الجحيم هو نحن..!
6 د
يقال أن الجحيم هم الآخرون.. هذه الجملة الأيقونية التي يستخدمها الجميع بمعناها المعروف الذي لا يحتاج شرحاً مطولاً، وهي في الحقيقة جملة صادقة تماماً.. ولمزيد من الصدق يمكننا أن نقول الجحيم هو نحن..
الناس أو المجتمع كما يقال خلقوا ليكونوا العائق رقم 1 في الحياة لبعضهم البعض، فكر في كم الأحلام التي حلمتها وتحطمت بسبب المجتمع، أو حطمتها أنت للآخرين بقصد أو بدون، أعتقد أننا جميعاً نحمل في يدينا ذنب شخص ما بسبب تصرفات حمقاء مارسناها لا إراديا في فترة من حياتنا، لتفسير ذلك سأمنحك مثالاً بسيطاً..
الرياضة ليست للجميع!
أعيش في بلدة شبه هادئة بدلتا مصر..أشهد بأنها تحوي برأيي الشباب الأكثر همة وحلماً ونشاطاً فيما يتعلق بالأمور الثقافية والفنية بالذات، تفتق ذهن عدد منهم على عمل حدث أسبوعي صباحي من أجل رياضة الجري، مجموعة من الفتيات والشباب يمارسون حقهم الطبيعي في الرياضة الجميلة التي شرعها الله نفسه..سار الأمر عدة مرات بشكل نصف طبيعي، حتى بدأ المجتمع يحكم قبضته على الأمر..
تحرش لفظي بالفتيات..سخرية وإهانة..عمد بعض الأشخاص على الإنضام خصيصاً من أجل السخرية بشكل أقرب وتثبيط همة المشتركين حتى أصبح الأمر تاريخاً وذكرى. توقفت الفتيات في البداية من المشاركة ثم انتهى الأمر كله.
الحقيقة أن الأمر يندرج تحت بند الأخلاقيات المعدومة، الأمر الذي يمكن ملاحظته في أبسط الأشياء حتى لو كانت ببساطة الاسترخاء قليلاً في وسيلة مواصلات مثل القطار.
من حقك أن تسمع ماتريد .. ومن حقي ألا أسمع ماتريد!
رواد القطار لم يسمعوا من قبل باختراع يدعى “سماعة الأذن” هذا الاختراع المذهل يعتمد على وضع سلك رفيع في مكان مخصص بالهاتف ووضع طرفيه في الأذنين، بهذه الطريقة السحرية يمكنك سماع الموسيقى التي تحبها بدون إزعاج الآخرين من حولك، مبهر أليس كذلك؟ أرفقت لك صورة نادرة لسماعة الأذن حتى لا يتبقى لك أي حجة..
صدقني الفتيات في المقاعد المجاورة لن ينبهروا بثقافتك الموسيقية العالية حتى لو كنت تسمع بيتهوفن، ولن تسبب لأي شخص أي تأثير سوى الإنزعاج والضيق. لن يتمتم أحدهم بكم أنت مثقف لأنك تسمع بيتهوفن..ولن تساعد على تحسين ثقافة المجتمع الموسيقية..ستساعد حتماً في تحسين حصيلته من الألفاظ البذيئة التي ستنصب على رأسك ورأس بيتهوفن في سره.
أنا اتحدث عن بيتهوفن لأن الحديث عن هؤلاء الذين يسمعون أغاني المهرجانات بشكل علني شيئاً لن تتحمله أعصابي..
لأكون واضحة لا يحق لي الحكم على ما تسمعه فهذا ذوقك الشخصي..لكني يحق لي بكل تأكيد أن أطالبك بحقي أنا في عدم الاستماع خاصة في وسائل المواصلات العامة..التي ستجمعني بشخصك فترة طويلة أضطر فيها لسماع موسيقاك التي تحبها.
أما عن رنين الهاتف فلا يمكن علاجه، ثقافة ضبط الجهاز على وضع الصامت لن تحدث أبداً لا في المواصلات ولا حتى في المستشفيات أو السينمات ولا المكتبات أيضاً لذا لن أضيع وقتاً أطول فيها. لأنها ستضرني للحديث أيضاً عن الأشخاص الذين يصحبون الأطفال لدور السينما حتى لو كان الفيلم للكبار فقط لأنه يحتوي على مشاهد رعب أو جنس أو عنف..لأقضي ساعتين من سماع الصريخ والبكاء وأسئلة بريئة من طفل لأمه تجعل أذني أنا شخصيا تحمران خجلاً.
النصيحة في الوقت المناسب
أجمل ما في الأصدقاء أنهم ينصحون بعضهم البعض دائماً، لكن لماذا ينتظروا دائماً للحظة الأخيرة؟ ترتدي الفتاة أفضل ما عندها وتعيد ربط الحجاب مرة واثنتين وثلاثة مع إضافة اللمسات الأخيرة على مكياجها وبجانبها تجلس صديقتها تراقبها حتى تنتهي تماماً، تغادران المنزل فتقول لها الصديقة بلهجة ناصحة..الملابس سيئة جداً والحجاب معقود بطريقة غير مناسبة أما المكياج فيجعلك تبدين كمهرجات السيرك الشعبي..
