستعطاف : “أنا فتاة صماء لا أسمع ولا أتكلم، تسليتي الوحيدة هي الفيسبوك، زوروا صفحتي لتسعدوني”.

الأمثلة كثيرة جداً لن يكفيها مقال واحد، يصل الأمر أحيانا للمساومة العاطفية، الإغراء الجنسي-استخدام الإفيهات المضحكة أو الصور المثيرة إلى أخره. من أجل دفع الآخرين لزيارة الصفحة.

إنشرها-ولك-الأجر11 الصحافة الرخيصة

لماذا أسخر من الجريدة المصرية إذن في بداية المقال؟

حسناً..هناك فرقاً رهيباً بين جذب المستخدمين لموقعك جريدتك مدونتك بخبر صحيح أو معلومة حقيقية أو سكوب كما قلناً، وبين جذبهم من أجل بيع الهواء معبئاً في زجاجة.

الجريدة المحترمة ذاتها نشرت أمس خبراً جديداً يتناول القبض على صبي بحوزته رواية 1984 لجورج أورويل مع كشكول يحتوي على عبارات مؤيدة للخلافة الإسلامية!

كم برأيك وصل عدد زيارات الموقع الإليكتروني للجريدة في هذااليوم؟ آلاف؟ ملايين؟ بالطبع حطم الخبر الرقم القياسي ليكتشف الجميع في النهاية أن الخبر مدلس، وبأن الشرطة لا تعلم حتى من هو جورج أورويل الكاتب الشهير، ولا أي شيء عن روايته التي تتنبأ بعالم معدوم الحريات يتم فيه مراقبة الجميع، وإنما تم القبض على الصبي للاشتباه بتصوير مواقع أمنية ما. وأما الرواية فقد كانت بحوزته فعلا ولا أهمية لوجودها على الإطلاق لدى الشرطة وإنما تم تحريزها بشكل روتيني مع باقي متعلقاته.

إقرأ أيضاً:  مؤسسـات عربية كبـرى تسقط فى مستنقـع (سـرقة المُحتـوى) .. مؤسسة الأهـرام نموذجـاً

ما الداعي لنشر خبر مثل هذا في ظل الفوضى الاجتماعية في المنطقة العربية؟ في عز الخلافات الإنسانية بين أفراد العائلة الواحدة، يتبارى الجميع لمسك دليل على خطأ الآخر، في وجهات نظره السياسية أو الدينية إلخ..لينتشر فجأة أمامهم أمراً يلمح بخبث إلى أن كابوس كُتاب الخيال العلمي قد تحقق، وأن اليوم قد آتي ليتم القبض على الأشخاص بسبب رواية ما بحوزتهم..

إن كان هذا حقيقيا فقد اقترب يوم إنشاء قوات خاصة بحرق المكتبات مثل رواية  فهرنهايت 451، ربما تم وضع صورة للأخ الأكبر الذي يراقبنا في البيوت كذلك..

فوضى-شجارات-شتائم-وبالطبع إفيهات سخيفة انتشرت انتشار النار في الهشيم أمس على الفايسبوك، ليضيّع البشر عدة ساعات من عمرهم الثمين في عبث لا داعي له، ساعات ربما تم استغلالها في شيء أكثر فائدة مثل قراءة كتاب، إنهاء أعمال عالقة، تناول وجبة ساخنة، مشاهدة فيلم، بضع ساعات من النوم حتى..

هذه ليست الطريقة الوحيدة للجريدة الشهيرة، فهي معروفة بشرائها للترافيك الوهمي من أجل زيادة بيع الإعلانات مع إدراكهم الكامل بأن هذا يقلل من مصداقية الصحافة المصرية ككل في العالم، وبالتالي من سوق الإعلانات الخارجية كذلك، لكن هذا الأمر قد يفيدكم فيه خبراء اقتصاديون بشكل أكبر.

ما أريد قوله أن ثلاثة أرباع المنشورات على الشبكات الاجتماعية غير حقيقية، صفحات كاملة تم إنشائها من أجل فضح هذه الأكاذيب ومن ضمنها صفحة هامة للغاية وهي “ده بجد” لكن بالطبع لا تنال هذه المحاولات نصف الانتباه الذي تناله الصفحات الأخرى المروجة للإشاعات والأكاذيب.


التفسير

الحقيقة أن المشكلة لا تقتصر على الصفحات الكاذبة فقط، في نهاية الأمر هم يعلمون جيداً لمن يتوجهون بأكاذيبهم وأحاديثهم المدلسة، إلى شعب كامل يتلهف لمعرفة الفضائح من أجل الشماتة، التلذذ بأخطاء الآخرين، المازوخية، والسعادة لإثبات وجهات نظرهم حتى وإن كانت خاطئة.


الحل؟

لا حل لدي للأسف، أنا أيضاً أعاني من ذات المشكلة، منذ عامين فقط كنت أسرع لعمل Share على هذه الأخبار الكاذبة دون تأكد، لكن ما يمكنني قوله هو أنني تعلمت جيداً، أن أفكر دقيقتين في فحوى الخبر، هناك اختراع عظيم وهو محرك بحث جوجل لمن لا يعرفه! يمكنك فيه التأكد من صحة الخبرالصورة قبل نشرها. لن يأخذ منك الأمر سوى دقيقتين فقط..دقيقتين كفيلتين بعدم السماح لأحد “باستحمارك” إن سمحتم لي بالتعبير.


أعلم جيداً أن هناك بعض التعليقات العبقرية التي ستسألني: لماذا استخدمتي ذات العنوان إذن؟

هل تمزح؟ من أجل الترافيك طبعاً..

اقرأ أيضاً لنورا ناجي :

لا تدع أحداً يملي عليك ما تقرأ

البساطة في غاية الأُبهة.. !

ذو صلة

مصادر الصور

1

أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية

بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك

عبَّر عن رأيك

إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.

رائع جدا جدا أستمري

عندما راجعت عناوين مدوناتك كان اغلبها باسلوب الجذب ..
اعتقد انها الخبرة :3 ..
فانا لو كتبت معلومة او احصائية ساكتب بنفس الاسلوب (ولكن مع بعض الصحة)

كنت ايضا اعمل شير لأي شيء لاكن الان تعلمت الدرس
شكرا مقال رائع

انتى بتقرأى للدكتور احمد خالد توفيق
😀
الاسلوب جميل بصراحة وفيه لمحة منه مع اعتراضى التالى:
عالعموم كلامك عن الكتب والتعامل معاها فيه تهوين..ولو عايزة تحسى بحجم مأساة النظام اللى احنا عايشين تحت ادارته وسياسته اقرأى مقال بلال فضل
“لجان فحص المحتوى”

بصحتك

مقال جميل . من المؤسف قد بات مجتمعنا العربي يجري وراء الاحداث الفارغة و الملفقة بشكل كبير و يقوم باضاعة وقته الثمين بالتفاهات التي لا تغني مخزونه الثقافي و ترجعه لسنوات من الجهل . وهذا بسبب نقص الوعي و الادراك و عدم التفريق بين الاحداث الصحيحة و الاحداث الملفقة.فلا يجب الاخذ بكل اقوال الصحافة بجدية لانها مجرد كلمات ترويجية تسعى بها بيع منتوجها باي ثمن حتى و ان كان على حساب عقول الناس و امن البلاد.

لا شيء اكثر استخفافا من شخص يتهم العناوين المثيرة بعدم المهنية ثم يستخدم ذات الاسلوب كعنوان المقاله

المضحك ان فيه مئات العناوين اخترتي منهم عنوانين فيهم اتهام للسلطة سواء بالتقصير او بملفها الحقوقي السىء جدا و تركتي مئات العناوين غير المهنية في مدحها و التمرغ تحت تراب رجليهاثم اعلنتي انك ملكيش في السياسه لا واضح !!

لا تنهي عن خلق و تأتي مثله

يختي هوا حقك ناقص لتكسبي الترافيك !! لازم نكون مبدعين بالهندسه الاجتماعية:)

رااااااااائع ومبدعة يا نورا Norah

انت برنسة :*

Ba2olk eh..
enty brns (y)

قصة الرواية انا شفتا تقرير مصور على قناة الجزيرة وحاطين بالتقرير مشاهد للفلم الذي انتج من الرواية

مقال مميز عن اعلام حاول بالكذب نصرة قضية كما يرى صاحب المقال أنها كاذبة
ويكن ماذا عن أعلام يروى الأكاذيب دائماً عن مصر الديمقراطية والسيسى رجل المرحلة والرجل المؤمن بسلامتة ؟!
أحس أن المقال يلعب لإيصال فكرة عن جهة معينة ومعروفة ويتحاشى تماما أدراك كذب أعلام دولة العسكر

نورا تحياتى انت مشروع مفكر وليس مجرد كاتب مقال .. تحياتى

هههههههههههههه مقال راائع نورة , ظننته في البداية لعماد ابو الفتوح
أسلوب نقد محفز للعقل يميزكما

رائع كالعادة 🙂

مقال جميل. مؤيد لكل حرف.

ذكرتني يقنوات MBC وصفحة اليوم السابع 😀 😛

اثبتي وجهة نظرك

الاعلام في كل الدنيا يعطيك جزء من المعلومة في سياق معين

الاعلام في كل الدنيا يعطيك جزء من المعلومة في سياق معين

برغم إن الخبر تم صياغته بأسلوب خاطئ بس له جوانب ايجابيه إن ناس كتير حملت رواية 1984 من ع النت وبدأت تقراها …

مقال جميل، بالفعل باتت مسألة “نقل الأخبار” دون مسؤولية مسألة مقززة جداً جداً، ربما هناك مستفيدون من صناعة ونشر مثل هكذا أخبار(كما ألاحظ بوضوح على الشاشات والصفحات العربية هنا وهناك)، لكن السبب الأكبر (والذي أتحدث فيه أنا دائماً) هو قلة الوعي وبطء الإدراك لدى الغالبية (شبه المطلقة) من الشعوب العربية، حياتنا كلها أخبار وسياسة وقصص دينية لا فائدة منها، بينما إذا سألتِ (طبيباً) ما في الولايات المتحدة عن اسم رئيس الدولة سيقول ربما وهو غير متأكد: أليس باراك أوباما؟! هذه معضلة العرب (سياسة-دين-جهل) لا أعرف كيف نستطيع أن نوازن بينهم على الأقل، فقط كي نلتفت لأمور أكثر فائدة لحياتنا ومجتمعاتنا.

مقال مالوش قيمة

ذو صلة