لماذا لن تقولي رأيك من البداية عندما كان هناك الإمكانية لإصلاحه أو حتى التأكد مرة أخرى من اقتناع الفتاة به؟ لماذا ستضطر الآن هذه المسكينة للذهاب إلى مقابلة العمل أو لقاء هام وهى لا تشعر بأنها جميلة؟ اختفت ثقتها بنفسها في لحظة وبالتأكيد لن تعطي الإنطباع المطلوب حتى لو كانت الأجمل والأذكى والأكثر أناقة.
أمامك خيارين إما ان تصمتي تماما، أو تنتظري اللحظة المناسبة التي يتوفر فيها مكان ما يمكن إصلاح الأمر فيه. بالطبع إن كنتي تعتقدين حقاً إن صديقتك تبدو كالكارثة ولا تختلقين الأمر في مجمله.
الأمر شخصي.. ما بالك انت؟
إذا تحدثنا عن الحجاب فالأمر سيجلب الوبال على رأسي حتماً، أعرف فتيات يضطررن لارتداء الحجاب أمام بعض الأشخاص في حياتهم اتقاءاً للسانهم حتى لو لم يكن محجبات من الأصل. يهتم الجميع بعلاقة الآخرين مع الله بالرغم من أنهم لو وضعوا ذات المجهود في تحسين علاقتهم الشخصية معه سبحانه لضمنوا الجنة أكثر.
إجبار الفتيات على الحجاب ليس بطولة ولا رجولة ولا هو تربية حتى، الأمر شخصي جداً والله يقول موجهاً كلامه للمرأة “يدنين عليهن من جلابيبهن”، كما يقول: “يضربن بخمورهن على جيوبهن”..الكلام للنساء.. والأمر موجه للنساء.. هي الفاعلة وليس شخص آخر.. لم يقل واضرب لهن خمورهن.. أو ادن عليهن جلابيبهن.. لم يقل واجبروهن بل قال “ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين”،
فما بال الذين يؤذون السيدات باللفظ والأمر والإجبار والقهر وأحياناً الضرب؟ إذا كان الأمر جاء في الأصل حتى لا تؤذى النساء؟
حجة الجميع هي الكلمة السحرية “الأمر بالمعروف “التي يفهمها الجميع بشكل سطحي. لكنك وإن أمرت بالمعروف، فأنت في الوقت ذاته خالفت باطن الدين وأصله في حسن المعاملة واللين والرفق.
تعامل الله ليس بالتعامل الإنساني أو بالقوانين الإنسانية غير العادلة، العمياء كما يطلق عليها.تعامل الله ليس بالورقة والقلم بل هو بقواعده الإلهية جل شأنه.وهو وحده الذي يملك الحق بالحساب..صدقني موقفك سيكون سيئاً جداً يوم القيامة عندما يسألك الله لماذا لن تتصدق مثلاً فتخبره كنت مشغولا بنصح هذه الفتاة أن تتحجب..
الحديث هنا ليس بغرض فتح جدل حول فرضيه الحجاب من شأنه فأنا مؤمنة به تماماً، ولا حتى هو بالجدل الديني، الحديث هنا عن التدخل في شئون الآخرين، عن حب الحشرية كما يطلق عليها في بعض الدول، عن تعيين الأشخاص لأنفسهم حكاما كاملين لا يخطئون..وعن الذوق المعدوم..والأخلاق المنتهية.
الفيسبوك للمرة الألف
وبذكر الذوق المعدوم لا يوجد مسرح معد لمثل هؤلاء الأشخاص أكثر من مسرح الفيسبوك، يرسل لك أحدهم رسالة على “الإنبوكس” فلا ترد..سيتهمك فورا بالغرور والتجاهل وإدعاء الأهمية..خاصة لو كنت تعمل في شيء ما له علاقة بالأدب أو الفن..
هناك الكثير من الأشياء التي قد تمنع شخصاً طبيعيا لديه حياة وعمل وعائلة وأطفال أن لا يرد على رسائل الإنبوكس..حتى لو ظهرت لك كلمة Seen، الأمر ليس شخصيا ولا هو تجاهل..
عندما يذكر شخص بأنه مريض.. لا داعي لعمل لايك.. عندما يقول شخص ما أنه سعيد..لا داعي للسؤال لماذا؟ الرجل لم يذكر لماذا تريد أن تعرف إذن؟ نفس الشيء على سؤال حامل في ولد أم بنت؟ ماذا ستسميه؟ لماذا لم تنجبي حتى الآن؟ هل أنتي حامل؟
عندما يدلي شخص ما برأي يخالفك..يمكنك مناقشته بشكل واضح..أما عمل لايك للتعليقات المخالفة دون أن تظهر أنت فهذا لا يدل على شيء سوى سخافتك..أنت شخص سخيف تتسلى بالمراقبة وعمل اللايك “من بعيد لبعيد” دون أن تظهر..أستطيع تخيلك تقهقه في شماتة وأنت تقرأ الردود المخالفة له والمتفقة معك وتضغط لها لايك دون أن تظهر..لابد أن صاحب الستاتس يشد في شعره كمدا الآن..قل رأيك ليتسنى له حق الرد عليك ومناقشتك ولا داعي لحركات المراهقين الأوغاد..
الحديث يطول عن التدخل والفضول والسخافة وإصدار الأحكام..لكننا نعود لنقول أن الأخلاق معدومة في دول الأخلاق..وأن التربية اقتصرت على تعليم السور القرآنية والأرقام بالإنكليزية ونست المباديء الأساسية في أخلاقيات وإتيكيت المعاملة. وبأنني أشعر بالخجل اليوم وأنا أذكر أشياءاً بديهية كنت أعتقد بأن الجميع يعرفها..وبأنني أيضاً وللأسف..لست أفضل حالاً من الجميع..
اقرأ ايضــاً لنورا ناجي :
تذكر .. كلنا لا ننام!
الحياة..عندما كانت بنكهة الخيال
أحلى ماعندنا ، واصل لعندك! سجل بنشرة أراجيك البريدية
بالنقر على زر “التسجيل”، فإنك توافق شروط الخدمة وسياسية الخصوصية وتلقي رسائل بريدية من أراجيك
عبَّر عن رأيك
إحرص أن يكون تعليقك موضوعيّاً ومفيداً، حافظ على سُمعتكَ الرقميَّةواحترم الكاتب والأعضاء والقُرّاء.
من أسخف ما قرأت
ليس هذا ما قلته، وليس هذا ما يُفهم من كلامي، ولكني رغبت في سماع مصدر هذا الإستناد. ثانيا، ماهذا رجاء “لرياضة الجميلة التي شرعها الله نفسه؟” ما هو المصدر؟ فأنا أرغب في التعلم صراحة؟
ليس هذا ما قلته، وليس هذا ما يُفهم من كلامي، ولكني رغبت في سماع مصدر هذا الإستناد. ثانيا، ماهذا رجاء “لرياضة الجميلة التي شرعها الله نفسه؟” ما هو المصدر؟ فأنا أرغب في التعلم صراحة؟
في أي نص تم تحريم الرياضة؟
في أي نص تم تحريم الرياضة؟
السم في العسل
مقال رائع
يعبر عن مدى سوء الاوضاع التى وصلنا اليها بسبب تدنى الاخلاق واختفاء الاحترام
روعات 🙂
مقال أكثر من رائع.. ويجب على كل منا توجيه الكلام لنفسه من هذا الباب .. ولكن كما أن الله وجه الخطاب للنساء في الحجاب.. كذلك وجه الخطاب للجميع ولمن هو مسئول عن رعيته فقال تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ، وأنا متفق معك أن الأمر بالمعروف يجب أن يكون بالحسنى كما أنه يعتبر صدقة كما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: “وأمر بمعروف صدقة ونهي عن المنكر صدقة”، ويقول عز وجل: “ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ “، فالحرية الشخصية حق لكل منا ولكن في إطار ما شرعه الله..
على سبيل المثال لا على سبيل الحصر، من فضلك في أي نص تم تشريع الرياضة؟
من أسخف ما قرأت مقال رائع حين تراه من سابع أرض
تحفة
المشكلة اننا نحتاج ثقافة القراءة اولا وثقافة فهم الدين ثانيا ولكن قبلهما فهم معنى اخلاق الدين ….والله انا معك فالكلام كلو وخاصة اخر جزئية
مقالة اكثر من رائعة .. حطيتي ايدك على الوجه
موضوع رائع كالعادة ..
تناولك للأفكار مُبهر..
استمري يا بنتي
مفال رائع لكنه نسوي قليلا الافضل ان تخصصي موضوع خاصا عن المضايقات التي تتعرض لها السيدات بشكل خاص
حلوووو اوى يا نورا الموضوع ده ومهم جدا دلوقتى فعلا الناس بقت حشرية وبدون اخلاق ولا ضمير وبينحازو للى بيوافق مصالحهم بس مش للاصول والدين .. بس الجزئية بتاعت الايات القرآنية حساها مش ضقيقة شوية .. بس ممكن بعد كده تاخدى راى حد من المشايخ او المفسرين عشان الدقة بس غير كده المقالة جميلة وربنا يوفق يا نورتى يا حبيبتى
رائع جداً
أكثر ما يغيضني في مجتمعنا هو التدخل الصريح في شؤون الآخرين، لم نستوعب بعد أنه يوجد شيء إسمه الخصوصية
وكل واحد هيقرا المقال هيقول معاكى حق و يفتكر ان الكلام موجه للاخرين مع ان فى الواقع زى ما قلتى نحن الاخرون و زى ما قال احمد زكى كلنا فاسدون لا استثنى احدًا
gamel ya nora gedaaan